أعلنت شركة "مايكروسوفت" الأسبوع الماضي بأنها تتّخذ خطوات حيال فضيحة سوء سلوك جنسي طال أمدها تحيط بالشركة ومؤسسها بالشراكة بيل غيتس. ثم وافقت هذا الأسبوع على شراء شركة لنشر ألعاب الفيديو متورطة بأزمة تحرش جنسي وتمييز.
سيمنح شراء شركة "أكتيفيجن بليزارد" (Activision Blizzard) مقابل 68.7 مليار دولار "مايكروسوفت" بعضاً من أهم ألعاب الفيديو على أجهزة اللعب والهواتف الذكية، كما سيُوفّر لها موطئ قدم في مرحلة تالية محتملة من الحوسبة، ألا وهي "ميتافيرس". لكن ينبغي أن تتعامل "مايكروسوفت" أولاً مع الادعاءات بأن "أكتيفيجن" تدفع أجوراً زهيدة للنساء وبأنها سمحت بمرور التمييز على أساس الجنس والتحرش دون عقاب. قد يؤدي إهمال ذلك لتصوير "مايكروسوفت" كبيئة لا ترحب بالنساء والأشخاص من المجموعات ضعيفة التمثيل ومكاناً أقل جاذبية للعمل.
"مايكروسوفت" تستحوذ على صانعة الألعاب "أكتيفيجن بليزارد" في صفقة بقيمة 69 مليار دولار
قالت ناتاشا لامب، الشريك الإداري في شركة "أرجونا كابيتال" (Arjuna Capital) التي لعبت دوراً أساسياً في تأمين موافقة "مايكروسوفت" الأسبوع الماضي وبالتعاقد مع مكتب محاماة مستقل للتحقيق في الثقافة والادعاءات بأن غيتس تصرف بشكل غير لائق تجاه بعض الموظفات: "من الواضح أن (أكتيفيجن) أساءت التعامل مع مزاعم التحرش الجنسي، ويبدو أنها طوّرت ثقافة يهيمن عليها الذكور وسجلاً بحماية المتحرشين... "كذلك من الواضح أن (مايكروسوفت) ليست محصنة ضد هذه المشاكل وسيكون لديها الكثير من القضايا للتعامل معها".
تحقيق "مايكروسوفت"
وافق مساهمو "مايكروسوفت" على قرار غير ملزم في نوفمبر لمراجعة سياسات التحرش الجنسي رغم معارضة الشركة. ستدرس شركة المحاماة المخاوف التي أثارها الموظفون في سلسلة رسائل مطولة عبر البريد الإلكتروني في 2019 والإجراءات التي اتخذتها "مايكروسوفت" لمعالجتها. كما ستقارن الشركة بين طريقة تعامل الشركة مع ادعاءات سوء السلوك وكتيب القواعد الخاص بها وبين تلك الخاصة بنظيراتها.
تخطط لامب للحصول على تأكيدات من "مايكروسوفت" بأن "أكتيفيجن" ستحصل على نفس المعاملة بمجرد إتمام الصفقة، حيث قالت: "تعمل (مايكروسوفت) على الأقل من أجل معالجة قضاياها، وربما يمكنها فعل ذلك أيضاً في (أكتيفيجن)".
طلاق بيل غيتس يزعزع صورته المهندَسة بدقة في أسبوعين
أصبحت "أكتيفيجن" في ورطة منذ يوليو، حين رفعت وكالة في ولاية كاليفورنيا دعوى تحيز جنسي ضد الشركة التي يقع مقرّها في سانتا مونيكا في الولاية. وصفت الشكوى بتفاصيل جريئة "ثقافة الفتى الفاسق" واتهمت قيادة الشركة بالإخفاق في اتخاذ أي إجراء، كما أطلق المنظمون الأمريكيون تحقيقاً في وقت لاحق. فضلاً عن ذلك، تعرّض بوبي كوتيك، الذي قاد "أكتيفيجن" لمدة ثلاثة عقود، لضغوط للاستقالة بعد تقرير صاعق في صحيفة وول ستريت جورنال الخريف الماضي ربطه شخصياً بتقارير عن إساءة معاملة النساء، وأشار إلى أنه كان على علم منذ سنوات بسوء السلوك الجنسي في الشركة، بما في ذلك الاغتصاب، إلا أنه لم يُبلّغ مجلس الإدارة. اعتذر كوتيك وتعهّد بإجراء تغييرات.
النأي بالنفس
نأت "مايكروسوفت" بنفسها عن الرجال المتورطين، حيث قال شخص مطّلع أن غيتس قطع العلاقات سابقاً مع الإدارة، وسيفقد كوتيك لقب الرئيس التنفيذي بعد اكتمال الصفقة في 2023 وقد يغادر الشركة.
قيّمت "مايكروسوفت" خطط "أكتيفيجن" لمعالجة قضايا التحرش كجزء من محادثات الاستحواذ، كما قال فيل سبنسر، رئيس ألعاب "مايكروسوفت"، في مقابلة: "نحن نخوض رحلتنا الخاصة هنا، ونطرح السؤال: كيف يمكننا مشاركة معارفنا مع الفرق الأخرى ومساعدة الصناعة على مواصلة هذه الرحلة التي نحتاج أن نخوضها جميعاً؟"
"مايكروسوفت" تقوم بأكبر استحواذ نقدي في زمن الوباء
تعليقاً على الموضوع، قالت إليزابيث تيبت، الأستاذة المساعدة في كلية الحقوق بجامعة أوريغون، التي درست التكنولوجيا والتدريب على مواجهة التحرش، أنه من المرجح أن تكون الصفقة محبطة لبعض النساء في "مايكروسوفت" و"أكتيفيجن" وفي جميع أنحاء صناعة التقنية. رأت تيبت أن "مايكروسوفت" استفادت بطريقة ما من فضيحة "أكتيفيجن"، التي ألحقت خسائر فادحة بسعر أسهم الشركة وجعلت عملية الاستحواذ عليها في متناول اليد.
تساءلت تيبت: "ما هي الرسالة التي يرسلها هذا إلى النساء العاملات في (مايكروسوفت)، هل هي أننا لا نكترث بشراء شركة ملوثة، حيث سنشتريها لأنها معروضة للبيع؟"
تقليل من شأن المرأة
قالت جينا درينتن، التي تدرس الثقافة الرقمية وسلوك المستهلك كأستاذة مشاركة للتسويق في جامعة لويولا في شيكاغو، إن هيمنة الذكور تتغلغل في منتجات الشركتين، مضيفة أن سلسلة الألعاب الخاصة بشركة "مايكروسوفت"، وهي "هالو" (Halo)، و"إلدر سكرولز" (Elder Scrolls)، و"فول أوت" (Fallout)، وكذلك ألعاب "أكتيفيجن"، وهي "كول أوف ديوتي" (Call of Duty)، و"أوفرووتش" (Overwatch)، و"ورلد أوف ووركرافت" (World of Warcraft) تدور بشكل كبير حول أبطال ذكور أقوياء ونساء يرتدين ملابس ضيقة. قالت درينتن: "كلتا المجموعتين من الألعاب لديهما تاريخ عميق من التحرش والجنس القائم على النوع الاجتماعي في اللعب الفعلي".
إنفوغراف.. 175 مليار دولار إيرادات الألعاب.. 57% منها عن طريق الهواتف
كذلك قالت ميا كونسالفو، الأستاذة ورئيسة الأبحاث الكندية في دراسات الألعاب والتصميم في جامعة كونكورديا في مونتريال، إن النتيجة هي أن النساء والأشخاص الملونين ينجذبون بشكل متزايد إلى استوديوهات أصغر تعكس قيمهم. قالت "أكتيفيجن" إنها فصلت أكثر من 20 موظفاً نتيجة لتحقيقاتها، ولكن عليها القيام بالكثير لإقناع الأشخاص من المجموعات الممثلة تمثيلاً ناقصاً بأنها مكان آمن للعمل، برأي كونسالفو، التي قالت: "لا شيء يتغير حقيقة... حيث إن قلة من الناس يأتون ويذهبون، إلا أن الثقافة تبقى كما هي".