هجمات جماعة الحوثي على السفن التجارية تسببت في تحويلات كبيرة لمسار ناقلات الخام العالمية

هجمات البحر الأحمر تبرز أزمة نقص ناقلات النفط

أحد أفراد الطاقم يستخدم منظاراً على جسر ناقلة النفط "ديفون" في أثناء استعدادها لنقل النفط الخام من محطة النفط في جزيرة خرج إلى الهند، في الخليج العربي، إيران، يوم الجمعة، 23 مارس 2018 - المصدر: بلومبرغ
أحد أفراد الطاقم يستخدم منظاراً على جسر ناقلة النفط "ديفون" في أثناء استعدادها لنقل النفط الخام من محطة النفط في جزيرة خرج إلى الهند، في الخليج العربي، إيران، يوم الجمعة، 23 مارس 2018 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

عادت التحذيرات التي أطلقت منذ فترة طويلة من قبل قطاع تصنيع ناقلات النفط والمرتبطة بقلة بناء السفن، لتطارد السوق بعد هجمات جماعة الحوثي على السفن التجارية، ما تسبب بتشتت واسع النطاق في تجارة النفط العالمية.

من المقرر أن تنضم ناقلتان عملاقتان فقط إلى السوق في 2024، وهو أقل عدد من منذ نحو أربعة عقود، وأقل بنحو 90% من المتوسط السنوي لهذه الألفية. ولكن بعد أن شرع مالكو السفن على نحو متزايد في الابتعاد عن جنوب البحر الأحمر، بدأ تأثير نقص الناقلات الجديدة بالظهور، إذ ارتفعت الأسعار بشدة، كما أن مدة الرحلة آخذة في الارتفاع.

تجنب البحر الأحمر

ظلت الأسعار تحت السيطرة العام الماضي مع خفض منظمة "أوبك" وحلفائها إنتاج النفط. وفي الوقت نفسه، فإن التحول الأوسع في مجال الطاقة يعني التخلص من الوقود الأحفوري، مما يجعل توقعات الصناعة قاتمة على المدى الطويل. لكن زيادة وتيرة تجنب جنوب البحر الأحمر، تطيل من مدة الرحلات التجارية، التي زادت بالفعل بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا.

قال ألكسندر سافريس، الرئيس التنفيذي لشركة "يوروناف"، أحد أكبر مالكي ومشغلي الناقلات في مكالمة هاتفية بخصوص الأرباح هذا الشهر، إن "تأثير عمليات التحول يمكن رؤيته بشكل يومي على الشحن بشكل عام، وشحن النفط الخام وناقلات المنتجات على وجه التحديد". وإلى جانب عدد قليل من عمليات التسليم الجديدة وأسطول آخذ في التقادم، فإن التوقعات بالنسبة للناقلات "إيجابية للغاية".

اقرأ أيضاً: رؤساء شركات الشحن يحذرون من استمرار تدهور الوضع في البحر الأحمر

وفي حين بدأت السفن التجارية الأخرى، وخاصة سفن الحاويات، في تجنب البحر الأحمر بشكل سريع بعد بدء الهجمات في نوفمبر، كانت ناقلات النفط والوقود أبطأ في الابتعاد عن ذلك المسار الحيوي.

لكن كل ذلك تغير الشهر الماضي، بعد أن قصفت القوات الأميركية والبريطانية اليمن في محاولة لوضع حد لهذه الهجمات. ومع ذلك، فإن التدخل العسكري لم يوقف جماعة الحوثي، بل أدى بدلاً من ذلك إلى ابتعاد العديد من كبار مالكي الناقلات في العالم عن هذا المسار.

قال إنريكو باجليا، مدير الأبحاث في شركة "بانشيرو كوستا" (Banchero Costa) لخدمات الشحن: "ثمة شح في سوق الناقلات، خاصة ناقلات النفط الخام"، مضيفاً أنه "سيكون الوضع أكثر شحاً في المستقبل".

فترات ازدهار وكساد

يأتي النقص في الناقلات مع تراجع كفاءة الأسطول العالمي. ومع إبحار العديد من السفن حول جنوب أفريقيا بدلاً من البحر الأحمر وقناة السويس، فإن أسطول الظل المزدهر يعني أن العديد من السفن متاحة فقط لعملاء محددين.

يمر الشحن عادةً بفترات ازدهار وكساد. ففي 2020، عندما كان تجار النفط يخزنونه في البحر على أي سفينة يمكنهم العثور عليها، ارتفع متوسط العوائد إلى نحو 100 ألف دولار في اليوم، قبل أن تؤدي تخفيضات الإنتاج اللاحقة من "أوبك" وحلفائها إلى انخفاضها لأدنى مستوى في عدة سنوات.

اقرأ أيضاً: أزمة البحر الأحمر تجبر 100 ناقلة نفط على الالتفاف حول أفريقيا

ولكن الآن، هناك العديد من القوى التي تدفع لانتعاش سوق الشحن، إذ أصبحت شحنات النفط بشكل عام تقطع مسافات أطول، منذ إعادة توزيع تدفقات الخام العالمية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. وباتت الشحنات إلى أوروبا، التي كانت تستغرق بضعة أيام عبر بحر البلطيق، تستغرق الآن أسابيع للوصول إلى أجزاء أخرى من العالم، كما تزيد اضطرابات البحر الأحمر من مدد الإبحار تلك.

طلبيات شحيحة

ارتفع معدل الاستعانة بالسفن، وهو مقياس لمدى استخدام أسطول الناقلات في أي وقت، بنحو 5% منذ أن بدأت في تجنب الممر المائي، وفقاً لفوتيوس كاتسولاس، كبير محللي الشحن بالناقلات في "إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس" (S&P Global Commodity Insights). وقال إن "الوضع في البحر الأحمر يغيّر أساسيات السوق، ويعمل لصالح مشغلي السفن. المعنويات أفضل بكثير الآن".

ويعتبر سجل طلبيات الناقلات منخفض تاريخياً. فبعد الناقلتين العملاقتين اللتين انضمتا إلى الأسطول هذا العام، سيكون هناك 5 فقط في 2025، بحسب بيانات "بانشيرو كوستا". وذلك بالمقارنة مع 42 سفينة في 2022.

اقرأ أيضاً: أزمة البحر الأحمر تبدأ في التأثير على الأسعار في أوروبا

ورغم الزيادة الأخيرة في الطلب على الناقلات، فإن الأمر سيستغرق سنوات حتى تبدأ العمل، إذ تمتلئ أحواض بناء السفن حالياً بسفن الحاويات التي طُلبت في أثناء الجائحة، بالإضافة إلى طلبيات ناقلات الغاز الطبيعي المسال.

ومع ذلك، فثمة أسباب تدعو إلى الحذر. فـ"أوبك+" تستمر بتقليص الإنتاج من أجل دعم أسعار النفط، مما يقلّص حجم الخام المنقول بحراً، وهو أقل من المستوى الذي كان عليه قبل عام. ويمكن لأسعار الشحن المرتفعة أن تصحح نفسها بشكل طبيعي من خلال جعل إبحار النفط لمسافات أطول مكلفاً للغاية، مما يقلص في النهاية الطلب على الناقلات. كما أن المالكين ينتهزون الفرص، وسيحاولون أحياناً التحول إلى طلبيات لبناء السفن الجديدة الأكثر ربحية.

المحللون متفائلون

لكن محللي الأسهم متفائلون في الغالب بشأن مالكي الناقلات. فلدى "فورتلاين" (Frontline)، أكبر مالك لناقلات النفط في العالم، 12 توصية شراء من 16 شركة تغطيها. ولدى شركة "إنترناشيونال سيوايز" (International Seaways)، إحدى الشركات العشر الأوائل، 11 توصية شراء من 11 محللاً.

وقال باجليا من "بانشيرو كوستا": "بالنظر إلى سجل الطلبيات المحدود، والأسطول الذي يتقادم سريعاً، وكمية الحمولة التي تجاوزت بالفعل الحد الأقصى وتأثير القواعد البيئية في هذا القطاع، فإن وضع السوق الجيد لمالكي الناقلات سيستمر في المستقبل المنظور".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك