يرتبط مصير اثنين من قادة كبرى الشركات البريطانية بإعادة هيكلة جريئة تسعى من خلالها "غلاكسو سميث كلين" لإتمام أكبر عملية تخارج من الأصول في الوقت الذي تسعى فيه "يونيليفر" لإتمام أكبر عملية استحواذ على الإطلاق في قطاع المنتجات الاستهلاكية.
طالع المزيد: "يونيليفر" تدرس زيادة قيمة عرض استحواذها على وحدة تابعة لـ"غلاكسو"
الرهانات كبيرة لكل من الرئيسين التنفيذيين إيما والمسلي لشركة "غلاكسو" وآلان غوب لشركة "يونيليفر" بنفس قدر الشركتين. حيث يواجه المحاربان القديمان بشركتيهما انتقادات من مستثمرين غير راضين عن محفظة الاستثمارات القديمة وبطء إتمام الصفقات وانخفاض أسعار الأسهم مقارنة بالمنافسين.
الصفقة المحتملة
ستغير الصفقة المحتملة التي تقدر قيمتها بـ50 مليار جنيه إسترليني (68 مليار دولار) مسار الشركتين وتعزز موقف قادة الشركتين. لكن "يونيليفر" وجدت نفسها في موقف دفاعي بعد بدء محادثات لشراء وحدة "غلاكسو" التابعة للصحة الاستهلاكية مع عودة ظهور "فايزر" التي تملك بالفعل حصة في الشركة. لكن المحللين والمستثمرين طالبوا غوب بعدم المزايدة على شراء تلك الأصول التي تضم معجون الأسنان "سنسوداين" ومسكنات الألم "أدفيل" بين منتجاتها بعد رفض 3 عروض سابقة من الشركة لشرائها.
اقرأ المزيد: "غلاكسو" ترفض عرضاً بـ68 مليار دولار من "يونيليفر" لشراء وحدة تابعة
يقول معارضو الصفقة إن تقديم عرض مقبول يحتاج لرفع السعر بشكل كبير قد يتطلب زيادة 10 مليارات دولار إلى جانب حاجة غوب لإجراء إعادة هيكلة قد تحتاج لتغييرات جذرية حتى يمكن أن تتكيف "يونيليفر" مع الأصول الجديدة. ويبقى السؤال الذي يطرحه منتقدو الصفقة بشأن عدم وجود تكامل بين أعمال "يونيليفر" والعلامات التجارية الجديدة.
صفقات صغيرة
لم ينجح غوب في تقديم نفسه للمستثمرين كقائد قادر على صنع صفقات خلال السنوات الثلاث التي قضاها في قيادة الشركة، حيث أشرف فقط على صفقات صغيرة نسبياً. وذلك بالمقارنة مع مارك شنايدر الذي يقود "نستله" المنافس الدائم لشركة "يونيليفر" والذي نجح في القيام ببعض عمليات الشراء والتخارج ما دفع المساهمين لتأييد جهوده.
في المقابل، يواجه غوب البالغ من العمر 57 عاماً انتقادات بسبب البطء الشديد وانشغاله الدائم بالاستدامة، رغم حرصه على إبرام صفقات أكبر وأكثر جرأة لشركة "يونيليفر" بعد جمع مقراتها الرئيسية في لندن عام 2020.
طالع أيضاً: الرئيسة التنفيذية لـ"غلاكسو" في مواجهة صندوق "وول ستريت" الأكثر رعباً
نمو بطئ
ظهر هدف غوب بوضوح عندما سعى لشرح منطقه الاستراتيجي خلال مكالمة يوم الاثنين. حيث أشار إلى أن الصفقة تمثل أكثر من مجرد توسع بالنسبة لشركة "يونيليفر" بينما ركز الرئيس التنفيذي على لفت الانتباه إلى ما أسماه "دوران المحفظة" بإضافة أصول جديدة إلى الأصول بطيئة النمو مثل الآيس كريم أو المايونيز بأصول تحقق هامش ربحية أعلى ومنتجات تحقق نمواً أسرع مثل المسكنات ومكملات اللياقة البدنية. غوب قال في مكالمة هاتفية: "لا تخلط بين هذا النشاط والعقلية الدفاعية".
لم يتفاعل المستثمرون مع تصريحات غوب؛ حيث انخفضت أسهم "يونيليفر" في لندن 8.5% ليضاف لتراجعات السهم التي دفعته ليصبح واحداً من بين أسوأ 10 أسهم مدرجة في "يورونكست100" على مدار الستة أشهر الماضية. ويتم تداول أسهم "يونيليفر" عند أدنى مستوى منذ 2017 عندما رفض الرئيس التنفيذي السابق بول بولمان عرض استحواذ بقيمة 143 مليار دولار من شركة "كرافت هاينز".
دفعت تلك التراجعات تيري سميث أحد أكبر 15 مساهماً في "يونيليفر" بإرسال خطاب علني للشركة الأسبوع الماضي قال فيه، إن الشركة "فقدت المهارة" وأصبحت مهووسة بتطبيق معايير الاستدامة على حساب التركيز على الأعمال التجارية.
معارضة في العلن
أصبحت المعارضة في العلن موضوعاً مألوفاً بالنسبة لوالمسلي عقب تعرضها لضغوط العام الماضي منذ كشف المستثمر الناشط صندوق "إليوت إنفستمنت مانجمنت" عن حصة في الشركة تقدر بمليارات الدولارات ومطالبته بالتغيير. وزادت وتيرة الانتقادات للدرجة التي أشار فيها "إليوت" إلى اعتقاده أن والمسلي ليست بالضرورة القائد المناسب للمضي قدماً في قيادة الأعمال بعد بيع وحدة منتجات المستهلك وهو الخيار الذي يفضله مجلس إدارة "غلاكسو" و"إليوت" كذلك وليس فصل الأعمال.
علامات تجارية منافسة
تعد وحدة الأعمال الاستهلاكية التابعة لشركة "غلاكسو" أحد أكبر مزودي الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية في العالم، وقد حققت مبيعات سنوية تجاوزت 10 مليارات جنيه إسترليني العام الماضي.
تخلت شركات صناعة الأدوية مثل "نوفارتس" عن وحداتها التابعة في مجال صحة المستهلك للتركيز على الأدوية ذات الهامش الأعلى. في المقابل، ضاعفت شركات أخرى مثل "باير" واستحوذت على علامات تجارية منافسة.
رفضت شركة الأدوية البريطانية التعليق على رفضها عرض "يونيليفر" خلال عطلة نهاية الأسبوع.
سواء أكانت والمسلي البالغة من العمر 52 عاماً سوف تشرف على جزء من الشركة بعد فصل الأعمال أو الشركة بالكامل في حالة التخارج، فقد استفادت "غلاكسو" من اهتمام "يونيليفر " واحتمال تقديمها لعرض أعلى ما أدى لارتفاع السهم 7.8% في أكبر ارتفاع منذ إعلان "إليوت" عن امتلاكها حصة في الشركة في أبريل.
قال دنكان ماكينيس مدير الاستثمار في "روفر انفستمنت": "تحتفظ غلاكسو حالياً بكافة بطاقات اللعبة ولا يبدو موقف يونيليفر التفاوضي قوياً في ظل معاناتهم مؤخراً".
لكن غوب قال إن لديه خيارات أخرى غير شراء أصول "غلاكسو" في الصفقة التي قد تحدث تغييراً جوهرياً في الشركتين. وأضاف غوب، أنه وبعيداً عن الصفقة، تدرس "يونيليفر" بيع بعض شركات الأغذية ذات احتمال النمو الأقل رغم عدم وجود خطط فورية للتخلص من الأعمال المرتبطة بالطعام والمرطبات بالكامل.
ضغط المستثمرين
يمثل بيع وحدة الأعمال الاستهلاكية التابعة لشركة "غلاكسو" خطوة مهمة بالنسبة لوالمسلي لتهدئة الضغوط التي يمارسها عليها "إليوت" وصندوق "بلوبيل كابيتال بارتنرز" وهو صندوق ناشط آخر يطالب أيضاً بالتغيير. حيث تخلفت "غلاكسو" عن تطوير أدوية مبتكرة كمنافسيها مثل "استرازينيكا" وتخلفت عن سباق لقاحات كوفيد19 رغم كونها أكبر صانع لقاحات في العالم.
رغم إعلان "يونيليفر" اهتمامها بالاستحواذ لكنها قد تكون أحد المهتمين حيث تتوقع "غلاكسو" زيادة مبيعات شركتها التابعة 4% ليصل إلى 6% في المدى المتوسط بمعدل نمو يفوق قسم العناية الشخصية في "يونيليفر". وقد تعزز تلك المعدلات من اهتمام شركات الأسهم الخاصة.
قالت مصادر مطلعة على المفاوضات وقتها، إن مستشاري شركة الأدوية قد أبدوا اهتماماً غير رسمي نهاية العام الماضي بعمليات الشركة في ظل السعي لإدراج أسهمها. وقالوا إن من بين الراغبين في تقييم الشركة: "أدفنت انترناشيونال" و"سي في سي كابيتال بارتنرز" و"كيه كيه أر أند كو".
قال كيتان باتيل مدير صندوق ومستثمر في "غلاكسو" عن طريق "إدين تري انفستمنت مانجمينت": "المشكلة لطيفة بالنسبة للرئيس التنفيذي" عندما يقول إن عرض "يونيليفر" منخفض للغاية، وإنه يفضل فصل أعمال الوحدة التابعة فمن الجيد أن يكون لدى والمسلي "متنافسون على أصول غلاكسو ولديهم خيار آخر هو الاستمرار في المسار المعلن بفصل الأعمال".