انشغل الملياردير الهندي موكيش أمباني مؤخراً بالمراحل الأولى من التخطيط لخلافته في مجموعته العملاقة، "ريلاينس إنداستريز" (Reliance Industries) التي تتنوع أعمالها من الطاقة إلى التكنولوجيا. قام "أمباني" بتعيين اثنين من أبنائه كرئيسين للوحدات الحيوية في إمبراطوريته البالغة 217 مليار دولار.
عيّن الملياردير، الذي يبلغ من العمر 65 عاماً، ولده الأول أكاش أمباني، يوم الثلاثاء، في منصب رئيس شركة الاتصالات اللاسلكية الأولى في الهند "ريلاينس جيو إنفوكوم" (Reliance Jio Infocomm). وستُصبح الأخت التوأم لـ"أكاش" رئيسة ذراع البيع بالتجزئة لـ"ريلاينس"، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. ورفضت الشركة التعليق على ذلك.
رغم قيام مجموعة "ريلاينس"، التي يقع مقرها في مومباي، بالإفصاح عن هذا التحول القيادي، إلا أن الخطوة تؤكد على جهود الأب "أمباني" لتفادي الخلافات العائلية التي مزّقت العديد من العائلات الثرية، ومنها عائلته. أفادت "بلومبرغ نيوز"، العام الماضي، عن تشابه خطة خلافة "أمباني" مع تلك الخاصة بعائلة "والتون"، المالكة لشركة "وول مارت"، والتي كانت عبارة عن تأسيس هيكل إداري سيسمح بأكبر تحويل في الثروة بالآونة الأخيرة.
وقت حرج
تأتي هذه التغييرات في وقت حرج بالنسبة لـ"ريلاينس"، حيث تتوسع المجموعة في قطاعي التجارة الإلكترونية والطاقة الخضراء، وتوسّع حضورها في مجال البيع بالتجزئة في الهند، جنباً إلى جنب مع أعمالها القديمة في قطاع تكرير النفط والبتروكيماويات. واستقطبت "جيو بلاتفورمز"( Jio Platforms) التابعة للمجموعة، أكثر من 25 مليار دولار من مستثمري وادي السيليكون في عام 2020، ومنهم "ميتا بلاتفورمز" و"غوغل". وكشفت المجموعة كذلك عن خطط طموحة للتنافس في البلاد مع "أمازون"، بما في ذلك أعمال البث.
قال سانكاران مانيكوتي، الأستاذ السابق في المعهد الهندي للإدارة في أحمد أباد، والذي أجرى دراسات في مجالات الشركات العائلية والاتصالات والاستراتيجيات بالاقتصادات الناشئة إن: "الخطوة تُبيّن خطة خلافة مُعدّة بشكل جيد. ضمن أمباني بذلك استمرارية الأعمال. لن يتغير شيء بالنسبة للمجموعة حالياً ولكن موكيش أمباني سيكون موجوداً لتوجيه الجيل القادم ".
كان لكل من "إيشا وأكاش" دور بارز كرؤساء لتلك الوحدات قبل ترقيتهما، وكانا جزءاً من فرق التفاوض مع "ميتا"، ومقرها ميلون بارك في كاليفورنيا، عندما قررت استثمار نحو 6 مليارات دولار في "جيو بلاتفورمز". قدم التوأم منتجات جديدة وتطبيقات تقنية مختلفة، مثل الواقع الافتراضي، في الاجتماعات السنوية للمساهمين بالسنوات الأخيرة. وأرجع الملياردير "أمباني" الفضل لأولاده في مساعدته على توجيه أعماله التجارية عبر الإنترنت.
أسست "إيشا"، خريجة جامعة "ييل" والمستشارة السابقة لدى "ماكينزي أند كو"، دخول "ريلاينس" إلى تجارة الأزياء بالتجزئة عبر بوابة التسوق الإلكترونية "أجيو" (Ajio) في عام 2016. ومثلما فعلت "جيو بلاتفورمز"، جذبت "ريلاينس ريتيل فينتشيرز" (Reliance Retail Ventures) عدة مستثمرين من أمثال "جنرال إلكتريك"، و"كيه كيه أر أند كو" (KKR & Co)، مما أوصل قيمة منصة البيع بالتجزئة إلى 62 مليار دولار في ذلك الوقت.
تدير "ريلاينس ريتيل" سلسلة سوبر ماركت، وأكبر سلسلة متاجر للإلكترونيات الاستهلاكية في الهند، وأعمال تجارة بالجملة تعمل بمفهوم "ادفع واستلم"، ومتاجر للأزياء السريعة، ومتجر "جيو مارت" (JioMart) للبقالة الإلكترونية. وسجلت الوحدة عائدات قيمتها 2.6 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في مارس الماضي، وتدير أكثر من 12000 متجر في جميع أنحاء البلاد.
خريج "براون"
سيشرف "أكاش"، خريج الاقتصاد من جامعة براون، على شركة الاتصالات السلكية واللاسلكية التي تأسست لأول مرة في عام 2016. وبفضل مزايا المكالمات المجانية والبيانات الرخيصة، تمكنت "ريلاينس جيو" من إيقاظ صناعة غارقة في الديون، ودفعت بعض المنافسين إلى الإفلاس. وتراهن المجموعة على خطط هذه الوحدة لتقديم خدمات متنوعة بدءاً من التجارة الإلكترونية إلى الترفيه في سوق هواتف ذكية تبلغ 600 مليون هاتف ذكي. وتستعد "ريلاينس جيو" حالياً لدخول مزاد شبكة الجيل الخامس بنهاية شهر يوليو بالهند.
لدى التوأم شقيق أصغر اسمه "أنانت"، عمره 27 عاماً، وهو عضو في مجلس إدارة "جيو بلاتفورمز"، لكن لم تتضح بعد الخطط الأوسع التي يضعها الأب أمباني للولد الأصغر.
لعدة سنوات، عكف موكيش أمباني، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة "ريلاينس إنداستريز" الرائدة في المجموعة، على دراسة طرق انتقال ثروات عائلات المليارديرات، من "والتون" إلى "كوش"، للأجيال التالية، وفقاً لما ذكرته "بلومبرغ نيوز" العام الماضي. تُشير إحدى خطواته إلى أن "أمباني" لا يزال يتطلع إلى نموذج عائلة "والتون".
صندوق استئماني
في إشارة إلى هذا الهيكل، كان "أمباني" يفكر في نقل ممتلكات عائلته إلى هيكل شبيه بصندوق استئماني من شأنه السيطرة على "ريلاينس إنداستريز"، الشركة الرائدة في المجموعة والمدرجة في مومباي، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر العام الماضي.
ستكون لدى "أمباني" وزوجته نيتا وثلاثة أبناء، ضمن هذه الخطة، حصص في الكيان الجديد الذي سيشرف على "ريلاينس"، وسيكونون أعضاء في مجلس إدارتها إلى جانب عدد قليل من المقربين من "أمباني" منذ سنوات طوال كمستشارين. لكن سيتم كذلك إسناد الإدارة إلى حد كبير لأشخاص خارجيين ومهنيين يتعاملون مع العمليات اليومية للشركة الأكثر نفوذاً في الهند، وأعمالها الممتدة من تكرير النفط والبتروكيماويات إلى الاتصالات السلكية واللاسلكية، والتجارة الإلكترونية، والطاقة الخضراء.
من خلال منح أولاده أدواراً رسمية، يسعى "أمباني" إلى تجنب تكرار خطأ والده "ديروبهاي" الذي توفي في عام 2002 دون ترك وصية. تنازع موكيش وشقيقه الأصغر أنيل لمدة ثلاث سنوات من أجل السيطرة على "ريلاينس" قبل تدخل والدتهما لحل النزاع عن طريق تقسيم الإمبراطورية. ورث الأخ الأكبر أعمال تكرير النفط والبتروكيماويات، في حين حصل الأخ الأصغر على المشاريع الأحدث في قطاعات التمويل والبنية التحتية والطاقة والاتصالات.
تبلغ الثروة الصافية لموكيش، ثاني أغنى رجل في آسيا، حوالي 91 مليار دولار، وفقاً لمؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات.
