صفقة "سامسونغ" في تكساس.. أكثر من مجرد رقائق رائعة

قبعة رعاة البقر فوق محطة ألعاب خلال DreamHack في مركز مؤتمرات كاي بيلي هاتشيسون في دالاس، تكساس. - المصدر: بلومبرغ
قبعة رعاة البقر فوق محطة ألعاب خلال DreamHack في مركز مؤتمرات كاي بيلي هاتشيسون في دالاس، تكساس. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

يستحق أعضاء جماعات الضغط في شركة "سامسونغ إلكترونيكس" احتساء أرقى أنواع الشمبانيا بعد حصولهم على صفقة رائعة.

فازت مدينة تايلور بولاية تكساس بحق استضافة أحدث مصنع لأشباه الموصلات تابع للشركة الكورية الجنوبية العملاقة، وفقاً لإعلان الشركة يوم الثلاثاء بالتوقيت المحلي. وتنافست مواقع في مدينة فينيكس وشمال نيويورك كذلك لاستضافة المصنع الجديد، بعدما احتفلت فينكس مؤخراً بانتصارها الاقتصادي على ولاية أوريغون باستضافة المصنع الأمريكي الجديد التابع لـ "تايوان لصناعة أشباه الموصلات". كما كان شمال نيويورك موطناً للعديد من مصانع الرقائق بما في ذلك تلك التي تديرها "غلوبال فاونديريز"، مما يعني أن المنطقة نالت حظها أيضاً.

بموجب الخطة، ستنفق "سامسونغ" 17 مليار دولار على المرافق والمعدات لتوفير أكثر من 2000 وظيفة جديدة عالية التقنية مع بدء الإنتاج بحلول نهاية العام 2024. تم الإعلان عن الخبر في مؤتمر صحفي بولاية تكساس ضم الحاكم غريغ أبوت، والسيناتور جون كورنين، وكينام كيم، نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "سامسونغ".

ما يجعل هذا الأمر نتيجة عظيمة بالنسبة لـ"سامسونغ" هو أن توسعها في تلك المنطقة كان مُرجّحاً في كل الحالات. ولكن من خلال الضغط على مناطق مختلفة للحصول على حوافز مثل الإعفاءات الضريبية والإعانات، تمكّنت "سامسونغ" من اختبار الوضع لمعرفة مدى حماس الحكومات الأخرى. هذه هي الطريقة التي تعمل بها مصالح الشركات منذ عقود، وفي هذه الحالة عملت الشركة وفقاً لهذا النظام بشكل مثالي.

مع ذلك، لا ينظر التاريخ بلطف إلى مثل تلك المزادات التنافسية، وغالباً ما تتعارض الحكومات المحلية مع بعضها بعضاً لتجد فقط أن المبالغ التي تلتزم بها لا تُترجم إلى منافع اقتصادية مزعومة. يعد توّسع "فوكسكون تكنولوجي غروب" في ولاية ويسكونسن المثل الأكثر شهرة، حيث قدّمت الولاية الواقعة في الوسط الغربي حوافز قياسية قيمتها 2.9 مليار دولار. لكن المصنع التايواني الذي يقوم بالتوريد للعملاء العالميين من أمثال "أبل" انتهى إلى التقصير كثيراً في تحقيق الأهداف التي التزم بها واضطر إلى تقليص خططه بشكل كبير.

تقوم شركة "سامسونغ أوستن سيمي كونداكتور" (Samsung Austin Semiconductor) بإنتاج الرقائق في المنطقة لربع قرن، واشترت العام الماضي 258 فداناً إضافياً من الأراضي بالقرب من مقرها الحالي، وفقاً لصحيفة "أوستن بيزنس جورنال" في شهر ديسمبر. قال المسؤولون التنفيذيون حينها إنه لم يكن هناك توّسع وشيك وأتاحت عملية الشراء لها المرونة الكافية مستقبلاً.

لكنك لا تقوم بشراء قطعة أرض ضخمة من أجل المرونة، إلا إذا كنت تعتزم استخدامها، كما أن "سامسونغ" شركة مُصنّعة للإكترونيات وليست مضاربة عقارية.

في النهاية، استقرت الشركة على موقع على بعد 15 ميلاً شمال شرق موقعها الحالي، وحصلت على التزامات من الحكومة المحلية لمقاطعة ويليامسون متعلقة ببناء حوالي 10 أميال من الطرق الجديدة وإعداد الأرض استعداداً لوصول "سامسونغ".

حصلت الشركة على كل ما طلبته تقريباً. قالت صحيفة "كوميونيتي إمباكت نيوزبيبر" إنها رفضت حوافز قيمتها 650 مليون دولار، وكان من الممكن أن تكون أكبر بعشر مرات من الحزمة التي حصلت عليها في العام 2006 لمصنع الرقائق الحالي. بدلاً من ذلك، سعت "سامسونغ" إلى استرداد 100% من ضرائب الممتلكات لمدة 20 عاماً، وحصلت على 90% للسنوات العشر الأولى و 85% للعقد اللاحق، بالإضافة إلى كل تلك الطرق الجديدة.

الأمر الهام هو أن الشركة تمكّنت حقيقة من التحايل على السقف المفروض، ونسبته 50%، على مثل هذه التعويضات لتوسيع الأعمال. بدلاً من ذلك، كتبت صحيفة "كوميونيتي إمباكت نيوزبيبر" في شهر يناير إن "سامسونغ" تمكّنت على ما يبدو من إقناع المسؤولين المحليين بأن خططها تمثل إما إعادة توطين أو أنها ذات أهمية عالية بما يكفي لتبرير استثنائها من القاعدة.

اقتنعت مقاطعة ويليامسون بأنها فكرة جيدة أو على الأقل أرادت أن يصدق ذلك البقية منا. ولدعم قرارهم الخاص بتقديم مثل هذه المزايا، يؤكد المسؤولون المحليون أن شركة "سامسونغ" أحدثت "تأثيراً اقتصادياً قيمته 4.5 مليار دولار" في وسط تكساس خلال العام 2019 وحده، حيث "دعمت" 10000 وظيفة ودفعت رواتب بـ 445 مليون دولار. بعبارة أخرى، كان تأثير "سامسونغ" الاقتصادي بواقع 450 ألف دولار لكل عامل. ليس من المفترض أن يشكك دافعو الضرائب في هذه الأرقام.

رغم أنه من المنطقي أن تتوسع "سامسونغ" في تكساس، إلا أن هناك أيضاً أسباباً جيدة لعدم القيام بذلك. كان الانقطاع الهائل للتيار الكهربائي في شهر فبراير، والذي أدى إلى إغلاق مصانعها، بمثابة ضربة كبيرة للإنتاج، بل وساعد في تفاقم النقص العالمي في الرقائق. من المفارقة أن تتوسع الشركة في الولايات المتحدة لتخفيف اضطرابات سلسلة التوريد في الوقت الذي نتجت فيه أكبر مشكلة لدى "سامسونغ" العام الماضي عن ضعف البنية التحتية الأمريكية.

ربما لم تكن ولاية نيويورك هي الخيار الأفضل ولكن السياسيون هناك لا يريدون التخلّي عن فكرة أن المنطقة يمكن أن تكون لاعباً. في غضون ذلك، نمت ولاية أريزونا بهدوء إلى أن تصبح وادي سيليكون حقيقي بسبب تفوّق تصنيع الرقائق لديها على كاليفورنيا. ومع مصنع "تي إس إم سي" الجديد ومرافق شركة "إنتل" الرئيسية، فإن تلك الولاية لديها بالفعل موردون في المكان المناسب.

أياً كان الموقع الذي اختارته "سامسونغ"، فلقد كانت في وضع لم تكن خاسرة فيه بفضل السياسات الاقتصادية التي تدفع الحكومات للتنافس مع بعضها بعضاً. الآن تحصل تكساس على مصنع الرقائق الذي كان من المحتمل أن تحصل عليه في كل الأحوال ويتلقى أعضاء جماعات الضغط التهاني على العمل الجيد الذي تم إنجازه.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة