"ارفع يدك إذا كنت تعتقد أنك مررت بأسبوع أسوأ مني". هذا ما قاله "جيف بيزوس" رئيس شركة "أمازون" في وقت مبكر من بعد ظهر يوم 14 فبراير 2019، في سابقة لم تحدث من قبل على الأرجح طوال تاريخ الشركة الممتد لـ25 عاماً. كان "بيزوس" حينها مستعداً للحديث عن حالته النفسية أمام عدد من مسؤولي الشركة.
كان "بيزوس" قادراً بشكل لا يوصف على الفصل بين عمله وحياته الاجتماعية، وكانت قدرته على التمييز بين الخيوط المعقدة في حياته الشخصية والمهنية منقطعة النظير. وقد سمحت له هذه الموهبة ببناء شركة "أمازون" في الوقت ذاته الذي كان يدير أيضاً شركة فضاء تحمل اسم "بلو أوريجين" (Blue Origin)، إضافة إلى إعادة إحياء صحيفة واشنطن بوست، وكل ذلك مع الحفاظ على خصوصية حياته العائلية.
لكن تلك الخيوط تشابكت عندما أصبح "بيزوس"، وهو أب لأربعة أطفال، موضوعاً رئيسياً لقصص صحيفة "ناشيونال إنكوايرر" (National Enquirer) الصفراء، التي تناولت علاقته بمذيعة تلفزيونية سابقة متزوجة.
بدلاً من القيام بما يفعله معظم أصحاب المليارات عند تناول أسرار حياتهم الشخصية، حيث يلتزمون الصمت وينتظرون مرور العاصفة، كشف "بيزوس" عن علاقته للعلن. وكتب منشوراً بذيئاً على مدونته، يتضمن أوصافاً لصور ادعت صحيفة "إنكويرر" أنها حصلت عليها، ومن بينها "صورة سلفي" لمنطقة ما تحت الحزام. وأشار "بيزوس" إلى أن صحيفة "إنكويرر" فعلت ذلك كعقاب سياسي، رداً على تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" عن وجود صلات بين صحيفة "إنكوايرر" وإدارة الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترمب".
التركيز على العمل
في مواجهة مجموعة قيادات شركة "أمازون"، والتي يطلق عليها اسم "الفريق إس"، تحدث "بيزوس" عن الحقيقة الواضحة التي كان يتم تجاهلها. وقال: "القصة خاطئة تماماً ولا تتمتع بأي مصداقية". وأضاف: "لقد أجريت أنا وزوجتي ماكنزي محادثات جيدة وصحية وناضجة حول هذا الموضوع وهي بخير، والأطفال بخير، ووسائل الإعلام لديها الكثير من الكلام لتكتبه". ثم حاول إعادة التركيز على الموضوع الرئيسي للاجتماع والمتعلق بتوقعات الموظفين للعام الحالي. وقال: "كل هذا يشتت الانتباه للغاية. لذا أشكركم على تركيزكم على شؤون العمل".
كانت هذه القضية بمثابة صدمة لمعظم كبار المديرين التنفيذيين في شركة "أمازون"، رغم أن البعض لاحظ مؤخراً تغيرات في سلوك رئيسهم، خصوصاً بعد أن تم تأخير أو تأجيل الاجتماعات الخاصة بخطة التشغيل أو ما يعرف بـ"خطة العملية 1"، وهي الفترة التي تجتمع فيها شركة "أمازون" من أجل دورة التخطيط السنوية، ويتم ذلك في أواخر فصل الصيف. وأن نواب الرئيس القدامى يجدون صعوبة ولفترة طويلة، في تحديد موعد للاجتماع مع "بيزوس".
الطيران وأسهم الشركة
كانت هناك أيضاً مشكلة مهابط طائرات الهليكوبتر التي طلبتها "أمازون" لمواقع توزيع البضائع المخطط لها في مدينة نيويورك وفي مقاطعة أرلينغتون بولاية فيرجينيا. أثارت تلك المواقع غضب المسؤولين المحليين، الذين كانوا بالفعل يشككون في جدوى منح إعفاءات ضريبية بمليارات الدولارات لشركة تبلغ قيمتها السوقية تريليون دولار. وقد تسببت تلك المشكلة جزئياً في إلغاء خطط "أمازون" لإنشاء مقر ثان لها في مقاطعة كوينز في نيويورك.
بعض المشاركين في الاجتماع، كانوا قد أصبحوا يدركون أن صديقة الرئيس الجديدة، "لورين سانشيز"، تعمل كقائدة لطائرات الهليكوبتر، وكان بيزوس قد تلقى بنفسه دروساً في الطيران.
كذلك، ظهرت إلى السطح مسألة أخرى غريبة تتعلق بأسهم الشركة. ففي التاسع من يناير عام 2019، أعلن جيف وماكنزي بيزوس طلاقهما عبر "تويتر". لكن قبل ذلك بأسابيع قليلة، بدأت الأقسام القانونية والمالية في "أمازون" في سؤال أكبر المساهمين المؤسسين في الشركة عما إذا كانوا سيدعمون إنشاء فئة جديدة من الأسهم بحقوق تصويت مخفّضة. وتم استخدام هياكل الأسهم من الفئة المزدوجة مثل تلك الموجودة في شركات "فيسبوك" و"غوغل" و"سناب" لتركيز قوة التصويت بين مؤسسي الشركة، بما يمنحهم الهيمنة المطلقة على الشؤون المتعلقة بحوكمة الشركة.
الهيكلة والطلاق
في ذلك الوقت، كان قد مرّ على طرح أسهم "أمازون" عقد كامل من الزمن، أي قبل أن تكون مثل هذه الهيكلة رائجة، ولذلك لم يكن لدى "بيزوس" مثل هذه القوة. لكن في ذلك الوقت بدا أن "بيزوس" يرغب في الحصول على ذلك النوع من السيطرة الكاملة.
عارضت "أمازون" بشدة فكرة أن الحياة الشخصية لـ"بيزوس" هي التي تدفع نحو إجراء هذه التغييرات. وزعم ممثلو العلاقات العامة في الشركة أن وجود مهابط للطائرات في مدينة نيويورك سيكون مفيداً، نظراً لأنه يمكن اسخدامها في بعض المناسبات، كاستقبال الشخصيات المرموقة مثلاً.
كانت القصة الرسمية المعلنة حول موضوع فئات الأسهم الجديدة هي أن "أمازون" تستكشف طرقاً لمواصلة تقديم أسهم للعاملين في مركز تسليم الطلبات، وأنه يمكنها استخدام الفئة الثانية من الأسهم لمواصلة عمليات الاستحواذ. وكانت تلك التفسيرات تبدو دائماً كمبررات ضعيفة واهية بعض الشيء. لكن بعد أن قام "بيزوس" بنشر تغريدة على موقع "تويتر" حول خبر طلاقه، افترض بعض الذين سمعوا عن خطة الأسهم أن الأمر كله يتعلق ببقاء "بيزوس" مسيطراً بقوة على الشركة، وذلك في مواجهة تسوية الطلاق المكلفة، والتي ستنتهي بتخفيض حصته من 18 إلى 12%.
التحوّل الكبير
كانت هذه هي المرة الأولى التي يتذكر فيها بعض كبار المسؤولين التنفيذيين، رؤية "بيزوس" محاصراً من قبل خصومه، ممن أصبح بينهم وبشكل غير متوقع، مدير يعمل في هوليوود ويتطلع إلى نشر "صور سيلفي" واضحة من حياة "بيزوس" الشخصية.
على الجانب الآخر، كانت هذه المرحلة بمثابة تتويج للتحوّل الكبير في حياة "بيزوس" والذي دام عقداً من الزمن، حيث تحوّل من خبير تقني عادي يفكر بشكل منفرد، إلى حاكم إمبراطورية تبلغ قيمتها تريليون دولار.
من بين أعداء "بيزوس" في تلك المرحلة كان الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترمب"، الذي كان يحتقر صحيفة "واشنطن بوست"، والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، الذي شعر بالمرارة بسبب تغطية الصحيفة لمقتل الصحفي المعارض "جمال خاشقجي"، وتم اتهامه لاحقاً بوضع برنامج تجسس على هاتف "بيزوس" الذكي. وكان "بيزوس" يتعامل مع كل هذه الأمور معاً كما كان دائماً، وذلك من خلال التفكير بشكل غير تقليدي، والتلاعب بوسائل الإعلام الخاضعة له. وإلى حد ما، كانت هذه الطريقة تنجح في العادة وتؤتي ثمارها.
اجتماع مطوّل في عيد الحب
بالعودة إلى مجمّع مقرات "أمازون" في سياتل، وتحديداً في الطابق السادس من برج "داي وان"، امتد اجتماع التخطيط حتى الساعات الأولى من المساء. وسارع المسؤولون التنفيذيون الماليون بالتحرك داخل وخارج الغرفة لتوزيع جداول البيانات. ورغم أن "بيزوس" لم يكن قادراً معظم الوقت على التحكم بالصحف الصفراء المنتشية بنشر مغامراته المترفة مع "سانشيز"، إلا أنه كان قادراً على ملاحظة بيانات النمو الرئيسية في جميع أقسام شركة "أمازون".
عندما غابت الشمس خلف جبال أولمبيك، وألقت توهجاً ذهبياً في غرفة الاجتماعات، بدأ المديرون التنفيذيون في "أمازون" بإلقاء نظرة خاطفة على هواتفهم، والرد على الرسائل الواردة من أصدقائهم وعائلاتهم.
أخيراً، وفي تمام الساعة 7:30 مساءً، تحدث "جيف بلاكبيرن" نائب الرئيس الأول لشركة "أمازون" بما كان يفكر فيه الآخرون، وقال متسائلاً: "جيف، إلى متى تعتقد أن هذا الاجتماع سيستمر؟ العديد منا لديهم خطط أخرى". لقد كان ذلك اليوم -ورغم كل شيء- يصادف عيد الحب.
رد بيزوس ضاحكاً: "أوه، هذا صحيح. لقد نسيت الأمر تماماً".
سجن العالم الثالث
لسنوات عدة، ظل "بيزوس" كشخصية معروفة، يرسم صورة وردية حول قصة خطوبته وزواجه من "ماكنزي بيزوس" (التي أصبحت تسمى الآن "ماكنزي سكوت"). وفي خطاب له في إحدى المرات، قال مازحاً إنه يسعى إلى العزوبية والعثور على امرأة واسعة الحيلة تكون قادرة على إخراجه مما أسماه "سجن العالم الثالث"، كما لو أن زوجته "ماكنزي"، التي تعمل كمؤلفة كتب وهي روائية حاصلة على شهادة في اللغة الإنجليزية من جامعة برينستون، تحبسه في سجن كبير بائس وتحتفظ بمفاتيح الأبواب بين أسنانها الضخمة، وكأنها وحش من القصص الخيالية، فيما لا تسمح له بالهروب من عش الزوجية.
بينما كان "بيزوس" ومساعدوه يرسمون صورة له أمام العام كزوج حنون ورجل أسرة مثالي، أصبح هو وزوجته يحاولان جذب انتباه الجمهور ولكن بطريقة مختلفة. فبعد أن افتتحت "أمازون" موقعاً في هوليوود وبدأت في إنتاج الأفلام، حضر "بيزوس" حفل توزيع جوائز "غولدن غلوب" والأوسكار، وظهر في العروض الأولى للأفلام، واستضاف تجمعاً سنوياً في فندق فخم في "بيفرلي هيلز" أعلى حي "صن ست سترب". وفي إحدى هذه المناسبات في ديسمبر 2016، والتي أقيمت للاحتفال بفيلم "مانشستر بجانب البحر"، وهو أول فيلم من إنتاج استديوهات "أمازون" يفوز بجائزة الأوسكار، التقط المصورون صوراً لـ"بيزوس" مع "لورين سانشيز"، ومع "باتريك وايتسيل" الرئيس المسيطر على وكالة "إنديفور للمواهب"، والذي كان متزوجاً بـ"سانشيز" في ذلك الوقت.
بين العائلة و"سانشيز"
"ماكنزي" رافقت زوجها في بعض مناسبات هوليوود، لكنها كانت تعترف علناً بأنها ليست شخصية اجتماعية. وفي حوار مع مجلة "فوغ"، قالت زوجة "بيزوس" السابقة: "يمكن أن تكون حفلات الكوكتيل بالنسبة لي مرهقة للأعصاب. فالأحاديث في هكذا نوع من المناسبات تكون موجزة لكن كثيرة، ولذلك فإنها ليست مكاناً جميلاً بالنسبة لي".
وأكد أصدقاءٌ لجيف وماكنزي أن كليهما ملتزمان بأطفالهما الأربعة، ويحاولان إبقائهم بعيدين قدر الإمكان عن التأثير المدمر للثروة والشهرة البراقة.
بحلول عام 2018، كان "بيزوس" يواعد "سانشيز"، كما أظهرت الوثائق القانونية لاحقاً، مع الحفاظ على مظهر الزواج السليم. وكانت صديقة "بيزوس" الجديدة، البالغة من العمر 48 عاماً، نشيطة واجتماعية، وكانت شخصيتها مختلفة تماماً ومن نواحٍ عدة، عن زوجته "ماكنزي".
على غرار "بيزوس"، وُلدت "سانشيز" في مدينة ألباكركي بولاية نيو ميكسيكو. وعلى الرغم من عدم معرفة عائلتيهما ببعضهما من قبل، تحدث العاشقان لاحقاً عن كل الصدف التي جمعت بين أقاربهما، على غرار لقائهم في أماكن مثل "بنك نيو مكسيكو"، الذي التقى فيه جاكي ومايك (والدا بيزوس) لأول مرة، وكان ابن عم "سانشيز" يعمل هناك في فترة من الفترات.
وكان "راي"(Ray) (والد سانشيز)، يدير مدرسة طيران محلية تسمى "غولدن ايروايز" (Golden Airways)، وكانت والدتها "إليانور"، تحمل رخصة كابتن طيار، ونجت من حادث تحطم طائرة عندما كانت لورين طفلة في التاسعة من العمر.
ظهور العلاقة علناً
في أواخر التسعينيات، بعد أن بدأت "سانشيز" العمل مذيعة إخبارية في محطة تلفزيونية محلية في فينيكس، أصبحت مراسلة لبرنامج النميمة "إكسترا" الذي يقدمه أكثر من مذيع، ثم تحوّلت إلى مذيعة صباحية في برنامج "غود داي لوس أنجلوس" (Good Day LA) الذي تنتجه شبكة فوكس.
قدمت "سانشيز" الموسم الأول من برنامج الواقع "إذاً أنت تعتقد أن بإمكانك الرقص"، كما قدمت بعض الأدوار السينمائية الصغيرة، والتي لعبت في أحدها دور مراسلة صحفية تظهر بعد 91 دقيقة من بداية فيلم "فايت كلوب" (Fight Club). وأنجبت "سانشيز" ابناً من "توني غونزاليس" لاعب الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية الشهير، الذي أصبح بعد ذك مذيعاً، قبل أن تتزوج من "وايتسيل" وتنجب منه ابناً آخر وابنة.
مع مطلع عام 2018، كانت شركتها لطائرات الهليكوبتر، التي تسمى "بلاك أوبس أفياشن" (Black Ops Aviation)، تصوّر مقاطع فيديو وثائقية لشركة "بلو أوريجين" وتنشرها على موقع يوتيوب. وبعد بضعة أسابيع، أخبرت "سانشيز" شقيقها الأكبر "مايكل" أنها تريد تقديمه إلى حبيبها الجديد. وفي شهر أبريل من ذلك العام، تناولوا العشاء في مطعم "هيرث آند هاوند" الأنيق في منطقة ويست هوليود، وكانوا برفقة زوج "مايكل" وصديقين آخرين. وجلس "مايكل" على الجانب الآخر من "جيف"، وتحدث الاثنان وكأنهما صديقان قديمان. وفي وقت لاحق، أعرب "مايكل" عن قلقه بشأن الطريقة التي عبرت بها شقيقته والمدير التنفيذي لشركة "أمازون" علانية عن مشاعرهما، بعدما ظهرا على مرأى من مصوري المشاهير "البابارتزي" المحليين، بينما كان الاثنان لا يزالا متزوجين.
تجاهل التحذيرات
على الرغم من تحذير البعض لـ"بيزوس" من أن الكشف عن علاقة غرامية مع شخصية شهيرة إلى حد ما ومتزوجة قد تؤدي إلى رد فعل عام لا تحمد عقباه، إلا أنه تجاهل تلك التحذيرات، وأحضر "سانشيز" إلى سياتل مع والدتها وشقيقها، حيث قاما بجولة خاصة بكبار الشخصيات في مقر "أمازون" داخل المباني الكروية الزجاجية، أو ما يعرف بـ (The Spheres)، كما أحضرهم إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث جال بهم على مطابع صحيفة "واشنطن بوست".
كذلك، حضرت "سانشيز" إطلاق صاروخ لشركة "بلو أوريجين" في ذلك الصيف، وساعدت في إنتاج مقطع فيديو ملهم مدته دقيقتان لصالح شركة الصواريخ التابعة لـ"بيزوس"، والذي يَعرض لقطات جوية وتعليقاً صوتياً نادراً من قبل الرئيس التنفيذي نفسه. وكانت أغنية "يور بلو رووم" (Your Blue Room) التي يغنيها فريق "يو تو" (U2) و"براين إينو" (Brian Eno) مسموعة في الخلفية. وقال "بيزوس" في بداية الفيديو: "حاجة الإنسان إلى الاستكشاف عميقة في داخلنا جميعاً".
رسائل إباحية
على غرار العديد من العلاقات الغرامية المعاصرة، لعبت الأدوات الرقمية دوراً في توطيد علاقة "بيزوس" و"سانشيز" أيضاً، حيث كان "بيزوس"، المصنف كأغنى رجل في العالم، يقوم بإرسال عبارات وصور جنسية عبر تطبيقات الرسائل القصيرة.
"سانشيز"، شاركت العديد من هذه النصوص والصور مع شقيقها الذي يعمل مديراً للمواهب، وكان قد مثّل مجموعة متنوعة من نقاد الأخبار على قنوات الكايبل، وفي برامج تلفزيون الواقع. غير أن "بيزوس" لم يكن على دراية بكل هذا الأمر.
انجذب "بيزوس" إلى "سانشيز" بسبب شخصيتها المغامرة، ولم يكن رئيس شركة "أمازون" ميالاً بطبيعته إلى الشعور بجنون الارتياب أو متشككاً على الفور في أي شخص، لا سيما شقيق عشيقته الجديدة. وكانت فلسفته الأساسية في الحياة -وفقاً لأحد الأصدقاء- هي:
من الأفضل أن تفترض الثقة وتكتشف أنك مخطئ، بدلاً من افتراض أن الناس يحاولون خداعك دائماً
صحافة صفراء
خلال صيف 2018، وفي الوقت الذي اشتدت الحالة الرومانسية بين "بيزوس" و"سانشيز"، كانت "ذا إنكوايرر" تعاني من مرورها بسنوات كارثية، إذ كانت مبيعات الصحف والمجلات التابعة لها تتراجع، وتم اتهام ناشر الصحيفة، "ديفيد بيكر"، بشراء حقوق نشر القصص التي تتحدث عن خيانات صديقه الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترمب" الزوجية ثم رفض نشرها، وهي ممارسة تُعرف إعلامياً باسم "امسك واقتل" (Catch and Kill). وقد أدى ذلك إلى لفت انتباه المدعين العامين الفيدراليين في المنطقة الجنوبية لنيويورك إلى ممارسات شركة "أمريكان ميديا" (AMI)، وهي الشركة الأم لصحيفة "إنكوايرر"، حيث كان المدعون العامون وقتها يحققون في الانتهاكات المحتملة لقوانين تمويل الحملات الانتخابية.
التدقيق في حياة "بيزوس"
في ذلك الوقت كان "ديلان هاورد"، وهو أسترالي قصير وشجاع يبلغ من العمر 36 عاماً ومؤرخ إخباري مشهور لنفاق وحماقات المشاهير الأمريكيين، يتولى منصب كبير المحررين في فريق "بيكر" والمسؤول الأول عن نشر المحتوى. كانت القوة الصحفية لـ"هاورد" وراء نشر مجموعة من أهم قصص الصحافة الصفراء ذائعة الصيت، مثل تصريحات الممثل الأمريكي "ميل غيبسون" الصاخبة ضد السامية، وإنجاب الممثل والسياسي الأمريكي "أرنولد شوارزنيغر" لطفل خارج إطار الزواج. وكان "هاورد" حريصاً ومنافساً شرساً في عمله. ولذا، عندما غطت صحيفة "واشنطن بوست" بعنف شديد قصة تغطية شركة "أمريكان ميديا" على خيانات "ترمب" الزوجية، طلب "هاورد" من الصحفيين لديه التدقيق في الحياة الشخصية لـ"جيف بيزوس"، مالك "واشنطن بوست" الثري.
تمثّلت إحدى الطرق التي سارت عليها الصحيفة لفضح "بيزوس" -وفقاً لرسالة بريد إلكتروني تم إرسالها إلى موظفي شركة "أمريكان ميديا" في أواخر صيف ذلك العام- في التحقيق بعلاقة "بيزوس" بعائلة والده البيولوجي "تيد يورغينسن"، ولماذا لم يتصل الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون" بعائلته عندما كان "يورغنسن" يحتضر في عام 2015.
نشر الصور
في اليوم التالي من بداية تدقيق محرري "إنكويرر" في حياة "بيزوس"، والذي وافق يوم الاثنين 10 سبتمبر، أرسل "مايكل سانشيز" رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى "أندريا سيمبسون"، المراسلة التي تعيش في لوس أنجلوس وتعمل لصالح شركة "أمريكان ميديا".
كان "سانشيز" و"سيمبسون" صديقين مقربين، وكان يرسل إليها بانتظام أخباراً عن عملائه، كما قاما مرةً بدق وشم معاً بهدف التسلية، حيث كتب "سانشيز" وقتها على ذراعه بالفرنسية (Je suis la tempête) والتي تعني "أنا العاصفة".
في رسالته الإلكترونية تلك، كتب "سانشيز" أنَّ لديه تلميحاً سريعاً لـ"سيمبسون"، وأنه عرف من أحد أصدقائه الذي يعمل مع رجل من مستوى "بيل غيتس"، أن هذا الرجل المتزوج دخل في علاقة غرامية مع سيدة متزوجة تعمل ممثلة من الدرجة الثانية. وأشار "سانشيز" في رسالته إلى أنه يريد بيع بعض الصور التي يملكها صديقه ويظهر فيها هذا الرجل مع حبيبته، لكنه يريد الحصول على مبلغ من ستة أرقام مقابل هذا السبق الصحفي. وادّعى "سانشيز" أنه يعمل كوسيط فقط.
السبق الصحفي
لم يكن بوسع "سيمبسون" وفريق محرريها في نيويورك سوى تخمين هويات العاشق الغامض من بين مجموعة كبيرة من الأشخاص، والتكهن في رسائل البريد الإلكتروني بأسماء شخصيات مثل "إيفان شبيغل"، المؤسس المشارك لتطبيق "سناب شات"، و"مارك زوكربيرغ"، الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك".
على مدى أسابيع عديدة لاحقة، أبقى "سانشيز" "سيمبسون" وفريقها في حيرة من أمرهم وهم يخمّنون هوية الشخصية التي يتحدث عنها. وحاول رفع سعر السبق الصحفي من خلال التلميح بأنه قد يبيع القصة إلى إحدى الصحف البريطانية الصفراء. وفي أوائل شهر أكتوبر من ذلك العام، التقى "سانشيز" مع "سيمبسون" وعرض عليها الرسائل النصية والصور مع حجب الوجوه. وقتها كتبت "سيمبسون" إلى رؤسائها تقول:
بعد إلقاء نظرة على مكونات الصورة والجسد الذي يظهر فيها، أعتقد أن هذا الشخص قد يكون جيف بيزوس
أخيراً، وفي 18 أكتوبر، استدعى "سانشيز" "هاورد" وكشف له عن أن الشخص الذي قال عنه إنه "من مستوى بيل غيتس" هو في الواقع "جيف بيزوس" الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون". ثم وقع عقداً مع شركة "أمريكان ميديا" يمنحه حق الحصول على مبلغ يصل إلى 200 ألف دولار. ويعتبر هذا المبلغ أحد أكثر المبالغ التي أنفقتها صحيفة "إنكوايرر" للحصول على قصة ما. وجاء في نص العقد أن الصحيفة ستبذل قصارى جهدها للحفاظ على سرية هوية "سانشيز"، وحجب هويته كمصدر لهذا السبق الصحفي.
الكشف عن الاسم
على الرغم من أن "سانشيز" لم يكشف وقتها عن اسم "السيدة المتزوجة التي تعمل كممثلة من الدرجة الثانية"، إلا أنَّ الأمر لم يتطلب وقتاً طويلاً من محرري "إنكويرر لمعرفة هويتها، حيث أرسلوا مصورين لتتبع طائرة "بيزوس".
كان "هاورد" يحضر معرضاً تجارياً لصناعة الترفيه في مدينة كان الفرنسية، عندما تلقى صوراً للرئيس التنفيذي لشركة "أمازون" و"لورين" أثناء نزولهما من طائرته الخاصة طراز "غلف ستريم جي 650 آي آر".
وفي 23 أكتوبر من العام ذاته، سافر "مايكل سانشيز" إلى نيويورك، وتناول العشاء مع "هاورد" و"جيمس روبرتسون"، وهو محرر آخر في "إنكويرر"، وأكد لهما ما عرفاه بالفعل، كما قدّم لهما قرص ذاكرة يحتوي على مجموعة من الرسائل التي أرسلها "بيزوس" إلى شقيقته، إضافة إلى حفنة من الصور الشخصية التي تبادلها العاشقان، وألمح إليهما أنه يمكنه أن يُظهر لهم صورة فاضحة جداً أرسلها "بيزوس" إلى "لورين".
لاحقاً، كان هناك العديد من التكهنات حول كيفية حصول الصحيفة على قصة "بيزوس" و"سانشيز"، بما في ذلك مزاعم غير مثبتة بأن "باتريك وإيتسيل" زوج "سانشيز" السابق، يقف وراء نشر القصة، إضافة إلى مزاعم عن وجود مؤامرة دولية تتّهم المملكة العربية السعودية بالتسريب. لكن "هاورد" و"روبرتسون" و"سيمبسون"، قالوا جميعاً في وقت لاحق في محكمة فيدرالية إن "مايكل سانشيز" كان المصدر الوحيد لجميع المعلومات والمواد المخلّة، التي تلقوها أثناء إجراء التحقيق الصحفي.
إفلاس "أمريكان ميديا"
داخل مكاتب شركة "أمريكان ميديا" الرتيبة في الطرف الجنوبي من مدينة مانهاتن، قوبلت قصة "بيزوس" بمزيج من الإثارة والقلق، حيث كانت الشركة قد تقدمت بطلب للحماية من الإفلاس في عام 2010، وكانت مكبلة بالديون بسبب استحواذها على مجلات مثل "إين تاتش" (In Touch) و"لايف آند ستايل". ولم تنجح محاولات الشركة لتأمين استثمار من المملكة العربية السعودية لشراء مجلة "تايم".
وكان "أنتوني ميلكيوري" الشريك الإداري للشركة الذي قلما يظهر في صورة عامة –والذي يدخل في شراكة مع صندوق تحوط "تشاتام أسيت مانجمنت" ومقره نيو جيرسي- قلقاً بشأن إمكانية تعرض "أمريكان ميديا" لخطر قانوني جديد.
التغطية على ترمب
في سبتمبر من ذلك العام، وقعت "أمريكان ميديا" اتفاقية عدم ملاحقة مع وزارة العدل الأمريكية بشأن مزاعم تفيد بأنها حاولت دفن القصص السلبية عن "ترمب". وتطلبت الصفقة من مديريها التنفيذيين التعاون مع "مايكل كوهين"، محامي "ترمب"، في التحقيق الفيدرالي، مع العمل في المستقبل بأمانة لا يرقى إليها الشك.
وأكدت "أمريكان ميديا" أن الشركة ستبقى تحت رقابة أعين المدعين العامين الساهرة لسنوات، وإذا خرقت الشركة الاتفاقية فقد تتعرض لحالة من التخريب المالي.
يتميز "بيكر"، مدير صحيفة "إنكوايرر" بمزاجه المتقلب، ويجري الكثير من أعماله عبر هاتفه المحمول أثناء قيادته بين منازله ومكاتبه في كونيتيكت ومدينة نيويورك، ووصف إحدى المسودات المكتوبة ضمن تحقيق "بيزوس" بأنها "أفضل عمل صحفي قامت به صحيفة (إنكوايرر) على الإطلاق".
وفقاً لشخص مطلع على التحقيقات الجنائية، تفاخر "بيكر" في رسالة بريد إلكتروني للمحررين قائلاً:
كل صفحة في القصة يجب أن تكون ضربة قاضية أخرى لبيزوس
لكن "بيكر" كان خائفاً أيضاً من مقاضاته من قبل أغنى رجل في العالم، وطالب بأن تكون القصة "متينة ومتماسكة بنسبة 100%" ولم يكن واثقاً بشأن وقت نشرها، أو حتى ما إذا كان ينبغي عليه نشرها.
طوال فصل الخريف من ذلك العام، عملت "إنكوايرر" على القصة بمساعدة "مايكل سانشيز"، الذي قام بإرسال المزيد من الصور الفوتوغرافية والرسائل النصية إلى الصحيفة عبر البريد الإلكتروني، وأبلغ المحررين عن خطط سفر العاشقين. وعندما تناول "مايكل" العشاء مع "بيزوس" وشقيقته في مطعم "فيليكس تراتوريا" في حي فينيسيا بولاية كاليفورنيا في 30 نوفمبر، كان هناك صحفيان يجلسان على طاولة قريبة، بينما كان المصورون يلتقطون الصور خلسة من على مسافة بعيدة.
مراوغة "سانشيز"
على الرغم من ذلك، بدا "سانشيز" مراوغاً في ما يتعلق بإعطاء الصحيفة صورة "بيزوس" السيلفي الفاضحة الواضحة كما وعدهم، حيث رتب "سانشيز" لقاءً مع "هاورد" في لوس أنجلوس لمشاركة هذه الصورة في أوائل نوفمبر، ثم ألغى الاجتماع. وبعد بضعة أسابيع، في 21 نوفمبر، بعد أن واصل محررو "إنكويرر" مطاردته، وافق "سانشيز" أخيراً على عرض الصورة أمام "سيمبسون" بينما كان "هاورد" و"روبرتسون" يشاهدان الصورة عبر تطبيق "فيس تايم" من نيويورك.
ويدّعي سانشيز أن كل ما قام به لم يشكل خيانة لأخته، فقد كانت هي و"بيزوس" مستمرين في علاقتهما علناً، وكانت القصة مسألة وقت فقط قبل أن تكتشف عائلة كل منهما والعالم هذه العلاقة. وقال "سانشيز" لاحقاً في رسالة بريد إلكتروني: "كل ما فعلته كان لحماية جيف ولورين وعائلتي". وأضاف: "لم أكن لأبيع أحداً أبداً". وكان "سانشيز" يعتقد بسذاجة أن الاتفاق الذي أجراه مع "أمريكان ميديا" سيمنع الشركة الإعلامية من استخدام المواد الأكثر إحراجاً التي قدّمها لها.
ابتزاز العاشقَين
في جانب واحد على الأقل من جوانب هذه القصة، يبدو أن "سانشيز" لم يكن يخون أخته فعلاً، حيث أخبر لاحقاً محققي مكتب التحقيقات أنه لم تكن بحوزته أبداً صورة فاضحة لـ"بيزوس". وفي اجتماع "فيس تايم" الذي جرى في 21 نوفمبر، لم يُظهر "سانشيز" صورة لـ"بيزوس" على الإطلاق، بل كانت صورة عشوائية للأعضاء التناسلية الذكرية التي حمّلها من موقع مواعدة إلكتروني يسمى "رينت دوت مِن" (Rent.Men).
وفي السابع من شهر يناير عام 2019، أرسل محررو "إنكوايرر" رسائل إلى "بيزوس" و"لورين" بدأت بجملة استفزازية واحدة، تقول: "أكتب لك لإجراء مقابلة معك حول علاقة الحب التي تربطك بها". وبسرعة، استجاب الاثنان لرسائل "إنكويرر"، ولجأت "لورين" إلى الشخص الأقرب إليها الذي يعرف أفضل الطرق الخلفية الوقحة في صناعة الصحف الصفراء، وهو شقيقها.
وبكل براءة، عرض "مايكل" على "لورين" استغلال علاقاته مع محرري "إنكوايرر" لمعرفة ما لديهم حول هذه القصة، وبعد توقيع عقد بقيمة 25 ألف دولار شهرياً مع أخته، اتصل "مايكل" بـ"هاورد" ليعلن أنه يمثّل شقيقته رسمياً، واقترح أن يأتي إلى نيويورك لمراجعة تقرير الصحيفة (الذي قدّمه هو بالطبع). وبسبب ثقته في اتفاق السرية الذي عقده مع شركة "أمريكان ميديا"، بدأ "مايكل" وقتها في اللعب على الحبلين.
انفصال الزوجين
في غضون ذلك، أطلع "بيزوس" مستشاره الأمني منذ فترة طويلة، "غافين دي بيكر"، على القصة، وكذلك "مارتي سينغر"، محامي شركة "دي بيكرز للمحاماة" التي تدافع عن المشاهير، ويقع مقرها في لوس أنجلوس. وفي وقت مبكر من يوم 9 يناير، أصدر "بيزوس" تعليماته لقسم العلاقات العامة في "أمازون" بنشر خبر انفصاله عن زوجته عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر". وبدأ البيان بالقول: "نريد أن نجعل الناس على دراية بتطور في حياتنا". وأضاف: "بعد فترة طويلة من استكشاف بعضنا بكل حب وتجربة الانفصال، قررنا الطلاق رسمياً ومواصلة حياتنا المشتركة كصديقين".
نشر القصة
تنشر "إنكوايرر" نسختها المطبوعة يوم الاثنين من كل أسبوع، لكن "هاورد" تصرف بسرعة وأقنع "بيكر" بمنحه الإذن بإصدار نسخة مطبوعة تتكون من 11 صفحة عن السبق، مع نشر أول قصة من الفضيحة على موقع الصحيفة على الإنترنت في ذلك المساء، والذي صادف يوم الأربعاء.
وقال العنوان الرئيسي للقصة:
رئيس شركة أمازون جيف بيزوس يطلق زوجته بسبب خيانته لها مع زوجة منتج أفلام مهم
خلال الأيام الخمسة التالية، نشرت "إنكوايرر" قصصاً إضافية مع مزيد من التفاصيل حول "بيزوس" و"سانشيز"، وتبادل الرسائل النصية الخاصة بينهما.
وبعد بضعة أيام، توسط "مايكل" في إجراء هدنة مؤقتة، تتوقف فيها شركة "أمريكان ميديا" عن نشر المقالات في مقابل وصول مصوري البابرتزي التابعين للجريدة حصرياً إلى "لورين"، وهي تسير مع صديقين في مطار سانتا مونيكا.
وتم نُشر المقال الجديد في 14 يناير في مجلة "يو أس ويكلي" (Us Weekly) التابعة لشركة "أمريكان ميديا"، جنباً إلى جنب مع اقتباسات دبلوماسية وعنوان لطيف قيل فيه: "الصور الأولى لصديقة جيف بيزوس الجديدة لورين سانشيز وهي تبدو مرتاحة البال بعد نشر الفضيحة".
وبعد نشر القصة، أرسل "مايكل" رسالة نصية إلى "هاورد" لشكره. وكتب له مازحاً: "مستوى التعاون الذي أجريناه سوياً في 14 يوماً يستحق أن يُدرّس لطلاب المدارس".
"معي إلى القبر"
في الأسبوع التالي، أرسل "هاورد" بريداً إلكترونياً إلى "مايكل" وطمأنه إلى عدم الكشف عن هويته باعتباره مصدر تسريب القصة الأصلي، وأنه في الحفظ والصون. وكتب "هاورد" إلى "سانشيز" يقول: "القصة التي لم تُروَ –لو لم تصرح بها أنت– لن تنكشف لأحد". وأضاف: "سآخذ هذه القصة معي إلى القبر" في دلالة على شدة تكتمه عليها.
لكن "بيزوس" لم يكن يشعر بالرضا، وتساءل عما إذا كانت قصة "إنكوايرر" بمثابة انتقام سياسي رداً على المقالات التي نشرتها "واشنطن بوست" عن الصحيفة. وقال "بيزوس" لـ"بيكر"، إن بإمكانه الحصول على "أي ميزانية يحتاج إليها لمعرفة الحقائق" حول كيفية حصول الصحيفة على رسائله الخاصة.
نعمة الخوف
في مسيرته المهنية، عمل "دي بيكر" في مجلسين استشاريين رئاسيين، وكتب أربعة كتب عن سيكولوجية العنف، كما قدّم استشارات لمجموعة من الشخصيات السياسية والترفيهية البارزة. واختار "بيزوس" كتاب "دي بيكر" الصادر عام 1997، والذي يحمل عنوان "نعمة الخوف: إشارات النجاة التي تحمينا من العنف"، كأحد الموضوعات الأولى التي تمت مناقشتها في نادي القراءة الذي يضم "الفريق إس "، وتأكد شخصياً من ظهور هذا الكتاب في متاجر "أمازون" للكتب.
وبعد سلسلة من المكالمات الهاتفية والرسائل النصية المتبادلة مع "مايكل"، شعر "دي بيكر" أن هناك شيء مريبٌ في الأمر. وقبل الإعلان عن شكوكه، لجأ "دي بيكر" إلى شركة "ديلي بيست" (Daily Beast)، وهي شركة إعلامية يديرها "باري ديلر"، صديق "بيزوس".
وفي مقال بتاريخ 31 يناير، كشفت صحيفة "ديلي بيست" أن "دي بيكر" حدّد "مايكل" باعتباره الجاني المحتمل في واقعة التسريب. لكنه طرح أيضاً سيناريو بديلاً يقوم على نظرية الانتقام من "بيزوس" لأنه يرعى الصحافة الحرة التي تقول الحقيقة، وأنه يدخل في خصومة مع رئيس الولايات المتحدة الذي يقف في وجه نشر الحقائق.
دوافع سياسية
زعم "دي بيكر" أن تحقيق "إنكوايرر" كان مرتبطاً بحملة "ترمب" ضد "واشنطن بوست"، وأوضح في المقال أن "الأدلة القوية تشير إلى وجود دوافع سياسية وراء نشر القصة". ولم يكن هناك دليل وراء هذا التلميح، لكنه قلبَ الموقف لصالح "بيزوس".
على الجانب الآخر، أعرب "بيكر" رئيس شركة "أمريكان ميديا"، عن قلقه من أن ظهور أي شائعة حول تورط الصحيفة في مؤامرة سياسية ضد ملياردير مشهور، قد تقوّض اتفاق عدم الملاحقة القضائية. وطلب "بيكر" من "هاورد" السعي بشكل حثيث لعمل تسوية للخلاف مع فريق "بيزوس"، والحصول على اعتراف منهم بأن التحقيق الصحفي لم يكن له دوافع سياسية، وأن صحيفة "إنكوايرر" لم تستخدم أي وسائل غير قانونية في الحصول على هذه القصة.
وخلال الأسبوع الأول من شهر فبراير، طلب "هاورد" من "مارتي سينغر"، محامي "دي بيكر"، إقناع "بيزوس" و"دي بيكر" بقبول الاعتراف بأن مقالات "إنكوايرر" لم تكن ذات أغراض سياسية، ووعد بأنه سيتوقف عن نشر القصص الضارة.
حرب المقالات
أراد "سينغر" أن يعرف بالضبط ما هي الرسائل النصية والصور التي تمتلكها الصحيفة ولم يتم نشرها بعد، لكن "هاورد" لم يكن محدّداً في إجابته. وكان "هاورد" يشتبه في أن المحامي يبحث عن شيء يؤكد له هوية مصدر القصة غير المعروف. وكان متوتراً بشأن احتمالية نشر قصة جديدة في "واشنطن بوست" تهدِّد مرةً أخرى بتأكيد وجود دوافع سياسية وراء تحقيق صحيفة "إنكوايرر".
وفي رسالة بريد إلكتروني أرسلها "هاورد" إلى "سينغر" بعد ظهر يوم 5 فبراير، كتب كبير مسؤولي المحتوى في شركة "أمريكان ميديا" يقول: "بينما تستعد صحيفة واشنطن بوست لنشر شائعات لا أساس لها حول صحة تقرير ناشيونال إنكوايرر، أريد أن أصف لك الصور التي تم الحصول عليها أثناء جمع الأخبار لدينا". ثم قام "هاورد" بإدراج الصور الشخصية التسع التي تبادلها "بيزوس" و"لورين"، وكانت هذه هي الصور التي شاركتها "لورين" مع شقيقها، ونقلها "مايكل" إلى صحيفة "إنكوايرر".
صورة لشخص مجهول
وسط حالة من التباهي غير المناسب في ذلك التوقيت، أشار "هاورد" أيضاً إلى امتلاكه "صورة سيلفي لبيزوس تظهر منطقة ما تحت الحزام" والتي التقطها عبر تطبيق "فيس تايم" أثناء الاجتماع بين "مايكل" و"سيمبسون".
لكن "هاورد" ومن دون أن يعلم، كان يتفاخر بصورة الشخص المجهول، التي حمّلها "مايكل" من موقع "رينت دوت مِن". واختتم "هاورد" حديثه بالقول:
لن يكون محرر الصحيفة سعيداً بإرسال هذه الصورة عبر البريد الإلكتروني.. آمل أن تُعملوا عقولكم، وتعودوا إلى رشدكم بسرعة
لكن بدلاً من الخنوع لمطالب "هاورد"، ضغط فريق "بيزوس" لصالحهم. وحدَّد "دي بيكر" اسم "مايكل" مرةً أخرى في مقال نُشر في "واشنطن بوست" في تلك الليلة، باعتباره الجاني المحتمل، واتهم "إنكوايرر" بأن التسريب كان "ذا دوافع سياسية".
وبعد نشر المقال، اتصل "بيكر" بـ"هاورد" وقال له إن "ملكيوري"، مدير صندوق التحوط الذي يمتلك صحيفة "إنكوايرر"، كان "غاضباً للغاية" وضغط مرة أخرى على "هاورد" لإيقاف هذا الجنون. ثم بدأ "هاورد" في التفاوض مباشرة عبر الهاتف مع "دي بيكر". وكان ذلك التفاوض مريباً وحذراً، وكلاهما قام بتسجيل المكالمات الهاتفية التي تمت بينهما.
مفاوضات التسوية
في نصوص المكالمات، يبدو أن "هاورد" كان يحاول تجنب توجيه تهديدات صريحة، لكنه واصل التمسك بحقوق الصحيفة في نشر المواد. وقال "هاورد" للمحقق المخضرم "دي بيكر" في إحدى المكالمات: "هذا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يُفسَّر على أنه شكل من أشكال الابتزاز، أو أي شيء من هذا القبيل". وأضاف: "من مصلحة كلا الطرفين التوصل إلى تسوية، بالنظر إلى شبح المطالبات القانونية الذي تدور حول هذه القصة".
وبدا أن "هاورد" و"دي بيكر" يحرزان تقدماً في تلك المفاوضات. وفي السادس من فبراير، أرسل نائب المستشار العام لشركة "أمريكان ميديا" البنود المقترحة للاتفاقية إلى فريق "بيزوس" عبر البريد الإلكتروني. وقالت الاتفاقية إن شركة "أمريكان ميديا" توافق على عدم نشر أو مشاركة أي من الصور أو النصوص غير المنشورة، شريطة أن ينضم "بيزوس" وممثلوه إلى جانب الشركة، ويأكدوا علناً رفضهم لفكرة أن تقارير "إنكوايرر" كانت ذات دوافع سياسية".
رد "بيزوس"
نظر "بيزوس" إلى البريد الإلكتروني على أنه مبتذل بشكل صارخ. وفي السابع من فبراير، أخبر مستشاريه بأنه يعرف بالضبط ما الذي سيقوم به. وبالفعل كتب مقالاً مكوناً من 1000 كلمة حمل عنوان "لا.. شكراً لك سيد بيكر" وسلّمَه إلى "جاي كارني"، نائب رئيس شركة "أمازون" الأول لشؤون الشركات العالمية، الذي انتابته الدهشة عندما قرأ المقال للمرة الأولى أثناء مؤتمر عبر الفيديو جرى مع مجموعة من الزملاء. ثم قام "بيزوس" برفع المقال إلى موقع النشر "ميديوم" (Medium).
كان منشور بيزوس مذهلاً، حيث أدرج فيه رسائل البريد الإلكتروني الواردة من محامي شركة "أمريكان ميديا"، وكبير المحررين في صحيفة "إنكوايرر"، والتي كانت تظهر تذللهم له وتهينهم في مجملها.
وعلى الرغم من أن بيزوس كان محرجاً لوصف رسائله الجنسية بالتفصيل، إلا أنه عرف أن تلك الرسائل كانت تمثل لعنة على شركة "أمريكان ميديا". وكتب بنبرة مبتهجة تخرج من شخص واثق للغاية من موقفه: "حدث شيء غير عادي لي بالأمس. لقد قدموا لي عرضاً لا يمكنني رفضه، أو على الأقل هذا ما اعتقده كبار المسؤولين في صحيفة ذا ناشيونال إنكوايرر". وأضاف: "أنا سعيد لأنهم اعتقدوا ذلك، لأن الأمر شجعهم على كتابة اعتراف بكل شيء". وتجاهل بيزوس ذكر أنهم لم يفعلوا ذلك إلا بعد أن ضغط عليهم محامي يعمل نيابة عنه. وعلى ما يبدو فقد تلاعب "بيزوس" بخصومه ودفعهم إلى كتابة إثبات ورقي يدينهم.
ضربة "بيزوس"
ثم صرح "بيزوس" بما كان "دي بيكر" قد ألمح إليه فقط، وأشار إلى أن شركة "أمريكان ميديا" كانت تهاجمه نيابة عن إدارة ترامب والحكومة السعودية. وكتب "بيزوس" عن ملكيته لصحيفة "واشنطن بوست" قائلاً: "إنه أمر معقد بالنسبة لي. فلا مفر من أن بعض الأشخاص الأقوياء الذين تعرضوا لتغطية أخبار واشنطن بوست سيشعرون خطأً أنني عدو لهم". وأكد أيضاً أنه لم يندم على امتلاك الصحيفة، موضحاً: "امتلاك الواشنطن بوست أمر سأفخر به أكثر عندما أبلغ من العمر 90 عاماً وأراجع حياتي، إذا كنت محظوظاً بما يكفي لأعيش كل هذا الوقت".
وهذا الشعور بالطبع لم يكن له علاقة تذكر بعلاقة "بيزوس" بـ"سانشيز" خارج نطاق الزواج، أو المكيدة التي قام بها شقيق صديقته، أو محاولات شركة "أمريكان ميديا" اليائسة للهروب من سحابة الشك السياسي.
التعاطف مع "بيزوس"
بعبارة أخرى، كانت الخطوة التي اتخذها "بيزوس" ضربة موفقة في مجال العلاقات العامة، حيث أظهر رئيس شركة "أمازون" نفسه كمدافع متعاطف مع الصحافة وخصم لدود لشركة "أمريكان ميديا" ذات السمعة السيئة، التي اكتسبتها منذ فترة طويلة بسبب قيامها باستغلال الامتيازات الصحفية، والاختباء وراء تدابير حمائية مهمة، وتجاهل مبادئ وهدف الصحافة الحقيقية.
وبالنسبة إلى القراء المهتمين، كان "بيزوس" يتخذ موقفاً شجاعاً ضد التكتيكات الخادعة لحلفاء ترمب بينما يعرّض نفسه للخطر، من خلال نشر صوره المحرجة كتأكيد على مصداقيته. بعدها كتبت صحيفة "نيويورك بوست" عنواناً لا يُنسى، قالت فيه: "بيزوس يفضح بيكر"، حيث تحوّل التعاطف العام إلى صالح "بيزوس".
رواية محبوكة بشكل جيد
تابع "دي بيكر" تلك التأكيدات في شهر مارس التالي عبر كتابة مقال لصحيفة "ديلي بيست"، أشار فيه إلى محاولات شركة "أمريكان ميديا" المحمومة للدفاع عن نفسها من تهمة الانخراط في مؤامرة سياسية، ولفت إلى احتمالية وجود المزيد من الحقائق المخفية بأكملها تحت السطح.
وكتب "دي بيكر" يقول: "خلص محققونا والعديد من الخبراء الذين يحظون بثقة عالية إلى أن السعوديين تمكنوا من اختراق هاتف بيزوس، وحصلوا على معلومات خاصة منه". وأضاف: "أما بالنسبة لما يحدث الآن، فليس من الواضح إلى أي درجة، كانت شركة أمريكان ميديا على علم بالتفاصيل، إن وجدت أساساً". ونفت شركة "أمريكان ميديا" هذه المزاعم، وكشفت أن مصدرها الوحيد هو "مايكل سانشيز"، وليس أي نوع من التجسس الدولي أو الإلكتروني.
لكن أياً من ذلك لم يساعد شركة "أمريكان ميديا" على النجاة، حيث تمت حياكة رواية إعلامية غير مواتية على الفور تقريباً. ووفقاً لهذه الرواية فقد علِم النظام السعودي بعلاقة "بيزوس" و"لورين"، ونبَّه "إنكوايرر" إليها، أو حتى أكمل المعلومات التي تلقاها من شقيقها.
وبالنظر إلى مغازلة "بيكر" غير الناجحة للمملكة العربية السعودية من أجل الحصول على التمويل، فإن هذا الاحتمال قد يكون منطقياً إذا كنت تركز في التفاصيل بشدة بما فيه الكفاية. لكن لم يكن هناك دليل قوي يدعم هذه الفرضية، فقط بعض الافتراضات الناتجة عن ربط الأحداث المتداخلة، والروابط الضعيفة بين الشخصيات المتباينة، والمزيد من الصدف الغريبة.
"بيزوس" يتصدّر المشهد
مرة أخرى، نجح "بيزوس" في الفوز وتصدر المشهد. وكان تنقله بين جوانب الأزمة نموذجاً مذهلاً يوضح نهجه المتميز في بناء شركة "أمازون"، حيث تجاوز وسائل الإعلام المشككة إلى حد كبير، وناشد الأشخاص العاديين بشكل مباشر، ما أدى إلى تجميع الحقائق لصالحه في هذه العملية.
وانتصر "بيزوس" في تلك المعركة تماماً كما تفوّق في المناورات التي دخلها مع منافسين لا حصر لهم، حيث شعر بشكل حدسي بنقاط ضعف شركة "أمريكان ميديا" وهاجمها في مقتل.
رائد الأعمال الذي سبق له تولي إدارة أعمال بيع الكتب، ثم باع الكثير من بضائع متاجر التجزئة، بالإضافة إلى الحوسبة السحابية، والاستثمار في هوليوود، وإنتاج مكبرات الصوت المنزلية، وما إلى ذلك، استطاع أن يؤكد الآن هيمنته على أكثر قطاع غير مرغوب فيه، وهو: لعبة سيطرة المشاهير على وسائل الإعلام.
أدلة ضعيفة
على الجانب الآخر، ألقى "بيكر" باللوم على "هاورد" في الكارثة وأزاله من منصبه التحريري في شركة "أمريكان ميديا". وترك "هاورد" الشركة في أبريل 2020 عندما انتهى عقده.
ورفع "مايكل" دعوى قضائية ضد شركة "أمريكان ميديا"، وكذلك فعل "بيزوس"، و"دي بيكر" في قضيتي تشهير منفصلتين في محكمة المقاطعة في لوس أنجلوس.
خسر "بيزوس" كل قرار قانوني لاحق تقريباً مع تلاشي الحقائق. وفي المقاطعة الجنوبية لنيويورك، حقق المدعون الفيدراليون في ادعاء رئيس شركة "أمازون"، الذي ورد في مقاله على موقع "ميديوم"، وقال فيه إنه تعرض للابتزاز من قبل "أمريكان ميديا" بعد أن نشرت مقالة "إنكوايرر". ومع ذلك، لا بد أن الأدلة كانت قليلة، لأن المدعين العامين أسقطوا التهم بهدوء دون حتى القيام برفع قضية.
الظهور علناً
بدأ "بيزوس" و"لورين" في الظهور معاً في الأماكن العامة دون أن يردعهم أي شيء. وقبل الوباء، حضرا مؤتمر "ألين آند كو" (Allen & Co) للمستثمرين في "صن فالي" بولاية أيداهو، وقابلا "وارن بافيت"، و"تيم كوك"، و"مارك زوكربيرغ". وبعدها بأيام قليلة، شاهدا نهائيات بطولة "ويمبلدون" للرجال من المقصورة الملكية، وجلسا خلف الأمير وليام وكيت ميدلتون بثلاثة صفوف. وفي أغسطس 2019، ظهرا على متن يخت "ديفيد غيفن" الفاخر. وفي أكتوبر، ظهر "بيزوس" خارج القنصلية السعودية السابقة في إسطنبول لإحياء ذكرى مرور عام على مقتل "خاشقجي"، وتعامل "دي بيكر" مع الترتيبات الأمنية المعقدة اللازمة لهذه الزيارة، وجلس "بيزوس" إلى جانب "خديجة جنكيز"، خطيبة "خاشقجي"، وعانقها خلال الحفل.
شخصية صاحب الثروة
نظراً لأن مثل هذه الإيماءات الدراماتيكية حلت محل الفضيحة في الذاكرة الجماعية، لم يكن بإمكان موظفي "أمازون" سوى مشاهدة "بيزوس" والتساؤل: هل مازال رئيسهم التنفيذي ينتمي إلى عالمهم، أم بات من أصحاب الثروة والسحر والمكائد بدلاً من ذلك؟ وبدا أن "بيزوس" يظهر بشكل متكرر في الصحافة كما هو الحال في المكتب، حيث كان يشتري الأعمال الفنية التاريخية، واقتنص فرصة شراء عقار "غيفن" الذي تبلغ مساحته 9 أفدنة في بيفرلي هيلز مقابل 165 مليون دولار، وهو رقم قياسي في كاليفورنيا.
وأصبحت لدى "بيزوس" الآن طموحات شخصية ومهنية تتجاوز شركة "أمازون". وأصبحت نقطة التحول تلك واضحة في فبراير، عندما أعلنت الشركة أن مؤسسها سيصبح رئيساً تنفيذياً لمجلس الإدارة، ويسلم مقاليد منصب المدير التنفيذي إلى "إندي جاسي"، وهو نائب قديم في الشركة أشرف على الارتفاع المربح لخدمات الويب من "أمازون". وقبل التحول الجديد في حياته، سجل "بيزوس" انتصاراً آخر، من خلال حل مشكلة النقابة التي تحاول تنظيم العمال في مركز التنفيذ بشركة "أمازون" في مدينة "باسمير" بولاية ألاباما.
تساؤلات موظفي "أمازون"
أصبح لدى موظفي "أمازون" الآن المزيد من الأسباب للتساؤل. ما الذي يحمله المستقبل لمؤسس الشركة؟ ويمكن العثور على جزء على الأقل من الإجابة عن ذلك السؤال، في أحواض بناء السفن التابعة لشركة بناء اليخوت الهولندية المخصصة "أوشينكو".
ففي هذه الشركة التي تقع خارج مدينة روتردام، كان هناك ابتكار جديد يتشكل سراً، وهو: تصميم مركب شراعي بطول 127 متراً، وله ثلاثة صوارٍ، ولم يعلن عنه أي شيء بشكل عملي حتى الآن، ولم تنتشر أخباره إطلاقاً بين بناة القوارب الفاخرة، إلا بين من يعملون على الانتهاء منه، وسيكون هذا المركب واحداً من أرقى اليخوت الشراعية في التاريخ. كانت "أوشينكو" تبني أيضاً يختاً داعماً مصاحباً ليخت "بيزوس"، والذي تم تصميمه ليشمل مهبطاً للطائرات العمودية كما توقع الجميع تماماً.