من المقرر أن يرفع الاتحاد الأوروبي قضيتين ضد الصين لدى منظمة التجارة العالمية اليوم الأربعاء بعد أن فشلت محادثات التسوية في تحقيق نتائج مع أكبر شريك تجاري له.
صرّح فالديس دومبروفسكيس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية المسؤول عن التجارة أنَّ القضيتين تتعلقان بالقيود الصينية على الصادرات من ليتوانيا وممارسات بكين القسرية لعرقلة أصحاب براءات الاختراع من ممارسة حقوقهم لحماية ابتكاراتهم أمام القضاء. وقال إنَّ القضيتين تنطويان على "أهمية منهجية".
كان مسؤول التجارة بالاتحاد الأوروبي قد صرّح لـ"بلومبرغ نيوز" خلال مقابلة الثلاثاء، بالقول: "كنا نفضل بالمقام الأول، إيجاد حلول تفاوضية من خلال المشاورات، واستثمرنا الكثير من الوقت في تلك المداولات لتجنّب المزيد من التصعيد. لكن هذه المناقشات لم تحقق لنا النتائج المرجوّة".
يأتي هذا التصعيد في النزاع التجاري مع الصين، في الوقت الذي تعيد فيه دول الاتحاد الأوروبي تقييم علاقتها مع بكين، التي يُنظر إليها بشكل متزايد على أنَّها منافس وخصم في قضايا تتراوح من انفتاح السوق إلى حقوق الإنسان. لكنَّ الاتحاد الأوروبي كان يحاول أيضاً إعادة التعامل سياسياً مع بكين، وكان يأمل من الحكومة الصينية أن تلعب دوراً أكثر فاعلية كوسيط مع روسيا في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا.
إجراءات قسرية
تدهورت العلاقات الثنائية منذ ديسمبر الماضي، بعدما فرضت الصين إجراءات قسرية ضد الصادرات من ليتوانيا ومنتجات الاتحاد الأوروبي الأخرى التي تشمل المكوّنات الليتوانية، بعدما فتحت تايوان مكتباً تجارياً في الدولة الواقعة على بحر البلطيق. كذلك تأثرت شركات من السويد وألمانيا، بحسب ما أفاد أشخاص مطّلعون على الأمر.
نتيجة لذلك، انخفضت الصادرات الليتوانية إلى الصين 80% في الفترة من يناير إلى أكتوبر مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق. ومن المتوقَّع أن تشكّل منظمة التجارة العالمية لجنة لتسوية النزاع في أوائل عام 2023، وقد يستغرق الحكم ما يصل إلى عام ونصف العام.
حظرت الصين الصادرات الليتوانية إما عن طريق منع التخليص الجمركي، أو فرض متطلبات الصحة النباتية على بعض المنتجات، بما في ذلك لحوم الأبقار وبعض المشروبات الكحولية. كما تضررت دول من بينها أستراليا وكندا من ممارسات الصين القسرية.
قال دومبروفسكيس إنَّ المسألة "لا تتعلق بليتوانيا فقط، لأنَّها تؤثر على سلاسل التوريد داخل الاتحاد الأوروبي، ونعتبر هذا النوع من الإجراءات التي تقيّد من خلالها الصين تدفقاتها التجارية مع دولة ما، بمثابة ردّ على تطورات مختلفة. نرى أنَّ هذا النمط يتكرر".
أضاف: "ندرك أنَّ الصين شريك صعب، وأنَّ شركاتنا أيضاً تواجه تحديات مختلفة أثناء ممارسة أعمالها هناك". واعتبر دومبروفسكيس قرار الاتحاد الأوروبي كقضية اختبار لمنظمة التجارة العالمية، نظراً لأنَّ الصين لم تكن "شفافة" بشأن هذا النوع من الإجراءات، إذ إنَّ العديد من القيود لم يتم إضفاء الطابع الرسمي عليها في شكل مكتوب، على الرغم من أنَّ تأثير هذه التدابير "واضح للغاية".
قاتل براءات الاختراع
بالإضافة إلى ذلك، سيصبح الاتحاد الأوروبي أول جهة رسمية تطلب حكماً من منظمة التجارة العالمية بشأن الإجراءات التي تتخذها الصين لمنع الشركات من حماية حقوق براءات الاختراع ذات التقنية العالية.
منذ أغسطس 2020، أصدرت المحاكم الصينية ما يسمى بـ"الأوامر الزجرية ضد الدعاوى" لمنع الشركات من رفع دعوى خارج حدودها لتسوية نزاع تحت التهديد بفرض غرامات تصل إلى 130 ألف يورو (136 ألف دولار) يومياً.
قال دومبروفسكيس: "نرى أنَّ هذه الممارسة تضر بازدهار الابتكار في أوروبا، وتحرم شركات التكنولوجيا الفائقة الأوروبية من ممارسة حقوق براءات الاختراع الخاصة بها وإنفاذها، والتي تمنحها ميزة تكنولوجية".
يعتبر الاتحاد الأوروبي هذه الأوامر الزجرية المضادة للدعاوى جزءاً من جهود الصين لوضع نفسها في مكانة أعلى في السلسلة التكنولوجية لتكون قادرة على بيع المنتجات بأسعار أرخص. وبالإضافة إلى ذلك؛ فهي تحدّ من سلطات الشركات الأوروبية لحماية أنماط وضع المعايير الرئيسية.
التأثير الاقتصادي كبير، حيث لفت دومبروفسكيس إلى أنَّه في مجال الاتصالات اللاسلكية وحده، تمتلك الشركات الأوروبية تراخيص الجيل الثالث والرابع والخامس بقيمة مليارات اليورو، وهي الآن في خطر بسبب قرارات المحاكم الصينية.
يأتي تحرك الاتحاد الأوروبي التجاري ضد الصين في الوقت الذي دخل فيه الاتحاد المراحل النهائية لإنشاء أداة لمكافحة الممارسات القسرية لزيادة ترسانته للرد في مثل هذه الحالات.
قال دومبروفسكيس: "في الإطار القانوني الحالي، نرى أنَّ لجنة منظمة التجارة العالمية هي الطريقة الأكثر فاعلية للمضي قُدُماً"، مضيفاً أنَّ إمكانية تفعيل أداة مكافحة الممارسات القسرية بالتوازي مع ذلك، سيكون لها تأثير واضح عندما توضع حيز التطبيق".