أعلن رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي بثقة أن بلاده مستعدة "لإطعام العالم" بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وبعد أقل من أربعة أشهر من هذا التصريح، تحتاج الحكومة إلى النظر في وارداتها من الحبوب.
وحتى قبل أن يقدم مودي تعهّده، كانت موجة الحر التي حطمت الرقم القياسي والتي بدأت في مارس تهدد إنتاج القمح الهندي. أدى ذلك إلى خفض الإنتاج ورفع الأسعار المحلية، مما جعل الحياة اليومية أكثر تكلفة لمئات الملايين من الهنود الذين يعتمدون على الحبوب في صنع الأطعمة الأساسية، مثل خبز النان والشاباتيس.
المؤشرات التي توضح أن محصول القمح الوفير لن يتحقق، دفعت الحكومة إلى تقييد الصادرات في منتصف مايو. وانخفضت احتياطيات الدولة في أغسطس إلى أدنى مستوى خلال 14 عاماً، وفقاً لمؤسسة "فود كورب" (Food Corp) الهندية، في حين أن تضخم القمح الاستهلاكي يقترب من 12%.
النقص الذي يلوح في الأفق وارتفاع الأسعار يحمل السلطات الآن على أن تستعد للشراء من الخارج. ويدرس المسؤولون الحكوميون ما إذا كان سيتم خفض ضريبة استيراد القمح بـ40% أو إلغاؤها من أجل مساعدة مطاحن الدقيق في بعض المناطق على استيراد الحبوب، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لخصوصية المحادثات. وكانت "رويترز" أول من ذكرت هذا الأمر.
ولم ترد وزارة المالية على رسالة بريد إلكتروني لطلب التعليق، فيما رفض متحدث باسم وزارتي الغذاء والتجارة التعليق.
القمح يواجه المجهول في موسم حصاده بسبب غموض موقف الصادرات
خيار قابل للتطبيق
قال سونال فارما، الخبير الاقتصادي في "نومورا هولدينغز" (Nomura Holdings Inc): "نظراً لأن الكثير من علاوة مخاطر الحرب قد نجمت من أسعار القمح العالمية، يمكن أن تنظر الهند في مسألة زيادة إمداداتها من القمح المحلي من خلال المزيد من الواردات. ومع ذلك، نظراً لأن أسعار القمح المحلية بالجملة أقل من الأسعار العالمية، فإن تخفيض رسوم الاستيراد سيكون ضرورياً أيضاً لجعله خياراً قابلاً للتطبيق".
وارتفع سعر القمح إلى ما يقرب من 14 دولاراً للبوشل في شيكاغو في أوائل مارس الماضي، حيث هدّدت الحرب في أوروبا مصدراً رئيسياً للصادرات العالمية. وفقدت الأسعار حالياً كل هذه المكاسب مع تلاشي مخاوف العرض. وعادت إلى ما دون 8 دولارات، مما يخفف بعض الضغط على الاقتصادات النامية التي تواجه تحديات من أجل إطعام شعوبها.
اكتفاء ذاتي
على الرغم من أن الهند هي ثاني أكبر دولة منتجة للقمح في العالم، إلا أنها لم تكن أبداً مصدّراً رئيسياً. كما أنها لم تستورد الكثير أبداً، حيث بلغت مشترياتها الخارجية حوالي 0.02% من الإنتاج سنوياً. وتمتعت البلاد إلى حد كبير بالاكتفاء الذاتي.
وتتوقع السلطات حالياً أن يصل حصاد موسم 2021-22 إلى حوالي 107 ملايين طن، انخفاضاً من تقدير فبراير البالغ 111 مليوناً. وربما لا يزال هذا أمر يبعث على التفاؤل للغاية حيث يتوقع التجار والمطاحن 98 مليوناً إلى 102 مليون طن.
من المتوقع أن تكون مشتريات الحكومة من القمح لبرنامج المساعدات الغذائية في البلاد، وهو الأكبر في العالم، أقل من نصف المستويات في العام الماضي، وفقاً لوزارة الغذاء. ودفع ذلك السلطات إلى توزيع المزيد من الأرز في بعض الولايات، وكذلك تقييد صادرات دقيق القمح ومنتجات أخرى.
قلة الأمطار في الهند.. تهدد العالم بنقص الأرز
واستقر تضخم القمح الاستهلاكي فوق مستوى 9% على أساس سنوي منذ أبريل، وارتفع إلى 11.7% في يوليو. وأظهرت البيانات الرسمية ارتفاع أسعار الجملة بـ13.6% في يوليو. وهذا يسبب مشكلة بالنسبة إلى البنك المركزي، الذي يحاول إعادة التضخم العام، الذي يقترب حالياً من 7%، إلى ما دون هدفه البالغ 6%.
يعد القمح أكبر محصول شتوي في الهند، حيث يُزرع في أكتوبر ونوفمبر، ويُحصد في مارس وأبريل. وهناك أيضاً مخاوف بشأن إنتاج الأرز، والذي قد يكون التحدي التالي لإمدادات الغذاء العالمية.
قال سمير نارانغ، الخبير الاقتصادي في بنك "آي سي آي سي آي" (ICICI) في مومباي: "يعتبر تضخم الحبوب مصدر قلق على خلفية تراجع بذر محصول الأرز"، مرجّحاً أن يستمر ارتفاع أسعار الحبوب لفترة من الوقت.