أبلغت الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي أنها ستخاطر بعرقلة محاولات إصلاح واحدة من ركائز التعاون التجاري متعدد الأطراف، إذا أقدم الاتحاد على إعادة فتح قضية في منظمة التجارة العالمية ضد واشنطن بشأن نزاع الصلب والألمنيوم في عصر ترمب.
أخبرت الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي، نظراءها في مجموعة الدول السبع الشهر الماضي أنه إذا قدم الاتحاد الأوروبي الشكوى، فإن ذلك سيكون له عواقب على جهود إصلاح وإحياء نظام تسوية المنازعات التابع لمنظمة التجارة العالمية، وفقاً لما ذكره دبلوماسيون ومسؤولون أوروبيون على دراية بالمناقشة.
أضافوا أن الولايات المتحدة ستُقيّم تعاونها مع الاتحاد الأوروبي بشأن إصلاح منظمة التجارة العالمية بناءً على إجراءات التكتل.
تشهد هيئة الاستئناف -المنتدى الأبرز لتسوية الخلافات التجارية العالمية- حالياً تعثراً بسبب المناورات الأميركية. لطالما كانت استعادة نظام تسوية المنازعات كامل الأهلية أولوية رئيسية لدى الأوروبيين.
تخاطر تعليقات تاي بتعزيز الشكوك في أوروبا بأن العلاقات التجارية عبر الأطلسي لم تتحسن منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه.
أشعل ترمب حرباً تجارية مع أوروبا عندما تولى منصبه، مما أدى إلى فرض رسوم جمركية على مليارات الدولارات من الصادرات، لكن بايدن اختار منذ ذلك الحين عدم إلغاء بعض إجراءات ترمب القسرية، مما أثار غضب حلفائه الأوروبيين.
رفض متحدثون باسم مكتب الممثل التجاري الأميركي والمفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي، التعليق.
هدنة مؤقتة للصراع التجاري
كان الهدف من تعليقات "تاي" تقديم المشورة للاتحاد الأوروبي بشأن تداعيات استئناف شكوى منظمة التجارة العالمية مع الدوائر الانتخابية الأميركية، وليس المقصود منها التهديد بالإجراء الذي سيتخذه الممثل التجاري الأميركي، وفقاً لمسؤولي إدارة "بايدن" المطلعين على المحادثة.
بدأ الصراع التجاري عندما فرض ترمب رسوماً على الصلب والألمنيوم الأوروبيين، بحجة مخاوف تتعلق بالأمن القومي، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى الرد بإجراءات تقييدية خاصة به. وانضمت الكتلة إلى قضية منظمة التجارة العالمية ضد الولايات المتحدة في عام 2018، ثم توصل الاتحاد الأوروبي إلى هدنة مؤقتة مع إدارة "بايدن" في عام 2021.
كجزء من تلك الهدنة، ألغت الولايات المتحدة إجراءاتها بشكل جزئي، وقدمت مجموعة من حصص التعريفات الجمركية التي يتم بعدها تطبيق الرسوم على المعادن. من ناحية أخرى، جمّد الاتحاد الأوروبي كافة إجراءاته التقييدية. وقد أدى ذلك إلى خلق وضع غير متوازن، وفقاً للاتحاد، حيث دفع المصدرون في التكتل أكثر من 350 مليون دولار سنوياً كرسوم جمركية.
إصلاح منظمة التجارة العالمية
قال الدبلوماسيون الأوروبيون، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، إن تصريحات "تاي" لم تفاجئ الأوروبيين لأن الولايات المتحدة، من وجهة نظرهم، لم تظهر استعدادها للتحلي بالمرونة بشأن إصلاح منظمة التجارة العالمية.
جرت المناقشة قبل أسابيع من الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في أبوظبي، حيث كانت استعادة هيئة الاستئناف إحدى القضايا الرئيسية على جدول الأعمال. وخلال الاجتماع، التزم الأعضاء بوجود "نظام كامل وفعال لتسوية المنازعات ومتاح لجميع الأعضاء بحلول عام 2024"، وأصدروا تعليمات للمسؤولين بتسريع العمل بشأن القضايا التي لم يتم حلها، بما في ذلك مستوى الاستئناف.
أبلغت المفوضية الدول الأعضاء في أواخر العام الماضي أنها تدرس إعادة فتح قضية ضد الولايات المتحدة في منظمة التجارة العالمية، لكن هذه الفكرة كانت تفتقر إلى دعم واسع بين الدول الأعضاء، حسبما ذكرت "بلومبرغ" في ذلك الوقت. وكانوا حذرين من إثارة نزاع جديد مع واشنطن في ظل السياق الجيوسياسي الحالي.