أعدّت ألمانيا حزمة إنقاذ لشركة "يونيبر" (Uniper) حتى تمنع انهيار مؤسسة محورية في شبكة الطاقة في البلاد مع بداية تحرك روسيا لتخفيض إمدادات الغاز.
ستشتري الحكومة نحو 30% من أسهم "يونيبر"، وهي حصة كبيرة تكفي لمنحها حق الفيتو في القرارات الإستراتيجية المهمة، وفق بيان صادر عن الشركة يوم الجمعة. وسوف تحتفظ شركة "فورتوم أويج"، صاحبة المساهمة الرئيسية في "يونيبر"، بحصة الأغلبية.
تشمل حزمة الإنقاذ خط ائتمان موسع بقيمة 9 مليارات يورو (9.1 مليار دولار) مقدمة من بنك "كيه إف دبليو" (KfW) المملوك للدولة وأوراق مالية إجبارية قابلة للتحويل إلى أسهم بقيمة 7.7 مليار يورو. وتجاوزت قيمة إجمالي حزمة الإنقاذ أربعة أضعاف القيمة السوقية الحالية للشركة.
أصبحت شركة "يونيبر" أول شركة كبرى تسقط ضحية لتطور أزمة الغاز في أوروبا عندما طلبت من إدارة المستشار أولاف شولتس حزمة إنقاذ في أوائل الشهر الجاري. وقد دُفعت أكبر شركة مشترية للغاز الروسي إلى الحافة مع خفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إمدادات الغاز انتقاما من العقوبات التي فرضتها أوروبا على روسيا بسبب غزو أوكرانيا.
قال شولتس، بعد عودته من أجازته إلى لقاء مع الصحفيين في حديث موجز عن آخر التطورات: "سنفعل كل ما هو ضروري بهدف تأكيد أننا سننجح معا، سنواصل ذلك مهما طال بنا الزمن، وسوف نتغلب على هذه الفترة العصيبة معا".
صعود الأسهم
قفزت أسعار أسهم الشركة، ومقرها في دوسيلدورف، بنسبة بلغت 11% بعد إعلان الاتفاق. ومع ذلك، ما زال سعر السهم منخفضا بنسبة تتجاوز 70% هذا العام، حتى بلغت القيمة السوقية للشركة نحو 4 مليارات يورو. ارتفعت أسهم "فورتوم" بنسبة وصلت إلى 13% بعد استئناف التداول في هيلسنكي، وهي أعلى نسبة ارتفاع للسهم منذ عام 2008.
ستطبق الحكومة الألمانية آلية على جميع الشركات المستوردة للغاز حتى تنقل تكاليف إحلال وتبديل الغاز الروسي الذي لم يصل إليها بداية من أول أكتوبر القادم، ما يعني أن شركة "يونيبر" سيسمح لها بتحميل الزيادة في تكلفة الطاقة على أسعار المستهلكين.
وافقت شركة "فورتوم" على تخفيض حصتها في الشركة إلى 56% من 80% في إطار خطة الإنقاذ. وسوف يصبح الآن من حق الشركة التي تتخذ مقرها في فنلندا تحويل قرض قائم بقيمة 4 مليارات يورو قدمته إلى شركة "يونيبر" إلى حصة حدها الأقصى 70% من أدوات دين ساهمت بها الدولة الألمانية وقابلة للتحويل إلى أسهم إجبارياً، بما يضمن لها القدرة على الاحتفاظ بمركزها كمالكة لحصة الأغلبية، وفق بيان صادر عن الشركة.
وزير الاقتصاد: ألمانيا تواجه خطر انهيار المرافق
الحلقة الضعيفة
ظهرت شركة "يونيبر" – التي تأسست في عام 2016 من أصول الوقود الحفري لشركة "إي أون" (E.ON) – بوصفها أضعف حلقة في نظام الطاقة الذي يغذي أكبر اقتصاد في أوروبا. فعقودها الهائلة مع شركة "غازبروم" الروسية المملوكة للدولة جعلت شركة الطاقة الألمانية عرضة لقطع الإمدادات وأجبرتها على تغطية النقص بأسعار عالية من السوق الفورية.
تشمل حزمة الإنقاذ مايلي
زيادة بقيمة 7 مليارات يورو في خط الائتمان الخاص بـ"يونيبر" مع بنك "كيه إف دبليو" المملوك للدولة |
حق زيادة الأسعار بداية من أول أكتوبر بهدف تعويض الشركة عن ارتفاع تكلفة التوريد بسبب خسارة الإمدادات الروسية |
إجراءات مرتبطة بسحب دعوى قضائية رفعتها شركة "يونيبر" ضد هولندا بسبب وقف استثمارات الفحم، وموافقات الجهات التنظيمية وتأكيد تقييم "يونيبر" على الدرجة الاستثمارية من قبل مؤسسة "ستاندارد أند بورز غلوبال ريتينغ" |
مع نفاد السيولة، كانت شركة "يونيبر" قد سحبت فعلا خط ائتمان بقيمة ملياري يورو من بنك "كيه إف دبليو" وبدأت في إجراء مفاوضات حول أموال إضافية بعد الحصول على تمويل بقيمة 8 مليارات يورو في وقت سابق من هذا العام من شركة "فورتوم".
عدوى ليمان براذرز
لم تتحمل ألمانيا أن تترك شركة "يونيبر" نهبا للإفلاس لأن النتائج السلبية لذلك سوف تنتقل في مختلف جوانب الاقتصاد، فتصيب الشركات الصناعية والمرافق المحلية التي تعتمد على إمدادات "يونيبر". ورغم استئناف تدفق الغاز على خط رئيسي للإمداد مع روسيا بعد صيانة دامت 10 أيام، مازالت الكمية التي يتم تسليمها منخفضة للغاية ومستويات المخزون عند درجات متدنية.
يوم الخميس، رفعت ألمانيا مستهدف تخزين الغاز، بما يعكس تعاظم القلق بشأن امتلاك ما يكفي من الطاقة لتدفئة المنازل وتشغيل المصانع خلال فصل الشتاء. وهذه الخطوة ترفع احتمال أن تتدخل الحكومة في إدارة احتياطي الغاز.
لم يرتفع مخزون الغاز في ألمانيا منذ يوم الثلاثاء الماضي ويبلغ حالياً نحو 65%، وحتى يصل إلى مستوى 95% المستهدف بحلول أول نوفمبر القادم، تحتاج البلاد نحو ثلاثة أشهر من التخزين على متوسط معدل التخزين خلال الأسبوع السابق على توقف خط أنابيب "نورد ستريم".
حذر وزير الاقتصاد روبرت هابك من أن أزمة تخفيض الغاز الروسي تطرح خطر العدوى الشبيهة بأزمة بنك ليمان براذرز، مع احتمال أن ينتشر إفلاس شركة "يونيبر" ويمتد في الاقتصاد على نطاق واسع. ويقدّر صندوق النقد الدولي أن ألمانيا تواجه خطر خسارة نحو 5% تقريباً من ناتجها الاقتصادي إذا أوقفت روسيا إمدادات الغاز.