أسعار البنزين في الولايات المتحدة ارتفعت 18% هذا العام والكونغرس يضغط للتشديد في إنفاذ العقوبات على إيران

تشديد القبضة على إيران يهدد سعي بايدن لكبح سعر البنزين

صورة تعبيرية لمضخة وقود - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية لمضخة وقود - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لم يتبق سوى ستة أشهر على انتخابات الرئاسة الأميركية، فيما تبدو استراتيجية الرئيس جو بايدن لخفض أسعار البنزين عرضة للفشل.

لقد كان تساهل الإدارة حيال العقوبات على نفط إيران وروسيا وفنزويلا عاملاً رئيسياً في سعيها لكبح أسعار الوقود. لكن ذلك التساهل بات يمثل خطراً أكبر من الناحية السياسية، إذ إن هجوم إيران على إسرائيل قد زاد الضغوط على بايدن للتشديد على صادرات النفط الخام من إيران.

تنتج الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" نحو ثلاثة ملايين برميل يومياً، أي ما يوازي 3% من الإمداد العالمي. رغم أن نفط إيران قد لا يجد سبيلاً إلى خزانات وقود السيارات في الولايات المتحدة، فإن وجوده عموماً يساعد على الحدّ من مكاسب الأسعار.

تزداد الحسابات تعقيداً لبايدن قبيل الانتخابات التي تشير التوقعات إلى أن قرارات الناخبين فيها ستشهد تركيزاً قوياً على ارتفاع تكلفة المعيشة. أثبت التاريخ أن ثمّة صلة وثيقة بين حظوظ الرؤساء الأميركيين وأسعار البنزين في محطات الوقود، رغم أن قدرتهم على التحكم في سوق النفط على المدى القصير محدودة.

فيما يستحكم العنف في الشرق الأوسط، ارتفعت أسعار البنزين في أميركا 18% هذا العام، رغم أن موسم السفر البري الصيفي لم يبدأ بعد.

محدودية الفعل

قال جيم لوسير، العضو المنتدب في "كابيتال ألفا بارتنرز" (Capital Alpha Partners)، وهي مجموعة بحثية مقرها واشنطن إن "إدارة بايدن حساسة بشدة تجاه أي شيء من شأنه أن يرفع أسعار النفط، وهي قد عبّرت عن ذلك مراراً". لكنه أضاف أن الرئيس ليس بمقدوره أن يفعل الكثير ليبلغ هذه الغاية، إذ قال: "إن بايدن مغلول اليد في ما يتعلق بهذا الأمر".

اقرأ أيضاً: أسعار النفط تتمسك بارتفاعها وسط ترقب للمخزونات والعقوبات على إيران

أشار فرناندو فيريرا، مدير "رابيدان إنرجي غروب" (Rapidan Energy Group)، التي تقدم خدمات استشارية تتعلق بالمخاطر الجيوسياسية، إلى أن "الخيارات الجيدة" أمام البيت الأبيض قد نفدت، إذ أوشكت الاستراتيجيات التي أثبتت فاعليتها على نهاية مطافها.

على سبيل المثال هنالك نهج الرئيس في التعامل مع نفط إيران وروسيا وفنزويلا. رغم فرض العقوبات الأميركية عليها لأكثر من عقد، ارتفع إنتاج إيران من النفط في مارس إلى أعلى مستوياته خلال ستة أعوام عند 3.3 مليون برميل يومياً.

يمثل ذلك ارتفاعاً بنسبة 75% من الدرك الذي بلغته في أواخر 2020 خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي شدد العقوبات على كل من ينتهك الحظر القائم. يُشحن نحو 80% من صادرات إيران حالياً البالغة 1.5 مليون برميل يومياً إلى الصين، حيث تُكرر في مصافٍ مستقلة، وفقاً لتقرير أصدره الكونغرس.

ضغوط للتشديد

فرضت مجموعة الدول السبع بقيادة الولايات المتحدة سقفاً لسعر الخام الروسي عند 60 دولاراً للبرميل في سبتمبر 2022. وكان هدف ذلك الحد من العائدات التي تستخدمها حكومة روسيا لتمويل حربها في أوكرانيا دون خنق أحد المصادر الحيوية للإمدادات.

رغم أن إدارة بايدن أعادت فرض عقوبات النفط على فنزويلا لتعاقب الرئيس نيكولاس مادورو بعد أن نكث بعهده لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، فهي تسمح لشركة "شيفرون" بأن تواصل نشاطها في البلاد.

اقرأ أيضاً: الولايات المتحدة تعتزم إعادة فرض العقوبات النفطية على فنزويلا

والآن يضغط المشرعون على الإدارة لتتخذ نهجاً أشد صرامة تجاه حكومة إيران في أعقاب هجومها بطائرات مسيّرة على إسرائيل في أبريل. يسعى الكونغرس للضغط على الرئيس عبر اشتراطات على حزمة المساعدات الجديدة لأوكرانيا، تقضي بفرض عقوبات تشمل الموانئ والسفن والمصافي الأجنبية التي تقبل الخام الإيراني عن دراية بمصدره.

لا يُرجح أن يقلص بايدن، الذي ما يزال بيده قدر كبير من السلطات التنفيذية، صادرات النفط الإيرانية إلى حد كبير. رغم ذلك، فإن الجمهوريين قد صاغوا الإعفاءات من العقوبات بموجب المساعدات لأوكرانيا بحيث تكون علنية، ربما بهدف إحراجه كي يتخذ بعض الخطوات، وإن لم يفعل، لتساعدهم لاحقاً على إثبات أنه أفرط بالتساهل مع إيران.

استنزاف الاحتياطي

قال كيفين بوك، العضو المنتدب في "كليرفيو إنرجي بارتنرز" (ClearView Energy Partners)، إن حاول بايدن "خفض أسعار البنزين من خلال تخفيف العقوبات، سيتمكن الجمهوريون من لومه في المسرح السياسي المتمثل في دورة الانتخابات".

ربما تكون المخاطر حادةً بشكل خاص بالنسبة لبايدن، وذلك لأنه قد سعى بقوة ليعلن أن خفض أسعار البنزين أولوية. شملت تصريحات بايدن البارزة عن المسألة اتهام شركات النفط "بالتربح من الحرب". كما لجأ إلى إجراءات طارئة لزيادة إمدادات النفط باعتبارها وسيلة لخفض الأسعار.

اقرأ أيضاً: خافيير بلاس: على أميركا تنفيذ عقوباتها على نفط إيران لا زيادتها

وافق الرئيس على إفراج تاريخي عن أكثر من 200 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي منذ 2022، ما خفضه إلى أدنى مستوياته خلال 40 عاماً. كما أصدر إعفاءات تتيح مبيعات واسعة خلال الصيف من بنزين "إي 15" (E15) ذي النسبة الأعلى من الإيثانول، الذي يقل سعره عادةً عن نظيره التقليدي "إي 10" (E10).

كتب تشارلز لوتفاك، المتحدث باسم حملة بايدن، في رسالة أرسلها بالبريد الإلكتروني: "جو بايدن سيواصل بذل الجهود من أجل خفض الأسعار التي تضغط على ميزانيات الأسر مثل أسعار البنزين".

مزيد من الاستنزاف

كما كانت هنالك بعض الجهود خلف الكواليس لخفض الأسعار. طلبت نائبة الرئيس كامالا هاريس من رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي في فبراير أن يمتنع عن مهاجمة مصافي النفط الروسية، وفقاً لشخص مطلع على الأمر. كما أعلم جيك ساليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، مسؤولين خلال زيارة إلى السعودية في الخريف أن الولايات المتحدة تأمل أن تبدأ "أوبك" بتخفيف خفضها للإنتاج.

أما داخل الولايات المتحدة، فيستطيع بايدن أن يستغل الاحتياطي النفطي الاستراتيجي مجدداً، رغم أن حجمه بلغ نصف مستواه العادي. رفض جون بوديستا، مستشار البيت الأبيض في ما يتعلق بقضايا المناخ، هذا الشهر استبعاد اللجوء إلى الاحتياطي النفطي الاستراتيجي مرّة أخرى.

اقرأ أيضاً: سوق النفط ترى تأثيراً طفيفاً للعقوبات الإيرانية على الصادرات

يود بعض الديمقراطيين أن يشهدوا تقليص بايدن لصادرات النفط الخام الأميركي وأنواع الوقود المكرر لخفض الأسعار مؤقتاً. لكن بمرور الوقت، قد تأتي أي خطوات لتأمين الإمدادات محلياً بنتائج عكسية من خلال وفرة في المعروض، ما سيؤدي لخفض الأسعار ومعه تقليص المصافي الأميركية لإنتاجها. على نحو مشابه، قد ترد شركات النفط على القيود المفروضة على التصدير من خلال خفض الإنتاج.

قال دان يرغين، نائب رئيس مجلس إدارة "إس آند بي غلوبال" ومؤلف كتاب (The Prize: The Epic Quest for Oil, Money & Power) الذي فاز بجائزة بوليتزر: "ثمّة حدود لما يمكن للرؤساء أن يفعلوه... لا يتلقى الرؤساء أبداً عرفاناً حين تكون أسعار البنزين منخفضة، لكنهم يُلامون دوماً حين تكون أسعاره مرتفعة".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك