كتب: لوكاس شاو - بلومبرغ
شكّل استحواذ شركة "إيه تي آند تي" (AT&T) على مؤسسة "تايم وارنر" (Time Warner) فشلاً ذريعاً لشركة خدمات الهاتف التي أنفقت 85 مليار دولار للاستحواذ على التكتل الإعلامي الضخم، ثم باعتها بعد 4 سنوات فقط مقابل سعر أقل، لكنه كان بمثابة فوز كبير لشبكة "إتش بي أو" (HBO).
صمدت "إتش بي أو" في مواجهة رياح التحول إلى خدمات البث الرقمي أكثر من شبكات الكابل الأخرى، التي بزغت في فجر العصر الذهبي للتلفزيون، بما في ذلك "أف أكس"، و"شو تايم" و"إيه أم سي". وفي الوقت الذي تكافح نظيراتها لجذب الجمهور، تستمر "إتش بي أو" كلاعبة أساسية بالسوق، وأحد أكبر مقدمي خدمات البث الرقمي حول العالم عندما يتعلق الأمر بعدد المشتركين والمبيعات.
أضافت "إتش بي أو" جميع أنواع البرامج الجديدة دون التضحية بالجودة. وفازت بـ19 جائزة في حفل جوائز "إيمي" خلال سبتمبر الماضي، بينما تفوقت شركة "وارنر برذرز" (Warner Bros) على جميع شركات الإنتاج الأخرى في حفل توزيع جوائز الأوسكار، الذي انعقد الشهر الماضي.
دعم وتوزيع
يعود الفضل بالأساس في هذا النجاح إلى فريق البرامج بقيادة كيسي بلويز. ورغم أن الشبكات الأخرى ما تزال تقدم عروضاً جيدة، إلا أن ما ينقصهم هو نفس مستوى التوزيع والدعم من الشركة الأم.
فقد قامت "إيه تي آند تي" بما كان ليرفضه جيف بيوكس، رئيس شركة "تايم وارنر" السابق، حيث أدار بيوكس "تايم وارنر" كشركة قابضة مجزئة إلى 4 أقسام إدارية منفصلة، ولم يتواصل أي منها مع الآخر أو تعمل معاً. أنتجت شركة "تيرنر" (Turner) مسلسلات مثل "فريق البحث" (Search Party) و"محطم الثلج" (Snowpiercer) لشبكات الكابل بدلاً من "إتش بي أو". لم ترغب "إتش بي أو" في تقديم الرياضة، أو الرسوم المتحركة، أو برامج تلفزيون الواقع التي تنتجها أقسام الشركة الأخرى.
أجبرت "إيه تي آند تي" الشركة على التركيز في بناء خدمة بث رقمي واحدة يمكنها منافسة "نتفلكس" و"ديزني"، و"أمازون". كان هذا النهج مليء بالعثرات، ما عجّل بمغادرة المديرين التنفيذيين المرموقين مثل، ريتشارد بلبلر، وديفيد ليفي، كما أدى إلى فصل آلاف الموظفين. لكن الأعمال التجارية والنتائج الإبداعية برزت رغم ذلك.
استقلالية إنتاجية
أخبرني جيسون كيلار، رئيس شركة "وارنر ميديا" المنتهية ولايته أن: "الفضل يعود لـ(إيه تي آند تي) في عدد من الجوانب، وأول هذه الجوانب وقبل كل شيء هو أنها أعطتنا الاستقلالية. ففي (تايم وارنر)، كان يتم اتخاذ الكثير من القرارات بسبب ضغوط السوق، ولإعطاء الأولوية للتدفقات النقدية قصيرة الأجل. في حين أعطتنا (إيه تي آند تي) ملاذاً آمناً".
هل نجحت "إيه تي آند تي" عبر الخروج عن المسار المعتاد؟ رغم أن هذا قد يبدو وكأنه إشادة غير مباشرة بعملها، إلا أن قبول ما لا تعرفه يمكن أن يكون مفيد أحياناً.
حظت "إيه تي آند تي" ببداية صعبة في هوليوود. وأشارت إلى عزمها على صناعة حلقات صغيرة الحجم من مسلسل "لعبة العروش" (Game of Thrones) للأجهزة المحمولة، وهو تصريح يوضح أن قادة الشركة لم يشاهدوا هذا المسلسل قط.
صعوبات مستمرة
ساءت الأمور مع الإطلاق الأولي لمنصة "إتش بي أو ماكس" (HBO Max)، إذ كافح قادتها لتبرير السبب الذي قد يشجع الأشخاص، ممن لم يدفعوا مقابل مشاهدة "إتش بي أو"، للاشتراك في"إتش بي أو ماكس". حتى جمهور الوسائل الإعلامية الأكثر حنكة لم يتمكنوا من التمييز بين "إتش بي أو"، و"إتش بي أو غو"، و"إتش بي أو ناو"، و"إتش بي أو ماكس".
يقع بعض اللوم في ذلك على عاتق الحكومة الفيدرالية، التي أخرت استحواذ "إيه تي آند تي" على الشركة عبر الطعن في الصفقة. لو كانت "إتش بي أو ماكس" انطلقت لأول مرة قبل الوباء؛ فربما كان سيسهل عليها جذب انتباه الجميع.
لكن بعد ذلك قامت "إيه تي آند تي" بأهم شيء يمكن لمالك شركة إبداعية أن يفعله، وهو أنها لم تتدخل في عمل المنتجين التنفيذيين للبرامج، ومنحتهم موارد وفيرة لإنتاج العروض التي يحتاجون إليها. كما وظفت كيلار للإشراف على تعزيز البث الرقمي، وعين رئيس شركة "وارنر ميديا" المنتهية ولايته بدوره فريقاً من الأشخاص الذين ساعدوه في إنشاء أول خدمة شبيهة لمنصة "هولو" (Hulu).
انتقادات هوليوود
على غرار "إيه تي آند تي"، كان يُنظر إلى كيلار على اعتبار أنه دخيل أو متطفل يسعى إلى تغيير مؤسسة كبيرة. (لا يعتبر كيلار دخيلاً على المجال في حقيقة الأمر، ولكن دعونا نؤجل هذا النقاش ليوم آخر).
ومثلما فعلت "إيه تي آند تي" أيضاً، اتخذ كيلار خطوة لا تحظى بتأييد كبير، حيث طرح جميع أفلام "وارنر برذرز" على الإنترنت في الوقت نفسه. وتشابه وضعه مع الشركة كذلك عندما تعرض للانتقاد اللاذع علانية من قبل هوليوود.
لكن القرار آتى ثماره، وطرحت شركة "وارنر برذرز" 17 فيلماً العام الماضي، تم افتتاحها جميعاً في صالات السينما، وكانت كلها متاحة للأشخاص لمشاهدتها في المنزل. وشكّل ذلك دافعاً كبيراً للعملاء الجدد لـ"إتش بي أو ماكس"، كما مكّن الاستوديوهات الأخرى من إصدار أفلام متاحة للمشاهدة في المنزل للأشخاص المترددين في العودة إلى صالات السينما. (ملاحظة: تمت مقاضاة "ديزني" مثل "وارنر برذرز" بسبب ما فعلته).
إرث الإدارة السابقة
إذا كان هناك إرث يمكن تذكره من عصر "إيه تي آند تي"، فهو أن الشركة غالباً فعلت الشيء الصحيح لكن بالطريقة الخاطئة. أو أنهم قدموا موارد إنتاجية بسخاء دون امتلاكهم للبراعة. فكيلار و"إيه تي آند تي" أنجزا الجزء الأصعب من العمل، ما أغضب بعض الشركاء، لكنهما مهدا الطريق لمالك الشركة الجديد.
تشهد الفترة الحالية تفكك فريق العمل الإداري الذي بنى "إتش بي أو ماكس"، في حين ما يزال الفريق الإبداعي قائماً. وبذلك؛ ينتقل مصير "إتش بي أو" إلى رئيسها التنفيذي الرابع خلال 5 سنوات.
قال كيلار: "أصبحنا شركة مستعدة جيداً للمستقبل.. لم نكن هكذا قبل 3 سنوات".
من المستحيل توقّع ما إذا كانت "ديسكفري" ستحافظ على زخم "إتش بي أو ماكس" أو لا، لكن لدي 3 أسئلة بخصوص النظام الجديد:
أولاً: ماذا سيبيعون ومن سيُطرد؟
تجمع "ديسكفري" ديوناً بقيمة 30 مليار دولار لتمويل هذه الصفقة، وقالت بالفعل إنها ستوفر 3 مليارات دولار في التكاليف. هذا يعني أن الكثير من الأشخاص سيُطردون. ومن المتوقع أن تشمل قائمة من سينظر لهم على اعتبار أنهم زائدين عن حاجة العمل كل من الموظفين في أقسام التوزيع، ومبيعات الإعلانات، والموارد القانونية والبشرية.
قد تفكر "ديسكفري" أيضاً في بيع أشياء لسداد ديونها. جرّدت "إيه تي آند تي" بالفعل "وارنر ميديا" من الأصول غير الأساسية، لذلك لم يتبق الكثير لبيعه، حيث باعت "إيه تي آند تي" خدمة الرسوم المتحركة "كرانشيرول" (Crunchyroll)، وحصتها في شركة "سبرينغ هيل" (Springhill) التابعة للاعب كرة السلة الشهير ليبرون جيمس قبل زيادة قيمتها قليلاً. وفيما يخص إمكانية بيع "ديسكفري" لقسم الألعاب، فقد قيل لي إنه لا يمكنها عمل ذلك.
ثانياً: هل ديفيد زاسلاف مستعد لإنفاق 200 مليون دولار على فيلم؟
أمضى ديفيد زاسلاف، الرئيس التنفيذي لشركة "ديسكفري" 16 سنة وهو يصنع برامج تلفزيون الواقع منخفضة التكلفة، في حين تنفق "إتش بي أو" ما يزيد عن 10 ملايين دولار على الحلقة الواحدة في بعض الأعمال. وتنفق "وارنر برذرز" ما بين 150 إلى 200 مليون دولار على بعض الأفلام. فالإنفاق السخي جزء لا يتجزأ من التركيبة الأساسية للشركة. وسيتطلب التوسع الدولي استثمارات ضخمة أيضاً.
قال زاسلاف، إنه ملتزم بدعم هوليوود ومساندة النجوم. كما أمضى العام الماضي وهو يعقد اجتماعات للاستماع للآخرين، ويتناول العشاء مع أثرياء ومشاهير البلدة. لكن الكلام رخيص، فصانعو الأفلام سيحبونك فقط إذا قدمت لهم الأموال.
ثالثاً: هل ستنجح طريقة زاسلاف في العمل المباشر؟
يفضل زاسلاف التدخل شخصياً بكل الطرق في جميع تفاصيل الإدارة. ورغم أنه تحدث إلى كل مسؤول تنفيذي كبير تقريباً في هوليوود حول القدوم للعمل معه، إلا أنه كان يخطط دائماً للإشراف المباشر على عمليات الترفيه في لوس أنجلوس. وفي ظل هيكله التشغيلي الجديد، سيكون رئيس البرامج في "إتش بي أو"، وكذلك رؤساء الأفلام والمسلسلات والبرامج التلفزيونية في "وارنر برذرز" تحت إدارة زاسلاف المباشرة. لن يكون الرئيس التنفيذي لشركة "ديسكفري" أول إداري كبير يشارك في التفاصيل الدقيقة، كما لن يتوافر لديه على الأرجح الوقت لاختيار كل مشروع بنفسه في واحدة من أكبر شركات الإنتاج في العالم.
لدى زاسلاف بعض عوامل المساعدة التي يمكن أن تدعمه، حيث يوجد لديه الكثير من الأصدقاء في مناصب مؤثرة، كما وجهت هوليوود انتقادات لاذعة بالفعل لنظام الشركة.
كيلار يتوقع مستقبلاً رقمياً
عمل كيلار في اثنتين من أكبر خمس شركات لخدمات البث الرقمي في الولايات المتحدة. وفي عشية مغادرته، شارك بعض الأفكار حول الوضع الحالي للمنافسة وما يخبئه المستقبل. فيما يلي يوضح الرئيس التنفيذي لشركة "ديسكفري" في الأجوبة 3 من تنبؤاته:
1- تلاشي أو دمج العديد من خدمات البث الحالية
"سيكون هناك غربلة لمنصات البث الرقمي، وستحدث خلال 24 إلى 36 شهراً قادمة. وسيتم هذا بنفس الطريقة التي برز بها 3 ثم 4 قنوات إلى جانب "فوكس" في تاريخ البث التلفزيوني بالولايات المتحدة. ورغم أن منصات البث الرقمي تحتوي على مساحة عرض غير محدودة، فسنرى 3 لاعبين رئيسيين فقط متميزين عندما يتعلق الأمر بشركات إنتاج الأعمال الأصلية. وسيكون هناك انفصال متزايد بين المنصات المتصدرة. وأعتقد أن "وارنر ميديا" وتحديداً "إتش بي أو"، و"ديزني"، و"نتفلكس" ستميز أنفسها. كما أن مستوى الاستثمار الذي تقدمه بعض الجهات ليس مستداماً".
2- سيقبل معظم المشتركين الإعلانات مقابل الحصول على سعر أقل
"ما يقرب من 50% من المشتركين الجدد في (إتش بي أو ماكس) يختارون فئة العروض المدعومة بالإعلانات. وبالنسبة لـ(هولو)، أوضحت آخر إحصائية نشروها علناً أن عدد المشتركين الذين يفضلون هذه الفئة نسبتهم 60%. وأظن أنه في المستقبل غير البعيد سنرى غالبية مشتركي (إتش بي أو ماكس) الجدد يختارون فئة العروض المدعومة بالإعلانات. وحاولنا تسعير هذه الفئة بطريقة تبين أنها لا تؤثر علينا كثيراً. لكننا نحقق أرباح أكثر بعض الشيء من ورائها بسبب الأموال التي نجنيها بسبب الإعلانات".
3- هل يعني هذا أن "نتفلكس" ستقبل عرض الإعلانات التجارية؟
"لا أعتقد أن أقصى طموحات (نتفلكس) هو الوصول لـ222 مليون مشترك فقط. أعتقد أن طموحها يقترب من نحو مليار مشترك. ويمكن تحقيق ذلك من خلال منح العملاء الاختيار، فالإعلان يفتح السوق لكثير من الناس، وتقديم (نتفلكس) لهذا الخيار أمر حتمي. ولن يضايقني الأمر إذا استغرق الأمر 10 سنوات حتى تتيح ذلك. فهذا يصب في صالح (إتش بي أو ماكس)".
"إتش بي أو ماكس" و"ديسكفري" في مواجهة "نتفلكس" و"ديزني"
إذا كنت ممن يكتبون عن الشركات؛ ستسمع هذه المقولة المنتشرة عالمياً كثيراً، وهي: "(ديسكفري) تندمج مع (إتش بي أو ماكس) لإنشاء شركة ذات نطاق كافٍ لمنافسة فريق (نتفلكس) مع (ديزني)".
لدعم وجهة نظر كيلار أعلاه، إليك رسمان توضيحيان من شركة "باروت أنالتيكس" (Parrot Analytics) يشيران إلى أنه لدى "وارنر برذرز ديسكفري" النطاق اللازم للمنافسة، ويقيس الأول أداء الشركات بناءً على شعبية البرامج التلفزيونية التي يمتلكونها.
هذا يعني أن العروض المملوكة لشركة "وارنر برذرز ديسكفري" مطلوبة أكثر من أي شركة أخرى باستثناء "ديزني". (الملاحظ أيضاً أن "نتفلكس" تحتل المركز الخامس بفارق كبير لأن تشكيلتها أصغر بكثير)
يقيس الرسم البياني الثاني خدمات البث الرقمي حسب الطلب على تشكيلة أعمالهم.
في الرسم البياني السابق احتلت شركة "وارنر برذرز ديسفكري" المركز الثالث، بعد "هولو" و"نتفلكس" مباشرةً. هناك قيود واضحة لهذه البيانات، حيث تحتل "نتفلكس" المرتبة الثانية في الطلب، ولكنها أكبر بكثير من "هولو" من حيث عدد العملاء. وكلاهما يؤكد أن التشكيلة كلها مجتمعة ينتج عنها شركة بها الكثير من العروض، التي يرغب الناس في مشاهدتها، لكنها تحتاج فقط إلى تشجيع العملاء على الدفع مقابل مشاهدتها.
الفيلم صاحب المركز الأول عالمياً
حقق فيلم "القنفذ سونيك 2" (Sonic the Hedgehog 2) 71 مليون دولار في أمريكا الشمالية في نهاية هذا الأسبوع، و37 مليون دولار أخرى خارج الولايات المتحدة. وبات في طريقه نحو التحول إلى فيلم الأطفال الأعلى ربحاً منذ بداية الجائحة. ويشرح كيلي جيلبلوم، كيف ازدهرت "سونيك"؟ فيما عانى فيلم "إنكانتو" (Encanto) إلى جانب عدد من الأعمال الأخرى.
منع ويل سميث من حضور الأوسكار لمدة 10 سنوات
لن يتمكن الفنان ويل سميث من حضور حفل توزيع جوائز الأوسكار لعقد كامل. لكن بمقدره الاحتفاظ بجائزته التي حصدها هذا العام، وما يزال من الممكن ترشيحه للفوز بجوائز أخرى. وأتمنى أن تكون هذه هي نهاية القصة.
صفقات
• أغرى موقع "سب ستيك" (Substack) بالفعل مئات الكتّاب لترك وظائفهم في وسائل الإعلام التقليدية، وبدء نشراتهم الإخبارية الخاصة. والآن يتطلع الموقع إلى الدخول في مجال النشرات الصوتية. وتوضح آشلي كارمان، في هذا السبق الصحفي الشكل الذي ستبدو عليه الأعمال الصوتية على موقع "سب ستيا" (Substack).
• انسحبت كاني ويست من مهرجان وادي كوتشيلا للموسيقى والفنون قبل أسبوعين فقط من انطلاق المهرجان.
ترشيحات الموسيقى الأسبوعية
كنت سأوصي بالفنانة والموسيقية كيلو كيش، لكن بعد ذلك تذكرت أن فرقة "ويت ليغ" لديها ألبوم جديد. تعتبر أغنية "شيزلونغ" (Chaise Longue) لفرقة الروك البريطانية واحدة من الأغاني المفضلة لدي في الأشهر العديدة الماضية.