تراجع الوباء والمخاوف حيال ارتياد المطاعم تعين التضخم في ضرب خدمات توصيل الطعام

التضخم يغرز أنيابه بخدمات توصيل الطعام

سائق دراجة من شركة "دورداش" لتوصيل الطعام - المصدر: بلومبرغ
سائق دراجة من شركة "دورداش" لتوصيل الطعام - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

شاركت بكتابة المقال Andrea Felsted

أتى التضخم ليطغى على العادات المكلفة التي اكتسبها المستهلكون إبّان الجائحة.

أعطى الأمريكيون خلال العامين الماضيين راحتهم أولوية على حساب التكلفة سواء أكان عبر الإنفاق على طلبات العشاء من المطاعم أم عبر اشتراكات لتوصيل مكونات وجبات يومية إلى المنازل. أفاد ذلك خدمات توصيل الطعام بشدة، فقد تمتعت بعض أفضل المنصات، بما فيها "دورداش" (DoorDash) و"أوبر إيتس" (Uber Eats) بمعدلات نمو أرقامها ذات الخانات الثلاث، بدفع من المخاوف حيال كوفيد، ومن تعليق تناول الطعام في المطاعم. منها كانت شركة "بلو أبرون" (Blue Apron)، التي توفر اشتراكات بمكونات وجبات، تكافح قبل الجائحة، وتُفكّر بطرح نفسها للبيع، لكن حين هجم الفيروس أقبل الآلاف على خدماتها.

يُهدّد التضخم المتسارع الآن مع عون من تراجع المخاوف بشأن تناول الطعام في المطاعم مع انخفاض حالات كوفيد بضرب طفرة قطاع التوصيل. يُرجح أن يدفع التضخم على وجه الخصوص المستهلكين لإعادة تقييم إنفاقهم والتوجه نحو تقليص النفقات التي يرونها أقل من ضرورية. كما يمكن أن يقرر الكثير من الناس أنَّه بمقدورهم التخلي عن التوصيل إلى المنازل عدة مرات في الشهر، أو طلب الآيس كريم من خدمات البقالة السريعة مثل "غوريلاز" (Gorillas) دون إخلال كبير بنمط حياتهم اليومية.

بيّن استبيان "مورنينغ كونسلت" (Morning Consult) الشهري لعادات الطعام والشراب أنَّ عدداً أقل من الأمريكيين باتوا يطلبون توصيل الطلبات الخارجية. كما أنَّ ارتفاع تكلفة هذه الخدمات لا يساعد. ففي البداية؛ سيؤدي تضخم أسعار المواد الغذائية إلى ارتفاع التكاليف في المطاعم التي تستخدم خدمات التوصيل مثل "غرب هب" (Grubhub) التابعة لشركة "جست إيت تيك أويه دوت كوم" (Just Eat Takeaway.com). كما ارتفع متوسط ​​الدفع عبر المطاعم، وتناول الطعام في الخارج، والتوصيل للمنازل 7% في عام 2021 عن سابقه، وفقاً لمجموعة "إن بي دي غروب" (NPD Group) للبيانات.

أسعار البنزين

دفعت زيادة في أسعار البنزين "أوبر" إلى فرض أسعار أعلى على خدمة "أوبر إيتس" لتخفيف العبء عن سائقيها، مما يزيد التكلفة على المستهلكين. كما رفعتْ "غرب هب" أيضاً أجور سائقيها، مما قد ينعكس على ما تتقاضاه من العملاء. فيما تُعدّل "هالو فريش" (Hello Fresh) أسعار اشتراكات مكونات الخدمات في بعض الأسواق، وهي فعلاً أغلى من شراء البقالة، أو وجبة جاهزة يمكن تحضيرها بالميكروويف. أضافت "بلو أبرون" الخريف الماضي رسوم شحن ثابتة بقيمة 9.99 دولاراً أمريكياً على أسعار صناديقها، وحدّثت هيكل تسعيرها استجابةً لارتفاع التكاليف.

هناك خيارات أخرى متاحة مثل شراء وجبة من شركة تُركّز على القيمة مثل "تشيبوتليه مكسيكان غريل" (Chipotle Mexican Grill)، كما وجدت "مورنينغ كونسلت" أنَّ طلبات المطاعم الخارجية بلا توصيل ظلت أكثر استقراراً من سواها.

كما يمكن أن يقصد الأمريكيون متاجر البقالة، لأنَّ تجار المواد الغذائية الذين يواجهون تحديات التكلفة الخاصة بهم؛ يستعدون للاستفادة من إقبال المستهلكين.

أعلنت شركة "كروغر" (Kroger) العملاقة في مجال السوبرماركت أنَّها تتوقَّع أن يطهو مزيد من الناس الطعام في منازلهم لأنَّه أرخص من خيارات تناول الطعام الأخرى. "كروغر"هي أيضاً إحدى الشركات التي تستثمر في اشتراكات مكوّنات الوجبات كما حال "ولمارت" (Walmart)، و"هول فودز" (Whole Foods) التابعة لشركة "أمازون". استحوذت "كروغر" على "هوم شيف" (Home Chef) في 2018؛ وهي تولّد الآن مبيعات سنوية تبلغ مليار دولار.

العملاء الأثرى

تتمتّع خدمات توصيل الوجبات، واشتراكات مكوّنات الوجبات بميزة قد تساعد بعزلها عن التراجع المرتبط بالتضخم، وهي أنَّ مستخدميها يغلب عليهم أنَّهم أصغر سناً وأكثر ثراءً، بالتالي؛ فهم أكثر قدرة على التعامل مع تزايد التكاليف. قد يجد بعض المستهلكين مع تدني الميزانيات أنَّهم ينفقون أقل عند توصيل الطعام مقارنة بارتياد المطاعم.

تصبح جميع مستويات الدخل خلال فترات التضخم أكثر حساسية للسعر مع ذلك، كما بيّنت "ولمارت" الشهر الماضي.

لكن لن تتعطّل طلبات الأطعمة، إذ تتوقَّع "هالو فريش" نمو إيراداتها 20% إلى 26% هذا العام، فيما يتوقَّع المنافسون؛ "بلو أبرون هولدينغز" و"جست إيت تيك أويه" التي تملك خدمتي "سيملس" (Seamless) و"غرب هب" نمواً يتاخم 15%. لقد سجلت أعمال التوصيل في "أوبر"، والتي تشمل المواد الغذائية والبقالة والمشروبات، أول ربح لها على الإطلاق خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في ديسمبر 2021 على الأرباح المعدلة قبل احتساب الفائدة والضرائب والاستهلاك والإطفاء.

إلا أنَّ ارتفاع أسعار البنزين وانضغاط المستهلكين يعنيان أنَّ الحياة على وشك أن تشتد إلى حد كبير. من المؤكد أنَّ المستثمرين يستعدون للأسوأ؛ فقد انخفضت أسعار الأسهم 50% على الأقل من أعلى مستوياتها الناجمة عن الجائحة.

لا شكَّ أنَّه يجب على الشركات التي ركبت الموجة الآن أن تتكيف مع الواقع الجديد، وإحدى سبل ذلك هو الدمج. يعني كبر الحجم بالنسبة إلى شركات اشتراكات مكونات الوجبات مزيداً من النفوذ في أوساط المزارعين ومصنّعي المواد الغذائية. تهدف "هالو فريش" لإبقاء أسعار خدماتها في متناول المستهلكين نسبياً، إذ قد يعني هذا تمرير تضخم أقل من مستوى التضخم الرئيسي. وفي حين أنَّ هذا سيضغط الهوامش؛ فإنَّ الحجم الكبير للشركة الأولى عالمياً في مجال اشتراكات مكونات الوجبات يجب أن يحد من هذا التأثير.

لقد اندمج قطاع التوصيل في الولايات المتحدة في ثلاث جهات فاعلة رئيسية. إلا أنَّ "جست إيت تيك أويه" تبحث الخيارات الاستراتيجية لـتابعتها "غرب هب"، التي فقدت حصتها في السوق خلال الجائحة لصالح "دورداش" و"أوبر إيتس". كما نقلت "بلومبرغ نيوز" في يناير أنَّ "جست إيت" أشارت إلى المستثمرين أنَّها مفتوحة للبيع، إلا أنَّ المستشارين كانوا أيضاً يطرحون صفقة ملكية خاصة أو تفكيك الشركة. قد تكون أمام جميع شركات التوصيل فرص لصفقات تعزز عروضها في التوصيل السريع للبقالة، أو الدخول في قطاع جديد تماماً، مثل توصيل الأدوية.

كذلك يمكن للمستثمرين الذين يراقبون تصدعات الاقتصاد الاستهلاكي أن يفعلوا ما هو أسوأ من مجرد مشاهدة تقلّص الطلب على خدمات التوصيل.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

فى هذا المقال