لم تمتلك الشركات الأوروبية قط نقدية كتلك التي لديها الآن في البنوك، ما يعزز ثقة المستثمرين بأن سوق ديون الشركات يمكنها أن تصمد في وجه أي أيام صعبة قد يأتي بها انتشار سلالات كوفيد-19 أو تقليص محفزات البنك المركزي.
أنهت ودائع الشركات من خارج قطاع المال في منطقة اليورو يوليو عند مستوى قياسي بلغ 3.2 تريليون يورو (3.8 تريليون دولار)، وفقا لبيانات البنك المركزي الأوروبي، وهو ما يزيد بحوالي 600 مليار يورو عن المبلغ الذي كان مودعاً لدى البنوك في بداية وباء فيروس كورونا العام الماضي.
يُعد الحجم الكبير للنقدية سبباً رئيسياً للهدوء الذي تشهده أسواق الائتمان ذات التصنيف الائتماني الاستثماري، رغم ترقب المتداولين بشكل متزايد لعلامات تدل على أن صانعي السياسة في البنك المركزي الأوروبي، الذين سيجتمعون الخميس، سيبدؤون بتخفيف تدابير التحفيز.
يكمن السبب في أن الأرصدة النقدية الكبيرة يمكنها أن تساعد الشركات على تحمل الخلجات الدورية كتلك التي حصلت حين أصيبت أسواق الائتمان بالشلل في 2020، كما أنها توفر تأمينا ضد الاقتراض المفرط، وتستمر فروق العائد بالاستقرار قرب 84 نقطة أساس، مثلما كانت منذ منتصف أبريل، وفقا لمؤشرات بلومبرغ.
كلي مفيد وجزئي متين
قال فيليب بوركهارت، محلل الدخل الثابت ومدير المحفظة لدى "لومبارد أوديه انفستمنت مانجرز" (Lombard Odier Investment Managers) التي تشرف على زهاء 70 مليار فرنك سويسري (76.5 مليار دولار) من الأصول، إن الشركات "يمكن أن تنفق بقوة أكبر لكن في الوقت الحالي تفضل أن تكون متحفظة... تعكس فوارق العائد هذه البيئة: خلفية الاقتصاد الكلي مفيدة والجانب الجزئي متين".
يتمتع مشترو سندات الشركات في الوقت ذاته بسيولة وفيرة أيضاً، بعد ارتفاع التدفقات إلى الصناديق التي تستثمر في سندات ذات تصنيف استثماري في الأسابيع الماضية.
تجاوزت أموال مستثمري التجزئة المتدفقة إلى الصناديق الواقعة في أوروبا التي تستثمر بالأصول عالية التصنيف الائتماني 50 مليار دولار حتى الآن هذا العام، وفقاً لبيانات "إي بي إف أر غلوبال" (EPFR Global) التي جمعها استراتيجيو "بنك أوف أمريكا". أظهرت أحدث بيانات الأسبوع الماضي "تدفقات قوية" إلى صناديق الائتمان ذات التصنيف الاستثماري، ما يعود لزيادة عدم اليقين بشأن سلالة دلتا المتحولة، حسبما كتب الاستراتيجيون بقيادة يوانيس أنجلاكيس في مذكرة للعملاء.
كانت هناك لحظات أخيراً حاولت خلالها فروق العائد التحرك في نطاق أوسع، لكن لم يستغرق الأمر طويلاً حتى بادر مديرو الائتمان بتشغيل النقدية التي لديهم
معاكساً للبداهة
قال توم مولدز، وهو مدير محفظة في "بلوباي أسيت مانجمنت" (BlueBay Asset Management) التي تشرف على أكثر من 75 مليار دولار من الأصول: "كانت هناك لحظات أخيراً حاولت خلالها فروق العائد التحرك في نطاق أوسع، لكن لم يستغرق الأمر طويلاً حتى بادر مديرو الائتمان بتشغيل النقدية التي لديهم، وهي نقدية وفيرة بالفعل… قد يبدو الأمر معاكساً للبداهة ومحيراً لكن السوق لا تزال مدعومة".
لكن ما تزال المخاطر قائمة، ومن بينها السحب الذي يلوح في الأفق لمحفزات البنك المركزي. يزداد التركيز على اجتماع البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الجاري مع ارتفاع التضخم وأقوال صانعي السياسة بأن ارتفاع الأسعار قد يؤدي لتقليص التحفيز. مع ذلك، يتطلب تحريك السوق شيئاً كبيراً.
شرح مولدز من "بلوباي": "من الصعب أن يشعر المرء بقلق شديد خلال الأشهر القليلة المقبلة... هناك كثير من العوامل التي يمكن أن تثير اضطراباً في سوق الائتمان، لكن احتمالية حدوثها منخفضة نسبيا".