بقلم بيتر كوي*
هناك طريقتان للتأكد من أن الشخص الذي يقترض منك المال سيعيده مرة أخرى. الطريقة الأولى تتمثل في معرفة المقترض جيداً والثقة به، أما الثانية فهي الضمانات التي يقدمها المقترض، والضمان هنا يقصد به الأصول المقدمة كضمان للقرض.
من الناحية النظرية، إذا كان الضمان جيداً، فلن يهتم المُقرض تقريباً إذا تخلف المقترض عن السداد، وسيكتفي بالاستحواذ على ضمانات المقترض وبيعها لاسترداد المبلغ الذي أقرضه.
وإذا تكرر الأمر، فإنه لن يسير بهذه الطريقة، خاصة وأن الأصل المحدد كضمان يُباع بأقل مما يتوقع المقرضون، وبالتالي تحدث خسائر فادحة. وهذا وصف جيد جداً للأزمة المالية العالمية التي انبثقت عن سوق الإسكان المتضخم بشكل مفرط، والذي ولد أوراقاً مالية وصكوكاً مشتقة مدعومة بالرهن العقاري، فكانت تساوي جزءً ضئيلاً مما يعتقده المقرضون.
وحدث ذلك مرة أخرى مؤخراً مع انفجار ديون "أركيغوس كابيتال مانجمنت" (Archegos Capital Management)، وهو صندوق تحوط أمريكي اقترض بكثافة للمراهنة على الأسهم باستخدام مشتقات مالية. وتعاملت بعض أكبر الأسماء في وول ستريت مع "أركيغوس"، واعترف العديد منهم بأنهم تكبدوا خسائر عندما تخلصوا من الأسهم التي تدعم تلك المشتقات.
تاريخ هوانغ السيئ
وتعتبر تفاصيل هذا الأمر معقدة. لكن دعنا نفكر الآن في سؤال مطروح حول ما إذا كانت البنوك قد ارتكبت خطأ من خلال الثقة المفرطة في الضمانات التي بحوزتها وإيلاء قدر ضئيل للشخص الذي كانت تتعامل معه، وهو مؤسس "أركيغوس" سونغ كوك هوانغ- الشهير بـ "بيل".
أغلق هوانغ شركتين استثماريتين عمل على إدارتهما بعد تسوية هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية لدعوى مدنية في عام 2012، واتهامهما بالفساد الداخلي والتلاعب بأسهم البنوك الصينية، حسبما أفادت "بلومبرغ". ودفع هوانغ وهاتان الشركتان ما يصل إلى 44 مليون دولار، كما أنه مُنع من العمل في قطاع الاستشارات الاستثمارية.
واستطاع هوانغ إيجاد طريقة للالتفاف حول قرار منعه من تقديم الاستشارات الاستثمارية من خلال إنشاء "أركيغوس" كمكتب عائلي، الذي يدير حالياً ثروة رجل الأعمال الأمريكي. كما أنه تغلب على متطلبات الإفصاح من خلال هيكلة رهاناته كمشتقات مالية ووضعها بشكل أساسي ضمن الميزانيات العمومية للبنوك، حسبما ذكرت "بلومبرغ".
وربما لم تكن البنوك التي تعامل معها ستسمح بالاحتفاظ بمثل هذه المشتقات المالية الكبيرة والمحفوفة بالمخاطر، إذا كانوا يدركون أنها تزيد من مستوى التعرض للمخاطر مع منافسيهم. وجدير بالذكر أن هوانغ لم يثبت عليه أي دليل بمخالفته أي قواعد، لكنه في الواقع كان الضحية الأكبر.
وهناك بالتأكيد دور للإقراض المضمون، فمن الصعب شراء منزل إذا لم تتمكن من الحصول على رهن عقاري، حيث يمثل المنزل الضمان الذي يحفظ للمقرض حقه في استرداد أمواله حتى ولو بقيمة أقل.
وعلى الصعيد العالمي، يجادل الاقتصادي البيروفي هيرناندو دي سوتو بأن حقوق الملكية المضمونة هي مفتاح التنمية الاقتصادية لأن الأشخاص الحائزين على حق الملكية بإمكانهم التعهد بها كضمان للقروض، وهو أمر يمكنهم استخدامه لبدء عمل تجاري.
ولكن يبدو أن الإقراض المضمون ليس آمناً بشكل دائم، كما ظهر خلال الأزمة المالية العالمية، فضلاً عما أكدته معاناة "أركيغوس كابيتال مانجمنت".