رفعت السعودية مستهدفها للاكتفاء الذاتي من الدواجن إلى 80% بحلول عام 2030، من المستوى الحالي البالغ 65%، وفقاً لمسؤولين قابلتهم "الشرق" على هامش "معرض الشرق الأوسط للدواجن" المقام في العاصمة السعودية الرياض.
تأتي هذه الخطوات في ظل ارتفاع أسعار الدواجن عالمياً متأثرة بالحرب في أوكرانيا، التي تعد سادس أكبر مُصدّر في العالم للدواجن. وشهدت أسعار الدجاج من البرازيل، أكبر مصدّر للدجاج في العالم، ارتفاعات وصلت إلى 10% خلال الأسابيع الأخيرة على بعض الأصناف.
ضغوط الأسعار
شهدت الأشهر الماضية قفزات قياسية في أسعار المواد الغذائية، زادت حدّتها مع الأزمة الأوكرانية، مما فاقم من الضغوط على أسعار الغذاء حول العالم. وسجلت أسعار المستهلكين "التضخم" في السعودية ارتفاعاً خلال فبراير الماضي، مسجلةً أعلى مستوياتها منذ يوليو 2021.
يقول عبد الله أبو حيمد، الرئيس التنفيذي لشركة "دواجن الوطنية": "ارتفاع أسعار المواد أثّر على العالم أجمع، وعلينا أيضاً بالطبع"، مضيفاً أنَّ الشركة تحاول السيطرة على ذلك من خلال خفض التكاليف، والدعم الحكومي، ورفع الأسعار. لكنَّه يعتقد أنَّ أسعار منتجات الدواجن مازالت تُعدُّ بوضعٍ جيد نسبياً، ولا تعكس الارتفاعات الكبيرة في أسعار المواد، "لاسيما أنَّ تربية الدواجن تعتمد بنحو 75% على الذرة والصويا، وهي سلع زاد سعرها بمعدل الضعف في الفترة الأخيرة".
الأمن الغذائي
هذه الزيادة في الإنتاج، وفقاً لنائب وزير الزراعة السعودي منصور المشيطي، في لقاء مع "الشرق"، تأتي ضمن خطط المملكة لتعزيز الأمن الغذائي، وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص لدعم النمو المستهدف.
تُعدُّ السعودية الأولى عربياً في إنتاج الدواجن، إذ يصل إنتاجها الحالي إلى 1.3 مليار دجاجة، و5.4 مليار بيضة سنوياً. واحتلت البلاد المرتبة الثامنة عالمياً في وفرة الغذاء خلال عام 2020، بعد أن كانت في المرتبة 46 في 2019، كما جاء ضمن تصريح سابق من المؤسسة العامة السعودية للحبوب.
عن ذلك، أضاف المشيطي: "أقر مجلس الوزراء استراتيجية الأمن الغذائي التي طبّقت في عامي 2018 و2019، وخلال الجائحة في عامي 2020 و2021، لمس الجميع الوفرة الغذائية".
الدعم الحكومي
السعودية تُعتَبَر من أكثر دول العالم استهلاكاً للحوم الدواجن، إذ يصل إجمالي حجم الاستهلاك في المملكة من لحم الدجاج إلى نحو 1.38 مليون طن سنوياً، في حين يصل حجم استهلاك بيض المائدة فيها إلى 350 مليون طن سنوياً.
تسعى البلاد لدعم القطاع محلّياً، وتخفيف الاعتماد على الواردات لسد الطلب الكبير، وذلك من خلال توفير الدعم لمشاريع القطاع الخاص. إذ تقدّم الحكومة تمويلاً يصل إلى 70% من رأس المال في المشاريع ذات التقنية الحديثة في قطاع الدواجن، كما تقدّم تسهيلات في منح الأراضي للمشاريع. وأعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة في عام 2021 أنَّ مبالغ الدعم لقطاع الدواجن بلغت نحو 665 مليون ريال.
سد الطلب المتنامي
برغم ذلك؛ تسعى السعودية لزيادة إنتاجها المحلي من الدواجن لمواكبة الطلب المتنامي، وبحسب ابراهيم قاسم، مدير عام الإدارة العامة لخدمات الثروة الحيوانية؛ فإنَّ معدل الاستهلاك للفرد الواحد بالسعودية يبلغ 44 كيلو غراماً سنوياً، "وسيصل هذا الاستهلاك إلى 50 كيلوغراماً سنوياً في 2030"، وستحتاج هذه الزيادة في الاستهلاك، إلى دعم من الإنتاج المحلي لمواكبة الطلب من المستهلكين. وأضاف قاسم أنَّ عدد مشاريع القطاع العاملة في السعودية الآن يتجاوز 760 مشروعاً.
قطاع جاذب للاستثمارات
شهد العام الماضي توقيع شركة "برازيل فودز" (BRF)، وهي أكبر مصدّر للدواجن في العالم، مذكرة تفاهم مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي، بحسب "بلومبرغ". ووفقاً للاتفاقية؛ سيجري إنشاء مشروع لإدارة وتشغيل سلسلة دواجن متكاملة في السعودية، بقيمة استثمار تصل إلى 350 مليون دولار. وكانت عملاقة إنتاج اللحوم العالمية أعلنت نيتها إنشاء مصنع في جدّة باستثمار نحو 120 مليون دولار، وبطاقة إنتاجية تبلغ 50 ألف طن سنوياً.
كذلك أعلنت شركة "المراعي" السعودية، في مايو من العام الماضي عن ضخِّ استثمارات تصل قيمتها إلى 6.6 مليارات ريال للتوسع في قطاع الدواجن، ونيتها مضاعفة إنتاجها من الدواجن في غضون خمس سنوات، مما سيسهم في خفض فاتورة الاستيراد الغذائي للمملكة.
عبد الله أبو حيمد، الرئيس التنفيذي لشركة "دواجن الوطنية" أفصح لـ"الشرق" أنَّ شركته تنتج حالياً ما يزيد عن 300 مليون دجاجة سنوياً، مضيفاً: "نحن نهدف لنصل إلى إنتاج مليون ونصف دجاجة يومياً". مضيفاً أنَّ الشركة تعمل في إطار استراتيجية السعودية لتوفير اكتفاء ذاتي، "بما يزيد عن 80% خلال الأعوام القادمة".
يُذكر أنَّه في عام 2020، بلغ إجمالي التراخيص الجديدة في قطاع الدواجن بالسعودية 222 ترخيصاً استثمارياً.