سارعت شركات تجارة التجزئة الكبرى إلى بناء مخزونها من السلع في السنة الماضية، وسط ارتفاع كبير في طلب المستهلك واختناق سلاسل التوريد، إذ ذهبت في بعض الحالات إلى أبعد مدى بأن استأجرت سفن شحن لنقل بضائعها الخاصة. والآن، تحاول نفس هذه الشركات أن تضع تصوراً عن كيفية بيع ما لديها من بضائع مكدسة.
ارتفعت قيمة المخزونات بمقدار 44.8 مليار دولار لدى الشركات المدرجة على مؤشر "ستاندارد أند بورز" للقطاع الاستهلاكي وتبلغ قيمتها السوقية مليار دولار على الأقل، والتي أعلنت نتائج أعمالها خلال الأسبوعين الماضيين، بحسب بيانات جمعتها "بلومبرغ". وتزيد هذه القيمة بنسبة 26% عن مخزون نفس الفترة من العام الماضي. وقد أثرت تلك الزيادة سلبا على أرباح بعض شركات تجارة التجزئة، في ظل ارتفاع مصروفات التخزين عند شركة "وولمارت"، وتخفيض أسعار بعض السلع الأساسية عند شركتي "تارغت" (Target) و"غاب" (Gap).
ما سيحدث بعد ذلك غير واضح. حيث كان تضخم المخزون من سلع تجارة التجزئة في السابق علامة على تباطؤ النشاط الاقتصادي أو الركود بسبب انخفاض حجم مشتريات المتسوقين، غير أن إنفاق المستهلك في شهر أبريل قفز بأسرع وتيرة منذ ثلاثة أشهر بعد حساب تأثير التضخم وفق ما أعلنته وزارة التجارة يوم الجمعة الماضي. وطالما استمر الأمريكيون في تسوق احتياجاتهم، فإن المخازن الممتلئة قد تساعد شركات التجزئة على تحقيق الأرباح وتحقيق القدرة على تلبية طلبات المستهلكين إذا تفاقمت أزمة تكدس الموانئ في هذا الصيف.
تكلفة التخزين
قالت جين بارتاشوس، محللة قطاع التجزئة لدى "بلومبرغ إنتليجنس": "الآن تبدلت الأمور في اللحظة المناسبة‘. ولذلك ترى أن شركات تجارة التجزئة تحتفظ بمخزون أكبر من مخزونها التقليدي في أوقات سابقة".
توقع الاقتصاديون أن تتجاوز النفقات التي تتوجه إلى قطاع الخدمات تلك التي تتوجه إلى القطاع السلعي مع انتقال المخاوف المتعلقة بجائحة كورونا إلى منطقة هامشية، غير أن الإنفاق في القطاعين استمر في الزيادة. وقد ارتفع الإنفاق على الخدمات، معدلاً بتأثير التضخم، بنسبة 0.5% في شهر أبريل عن شهر مارس الماضي في حين زاد الإنفاق على السلع بنسبة 1%.
رغم أن ذلك يتيح وفرة في الطلب بالنسبة إلى تجار التجزئة، فإن أذواق المستهلك تتغير باستمرار. فعلى سبيل المثال نجد شركة "ماسيز" (Macy’s)، التي أنفق المتسوقون عبرها أموالاً أكثر على شراء ملابس المناسبات الخاصة والملابس الملائمة للعودة إلى مواقع العمل، بدلاً من الإنفاق على ملابس الخروج للترفيه والبضائع المنزلية التي كانت رائجة خلال الفترة الأولى من انتشار الجائحة. وقد تسبب هذا التحول الذي تجاوز في حدته توقعات الشركة في تراكم كمية كبيرة عندها من سلع لا يريدها المستهلكون.
معنى ذلك أن شركة "ماسيز" سوف تضطر إلى تخفيض أسعار الأصناف غير الرائجة حتى توفر مساحة للسلع التي يزيد عليها الطلب. ومعها في نفس القارب شركة "تارغت" التي ارتفع مخزونها بنسبة 43%، وكذلك شركتا "غاب" و "أبركرومبي أند فيتش" (Abercrombie & Fitch).
مخاوف الإمدادات
قال دوغ ماكميلان، الرئيس التنفيذي لشركة "ولمارت"، للمحللين إنه سعيد بزيادة المخزون، رغم اعترافه بأن الزيادة بنسبة 32% في الربع الأول من العام "تتجاوز ما تريده الشركة".
قالت شركة "ماسيز"، التي شهدت قفزة بنسبة 17% في المخزون، إن توافر السلع في وقت مبكر سوف يضمن سهولة العمل في مواسم التسوق الرئيسية. ويرى رئيس الشركة التنفيذي جيفري جينيت "سحب العواصف تحيط بسلسلة التوريد" بمجرد أن تغادر السفن المتأخرة موانئ الصين وتمضي في طريقها إلى الموانئ المزدحمة في الساحل الغربي للولايات المتحدة. ونتيجة ذلك، تقوم شركة تجارة التجزئة بتقديم بعض تواريخ شحن السلع الهامة قبل موسم العودة إلى المدراس والعطلات.
وبالمثل، قالت شركة "كوستكو هولسيل" (Costco Wholesale) إن زيادة المخزون عندها بنسبة 26% اعتمدت جزئياً على قرار اتخذته لإعادة بناء مخزونها بعد ارتفاع الطلب في السنة الماضية، وتأميناً ضد احتمال تفاقم أزمة سلاسل التوريد.
قال بوب نلسون، نائب أول رئيس الشركة لشؤون التمويل، إنها تتوقع أن تبيع منتجاتها وتتجاوز المشكلة "دون مواجهة صعوبات كبيرة". فبعض المخزون الزائد يتشكل من سلع تباع في مواسم العطلات ومازالت مناسبة في العام الحالي.
قال نلسون في مؤتمر هاتفي يوم 26 مايو مع المحللين: إن كثيراً من السلع الموسمية "هي سلع خاصة بأعياد الكريسماس وصلت متأخرة إلى الشركة. وقد وضعناها في المخازن وسوف نطرحها على العملاء هذا الخريف".