نقص موظفي شركات الطيران يهدد بإفساد إجازات الصيف للملايين

المسافرون ينتظرون في طابور طويل في مطار هيثرو في لندن، الأول من يونيو 2022 - المصدر: بلومبرغ
المسافرون ينتظرون في طابور طويل في مطار هيثرو في لندن، الأول من يونيو 2022 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

سعت شركات الطيران ومسؤولو المطارات على حد سواء خلال العامين الماضيين لإقناع الناس بأن السفر آمن خلال الجائحة، وروّجوا لعدم الحاجة للكثير من اللمس على متن الرحلات، ولوجود أنظمة فلترة الهواء ذات المستوى المستخدم في المستشفيات. إلا أنهم لم يكونوا يتوقعون حجم الضغط الذي سيرزحون تحته مع عودة الزخم القوي للسفر.

بدءاً من سيدني حيث ينتظر المسافرون لساعات طويلة لتسجيل وصولهم، إلى المشاهد الفوضوية في الهند وأوروبا حيث ألغت شركة " لوفتهانزا" الألمانية مئات الرحلات، يفتقر قطاع الطيران للعدد الكافي لإدارة العمليات بسلاسة، في حين لم يتضح بعد مصير الطلب على السفر في فترة ما بعد الصيف.

رحيل الموظفين

فمع إعادة فتح الدول لحدودها وإزالتها للقيود المرتبطة بجائحة كورونا، انتعش السفر بشكل كبير، ما تسبب بأزمة عمالة غير مسبوقة. وتفاقمت هذه الأزمة بفعل تسريح مئات الآلاف من العمّال خلال فترة الجائحة، من طيارين وطواقم عمل الطائرات وعمّال المناولة الأرضية. والآن بات الكثيرون منهم لا يرغبون في العودة إلى العمل. لكن حتى إن أرادوا ذلك، فإن زيادة عدد الموظفين بهذه الوتيرة سيعرّض شركات الطيران والمطارات إلى مخاطر ماليّة، في ظلّ ارتفاع التضخم والضغوط الاقتصادية التي تطرح علامة تساؤلات حول مدى استدامة الطلب الحالي.

اقرأ أيضاً: طيارون عادوا إلى التحليق.. لكن بمهارات أقل

تعليقاً على الأمر، قال جيف كولبير، الرئيس التنفيذي لمطار سيدني حيث تم فقدان نحو نصف القوى العاملة البالغ عددها 33 ألفاً خلال الوباء: "كل المطارات وشركات الطيران تفتقر للموظفين حالياً". وأشار إلى أن قطاع الطيران يسعى جاهداً لإعادة بناء طواقمه، مضيفاً: "إلا أننا ما عدنا مكاناً جذاباً للعمل كما في السابق، فلا يزال هناك عامل القلق حيال الأمن الوظيفي".

مهنة تفتقد للجاذبية

انتقل الكثير من عمّال قطاع الطيران الذين فقدوا وظائفهم نتيجة الجائحة إلى مهن أقل عرضة للتقلبات، وبات من الصعب استمالتهم للعودة. يبحث "مطار شانغي" في سنغافورة عن 6 آلاف و600 موظف لشغل وظائف تتنوع من الأمن إلى خدمات الطعام. وتعرض إحدى الشركات العاملة في المطار وتدعى "سيتريس غروب" مكافأة بقيمة 25 ألف دولار سنغافوري (18 ألف دولار أميركي) كمكافأة عند توقيع عقد العمل، أي حوالي 10 أضعاف الراتب الشهري الأساسي، من أجل شغل وظيفة مساعد شرطي للمساعدة في التعامل مع الازدحام والسيطرة على الحشود.

لا شكّ أن النقص الحادّ في العمالة سيكون أحد موضوعات النقاش الرئيسية على طاولة الاجتماع العام السنوي الـ78 لاتحاد النقل الجوي الدولي الذي ينطلق في الدوحة يوم الأحد المقبل. حيث أدت الأزمة إلى تأخير الرحلات الجوية وإلغائها، وشكلت مصدر إزعاج كبير لشركات الطيران وللركاب حول العالم. فالوضع سيئ لدرجة دفعت الرئيس التنفيذي لشركة "رايان إير" مايكل أوليري لطلب المساعدة من عناصر الجيش البريطاني، في حين تحاول "كانتاس" الأسترالية استمالة موظفي المكتب الرئيسي ليعملوا كمتطوعين في المطار خلال ذروة العطلة الصيفية في يوليو.

صعوبة تقديم الخدمات

قال الرئيس التنفيذي لشركة "لوفتهانزا" جينس ريتر، في بيان عبر "لينكد إن" في الأسبوع الماضي اعتذر فيه عن الرحلات التي أُلغيت بين ميونيخ وفرانكفورت، إن "النقص في عدد الموظفين يعني أننا نكافح من أجل الالتزام بالجدول الذي وضعناه بالجودة ودقة المواعيد التي نَعِد بها". وأضاف: "كثير من الأشخاص تركوا قطاع الطيران خلال الوباء ووجدوا وظائف في أماكن أخرى. واليوم يواجه شركاؤنا في القطاع مثل المطارات ومقدمي خدمات الطعام نقصاً حاداً في الموظفين، ويواجهون صعوبات في تعيين موظفين جدد".

إلى ذلك، تعرقل التصريحات الأمنية اللازمة من أجل العمل في المطار عملية التوظيف أيضاً. فلدى شركة الخطوط الجوية البريطانية 3 آلاف مرشح للوظائف لا يزالون يخضعون للتحقق من خلفياتهم. ولدى "إيزي جيت" 140 موظفاً من أفراد الطاقم مدربين وجاهزين ولكنهم لم يحصلوا بعد على تصريح عبور نقاط التفتيش في المطار.

يعني كل ذلك أن التخفيف من حدّة نقص العمالة قد يستغرق ما يصل إلى 12 شهراً، بحسب إزهام إسماعيل، الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية الماليزية. الذي قال متحدثاً في منتدى في سنغافورة هذا الأسبوع: "نرى ذلك بشكل أساسي وواضح في أوروبا، ونراه في أميركا الشمالية ونراه في ماليزيا"، وأضاف: "أعتقد أن على الأطراف المعنية وصُناع السياسات أن يعملوا معاً من أجل حلّ هذه المسائل".

مطارات مكتظّة

تختلف طريقة تعامل المطارات مع هذه المسألة من منطقة إلى أخرى. في آسيا، كانت المطارات بشكل عام أكثر استباقية في تفادي الانهيارات، حيث رفضت في بعض الأوقات منح الإذن بإضافة رحلات جديدة للشركات أو طلبت من شركات الطيران إعادة جدولة رحلاتها، بحسب براندن سوبي، مؤسس الشركة الاستشارية "سوبي أفييشن" (Sobie Aviation) في سنغافورة. وتأمل المناطق الأخرى حول العالم أن تتمكن من التقاط أنفاسها مع استمرار الطلب أو حين يبدأ بالانحسار.

ويضيف سوبي: "لا توجد سوق محصّنة ضد مشكلات العمالة، لذا أي نافذة لمعالجة هذا الأمر ستكون مفيدة".

كانت الحاجة لتحرك سريع جلية في مطار سيدني يوم الجمعة الماضي، عند بداية نهاية أسبوع طويلة. إذ اصطفت طوابير طويلة جداً بانتظار عبور نقطة التفتيش الأمني لرحلات شركتي "فيرجن أستراليا" و"جيت ستار". وفي مقهى "توبي إستيت" في المطار، قال أحد الموظفين إنه أعدّ 300 فنجان قهوة على الأقل بحلول منتصف النهار، أي أكثر بـ50% من المعتاد، فيما انتظر الناس في صفوف من عشرين شخصاً في مطعم "ماكدونالدز".

سوق غير مستقرة

على الرغم من الضغط باتجاه تعيين المزيد من الموظفين، ثمّة قلق من عدم استمرار الطلب القوي. حينها سوف تواجه شركات الطيران مشكلة السعة المفرطة، سواء على صعيد الأسطول أو القوة العاملة، في حال أعادت العمل بكامل طائراتها المتوقفة ولجأت إلى التوظيف بزخم كبير. مع الأخذ بالاعتبار أن أسعار تذاكر الطيران حالياً أعلى من أن تكون ميسرة لمعظم المسافرين. كما أن التضخم في كلّ دول العالم أدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، وثمّة احتمال كبير بأن يفضّل الناس البقاء في المنزل أو الذهاب في عطلة داخل البلاد.

وقال روبرت مان، رئيس شركة الاستشارات في مجال الطيران "آر. دابليو. مان آند كو" (R.W. Mann & Co) في نيويورك: "بعد ذروة أشهر السفر في النصف الشمالي للكرة الأرضية من يونيو إلى أغسطس، سوف تجبر العودة المتسارعة إلى المدارس والعمل، إلى جانب التراجع الموسمي الطبيعي في السفر، شركات الطيران على تخفيض أسعار التذاكر لغايات السياحة والعمل، أو ستواجه المزيد من التراجع في الطلب".

وأضاف: "هوامش شركات الطيران سوف تتراجع"، ما يعني الحاجة لاتخاذ قرارات قاسية حول "ماهية السعة الواقعية التي يمكن التحليق بها، بالأخص في منتصف الأسبوع حيث تاريخياً يكون السفر لأغراض العمل هو المهيمن".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك