تسود توقُّعات واسعة النطاق بحصول شركة "ديدي غلوبال" (Didi Global) على مباركة المساهمين يوم الإثنين لشطبها من بورصة نيويورك، لتنهي بذلك محنة استمرت 11 شهراً قضت على حوالي 60 مليار دولار من قيمتها السوقية، وحوّلت شركة النقل العملاقة إلى رمز لحملات الصين الصارمة على شركات التكنولوجيا.
من المتوقَّع أن يصوّت أكبر داعمي شركة الإنترنت ومن بينهم مجموعة "سوفت بنك" (SoftBank Group)، و"تينسنت هولدينغز" (Tencent Holdings)، و"أوبر تكنولوجيز" (Uber Technologies) لصالح شطب الإدراج في جمعية عمومية غير عادية في بكين، وفقاً لمراقبي السوق. من شأن ذلك أن يمهد الطريق أمام الشركة للتعاون مع المنظّمين الذين يطالبون بإصلاح أنظمة بياناتها كجزء من مراجعة الأمن السيبراني. عندها فقط سيكون لشركة "ديدي" الحرية في البدء بالتحضير لطرح أسهم للتداول الحر في هونغ كونغ، وهي أفضل نتيجة كما يقول المستثمرون، إنَّهم يأملون فيها.
يعد هذا التراجع جزءاً مما يراه الكثيرون على أنَّه قصاص لشركة معروفة بتجاوز الحدود مع سلطات بكين.
بعد سنوات من النمو السريع، تقدّمت "ديدي" باكتتاب عام أولي في يونيو 2021 برغم المعارضة التنظيمية. بعد أيام من الطرح الأولي الذي بلغت قيمته 4.4 مليار دولار، أجبرتها هيئة الإشراف على الإنترنت في البلاد على حظرها من متاجر التطبيقات في الصين، وبدأت تحقيقاً شاملاً في مجال الأمن السيبراني في الشركة، وسط مخاوف من تسرّب البيانات إلى قوة أجنبية. كان الظهور الأول مثيراً للجدل لدرجة أنَّه تسبّب في هجوم كاسح من الإجراءات التنظيمية التي تمنع الشركات الصينية من جمع رأس المال في الخارج.
من المرجح أن تدعم مجموعة "سوفت بنك" والداعمون الرئيسيون الآخرون شطب "ديدي" من بورصة نيويورك على أمل أن يرضي هذا بكين، ويضمن فرصة العودة بما في ذلك الإدراج النهائي في هونغ كونغ. ولم يتسنَّ الحصول على تعليق فوري من مسؤولي "سوفت بنك".
في انتظار العقوبة
قال شين مينغ، مدير بنك الاستثمار "تشانسون آند كو" (Chanson & Co)، ويقع مقره في بكين، إنَّ المستثمرين ليس لديهم خيار سوى قبول الشطب، لكنَّهم سيتابعون عن كثب مصير "ديدي" لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم الوثوق بالسوق الصينية. ما تزال العقوبة الفعلية التي تنتظر "ديدي" غير واضحة، وكانت الشركة تجري محادثات مع إدارة الفضاء السيبراني في الصين حول الغرامة والعقوبات الأخرى.
وأضاف: "إذا تحقق مقترح (ديدي) للشطب من البورصة؛ فإنَّه سيوجه بالتأكيد ضربة خطيرة لثقة المستثمرين في الأسهم الصينية. فإذا كان من الممكن أن(تولَد) الشركات المشطوبة في هونغ كونغ بتقييم جيد وسيولة جيدة، فمن المحتمل أن تتلاشى مخاوف السوق بشأن الاستثمار في الصين مع مرور الوقت. ففي النهاية، لا يهتم المستثمرون إن كانت الشركة مدرجة في هونغ كونغ أو الولايات المتحدة، طالما يمكنهم الحصول على عائد استثمار جيد ".
تجنّب مساهمو "ديدي"، والذين من بينهم "فيديليتي إنفيستمنت" (Fidelity Investments) و"بلاك روك" (Blackrock)، التعليق حتى الآن على الشطب.
تسبّبت التوترات بشأن حملة بكين الصارمة على "ديدي" والشركات القوية الأخرى مثل مجموعة "علي بابا هولدينغز" في عمليات بيع عالمية لأسهم شركات التكنولوجيا الصينية في العام الماضي، فقد شكّك المستثمرون في نوايا بكين نحو صناعة ترى أنَّها جمعت ثروة وقوة أكثر من اللازم.
تأسست "ديدي" عام 2012 على يد "تشينغ وي"، أحد المخضرمين في "علي بابا" الذي يُنسب الفضل إلى تكتيكاته الجريئة في جعل "ديدي" واحدة من كبرى شركات خدمات سيارات التوصيل في العالم، وواحدة من قلة من الشركات التي استطاعت صد منافسة "أوبر". بعد حرب أسعار محتدمة بين الشركتين؛ اشترت "ديدي" عمليات "أوبر" في الصين في عام 2016.
تقدّر قيمة الشركة بحوالي 80 مليار دولار في الاكتتاب العام الأولي، ومن المرجح أن يتم تداول أسهمها خارج البورصة فيما يسمى بسوق الأوراق المالية الوردية، موطن الأسهم الصغيرة وغيرها ذات المخاطر العالية.
مأزق
قد يضطر بعض المستثمرين إلى البيع لأنَّ تفويضاتهم لا تسمح لهم بامتلاك أسهم غير مدرجة. وخفّضت صناديق التحوط بالفعل حيازاتها في "ديدي" بـ29% إلى حوالي 231.9 مليون دولار خلال الربع الأول، وفقاً لتحليل "بلومبرغ" للإيداعات. كما أنَّ أولئك الذين لا يخضعون لمثل هذه التفويضات، مثل "سوفت بنك"، ربما يتساءلون ما إذا كان الأمر يستحق التمسك بالأسهم نظراً لحالة عدم اليقين بشأن عقاب بكين، وزيادة المنافسة من المنافسين الأصغر، وتوقف التوسع في الخارج. استثمرت "سوفت بنك" أكثر من 12 مليار دولار في الشركة، وشهدت انخفاض قيمة حصتها البالغة 20% من ذروتها عند 16 مليار دولار إلى أقل من ملياري دولار.
سيجرى تصويت يوم الإثنين على أساس صوت واحد لكل سهم. تمتلك إدارة "ديدي" و"سوفت بنك" و"أوبر" و"تينسنت" حوالي 48% من ملكية أسهم "ديدي"، وفقاً لتقريرها السنوي. قالت الشركة في إيداع في مايو إنَّ الأمر يتطلب أغلبية بسيطة لبدء إجراءات الشطب، وإنَّها قد تؤجل الاجتماع إذا رفض المساهمون ذلك.
أفادت "بلومبرغ نيوز" أنَّ عملاقة خدمات توصيل الركاب استكشفت العديد من البدائل بما في ذلك تحويل البيانات إلى شركة صينية تابعة لطرف ثالث، وبيع حصة لشركات مدعومة من الدولة.