يُعد الترويج للقاح كوفيد-19 خياراً صعباً للمسوّقين، الذين يديرون أكبر العلامات التجارية في الولايات المتحدة الأمريكية، لأن المضي قدماً في الحصول على الجرعات سيسعد بعض العملاء، لكنه أيضاً سيزعج الآخرين.
كتبت خبيرة التسويق، شيري رودر، في رسالة بالبريد الإلكتروني: "مازالت البلاد تعتبر في مرحلة المراهقة، عندما يتعلق الأمر بالتوقعات حيال تصرف الشركات والعلامات التجارية في القضايا الاجتماعية، أو طريقة معالجتها لها". وتضيف أنه "نظراً للتغيرات العديدة التي مررنا بها جميعاً خلال الأشهر الـ12-18 الماضية، فإن المسار ليس واضحاً على الإطلاق. يبدو الأمر كما لو أنه يتعين على الأعمال التجارية وعلاماتها التجارية، اكتشاف ما الذي تريد أن تكون عليه عندما تنضج".
تشغل رودر، منصب نائب الرئيس التنفيذي لشركة "هورايزون ميديا"، أكبر وكالة مستقلة في البلاد، والتي تقرر مكان ظهور الإعلانات، وهي خدمة تسمى التخطيط الإعلامي. كما ترأس رودر، وحدة "واي"(WHY) التابعة لـ"هورايزون"، التي تحاول فهم عقليات العملاء والدوافع التي تحركهم. أتاحت لي رودر، إلقاء نظرة مبكرة على دراسة أجرتها "واي" على 850 بالغاً في الولايات المتحدة في شهر أبريل، والتي خلصت إلى أن 54% يثقون في العلامات التجارية كمصادر للمعلومات، فيما رأى 23% أن من شأن الترويج للقاح تحسين صورة العلامات التجارية، وهي نسبة تزيد على الفئة التي رأت أن الترويج سيضر أكثر بالعلامات التجارية.
معارضو التلقيح
على الجانب الآخر، يخشى مديرو العلامات التجارية إثارة غضب معارضي التطعيمات، إذ أن هناك مجموعة تقول:"اخرجوا من حياتي، فأنا لست بحاجة إلى التطفل على أمر يتعلق بقرار شخصي"، وفق ما تقوله رودر.
يكمن الخطر في أن الشركات قد ينتهي بها المطاف بمخاطبة الفئة الخطأ، أي أن تروّج للقاحات لدى الأشخاص الذين يتقبلون تلك الرسالة بالفعل، بينما تلتزم الصمت مع هؤلاء الذين لا يتقبلونها. تعترف رودر بمصدر القلق هذا، لكنها ترى أن هناك طرقاً يمكن للشركات من خلالها الترويج للقاحات من دون تعريض علاماتها التجارية للخطر، مثل التبرع لحملات التطعيم.
إليكم ما تفعله بعض الشركات في ما يتعلق بهذا الأمر: في شهر أبريل، أطلق صندوق شركة "فورد موتور" إعلان خدمة عامة للتطعيم مع قادة 11 منظمة متعددة الثقافات، من بينهم القس جيسي جاكسون من "راينبو/بوش"(Rainbow/Push)، حيث شملت الحملة توزيع 120 مليون كمامة للوجه.
التوعية بدل الإعلانات
للمرة الأولى منذ 37 عاماً، تخلّت شركة "أنهاوز- بوش إنبيف" (Anheuser-Busch InBev) في شهر فبراير عن إعلان لعلامتها التجارية لجعة "بدفايزر" في مباراة البطولة السنوية للرابطة الوطنية لكرة القدم "سوبر بول"، قائلة إنها ستتبرع بدلاً من ذلك لحملة التوعية باللقاح. لكنها أعلنت بالفعل عن علامات أخرى للجعة مثل "بد لايت".
تعمل شركة "كابيتال وان فاينانشيال" بدورها مع مجموعات كنسية، وعدد من المنسقين الموسيقيين (DJs) وآخرين في مترو واشنطن، للتشجيع على أخذ اللقاحات في المجتمعات المهمشة والتي ينخفض تمثيلها عن المستوى الكافي.
شركة "بلاك إنتيرتينمينت تيليفيجين" اشتركت بدورها مع الممثل، تايلر بيري، في حلقة خاصة بعنوان "لقاح كوفيد-19 والمجتمع الأسود".
أما شركة "كريسبي كريم دونَت"، فقد اختارت عرض الدونت مجاناً لأي شخص يحمل بطاقة اللقاح، ولكن لكي تتجنب تنفير العملاء الذين اتخذوا "قراراً شخصياً للغاية" بعدم أخذ الجرعة، قالت إن بإمكانهم الحصول على دونت وقهوة مجاناً في أيام الاثنين حتى 24 مايو.
تقول رودر: "الأمر ليس سهلاً بالتأكيد، حيث يجب على العلامات التجارية في نهاية اليوم تمثيل أنفسها، وربما لا يتعين عليها اتخاذ موقف. هل يتعين عليها ذلك؟ أعتقد أن هذا هو أهم سؤال اليوم".