شركة طيران هندية ناشئة تستخدم الأسهم لإغراء الموظفين

فيناي دوبي، الرئيس التنفيذي لشركة "أكاسا" الهندية الناشئة - المصدر: بلومبرغ
فيناي دوبي، الرئيس التنفيذي لشركة "أكاسا" الهندية الناشئة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تعتزم "أكاسا" (Akasa)، وهي شركة طيران هندية تأسست حديثاً بدعم من الملياردير راكيش جونجهونوالا، تقديم خيارات الأسهم لاجتذاب الموظفين، وذلك بالاستعانة بعملية إغراء غالباً ما تقدمها الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا لإيجاد موطئ قدم في إحدى أكثر أسواق السفر الجوي تنافسية في العالم.

تتبنى الناقلة الجوية، التي تستعد للتحليق في أواخر مايو، نهجاً غير معتاد في منح أسهم الشركة إلى مجموعة أكبر من الموظفين الأفضل أداءً، بدلاً من مجموعة مختارة من كبار المسؤولين التنفيذيين، وذلك وسط معاناة قطاع الطيران حول العالم من نقص المواهب. حيث كان الوباء سبباً في تسريح شركات الطيران لآلاف العاملين، فضلاً عن مغادرة العديد من الطيارين إما بسبب التقاعد المبكر أو تغيير الوظائف.

قال الرئيس التنفيذي للشركة فيناي دوبي في مقابلة: "أردنا الحصول على منظمة متماسكة للغاية في القيم، مع التنوع في الخبرات والأجناس والمواقع داخل الهند". وتابع: "شعرنا بالحزن لمحنة الموظفين خلال الوباء، وبعض حالات الإفلاس التي شهدها قطاع الطيران الهندي، وأردنا أن ننشئ لهم وطناً يشعرون فيه بالسعادة".

أضاف دوبي أن المستوى الذي وصلت إليه "أكاسا" في التخطيط لمنح خيارات الأسهم للموظفين سيكون "أكبر بكثير من معظم شركات الطيران الهندية، ونأمل أن تُذكرنا ربما ببعض الشركات التقنية الناشئة التي تتعمق نسبياً في الطريقة التي تقدم بها خطط ملكية الأسهم للموظفين".

استراتيجية جديدة على القطاع

مع ذلك، ليس هناك اقتراح بشأن خيارات الأسهم التي ستُقدم لأفراد الطاقم الجوي أو الطيارين العاديين.

مما لا شك فيه أن وضع شعور الموظفين بالارتياح كأولوية مباشرة يعد استراتيجية مثيرة للاهتمام في السوق التي كانت تلاحق العملاء على مر التاريخ من خلال تقديم أسعار مغرية للغاية.

لطالما كانت أسعار تذاكر الطيران ذات الأسعار المنخفضة سمة مميزة في السوق الهندية، التي لديها مجموعة من شركات الطيران منخفضة التكلفة والتي تستهدف الأعداد الضخمة من المسافرين جواً في البلاد.

أفاد دوبي، الذي يعد أيضاً مؤسس شركة "أكاسا" ومديرها التنفيذي، أن "أكاسا" حازت على دعم بعض الخبراء في قطاع الطيران أثناء توظيف نحو 50 موظفاً لأداء المهام المكتبية، كما أنها توظف الآن الطيارين ومضيفي طيران وموظفي المطارات.

تشير صفحة الوظائف على الموقع الإلكتروني لشركة "أكاسا"، المزينة بهوية العلامة التجارية لشركة الطيران البرتقالية والأرجوانية مع شعار "إنها سماؤك" (It’s Your Sky)، إلى توقف تلقي طلبات التوظيف الجديدة مؤقتاً بعد تلقي "عدد غير مسبوق" من الاستفسارات.

خسائر الوباء

أوضح دوبي، الذي يقول إن 95% من الموظفين ينادونه باسمه الأول: "إنه أمر ممتع وهائل، لكن يتخلله القليل من الحزن أيضاً لأني لا أريد أن يكون الكثيرون إما عاطلين عن العمل أو غير سعداء". تابع: "إذا لم نعامل موظفينا جيداً ولم نعتنِ بهم، فمن الصعب جداً عليهم الاعتناء بالعملاء، وهذا ما نريد منهم فعله".

مع ذلك، فإن خدمة العملاء وحدها لن تخفف الآلام التي سببها كوفيد. ومن المتوقع أن تواجه الخطوط الجوية في الهند خسائر بقيمة 8 مليارات دولار بسبب الوباء، وحتى قبل أن يقضي الفيروس على السفر الجوي، كان المشهد مشحوناً بالإخفاقات.

لم يتمكن الأثرياء السابقون، مثل بارون المشروبات الكحولية فيجاي ماليا، الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية "كينغ فيشر" (Kingfisher Airlines) ووكيل السفر الذي تحول إلى رائد أعمال ناريش غويال، وهو مؤسس "جت إيرويز إنديا" (Jet Airways India)، من اختراق السوق. وكلاهما يخاطر ببدء أعمال تجارية رخيصة في اللحظة الأخيرة لزيادة عدد عروضهم المميزة.

طيران مُتعثر في آسيا

في عام 2012، أوقفت شركة "كينغ فيشر" أعمالها بعد الإخفاق في تصفية مستحقاتها للبنوك والموظفين والمؤجرين والمطارات، بينما كان لدى شركة "جت إيرويز" مُلاك جدد بعد إجراءات تسوية حالة الإعسار التي تراقبها المحكمة.

حتى أولئك الذين ما زالوا يعملون في القطاع يستشعرون صعوبة الأمر. فقد كادت شركة "سبايس جيت" (SpiceJet) أن تنهار قبل أن يعود مؤسسوها للسيطرة عليها وإعادة إحيائها في عام 2015.

بينما نجت شركة "إير إنديا" (Air India) بفضل أموال دافعي الضرائب البالغة مليارات الدولارات قبل أن تبيعها الحكومة لشركة "تاتا سونز" (Tata Sons). كما أن المشاريع المحلية التابعة لشركة الخطوط الجوية السنغافورية (Singapore Airlines) وشركة رجل الأعمال الماليزي توني فرنانديز "طيران آسيا" (AirAsia)- كلاهما تعاون مع "تاتا سونز"- لم يجنوا أموالاً من أعمالهم قط.

وبالإضافة إلى الضرائب المرتفعة على وقود الطائرات، يعاني القطاع من حروب الأسعار الوحشية التي لا تترك الناقلات الجوية أي مجال لتغطية تكاليف "المرض المزمن"، حسبما قال رونوجوي دوتا، الرئيس التنفيذي لشركة "إنديغو" (IndiGo) مؤخراً.

كذلك، قال روبرت مان، رئيس شركة استشارات الطيران "آر دبليو مان" (R.W. Mann & Co.) ومقرها نيويورك، إن "الشركات الناشئة في القطاع أمامها طريق صعب للغاية".

وأضاف أن التحديات التي تواجه شركات الطيران الناشئة مثل "أكاسا" تشمل توافر رأس المال الكافي والحاجة إلى تحفيز شهية المسافر بأسعار رخيصة عند الإطلاق، الأمر الذي يولد سمعة طيبة تؤدي بدورها إلى تدفق نقدي إيجابي ومن ثم تحقيق الأرباح في نهاية المطاف.

تفاؤل وثقة

يشعر دوبي بالتفاؤل تجاه إمكانية نجاح شركته حيث فشل الآخرون، وذلك بدعم من التمويل الآمن والبنية منخفضة التكلفة. وأضاف: "ما يمنحنا الثقة هو الطريقة التي اشترينا بها طائراتنا، وعقدنا لصفقات طويلة الأجل لصيانة المحركات، والطريقة التي بدأنا بها استئجار طائراتنا أيضاً". كما أن فريق القيادة الذي جذبته أكاسا "يركز بشكل كبير على مئات العناصر التي تشكل هيكل تكاليف شركة الطيران".

في الواقع، يتمتع الفريق المؤسس لشركة "أكاسا" بتاريخ طويل في إدارة شركات الطيران. حيث يعد دوبي أحد المخضرمين السابقين في شركة "دلتا إيرلاينز" (Delta Air Lines)، فضلاً عن أنه كان يدير شركة "جت إيروايز" حتى أعلنت إخفاقها التام في عام 2019. كما أنه تولى لفترة وجيزة قيادة شركة "جو ايرلاينز إنديا" (Go Airlines India) ذات الأسعار الزهيدة التابعة لشركة "واديا غروب" (Wadia Group)، ووضع الأساس لميزانية الناقل الجوي لتقديم طلب اكتتاب عام أولي لأسهم الشركة.

في الوقت نفسه، تعد "أكاسا"، التي تديرها شركة "إس إن في أفييشن" (SNV Aviation Pvt.)، مدعومة أيضاً من رجل الأعمال الهندي أديتيا غوش، الذي قاد شركة "إنديغو" لنحو عقد من الزمان. كما أنه قاد الشركة الناشئة التي لم تكن معروفة سابقاً لتحتل مركز الصدارة في البلاد، وتستحوذ في النهاية على أكثر من 50% من السوق.

في عهد غوش، سجلت "إنديغو" طلبيات شراء قياسية للطائرات تصل قيمتها إلى عشرات المليارات من الدولارات، ولاقت إقبالاً كبيراً أثناء اكتتابها العام الأولي. بالإضافة إلى أنها عززت مكانتها لتصبح أكبر شركة طيران اقتصادية من حيث القيمة السوقية في آسيا، مقارنة بكل من "طيران آسيا" و"سبرينغ إيرلاينز" (Spring Airlines).

تكاليف أقل

تخطط "أكاسا" لاتباع خطة مماثلة من أجل النمو بوتيرة سريعة، فهي ستضيف 18 طائرة خلال العام المالي المنتهي في مارس 2023، وأتى أول تسليم طلبية في نوفمبر، لتشمل 72 طائرة من طراز "بوينغ 737 ماكس"، بسعر أساسي بلغ 9 مليارات دولار.

وربما كانت صفقة شراء طائرات "بوينغ 737 ماكس"، التي حُظرت عالمياً بعد حوادث مميتة في إندونيسيا وإثيوبيا، سبباً في حصول "أكاسا" على خصومات أكبر من المعتاد، خاصة أنها كانت واحدة من أوائل عملاء طائرات "ماكس" الجدد بعد إعادة اعتمادها.

كذلك من الممكن أن تستغل "أكاسا" الوباء أيضاً لتعديل عقود طائراتها ومحركاتها، الأمر الذي من شأنه أن يساعدها على تسجيل تكاليف أقل في الأعوام الأولى، بحسب كابيل كاول، الرئيس التنفيذي لمركز كابا للطيران (CAPA Centre for Aviation)، ومقره سيدني، في جنوب آسيا.

الذي أشار أيضاً إلى أن "أكاسا" في طريقها نحو تسجيل رأس مال جيد مع إمكانية جمع 500 مليون دولار من خلال بيع طائراتها وإعادة تأجيرها على مدى خمسة أعوام.

جدير بالذكر أن جونجهونوالا ضخ استثمارات بقيمة 35 مليون دولار في البداية في شركة الطيران الهندية.

كذلك، قال الرئيس التنفيذي دوبي إن الشركة ستبدأ التحليق على الصعيد الدولي بحلول صيف عام 2023 مع بدء تشغيل 20 طائرة، وهو الحد الأدنى المطلوب من الأسطول اللازم لخدمة المسارات الخارجية وفقاً للوائح المحلية في الهند. وستقدم "أكاسا" خيارات السفر إلى الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا ونيبال وبنغلاديش وسريلانكا، وكل هذه الأماكن ستستطيع طائرة "737 ماكس" الوصول إليها.

يقول دوبي إن "أكاسا" تخطط أيضاً لخفض قوائم الانتظار في المطارات وتقليل الوقت الذي يقضيه المسافرون في انتظار الصعود للطائرة باستخدام التكنولوجيا، لكنه لم يخض في تفاصيل الأمر.

أفاد دوبي أخيراً: "بالتطلع إلى العشرين عاماً القادمة، فإن قطاع الطيران الهندي سيستمر في النمو بوتيرة سريعة". وتابع: "الهند بلد كبير جغرافياً والطيران يقع تحت ضغط هائل، ما زال هناك ناس كثر لم يسافروا بالطائرات مقارنة بمعظم الاقتصادات الغربية. مع الأخذ بكل ما قيل وتم فعله، نحن متفائلون للغاية بشأن المستقبل بنسبة 100%.. "أكاسا" ستكون مربحة".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك