في صباح أحد أيام أكتوبر الماضي، وفيما كانت حرائق الغابات تندلع في شمال كاليفورنيا، تعافى الرئيس دونالد ترمب من إصابته بوباء كوفيد-19، وناقش الكونغرس حجم حزمة التحفيز اللازمة لإنقاذ الاقتصاد، في حين ظهر "تشاماث باليهابيتيا" (Chamath Palihapitiya) على شاشة التلفزيون ليتحدَّث للمستثمرين عن أحدث سهم يطرحه للاكتتاب العام.
المسؤول التنفيذي في "فيسبوك" الذي تحوَّل إلى صاحب رأسمال مغامر، شرح خلال إطلالته التلفزيونية، وهو يرتدي نظارات وسترة زرقاء، كيف تستخدم شركة "كلوفر هيلث إنفيستمنتس" (Clover Health Investments) برنامجاً فائقاً لتعليم الأجهزة، من أجل تقديم توصيات علاجية تساعد الأشخاص على البقاء بصحة أفضل. وبكل ثقة، توقع "باليهابيتيا" أن تتضاعف إيرادات شركة التأمين ثلاث مرات في غضون عامين، وأن يرتفع سهمها عشرة أضعاف في غضون عقد من الزمن. نعم، لقد أكَّد على ذلك، وهو كان قد حصل على حصة في "كلوفر" مقابل ترتيبه للطرح الأولي لأسهمها. لكنه أشار إلى أن مصالحه تتماشى مع اهتمامات المستثمرين الآخرين، لأنَّه مع شركائه كانوا قد استثمروا بأنفسهم حوالي 171 مليون دولار في الشركة نفسها. وقال لـ"سكواك بوكس" وهو يلوِّح بيده أثناء مقابلته على قناة "سي إن بي سي": "ما من طريقة للربح بالنسبة لي ما لم يرتفع السهم. هذه ليست خطة للثراء السريع، على الأقل بالنسبة لي".
ما قاله "باليهابيتيا" كان صحيحاً جزئياً، من ناحية أنَّ الشخص الذي يكون بالفعل ثرياً بما يكفي ليملك جزءاً من "غولدن ستايت ووريرز" (Golden State Warriors).
لايمكن أن يكون ممن يبحثون عن "الثراء السريع" بحكم تعريف هذا المصطلح. لكنَّ الطريقة التي تمَّ بها ترتيب طرح الأسهم تجعل خسارته أمراً مستحيلاً. وحتى مع خسارة المستثمرين الذين اشتروا سهم الشركة بعد متابعة مقابلته التلفزيونية لـ28% حسب ما كان عليه السعر في 11 مايو، كان "باليهابيتيا" وشركاؤه يضاعفون أموالهم تقريباً، التي كان جزء كبير منها في البداية على شكل قروض.
براعة مالية
هذا النوع من البراعة المالية جعل من "باليهابيتيا" مليارديراً، ناهيك عن نجاحه على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ لديه 1.5 مليون متابع على "تويتر"، وبرنامج "بودكاست" الأسبوعي الشهير، وجمهور من جيل الألفية، مع المتابعين على "زووم" من الذين يتابعون كل كلمة يقولها.
إنَّه في الرابعة والأربعين من عمره، مغرور، فظ، ويبدو أنَّه من النوع الذي يسعده التحدُّث عن الميزانيات في ظل الضجيج الحالي في سوق الأسهم - إن لم يكن هو من يقف وراءه.
بدلاً من ذلك، يجادل "باليهابيتيا" بأنَّ المستثمرين التقليديين الذين يتداولون على أساس النظر إلى القيمة الدفترية للأسهم، الذين يقولون اليوم، إنَّ بعض الأسهم مبالغ فيها بشكل كبير، هم "بلهاء". ويقول، إنَّ ارتفاع الأسواق مضمون تماماً، طالما أنَّ الاحتياطي الفيدرالي مستمر في طباعة النقود، وأنَّ المستثمرين الأفراد الذين يشترون الأسهم الشعبية يواصلون تفوقهم على "وول ستريت". قد تكون وجهة نظره هذه مشكوكاً في صحتها، لكنَّها من دون شك مسلية للغاية.
في أواخر يناير، عندما حذَّر محللون ماليون ممن يتمتَّعون بالرصانة والحرص في تحليلاتهم، من الهوس الذي أشعله مستخدمو موقع التواصل الاجتماعي "ريديت" (Reddit) تجاه أسهم شركة متاجر ألعاب الفيديو "غايم ستوب" (GameStop Corp)، التي كانت يوماً ما مهددة بالإفلاس. وقالوا، إنَّ هذا الهوس سينتهي بشكل سيىء، أخذ "باليهابيتيا" الجانب الممتع من الرهان. استثمر هو نفسه بأسهم الشركة، ثم انتقد منصة التداول الإلكترونية "روبن هود" (Robinhood) بسبب قرارها وقف التداول مؤقتاً على السهم، الأمر الذي تسبَّب في انخفاض سعره بعد صعود قوي. "تباً لهم.. يجب أن يوضعوا في السجن". هذا ما قاله "باليهابيتيا" في البودكاست الخاص به "أول إن" (All-In)، إذ يتحدَّث هو والعديد من الأصدقاء عن التكنولوجيا والسياسة واستراتيجيات الاستثمار، وهم يستخدمون عبارتهم الشهيرة: "بلل منقارك!"، التي كانت تعني بالعامية ذات يوم "الابتزاز". هذه العبارة، يستخدمها "باليهابيتيا" ولكن بطريقة أخرى تعني: "اكسب الكثير من المال في سوق الأسهم، واشعر بنشوة الربح".
الإفادة من المتابعين
يميل المؤثِّرون على وسائل التواصل الاجتماعي ممن يتمتَّعون بمكانة وكاريزما "باليهابيتيا" إلى الاستفادة من متابعيهم، وتحقيق المكاسب عبر الترويج لنوع من المنتجات القابلة للبيع، مثل الشاي الذي يساعد على التخلُّص من السموم في الجسم، أو مجموعة من السلع المنزلية. وبما أنَّ "باليهابيتيا" لديه شركة استحواذ للأغراض الخاصة؛ وكان استثماره في "كلوفر" واحداً منها، فإنَّه عندما دعا إلى اعتقال كبار التنفيذيين في "روبن هود"، اقترح على متابعيه سحب أموالهم واستثمارها في منافسة"روبن هوود"، وهي شركة "سوشال فاينناس" (Social Finance) المعروفة باسم "سو في" (SoFi)، التي تندمج مع واحدة من الشركات التابعة لشركة الاستحواذ للأغراض الخاصة التابعة له.
فكروا في شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة على أنَّها كومة من المال، ولها رمز سهم على المؤشر. يضع المستثمر 10 دولارات، ويحصل على سهم واحد من الأسهم التي تجري تداولها. ثم يستخدم راعي شركة الاستحواذ للأغراض الخاصة (أو القائم عليها) هذا المال لدمجها مع شركة مثل "كلوفر"، لكنَّه في هذه العملية يسلك طريقاً مختصراً في عملية طرح الأسهم للاكتتاب العام، وتحويل شركة خاصة إلى شركة عامة. فضلاً عن سرعة الإجراءات والطرح، توفِّر هذه الهيكلية ميزتين مهمتين أخريين: الميزة الأولى، هي أنَّ الرعاة يحصلون على 20% من الأسهم لأنفسهم كنوع من الرسوم لقاء الاتعاب، أما الميزة الثانية، فهي أنَّ الشركة حتى لو لم تكن تحقق أرباحاً، يمكنها -وعلى عكس الطرح العام الأولي التقليدي- تقديم توقُّعات طموحة حول كل الأموال التي ستجنيها. هكذا، تصل المفاخرة مع شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة إلى حدها الأقصى.
صفقة "فيرجن غالاكتيك"
برغم أنَّها كانت موجودة منذ عقود، إلا أنَّ شعبية شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة انتشرت في عام 2020، بعد أن شهدت شركة "الشيك عل بياض" الأولى التي أسسها "باليهابيتيا"، وهي شركة "سوشيال كابيتال هيدوسوفيا" التي كان رمزها في البداية (IPOA)، قفزة في سعر سهمها بواقع ثلاث مرات بعد أربعة أشهر من اندماجها مع "فيرجن غالاكتيك"، وهي شركة أسسها "ريتشارد برانسون" وتهدف إلى إرسال سياح إلى الفضاء. أسس "باليهابيتيا" منذ ذلك الحين خمس شركات أخرى للاستحواذ للأغراض الخاصة – أصبحت معروفة برموزها مثل (IPOB) و(IPOC) و(IPOD) وما إلى ذلك – والتي جمعت أكثر من 4 مليارات دولار. ويقول "باليهابيتيا"، إنَّه سيُجري في النهاية 26 صفقة، واحدة لكل حرف من حروف الأبجدية اللاتينية.
على ما يبدو في هذه الأيام، فإنَّ كل رجل ثري، عاطل عن العمل، ويتمتَّع بنوع من الشهرة، أنشأ بالفعل أو يعمل على إنشاء شركة استحواذ للأغراض الخاصة، بهدف تحقيق مكاسب كبيرة من خلال العثور على شركة يشتريها.
موضة العصر
هناك شركات استحواذ للأغراض الخاصة ينصح بها رياضيون متقاعدون، مثل: (أليكس رودريغيز، شاكيل أونيل)، وأخرى ينصح بها سياسيون متقاعدون، مثل: (بول رايان، جون ديلاني)، وهناك واحدة نصح بها صانع فريق الحلم الأولبي الأميركي الأحلام اللاعب المخضرم في الدوري الأمريكي لكرة السلة، ديفيد روبنسون، وكذلك زعيم الأغلبية السابق في مجلس الشيوخ بيل فريست. وقد جمعت حوالي 600 شركة استحواذ للأغراض الخاصة أكثر من 186 مليار دولار منذ بداية العام الماضي. بعض هذه الشركات تضاعف سعر سهمها مرتين أو ثلاث مرات حتى قبل إعلانها عن أي خطط، إذ يتناقل المستثمرون معلومات من قبيل أي شاحنة كهربائية، أو أي سيارة أجرة قادرة على الطيران يمكن لشركة الاستحواذ للأغراض الخاصة أن تشتريها. يقول مارك كوبان، مضيف برنامج "شارك تانك" (Shark Tank)، وهو أيضاً مالك زميل لأحد فرق دوري كرة السلة الأمريكي، إنَّ "باليهابيتيا أنشأ نموذجاً يمكن لجميع مناصري شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة اتباعه. فقد عرف ما الذي يجعله ناجحاً، وخلق قصة يمكن للمستثمرين الجدد أن يفهموها".
يبدو أنَّ غرور "باليهابيتيا" يتزايد بالتزامن مع ازدهار سوق هيكل الاستثمار الجديد الملتهب. في نوفمبر الماضي، اشترى طائرة "بومباردييه غلوبال 7500" بقيمة 75 مليون دولار، وهي الطائرة ذات المدى الأطول بين طائرات رجال الأعمال المتاحة، وفقاً للسجلات العامة. وفي 30 ديسمبر 2020، كتب على تويتر أنَّه عندما يصل سعر "بتكوين" (وهي من ضمن اهتماماته الأخرى) إلى 150 ألف دولار، فإنَّه سيشتري منطقة "هامبتونز" على الساحل الشرقي لـ"لونغ آيلاند"، ويحوِّلها بالكامل إلى مساكن ميسورة التكلفة. ثم في يناير، ألمح إلى أنَّه قد يترشَّح لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا، وبدأ في تمويل حملة لعزل الحاكم الحالي "غافين نيوسوم". وفي فبراير، عندما أشاد أحد الأشخاص على تويتر ببنية "جيف بيزوس" الجسدية، ردّ "باليهابيتيا" بصورة سيلفي من دون قميص، مع عبارة: "على الرحب والسعة".
سلوكيات غريبة
وفيما يتذمر المديرون الماليون المخضرمون من هذه السلوكيات الغريبة، تتلقَّف قاعدة معجبي "باليهابيتيا" كل ما يصدر عنه. يقول "أرناف نايك" (Arnav Naik) البالغ من العمر 17 عاماً من مدينة "تروي" في ولاية ميشيغان، إنَّه دخل مجال شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة بعد أن باتت دراسته الثانوية تتمُّ عن بعد، وتمَّ إلغاء موسم السباحة. وبدأ في متابعة منتدى التداول اليومي المعروف باسم "وول ستريت بيتس" (WallStreetBets) على موقع "ريديت"، كما بدأ في تداول خيارات الأسهم، فقد استثمر حوالي 5000 دولار من مدَّخراته، وحوَّلها إلى 35 ألف دولار في غضون 6 أشهر، من خلال الرهان على شركة استحواذ للأغراض خاصة في مجال الشاحنات الكهربائية، وكذلك أسهم "غايم ستوب".
بعد رؤيته لتغريدة عن "كلوفر" وضعها "باليهابيتيا" على تويتر، ضاعف "نايك" رهاناته، ووضع في يناير كل أمواله تقريباً في عقود خيارات "كلوفر" مراهناً على ارتفاع السهم، وبما يشبه الرهان القائل "كل شيء أو لا شيء". فلو ارتفع سعر السهم إلى 35 دولاراً على سبيل المثال، يكون قد نجح في تحويل مدَّخراته إلى 130 ألف دولار. يقول: "عندما تضع اسماً مثل (تشاماث) هناك، يكون الكثير من الإمكانات للتحليق بسرعة، تماماً كما فعلت (تسلا) مع إيلون ماسك. سوف ينضمُّ إلى عظماء (وول ستريت بيتس)".
في عام 2007، جلس "باليهابيتيا" الذي كان يعمل كصاحب رأسمال مغامر، لإجراء مقابلة مع الفنانة "سيلفي بلوشر" (Sylvie Blocher) الشهيرة بأعمال الفيديو من خلال مشروعها الفني بعنوان "صور حية / رجال من ذهب" (Living Pictures / Men in Gold)، فقد قال لها: "لم أنتقم بعد من أولئك الذين يتداولون بناء على معلومات داخلية. ما زلت أشق طريقي للدخول، وبمجرد وصولي إلى الداخل، سأبذل قصارى جهدي لتفجير النظام بالكامل من الداخل".
من خارج النظام المالي
في السنوات التي تلت ذلك، حتى عندما أصبح شخصاً بارعاً داخل النظام المالي، طوَّر "باليهابيتيا" هذه الصورة بشكل أكبر، فقد قدَّم نفسه على أنَّه شخص من خارج النظام لا يخاف من قول الحقائق مهما كانت قاسية. ويبدو أنَّ لديه أسلوباً خاصاً في تصريحاته. هناك مجموعة من الأشخاص، انضم إليها مؤخراً، ما هي في الواقع إلا مجموعة من المنافقين الجبناء. أما المفاهيم التي ركَّز عليها في هذه التصريحات على مرِّ السنين فكانت: "فيسبوك" - تمزيق النسيج الاجتماعي لكيفية عمل المجتمع؛ أصحاب رأس المال المغامر – أشخاص ليست لديهم إنسانية، ويضخون الأموال في شركات غبية وعديمة الفائدة؛ العمل الخيري: يتمُّ القيام به من أجل "العلامة التجارية"، ومن أجل التحقق من أمر ما؛ السياسيون - كلهم دمى؛ اقتصاد الشركات الناشئة - نوع هائل متعدد الأوجه من سلسلة بونزي؛ إجراءات الطرح العام الأولي التقليدية - قيمة سلبية؛ صناديق التحوط - إنَّهم سيئون؛ البنوك الكبرى لا يوجد شخص ذكي يذهب ويعمل في بنك غولدمان؛ الحكومة - مجرد إثبات كبير للأنا الشخصية؛ الاستشاريون - عديمو الفائدة.
يصنف "باليهابيتيا" في المعارضة، وهو حسب روايته، مهتم بجني الأموال فقط حتى يتمكَّن من إيجادحلول لأكبر مشكلات العالم، مثل تغيُّر المناخ وعدم المساواة. في عام 2017، قال لطلاب إدارة الأعمال بجامعة ستانفورد: "احصلوا على المال، واحصلوا على المال، ثم دعونا نجتمع حول طاولة، ونضع قواعد جديدة. ولا تشغلوا أنفسكم بكل أنواع الهراء الليبرالي، مثل: أوه.. يا إلهي.. المال.. إلخ".
البداية من كندا
رفض "باليهابيتيا" إجراء مقابلة معه، لكنَّ قصته، كما رواها كثيراً، تبدأ من أوتاوا في شقة من غرفتي نوم فوق مغسلة عامة للملابس. هاجرت أسرته إلى كندا من سريلانكا وحصلت هناك على اللجوء. حصل والداه على الرعاية الاجتماعية، فقد كان يعاني من الإدمان على الكحول. في المدرسة الثانوية، عمل "باليهابيتيا" في "برغر كينغ" وأدار لعبة "بلاك جاك" في الكافتيريا مقابل المال. (مايزال يستضيف ألعاب البوكر عالية المخاطر؛ وقال فيل هيلموث محترف البوكر إن باليهابيتيا يفوز عادةً).
وقال في بث في "بودكاست" في ديسمبر، إنَّه توجَّه إلى العمل المصرفي بعد دراسة الهندسة الكهربائية في جامعة واترلو، لكنَّه استقال عندما لم يتلقَ أي علاوة. كان يحلم بوضع اسمه في قائمة فوربس للمليارديرات، وفي أول وظيفة تقنية له، في "إيه أو إل" (AOL)، وفقاً لجوش فيلسر، الذي وظفه، كان يقول، إنَّه يتوقَّع أن يحقق هذا الرقم قبل أن يبلغ الثلاثين من عمره. يقول فيلسر: "لم يكن يعرف إلا القليل عن التكنولوجيا، ومع ذلك، كانت لديه الوقاحة وكان يفاوضك مباشرة في وجهك، وهو ما كنَّا بحاجة إليه". ويضيف أنَّ باليهابيتيا كان يسرق بانتظام مكان وقوف السيارات الخاص به.
انضمَّ باليهابيتيا إلى "فيسبوك" في عام 2007، عندما بدأ الموقع في التوسُّع ليشمل المستخدمين خارج قاعدته من طلاب الجامعات والمدارس الثانوية، وأقنع مارك زوكربيرغ البالغ من العمر 23 عاماً بجعله رئيساً لقسم النمو. بحلول الوقت الذي غادر فيه، أي بعد أربع سنوات، كانت الشركة قد أضافت ما يقرب من مليار مستخدم.
الانطلاق في الاستثمار
كانت خطوته التالية هي استخدام المعارف التي حصل عليها من عمله في "فيسبوك" وكمستثمر، لبدء شركته الاستثمارية الخاصة "سوشيال كابيتال" (Social Capital). وهذا ما فعله لاحقاً مع شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة. قال "باليهابيتيا"، إنَّ صندوقه الاستثماري سيغيِّر العالم، ويحدث نقلة نوعية في الرعاية الصحية والتعليم، ويعطِّل عملية الاستثمار من خلال استخدام البيانات لاختيار الشركات بدلاً من الإحساس الداخلي. هذا ما أطلق عليه اسم "الرأسمالية الناشطة" في مقابلة مع بلومبرغ بيزنس ويك في ذلك الوقت، وأوضح أنَّه اختار المستثمرين الذين شاركوه مهمته، وكان من بينهم زوكربيرغ، وعضو مجلس إدارة "فيسبوك" بيتر ثيل.
قال موظفان سابقان، طلبا عدم الكشف عن هويتهما، لأنَّهما مازالا يعملان في هذه الصناعة، إنَّ مشروع البيانات لم يتجاوز مرحلة الاختبار. ولم تكن أنجح رهاناته ذات تفكير اجتماعي بشكل خاص. دعم باليهابيتيا وشركاؤه "سلاك تكنولوجيز" (Slack Technologies) في وقت مبكر. وقال، إنَّه استثمر في "بتكوين" في عام 2012 (بزيادة 500 ضعف على الأقل منذ ذلك الحين)، وفي "أمازون" في عام 2014 (10 أضعاف)، وفي "تسلا" في عام 2015 (15 ضعفاً). حققت صناديقه عوائد سنوية تبلغ ضعف عوائد "ستاندرد آند بورز 500" قبل الرسوم، وفقاً لرسالة المستثمر الخاصة به في نهاية العام 2019. كان هذا بمثابة توبيخ للنقاد الذين يصوِّرون باليهابيتيا على أنَّه شخص مغرور فارغ. ربما يتحدَّث كثيراً، لكنَّ لديه أرقامَ عائدات تدعمه.
التخلي عن الجميع
مع ازدياد ثراء باليهابيتيا، بدا أنَّه فقد الاهتمام بالعمل اليومي لإدارة شركته الاستثمارية. طلق زوجته التي كانت تشغل منصب مدير العمليات في "سوشيال كابيتال"، ووقع في حب مديرة تنفيذية إيطالية ساحرة تعمل في المجال الدوائي. عندما غادر كبار شركائه. قال، إنَّ الاستثمار ليس رياضة جماعية. وعندما تقاعس المستثمرون، قال، إنَّه لا يحتاج إليهم على أي حال. في سبتمبر 2018 أعلن أنَّه لن يجمع المزيد من الأموال الخارجية، وقال لموقع الأخبار التكنولوجي "ذا إنفورميشن" (The Information): "أفضل قضاء الوقت مع الأشخاص الذين يتماشون 100% مع ما أريد القيام به. والشخص الأكثر توافقاً مع ما أريد القيام به هو أنا". في وقت لاحق قارن قراره بمايكل جوردان بترك كرة السلة لمحاولة لعب البيسبول.
يحب "باليهابيتيا" الآن أن يقول، إنَّ الاضطرابات في "سوشيال كابيتال" جاءت من الاضطرابات في حياته الشخصية، التي تغلَّب عليها بمساعدة معالجين اثنين. قال لبودكاست "ريكورد ديكود" (Recode Decode) في عام 2019: "أدركت كم كنت محطَّماً عاطفياً، وغير قادر حقاً على التواصل مع الناس". مهما كان السبب، فمع تقليص حجم شركته إلى حجم أصغر بكثير، كان لدى "باليهابيتيا" المزيد من الوقت للعمل على شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة. وجمع 690 مليون دولار أمريكي لأوَّل شركة له من هذا النوع في عام 2017. قائلاً، إنَّه يريد شراء شركة تكنولوجيا. وفي عام 2019، مع اقتراب الموعد النهائي للعثور على عملية استحواذ أو إعادة الأموال، قرر دمجها مع شركة "فيرجن غالاكتيك" التابعة لبرانسون.
سياحة الفضاء
كان قطب الموسيقى الذي تحوَّل إلى مؤسس شركة طيران يتحدَّث عن سياحة الفضاء منذ عام 2004. لكن "فيرجن غالاكتيك" عانت من حادثين مميتين، ولم يكن لديها سياح للذهاب إلى الفضاء، وكان ما لديها من سيول لنقدية بالكاد يكفيها لبضعة أشهر. لم يثنِ هذا "باليهابيتيا" عن الترويج لها على أنَّها أمر مؤكَّد. وقال لشبكة "سي إن بي سي"، إنَّ الشركة "أصبحت الآن خالية من المخاطر إلى حدٍّ كبير وجاهزة للتسويق وتحقيق الدخل"، مشيراً إلى أنَّها ستكون مربحة مثل شركة برمجيات. (لم تقم شركة "فيرجن غالاكتيك" بأي رحلة تجارية بعد).
كان بعض المستثمرين متشككين - "هذا ليس أمراً صائباً"، كما قالت صحيفة "وول ستريت جورنال". وكان السهم متقلِّباً، لكنَّه ارتفع بأكثر من 50% في إبريل 2020، عندما جمع "باليهابيتيا" أكثر من مليار دولار لشركتين استحواذ أخريين للأغراض الخاصة. جاء الكثير منها من صناديق التحوُّط الكبيرة، التي ترى أنَّ شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة منخفضة المخاطر، لأنَّه يُسمح للمستثمرين باسترداد أسهمهم مقابل 10 دولارات دفعوها إذا لم تعجبهم الصفقة التي تمَّ الإعلان عنها، ويتمُّ منحهم خيارات أسهم قيمة في كلتا الحالتين. همهم الوحيد هو أنَّ الراعي قد لا يتمكَّن من العثور على شركة لشرائها. لكن ذلك لم يكن مشكلة بالنسبة إلى "باليهابيتيا". في سبتمبر، اندمجت إحدى شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة مع مشروع عقاري عبر الإنترنت، ثم جاء اندماج "كلوفر" بعد شهر.
"كلوفر" وأهداف النمو
وكما هي الحال مع "فيرجن غالاكتيك"، لم تكن "كلوفر" شركة ناشئة. منذ تأسيسها في عام 2012، تمَّ الترويج لها باعتبارها القادم الجديد والكبير في مجال الرعاية الصحية، وهي شركة تأمين تستخدم أحدث التقنيات لخفض التكاليف، وتحسين الرعاية. لكنَّ "كلوفر" استنفذت مئات ملايين الدولارات من رأس المال الذي جمعته من "غوغل"، و"سيكويا" وغيرهما من كبار المستثمرين، من خلال سلسلة من المديرين التنفيذيين، وفقدان أهداف النمو باستمرار. استثمرت "سوشيال كابيتال" 500 ألف دولار في "كلوفر" في عام 2015، لكنَّها انتقلت إلى الاستثمار مؤخراً بسبب أداء الشركة، وفقاً لشريك سابق.
عانت الشركة، وفقاً للمقاييس التي وضعتها الحكومة لتحديد مقدار تعويضات شركات التأمين، وكانت في أدنى 15% من الخطط في نظام تصنيف النجوم في الولايات المتحدة. نتج عن جهدها للتوسُّع خارج نيوجيرسي عدد قليل من العملاء الجدد. في عام 2018، حددت "كلوفر" هدفاً لتأمين حوالي 7500 مريض في جورجيا، وفقاً لموظف سابق، لكنه سجل 63 فقط. وقال متحدِّث، إنَّ "كلوفر" تحتل مرتبة أعلى في مقياسٍ تطوره الحكومة، يأخذ في الاعتبار أنَّ العديد من أعضائها يأتون من الأقليات المحرومة أو الفئات ذات الدخل المنخفض. وأضاف أنَّه من المعتاد أن تفوِّت شركة ناشئة أحياناً أهداف نموها القوية.
شركة خاسرة
بحلول عام 2020، وبعد حوالي عقد من العمل في مجال الأعمال، كان من الممكن وصف "كلوفر" بدقة على أنَّها شركة تأمين صغيرة خاسرة تعمل بشكل حصري تقريباً في نيوجيرسي، وتبيع خطط "ميديكير أدفانتج" (Medicare Advantage) - وهي عبارة عن بديل لبرنامج "ميديكير" التقليدي للمتقاعدين، تديره وتموِّله الحكومة. بعبارة أخرى، لم تكن النظرة مثالية. لكنَّ الشركة طوَّرت أداة برمجية تسمى "كلوفر أسيستانس" (Clover Assistant)، التي قالت، إنَّها كانت تتويجاً لسنوات من البحث. تستخدم الأداة التعلم الآلي لمسح سجلات المرضى، واقتراح الأدوية وتقديم التشخيصات الممكنة، وفقاً لما قاله رئيس "كلوفر" أندرو توي، الذي انضمَّ إليها قادماً من "غوغل" في 2018. ولأنَّ "كلوفر" تعمل مع شبكة واسعة من الأطباء، كما يقول، فإنَّ لديها الإمكانات لتنمو بسرعة مثل شركة برمجيات، وتحسُّن نظام الرعاية الصحية الأمريكي بأكمله. يقول: "نحن نؤمن بالبرمجيات التي تدعم الرعاية الأولية. يمثِّل "غلوفر أسيستانس" أساس شركتنا".
اتفقت "كلوفر" بالفعل مع "جيه بي مورغان تشايس" لمساعدتها على طرحها للاكتتاب العام. ثم قدَّم باليهابيتيا إمكانية الاندماج مع شركة استحواذ للأغراض الخاصة بدلاً من ذلك. أتاحت الصفقة معه للشركة القدرة على التحدُّث بحماس عن آفاق "كلوفر أسيستانس" بدلاً من التركيز على خسائرها، كما كان يتعيَّن عليها القيام به في نشرة الاكتتاب العام. يقول توي: "هناك ديناميكية مختلفة في كيفية الخروج والتحدُّث عن الشركة".
أداة "كلوفر أسيستانس"
كجزء من عرضها، قالت "كلوفر"، إنَّ 61% من أعضائها يزورون طبيباً "تعاقد" لاستخدام "كلوفر أسيستانس"، مما يشير إلى أنَّ الأداة قد تمَّ تبنيها بسرعة. ولكن وفقاً للموظفين السابقين، فإنَّ العديد من الذين سجَّلوا أنفسهم لا يستخدمون الأداة بأنفسهم. تحدَّثت مجلة بيزنس ويك مع أربعة أطباء أو مساعديهم من بين المئات الذين تمَّ وضع علامة عليهم على موقع الشركة على الويب باسم "المفضل لدى كلوفر"، التي تقول، إنَّها تعني أنَّهم "تمَّ تقديرهم لتفانيهم في استخدام أداة "كلوفر أسيستانس". قال واحد فقط، إنَّه استخدمها، مضيفاً أنَّه لم يجدها مفيدة. قال آخر: "سأكون صادقاً، لم أرها من قبل". وقال ثالث: "هذه أول مرة أسمع بها"، فيما قالت مديرة مكتبه، إنَّها كانت تأخذ ملاحظاته حول "كلوفر أسيستانس" في نهاية كل يوم، وترسل نسخة منها بالفاكس إلى "كلوفر".
تقول إميلي إيفانز، العضو المنتدب في "هيدج آي ريسك مانجمانت" (Hedgeye Risk Management )، وهي شركة أبحاث، إنَّ معظم شركات التأمين تقدِّم للأطباء أدوات مماثلة: "هذا النظام البرمجي الذي يطوِّرونه - هم في خط البداية، والجميع في منتصف الطريق خلال الماراثون" كما تقول، مضيفةً أنَّه إذا كان "كلوفر أسيستانس" يعمل بالفعل، فإنَّ الشركة ستنفق أقل على المطالبات. يقول آندي روبنسون، المتحدث باسم "كلوفر"، إنَّ بيانات الشركة تظهر أنَّ أقلية صغيرة فقط من الأطباء يجهلون الأداة. ويقول، إنَّ الأطباء يستخدمونه بانتظام، وعلى سبيل المثال، تمَّ حتى الآن إجراء 28900 تغيير في الوصفات الطبية بناءً على توصياته. ويضيف أنَّ الأطباء الذين يستخدمونه لديهم تكلفة طبية أقل بنسبة 11 نقطة مئوية من أولئك الذين
لا يستخدمونه.
يقول مارك سبيكتر، كبير المسؤولين الطبيين في "كلوفر": "في حين أنَّ بعض أطبائنا قد لا يعرفون "كلوفر أسيستانس" من الاسم، فإنَّ بياناتنا تُظهر بوضوح أنَّهم يتفاعلون مع المنتج بطريقة مفيدة".
شركات واحتيال
في وقت قريب من ظهور باليهابيتيا على شبكة "سي إن بي سي" في أكتوبر 2020، صادف "نايت أندرسون"، مؤسس "هيندنبرغ ريسيرش"، مقالاً في إحدى الصحف حول عمل سابق بدأه الشريك المؤسس لـ"كلوفر". يعدُّ أندرسون متعاملاً على المكشوف، ويراهن ضد الشركات المتداولة، ويحاول إقناع السوق بوجهة نظره. إنَّه عمل لا يحظى بشعبية، خصوصاً وسط سوق صاعدة تاريخية. يلقي تجار "ريديت" والمسؤولون التنفيذيون في الشركات باللوم على البائعين على المكشوف عندما تنخفض الأسهم. استقال أندرو ليفت من شركة "سيترون ريسيرش" (Citron Research)، إحدى أبرز الشركات التابعة لأندرسون، في يناير بعد أن قام مستثمرو "غايم ستوب" الغاضبون من رهانه على الشركة، واخترقوا حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، وأرسلوا نصوصاً بذيئة إلى أطفاله.
يقول أندرسون، إنَّ طفرة شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة أعطت السوق مزيداً من عمليات الاحتيال للكشف عنها أكثر من أيِّ وقت في العقد الماضي. في سبتمبر، كشف عن أنَّ شركة "نيكولا كورب" (Nikola Corp)، وهي شركة شاحنات كهربائية تمَّ طرحها للاكتتاب العام في صفقة استحواذ للأغراض الخاصة لعام 2020، قامت بتزوير تجربة قيادة بالفيديو عن طريق دحرجة إحدى شاحناتها إلى أسفل التل. بعد نشر ذلك، انخفض السهم واستقال المؤسس. يقول: "كانت الإستراتيجية مع رعاة شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة هي أخذ أي شركة عامة تقريباً بغضِّ النظر عمَّا إذا كانت مجرد سلة مهملات".
تحقيق حكومي
في حين كان أندرسون وأحد أعضاء فريقه ينقِّبون في "كلوفر"، اكتشفوا المزيد من الأمور التي تثير القلق. في 4 فبراير، نشر تقريراً ورد فيه: "كلوفر هيلث".. كيف استدرج ملك شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة المستثمرين الأفراد إلى أعمال معطَّلة تواجه تحقيقاً نشطاً، وغير معلن من وزارة العدل". قرر أندرسون عدم بيع أي من أسهم "كلوفر"، لكنَّه قال، إنَّه كان يصدر التقرير لإثبات قيمة البحوث المشككة. ونقل تقريره عن عدة أطباء مجهولين قولهم، إنَّ "كلوفر أسيستانس" كان عديم الفائدة أو مصمماً لزيادة الفواتير. واستشهدت بمقالات إخبارية تظهر أنَّ فيفيك غاريبالي، الشريك المؤسس لـ"كلوفر"، كان يدير أيضاً سلسلة مستشفيات في نيوجيرسي تعرضت لانتقادات بسبب التلاعب في الأسعار. (قالت السلسلة، إنَّها فرضت رسوماً أكبر على شركات التأمين حتى تتمكَّن من تغطية غير المؤمن عليهم).
الأهم من ذلك، أنَّ تقرير أندرسون تضمَّن نسخة من رسالة تلقَّاها بعض موظفي "كلوفر" السابقين من وزارة العدل الأمريكية للحصول على معلومات حول ممارسات البيع لديها. ووصفه هيندنبورغ بأنَّه "خطر وجودي" لشركة تحصل على إيراداتها من الحكومة.
هبوط حاد
انخفض السهم يومها بنسبة 12%، حتى عندما قالت الشركة، إنَّها على علم بالتحقيق الحكومي، ولم تنتهك أي قواعد. وقالت "كلوفر" أيضاً، إنَّ محاميها قرروا أنَّ طلب المعلومات ليس مهماً بما يكفي لذكره، لأنَّ المنظِّمين يدققون دائماً في الخطط الصحية. قالت الشركة، إنَّ "كلوفر أسيستانس" مصمم لتحسين الرعاية، وليس لزيادة الفواتير، وغالباً ما يوصي بالعلاجات التي تكلِّف "كلوفر" أكثر. قال غاريبالي في منشور على موقع ميديوم: "نحن ندفع المزيد من الأموال الآن من أجل تقليل التكاليف، ومعاناة المريض باستمرار".
وقالت كلوفر أيضاً، إنَّ انتقاد سلسلة مستشفيات غاريبالي لم يكن ذا صلة، وإنَّ النقاط الأخرى التي أثارتها هيندنبورغ بشأن ممارسات البيع كانت خاطئة. في اليوم التالي، كتب باليهابيتيا على تويتر: "تقرير الأمس كان مليئاً بالهجمات الشخصية، والحقائق غير الدقيقة، والتضليل الذي ترفضه الشركة". لم يوقف منشوره التراجع. (في رسالة بريد إلكتروني موجهة إلى "بيزنيس ويك"، أضاف باليهابيتيا أنَّ "كلوفر" تنفِّذ مهمتها للاستفادة من تقنيتها القابلة للتطوير لتحقيق نتائج صحية أفضل بتكاليف أقل في سوق سريع النمو. أنا واثق من أعمالها، وأعتقد أنَّ "كلوفر" ستروق للمساهمين على المدى الطويل").
تراجع اهتمام المستثمرين
تحوَّلت طفرة شركة الاستحواذ للأغراض الخاصة إلى انهيار بعد فترة وجيزة من تقرير هيندنبورغ. منذ ذلك الحين، انخفضت أسهم شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة بنسبة 17% كمعدل وسطي اعتباراً من 11 مايو، وفقاً لمؤشر "إيبوكس" لشركات الاستحواذ للأغراض الخاصة (IPOX SPAC). وتراجعت شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة العائدة لباليهابيتيا، التي صعدت بسرعة، بشكل أسرع أيضاً، فقد انخفضت أسهمها بنسبة 50% في المتوسط. وكانت "فيرجن غالاكتيك" الأسوأ في المجموعة، إذ تراجعت بنسبة 68%، لأنَّها أخَّرت رحلة تجريبية مخططة، وباع باليهابيتيا 200 مليون دولار من أسهمها.
مع انخفاض الأسهم، فقد المستثمرون الأفراد أنفسهم الذين دفعوا بها إلى أعلى، الاهتمام. اشترى عملاء "بنك أوف أمريكا ميريل لينش"، على سبيل المثال، ما قيمته مليونا دولار فقط من أسهم شركة الاستحواذ للأغراض الخاصة في الأسبوع الأول من إبريل، بعد وضعهم لحوالي 120 مليون دولار في الأسبوع في يناير. في إبريل، ولأول مرة منذ عام، مرَّ أسبوع كامل دون قيام شركة استحواذ للأغراض الخاصة جديدة بجمع الأموال في الولايات المتحدة.
رهان خاسر
فقد نايك، المراهق المعجب بـ"باليهابيتيا"، كل أمواله تقريباً، ولن يستردها ما لم يتعافَ سهم "كلوفر". لكنَّه لا يلوم باليهابيتيا. يقول نايك: "إنَّه يبذل قصارى جهده. سوف تستمر في النمو. أعتقد حقاً أنَّني سأحصل على عائد كبير". بغضِّ النظر عن النتيجة، فهو يخطط لأن يصبح مصرفياً استثمارياً.
على عكس "نايك"، حصدت صناديق التحوُّط التي استثمرت في شركة الاستحواذ للأغراض الخاصة التي اندمجت مع "كلوفر" الأموال - تُظهر الملفات أنَّ معظمها باع أسهمه، وحقق مكاسب سريعة في وقت قريب من الإعلان عن الصفقة. كان أداء باليهابيتيا وشركائه أفضل، نظراً لأنَّهم قدَّموا لأنفسهم 20.7 مليون سهم مقابل ترتيب الصفقة، فقد تضاعف استثمارهم البالغ 171 مليون دولار تقريباً إلى 320 مليون دولار. بعد أسبوع من تقرير هيندنبورغ، قال باليهابيتيا، إنَّه يتحكَّم في ثروة تتراوح بين 10 و 15 مليار دولار، أي ثلاثة أضعاف ما قاله لمحاور آخر قبل 10 أشهر، وقارن نفسه بوارن بافيت.
غرَّد في 25 مارس قائلاً: "تذكير لنفسي وللآخرين: لو كان الأمر سهلاً لكان الجميع يقومون به. في الواقع، إنَّه أمر صعب، ومعظم الناس يستسلمون. حظاً سعيداً لجميع اللاعبين في هذا المجال. افخروا بالغبار على وجهكم. سنعود إلى الطحن...". في الأسبوع التالي، غادرت طائرة "باليهابيتيا" في رحلة إلى ميلانو، ثم إلى إحدى جزر الكاريبي. عندما عادت، أفادت "بلومبرغ نيوز" أنَّ باليهابيتيا كان يجري محادثات لدمج واحدة من شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة التي كان قد أنشأها في وقت سابق من العام، والمعروفة باسم "أي بي أو أف" (IPOF)، مع "إيكوينوكس هولدينغ" (Equinox Holdings)، سلسلة صالات الألعاب الرياضية الفاخرة.