تسيطر الحكومة الصينية على الأصول القيمة في المناطق الاستراتيجية من خلال بواية الشركات المملوكة للدولة. لكن الشركات المملوكة للدولة – والتي تعرف اختصارًا باسم الإس إي أو - تعتبر أيضًا غير فعالة، وبوابة للفساد، إضافة إلى معاناتها من الديون الثقيلة.
واعتبارًا من عام 2019، وهو آخر عام توفرت فيه البيانات، كان لدى الشركات المملوكة للدولة 126 تريليون يوان (19.4 تريليون دولار) من الديون، أي حوالي 40% من إجمالي ديون الحكومة والشركات والأسر في البلاد، مما ساعد على جعل الصين واحدة من أكثر الدول المثقلة بالديون في العالم.
وتحاول الصين تقليص حجم الشركات المملوكة للدولة لديها. وعلى الرغم من أن هذا في الغالب يكون شأن محلي، إلا أنه من حين لآخر، يمكن أن تتعارض أجندة البلاد الإصلاحية مع مصالح الأجانب بشكل مباشر. وتعتبر حالة شركة "هوارونغ أسيت مانجمنت Huarong Asset Management Co."، التي تملك وزارة المالية الصينية حصة أغلبية فيها، مثال واضح لاختبار هذا التعارض.
وتم إنشاء شركة هوارونغ قبل عقدين من الزمن بهدف شراء الديون المعدومة من البنوك التجارية، كما تم منحها تراخيص سمحت لها بالتفرع في مجالات أخرى، مثل: السمسرة والأسهم الخاصة وبنوك الظل (الوساطة المالية غير المصرفية). واستفادت الشركة من هذه التراخيص بالكامل، ففي نهاية عام 2016، شكلت أصول الديون المتعثرة – القطاع الرئيسي الذي تأسست من أجله هوارونغ - 26% فقط من إجمالي أعمالها، بينما شكلت الأصول المالية الأخرى نحو 40%.
واعتبارًا من يونيو 2020، امتلكت هوارونغ 1.7 تريليون يوان من الأصول، و1.6 تريليون يوان من الديون. ولدى الشركة حوالي 22 مليار دولار من السندات الدولارية المستحقة. وتراجعت أسعار السندات في أبريل، مع تداول بعض الإصدارات بنقطة تداول واحدة عند مستوى 55 سنتا على الدولار، وذلك بعد أن أخرت الشركة إصدار تقاريرها السنوية لعام 2020.
ومعظم السندات تم ضمانها من قبل شركة "تشاينا هوارونغ إنترناشيونال القابضة المحدودة، وهي شركة مرتبطة بهوارونغ أسيت مانجمنت، وليس من قبل الشركة الأم، التي يقع مقرها الرئيس في بكين.
الدعم الحكومي للسندات
عندما اشترى الأجانب السندات من هوارونغ أسيت مانجمنت، يبدو أنهم لم يدققوا بعناية في البيانات المالية للشركة التابعة. فاعتبارًا من يونيو الماضي، كان لدى هوارونغ إنترناشيونال 2.2 مليار دولار سيولة نقدية فقط، بينما يجب عليها رد ما يصل قيمته إلى 3.8 مليار دولار من السندات هذا العام.
وبدلاً من ذلك، اعتمد المستثمرون على الأمل في أن تحصل السندات على "دعم حكومي قوي للغاية"، وهو المبرر الأساسي الذي استخدمته وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية في تقييمها لهذه السندات بـ"الدرجة الاستثمارية".
وقبل ثلاث سنوات، حاولت بكين كبح جماح هوارونغ، واعتقلت رئيسها السابق "لاي شياومين Lai Xiaomin". وفي شهر يناير الماضي، تم الحكم على لاي بالإعدام، وهو حكم قاسي بشكل غير عادي نظرًا لارتكابه جريمة مالية فقط، وتم إعدامه في غضون أسابيع قليلة فقط. ومع ذلك، لا تزال مشاكل هوارونغ قائمة، وحاولت الصين التخلص من الأصول غير الأساسية في الشركة على مدار ثلاث سنوات، ولكنها أحرزت تقدما ضئيلا في هذا الصدد. وأكثر من نصف هذه الأصول عبارة عن منتجات لبنوك الظل، التي يصعب تقييمها والتخلص منها، وقد ينتهي الأمر باتخاذ قرار بالشطب الكامل لها.
والسؤال الآن هو: هل سترد الصين للمستثمرين قيمة السندات الدولارية؛ حتى تحافظ على ماء وجهها في الوسط العالمي، وتتحمل بنوكها هذه المبالغ؟ أم ستستعمل الحل المتعارف عليه في هذه المواقف، وتقوم بإغلاق الفرع الدولي لشركة هوارونغ؟.
ختامًا، يمكن القول إن إصلاح الشركات المملوكة للدولة في الصين يسير بوتيرة بطيئة، وغالبًا ما يواجه مقاومة من أصحاب المصالح المحلية الأقوياء. وفي حالة هوارونغ، يتم استدراج المستثمرون الأجانب للسير في نفس الطريق، حيث يريد هؤلاء المستثمرين بقاء الوضع على ما هو عليه دون تطبيق الإصلاح، وكل ما يسعون إليه هو استرداد قيمة سنداتهم.