تفيض المدينة العائمة كل عامين بالأعمال الفنية خلال فعاليات معرض بينالي البندقية

عروض فنية لا تجتمع إلا في بينالي البندقية

قطعة فنية من لي بيارز في معهد فينيتو دي ساينز، نيويورك، لندن، برلين - الشرق/بلومبرغ
قطعة فنية من لي بيارز في معهد فينيتو دي ساينز، نيويورك، لندن، برلين - الشرق/بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يقلّك قارب فابوريتو، المرادف المحلي للحافلة، إلى معرض بينالي البندقية الفني الضخم في حدائق جيارديني، لكن الأروع أن تتوجه إلى هناك سيراً على الأقدام، ولا شك أنك ستقع على معارض مؤقتة أُقيمت على امتداد المدينة ترادف البينالي الرسمي الذي يستمر حتى 24 نوفمبر.

تتضمن قائمة المشاركين أسماء لامعة في عالم الفنّ، مثل الجنوب أفريقي ويليام كينتريج الذي قدّم سلسلة أفلام فيديو جديدة تحت عنوان (Self-Portrait as a Coffee-Pot)، والأميركية سارة سزي التي صنعت فسيفساء من شاشات في معرض صغير تعرض عشرات المقاطع المصورة المتنوعة، والرسامة التشكيلية الصينية يو هونغ مع عملها الفني الضخم المقام في كنيسة سابقة والمصنوع من 11 لوحاً ذهبياً يصور معظمها نساءً وأطفالاً يعيشون المعاناة.

ما هذه إلا بعض الأسباب التي تمنح معرض بينالي البندقية مكانته العريقة. تقنياً، يحمل المعرض بدورته هذا العام عنوان "الأجانب في كل مكان" بمشاركة 331 فناناً، ويُقسم إلى جزأين: جناح جيارديني الضخم، والمعرض الشاسع في مبنى أرسنال المجاور الذي كان مصنعاً للسفن في ما مضى. وقد عُزّزت الفعالية الرئيسية بعدة معارض من تنظيم 30 دولة ضمن أجنحتها الوطنية الدائمة في جيارديني أيضاً.

تنشر المعارض الفرعية الفنّ في كل حدب وصوب من المدينة، بدءاً من القصور الفارهة حتى الكنائس الصغيرة امتداداً إلى المعارض المؤقتة على الجزر البعيدة، وهناك تكون المتعة الحقيقية. فتتحول المدينة على مدى عدة أشهر إلى معرض لأروع الأعمال الفنية العالمية التي تسهم في تحديد توجهات عالم الفن وسوق الأعمال الفنية للعامين المقبلين. أدناه 10 معارض حاول ألا تفوتها:

  • أسئلة غير مرئية تعبق بها الأجواء: جيمس لي بيارس وسيونغ- تايك لي في معهد "فينيتو" للعلم والأدب والفن

 

يحتضن قصر لوريدان التاريخي المطل على ساحة كامبو سانتو ستيفانو المعرض الذي أصبح حديث بينالي البندقية. فهو يظهر التباين ما بين الزخرفة الداخلية للقصر العائد للقرن السادس عشر وبساطة منحوتات بيارس ولي، الفنانين اللذين على الرغم من أنهما ليسا على معرفة مسبقة، فإن منحوتاتهما ومفاهيمهما غالباً ما تتضمن مواد خارجة عن المألوف. من ضمن الأعمال التي أنتجاها على مرّ مسيرتهما المهنية الطويلة، تبرز منحوتة من لي تبدو أشبه بحبوب خرز خشبية عملاقة تتدلى من سقف مطلي، إلى جانب ثريا مورانو متعددة الطبقات.

تحتضن غرفة أخرى أحد أعمال بيارس الفنية التي تبدو أشبه بقطعة ذهبية محفوظة وراء زجاج وهي تتلألأ تحت سقف بألوان حلوى غزل البنات. غالباً ما يصعب تحليل هذه الأعمال بحدّ ذاتها، ولكن في هذا المعرض تسهل ملاحظة أوجه الشبه بين إبداعات الفنانين.

 

  • بيرليند دي بروكير: مدينة اللجوء 3 في كنيسة سان جورجيو ماجيوري

تقع جزيرة سان جورجيو ماجيوري عند الطرف الشرقي لجيوديكا، وتشتهر بكنيستها التي صممها المعماري أندريا بالاديو في القرن السادس عشر. تجد داخل البناء أعمدة شاهقة وزخرفة داخلية بسيطة بمقاييس البندقية، وهي تحتضن لوحتين ضخمتين لتينتوريتو، فتقدّم مساحة مثالية لاستضافة منحوتات دي بروكير الضخمة التي يعرض فيها أجساداً في أكفان رمادية على قواعد معدنية تبدو كأنها مصنوعة من الخردة.

  • زجاج مورانو بين 1912-1930 وبينيالي البندقية في لي ستانزي ديل فيترو

فيما تتنزه خلف الكنيسة، ستقع على مركز ثقافي (يتضمن مساحات معرضية من تصميم مهندسة معمارية أحدث هي أنابيل سيلدورف) وهو مكرّس لدراسة فنّ تصنيع الزجاج وتسويقه في القرنين العشرين والواحد والعشرين. نظّم المركز معرضاً حيوياً يختص بالأعمال الفنية المصنوعة على جزيرة مورانو في البندقية المعروفة باستوديوهات صناعة الزجاج، والتي تقدّم منتجات تتنوع بين ثقالات الورق والثريات زاهية الألوان. يسلط هذا المعرض الضوء على قطع من دورات بينالي أُقيمت قبل مئة عام، تعود بشكل خاص إلى الدورتين العاشرة والسابعة عشرة (أصبحنا اليوم في الدورة الستين). تقدم القطع الـ135 درساً معمّقاً حول الحرفة الأقدم في المدينة.

 

  • جانوس في قصر دييدو، متحف بيرغوين للفنون والثقافة

لم يجف الطلاء بعد عن جدران المركز الفني الجديد الذي أسسه الملياردير نيكولاس بيرغوين في قصر دييدو العائد للقرن الثامن عشر في حيّ كاناريجيو. فقد أنشأ بيرغوين وهو نجل أحد تجار الفنّ المعروفين مؤسسة كلّفت 11 فناناً بابتكار قطع مخصصة للعرض في القصر. (وستُخصص أجزاء أخرى من القصر لبرامج الفنانين المقيمين). فيما يتنقل الزائر بين غرفة وأخرى مصممة على شكل كهوف، سيجد نفسه محاطاً بقطع من توقيع بعض نجوم سوق الأعمال الفنية مثل لي يوفان الذي يعرض لوحة تجريدية متموجة على السقف وهيروشي سوغيموتو الذي تحاكي صوره الفوتوغرافية ذات الألوان الأساسية اللوحات الجدارية في الأعلى.

  • غلاستريس في استوديو بيرينغو

هذه السنة، لن تقتصر زيارتك لجزيرة مورانو على التفتل بين القطع الزجاجية التقليدية، وذلك بفضل الزجّاج أدريانو بيرينغو الذي كثيراً ما يعمل مع أشهر الفنانين المعاصرين في العالم ليجسد أعمالهم. سيشاهد زوار الاستوديو بيرينغو قرب الشارع الرئيسي في مورانو بجوار معمله، ثريا بالغة التشابكات من تصميم آي ويوي وعملاً ضخماً يمتد على مساحة غرفة يصوّر طيوراً زجاجية بتوقيع لور بروفوست وجيشاً صغيراً من التماثيل الزجاجية لمصارعين من روبرت ويلسون.

 

  • بيير هويغ: "ليمينال" في متحف الفنّ بونا ديل دوغانا

حوّل الملياردير الفرنسي فرانسوا بينو مبنى الجمارك السابق عند طرف دورسودور إلى معرض فخم. هناك، يمكن للزوار مشاهدة أعمال هويغ المعروف بابتكاراته الفنية الصعبة والجذابة. (في أحد أعماله، وضع مجسماً لإحدى منحوتات برانكوشي في حوض سمك ليصبح بيتاً لسلطعون). يتنقل الزوار من غرفة إلى غرفة في ظلام دامس تقريباً، فيرون شكل إنسان بلا وجه في إحدى الغرف، وفي أخرى يشاهدون فيلماً مربكاً صُوّر في موقع الكارثة النووية التي وقعت عام 2011 في فوكوشيما اليابانية يظهر فيه قرد يرتدي قناعاً أبيض وشعراً مستعاراً يتجول في مطعم. ولكن لا تقلقوا، ثمّة غرفة أيضاً لأحواض السمك الشهيرة.

 

  • رضا آرامش: الرقم 207 في كنيسة سان فانتين

قبالة واجهة دار أوبرا لافينيس العريقة هنالك كنيسة قد لا تكون على القدر نفسه من الشهرة، تناثرت فيها منحوتات من رخام كارارا لملابس داخلية مرمية، وهي تقودك نحو سلسلة منحوتات الضخمة باللون الأبيض الناصع تمثّل أشخاصاً يبدون أشبه بمعتقلين (غُطيت رؤوسهم بأكياس، ويقفون بوضعيات وكأنهم يُجبرون على خلع ملابسهم). يعبّر آرامش صراحة عن اهتمامه بالصور المأخوذة من تغطية الحروب منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم، على الرغم من حرصه على ألا يحدد الجهة التي يصوّرها في أعماله. فتحاكي التماثيل، لا بل تفاقم، تعابير الأسى والنشوة التي تبدو على الشخصيات الدينية المصوّرة على جدران الكنيسة.

 

أفضل المعارض الوطنية التي يُنصح بزيارتها في جيارديني

تستغرق مشاهدة أجنحة كل الدول المشاركة يوماً كاملاً، ولكنها لن تكون تجربة غنية بالضرورة. لذا يمكنك الاستعاضة عن ذلك بزيارة الأفضل بينها.

مصر

كان واضحاً منذ الأسبوع الافتتاحي مدى الإعجاب الجماهيري الذي حصده عمل وائل شوقي. فقد عرض في أحد أطراف جناح مصر فيلم الأوبرا المشوق "دراما 1882" من تأليفه وتصميمه الكوريغرافي وإخراجه حيث تدور أحداثه في زمن الثورة الوطنية العرابية في مصر في وجه القوى الإمبريالية الإنجليزية والفرنسية. أمّا باقي الجناح فيمتلئ بالأعمال الفنية التي تحاكي التاريخ الثقافي المصري، من بينها منحوتة تصوّر سلطعوناً ضخماً جذاباً.

اليابان 

على المقلب الآخر، ملأت الفنانة يوكو موهري الجناح الياباني بالتجارب المرحة، مستخدمة الضوء والمياه والصوت. فقد كرّست جزءاً من المساحة لعملها (Decomposition) حيث غرست أقطاباً كهربائية في الفاكهة، مولّدة إشارات كهربائية تتحول إلى ضوء وتشغّل مكبرات الصوت فيما تتعفن الفاكهة. هذه السيمفونية التجريبية دائمة التغير هي الرفيقة المثالية لعملها الآخر (Moré Moré)، أي تسريب، وهو منحوتة حركية مصنوعة من خردوات تهدف إلى تحويل وتوقيف تسرب المياه.

أستراليا

فاز الفنان الأسترالي أرتشي مور عن جدارة بجائزة الأسد الذهبي، وهي الجائزة الأعلى التي يمنحها بينالي البندقية، عن عمله الذي غطى معظم جدران وسقف غرفة خافتة الإضاءة بآلاف الأسماء المكتوبة بالطبشور، تشير إلى أسلافه من الكاميلاروي والبيغامبول والبريطانيين، مسترجعاً نحو 65 ألف عام من تاريخ وانحدار مجتمعه.

تتوسط الغرفة طاولة معلقة فوق بركة مياه مغطاة بكومة من 576 وثيقة تتضمن أغلبها تحقيقات أجراها الاستعمار بوفيات سكان أصليين أستراليين فيما كانت الشرطة تحتجزهم.

تجمع الغرفة ما بين الخيال والصراحة السياسية، فتظهر عن كثب كيف يجمع الفنّ العظيم ما بين النظرية والمفاهيم والجمالية والأيدولوجية ضمن باقة واحدة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك