اكتسبت مؤلفتا الروايات الرومانسية الخرافية سارة ماس وريبيكا ياروس متابعين أوفياء من خلال كتب عن بطلات يخضن مغامرات في عوالم سحرية ويقعن في الحب

الخرافات والحب.. مادة روايات تكتسح أسواق الكتب الأميركية

صورة تعبيرية - الشرق/بلومبرغ
صورة تعبيرية - الشرق/بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يشتد إقبال قراء الولايات المتحدة على روايات تدور حول الجن والتنانين، وعلى قصص حب تنتهي بحياة جميلة. ويُتوقع أن ترتفع مبيعات الروايات الخرافية الرومانسية التي تجمع ما بين شخصيات خيالية ومغامرات ملحمية في طياتها لفتات رومانسية وحميمية ساحرة، إلى 610 ملايين دولار هذا العام، لتحطم الرقم القياسي السابق وهو 454 مليون دولار سجلته في 2023، حسب شركة تحليل قطاع النشر "سيركانا" (Circana).

لقد تم بيع 11 مليون كتاب خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2024، أي نحو ضعفي كمية الكتب المباعة خلال الفترة عينها من العام الماضي. وفيما تتوقع "سيركانا" بلوغ المبيعات ذروتها في 2025، فإن الروايات التي تتضمّن شخصيات نسائية قوية، ولها قاعدة جماهرية عريضة، ستحافظ على الأرجح على مكانتها الدائمة على رفوف متاجر بيع الكتب. 

روايات متنوعة

ترسّخ الإقبال على هذا النوع من الروايات بفضل المؤلفة سارة جيه. ماس، إحدى عمالقة الروايات الخرافية الرومانسية، وهي تنشر كتبها عبر دار "بلَمسبوري بَبليشينغ" (Bloomsbury Publishing). إذ غالباً ما تشكل سلسلة رواياتها الشهيرة "بلاط الأشواك والورود" (A Court of Thorns and Roses) نقطة الانطلاق الأولى للقراء الذين يتعرفون على هذا الضرب من الأدب. وتدور سلسلة الرويات حول صيادة تُضطر للعيش في مملكة للجنّ حيث تشتت ولاؤها بين مملكتين خرافيتين وانقسم فؤادها بين اثنين من أسياد الجن. 

"الجناح الرابع" (Fourth Wing) هو أحد الكتب الأخرى التي أسهمت في نمو المبيعات. وتتناول الرواية مغامرات متدربة شابة في أكاديمية لفرسان التنانين. هذا الكتاب الأول ضمن سلسلة (Empyrean) الأحدث للمؤلفة ريبيكا ياروس، صادر عن دار نشر "إنتنغلد بَبليشينغ" (Entangled Publishing) حيث يُنتظر صدور الجزء الثاني في يناير. 

يختلف هذا الإقبال عن الموجة التي تلت صدور رواية "الشفق" (Twilight) في بداية الألفية، وما تبعها من هوس بمصاصي الدماء، بلغ حد السقم. اليوم، يمكن لمحبي هذا النوع الأدبي اختيار ما يلبي أذواقهم من بين مجموعة واسعة من القصص المتنوعة، فثمة كتب خرافية رومانسية عن الجنّ والبشر والوحوش، تجري أحداث بعضها في أراض قاصية، وتتفاعل أخرى في مناطق حضرية أضفى عليها الكتاب صبغةً سحريةً.

 تعمل دور النشر على ترسيخ مكانة هذا النوع من الكتب، فيما ينكب الكتاب على تأليف روايات تناسب تطلعات قرائهم الذين لا يترددون في التعبير عن آرائهم. وغالباً ما تنتشر توصيات بكتب والتعليقات عنها وملخصات لها بشكل واسع على الإنترنت.

ظاهرة في قطاع النشر

ترى كات سارفاس مسؤولة فئة الروايات الخرافية في "بارنز أند نوبل" (Barnes & Noble) أن هذا الانتشار يصب في مصلحة قطاع الكتب، بما أنه يساعد على توسّع هذا النوع الأدبي والاستمرار في الترفيه عن القراء لفترة أطول. وقالت: "لا تضرب الصاعقة البقعة ذاتها مرتين... هناك جمهور لأنواع فرعية فريدة جداً. إن القراء يأتون وهم يعرفون بالضبط ما يريدون، وبماذا يستمتعون وإلام ينجذبون".

قال جاياشري كامبلي، أستاذ اللغة الإنجليزية في كلية لا غورديا المجتمعية في جامعة سيتي في نيويورك، إن الروايات الخرافية الرومانسية حققت نجاحاً بطيئاً في بداياتها، ثم جمحت، وشرح أن الكتّاب دأبوا على المزاوجة بين هذين النوعين من الأدب على مدى عقود.

 نشرت "بلَمسبوري" أول كتاب من سلسلة "بلاط الأشواك والورود" في مايو 2015، وقد تردد اسمه على لسان كل المعجبين، ثم أسهم اتساع ركن "بوك توك" (BookTok) المتخصص بالكتب من تطبيق "تيك توك" في تعزيز نجاح السلسلة. هناك نحو 364 ألف منشور على "تيك توك" يدعم وسم الروايات الخرافية الرومانسية وأكثر من 1.4 مليون منشور حول رواية "بلاط الأشواك والورود" وحدها.

أسهم الطلب على كتب ماس الصادرة عن "بلَمسبوري" والبالغ عددها 16 كتاباً حتى الآن في تعزيز نمو إيرادات قسم المستهلك لدى الشركة خلال العام المالي الذي انتهى في فبراير، ما ثبّت مكانة ماس "كظاهرة في قطاع النشر"، بحسب الدار.

 هذه ليست المرة الأولى التي تحمل فيها رواية خرافية النجاح لـ"بلَمسبوري"، فالشركة ما تزال تشير إلى سلسلة "هاري بوتر" التي نشرت الرواية الأولى منها عام 1997، كمصدر ضخم للإيرادات.

وعلّقت فيونا أورفورد وليامز، المحللة لدى "مجموعة إديسون" (Edison Group) المتخصصة بالبحوث الاستثمارية على دار النشر قائلة: "لديهم براعة مذهلة في تلقف ما يأتي منذ بداياته ثم البناء عليها". وقد ارتفعت قيمة سهم " بلَمسبوري" بنسبة 36% هذا العام بالمقارنة مع ارتفاع بنسبة 5% لمؤشر " إف تي إس إي ميد سمول كاب إندكس" (FTSE SmallCap Index).

 

 

جمهور مراهقين ونساء

يتراوح قرّاء الروايات الخرافية الرومانسية بين المراهقين الذين يسمعون عن الكتب من أصدقائهم أو يتعرفون عليها من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى النساء الثلاثينيات والأربعينيات اللائي يسعين لمخرج من رتابة حياتهن اليومية.

فقد نشأن وهن يقرأن كتباً ويتابعن أفلاماً خرافية، ونادراً ما كنّ يجدنها تعبر عنهن. إن أشهر الكتب، مثل سلسلة "سيد الخواتم" (Lord of the Rings) و"صراع العروش" (Game of Thrones)، اقتصرت على شخصية نسائية أو اثنتين، وكانت أدوارهن فيها إسنادية أو هامشية مقارنةً بدور البطل. وفيما تخللت تلك الروايات بعض الحبكات الرومانسية، إلا أنها لم تأت في المقام الأول، بينما في الروايات الخرافية الرومانسية، البحث عن الحب الحقيقي هو القصة بحد ذاتها.

تبدو الشهية مفتوحة على هذا النوع الأدبي. في مكتبة "نوفل غراوندز" (Novel Grounds) المستقلة في تشيزسابيك في فيرجينيا، تمثّل الروايات الخرافية الرومانسية نحو 70% من المبيعات، بحسب تقديرات مالكة المكتبة ميغان غولت.

 وفي أغلب الأحيان، يقصدها القراء بعد أن ينتهوا من رواية "بلاط الأشواك والورود"أو "الجناح الرابع" وهم في تلهف للمزيد، فتكون سعيدة بتلبية طلبهم.

تضم مكتبتها في الأساس أعمالاً لكتّاب مستقلين أو ينشرون كتبهم ذاتياً، وتتلقى نحو 2900 طلب في الشهر دون احتساب طلبات نوادي الكتب. قالت غولت: "هذا ما شاهدناه تكراراً: اقترحي لي كتاباً آخر يجعلني أنفصل عن الواقع لبضع ساعات، اقترحي لي نوعاً آخر يتضمن حباً ملحمياً".

متاجر كتب متخصصة

قالت سارفاس من "بارنز أند نوبلز" إن هذه الفئة تهيمن على أدب القصص الخرافية. وينشر كثير من الناشطين على "تيك توك" توصيات وملخصات ومراجعات عبر حساباتهم. بل إن هنالك اليوم متاجر كتب متخصصة حصرياً بالروايات الرومانسية على امتداد الولايات المتحدة. 

كان متجر بيع الكتب "ريبد باديس" (Ripped Bodice) رائداً في انتشار هذا المفهوم من المتاجر مع افتتاح أول فرع له في كولفر سيتي في كاليفورنيا في 2016، وتوسّع لاحقاً ليفتتح فرعاً ثانياً في بروكلين في نيويورك.

تقول المؤسسة الشريكة للمتجر ليا كوخ إن شعبية القصص الخيالية الرومانسية أسهمت في طريقة تصميم الرفوف. وأضافت: "ارتأيت أن هذا القسم يجب أن يكون أكبر بكثير ممّا كان عليه حين افتتحنا فرع لوس أنجلوس لأننا نعرف أن ثمة كثير من الكتب التي توضع هنا". 

على صعيد النشر، تعمل الشركات على تحسين براعتها، سواء من خلال إحداث مكانة للروايات الرومانسية أو الروايات الرومانسية الخرافية، أو إقامة دور أصغر مكرّسة لها. أنشأت شركة "إنتغلند بابليشينغ" المتخصصة أصلاُ بالروايات الرومانسية دار "ريد تاور بوكس" (Red Tower Books) في 2022، وأوكلت "ماكميلان ببليشرز" (Macmillan Publishers) بالتوزيع حول العالم. كما أنشأت مجموعة "تور ببليشينغ" (Tor Publishing Group) دار النشر المتخصصة بالروايات الرومانسية "برامبل" (Bramble) في فبراير 2023.

وقالت مديرة التحرير مونيك باترسون إن "برامبل" حققت ربحية مع أولى الكتب التي طرحتها، وتضمّنت أعمالاً لكاتبات روايات خرافية رومانسية مثل جنيفر إل. أرمينتراوت وكاريسا برودبنت.

كما توجهت "برامبل" وغيرها من دور النشر نحو الكتّاب الذين سبق لهم نشر أعمال بأنفسهم، والذين لديهم كتب مطروحة في السوق ما تزال تُطبع نسخ جديدة منها، ويتمتعون بقاعدة متابعين واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى استعداد للانطلاق من الصيغ الراهنة وإضافة لمساتهم الخاصة للتعديل عليها. 

نهاية سعيدة غير حتمية

ضمن ذلك يبقى الباب مفتوحاً أمام الروايات الرومانسية ذات النهايات الواقعية التي تترك القارئ على أمل أن تكون سعيدة، بدل النهايات السعيدة الحتمية التي لطالما كانت قاعدة أساسية في الروايات الرومانسية.

لم تقع باترسون على مسودة رواية على هذه الشاكلة بعد، لكنها تترقبها بعقلية منفتحة. وكما الحال في كل العلاقات الصحية الناشئة، هي متحمسة لترى إلى أين يتجه أدب الروايات الخرافية الرومانسية عموماً.

قالت: "إن سألني سائل كم أتوقع أن تدوم موجة الروايات الخرافية الرومانسية، لن تحضرني إجابةٌ محددةٌ... أعتقد أنها ستستمر في التطور طالما تأتينا روايات جميلة".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك