شركات إنتاج هذا المشروب الرائج تتهافت للتوسع وجني المكاسب... لكن احتدام المنافسة بات يهدد المنخرطين في هذا القطاع

قطاع شاي الفقاعات في الصين يشهد منافسة محتدمة

صورة تعبيرية - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

هل تهوى شاي الفقاعات؟ سواءً كنت تحبه أو تمقته، فإنك غالباً تعرف أحد أبناء جيل الألفية أو الجيل زد ممن يعشقون هذا المشروب مفرط الحلاوة والمفعم بكريات التابيوكا اللزجة (التي تُسمى الفقاعات) التي يمكن مضغها قبل ابتلاعها. أدى الهوس المتنامي بهذا المشروب إلى ظهور ما لا يقل عن ستة مليارديرات في الصين خلال الأعوام القليلة الماضية، كما أنه عامل رئيسي في إمكانية إثراء آخرين.

بدأ تداول أسهم "سيشوان بايشا بايداو إندستريال" (Sichuan Baicha Baidao Industrial)، وهي ثالث أكبر سلسلة لشاي الفقاعات في الصين، في 23 أبريل، وكانت تهدف لجمع أكثر من 300 مليون دولار في أكبر إدراج ببورصة هونغ كونغ منذ نوفمبر.

وكان من شأن ذلك التقييم أن يجعل مجموع صافي ثروة مؤسسي الشركة، وهما وانغ شياوكون وزوجته ليو ويهونغ، يصل إلى 2.7 مليار دولار على أساس حصتهما البالغة 73% بعد الطرح العام الأولي، وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات.

رغم ثقة "سيشوان بايشا بايداو إندستريال"، فإن طروحات عدد من شركات صناعة شاي الفقاعات التي ألمحت إلى طرح أسهم عبر بورصة هونغ كونغ متوقفة حالياً. تهدد المنافسة المتنامية باستبعاد بعض الشركات الأضعف في القطاع، كما فقدت بورصة هونغ كونغ، التي كانت يوماً أحد أكبر منافذ إبرام الصفقات، جاذبيتها مع تراجع الأسهم في ضوء التحول النزولي الذي يشهده اقتصاد الصين.

قال كيني إنغ، الخبير الاستراتيجي في "إيفربرايت سكيوريتيز إنترناشونال" (Everbright Securities International) إن "السوق لا تقدم لهذا القطاع تقييمات عالية مثلما كانت تفعل قبلاً. شهد البر الرئيسي للصين انتعاشاً غير متكافئ في الاستهلاك، لذا فإن ربحية الشركات التي تطرح منتجات استهلاكية ما تزال غير مؤكدة".

بدايات شاي الفقاعات

ابتُكر شاي الفقاعات في تايوان في أواخر الثمانينيات حين بدأت تبيعه أكشاك صغيرة في محيط المدارس والمكاتب. حين بدأت الفكرة تترسخ في هونغ كونغ والبر الرئيسي للصين في التسعينيات، بدأت السلاسل بالظهور. واليوم، تتنافس آلاف العلامات التجارية لجذب محبي الشاي في أنحاء الصين، كما ظهر عدد لا يُحصى من المتاجر في الولايات المتحدة وأوروبا، رغم أن أكبر الموردين الصينيين لا يبيعون منتجاتهم هناك حتى الآن.

كما الحال في "ستاربكس"، تقدم هذه السلاسل تنوعاً يصعب إحصاؤه. يمكنك أن تجمع بين نوع الشاي المفضل لديك (أي نوع من الشاي الأحمر أو الأبيض أو الأخضر أو شاي بوير، مع الحليب أو دونه) والفاكهة الطازجة (التوت أو الليمون الهندي أو الفراولة أو البرتقال) وأنواع مختلفة من كرات التابيوكا (الكرات الأصلية غامقة اللون أو أخرى تشبه الكريستال أو الكرات المصنوعة من الصبار أو القلقاس وغير ذلك) وبعض الإضافات المخصوصة (مثل الفاصوليا الحمراء أو قطع الجيلاتين المُنكّهة أو طبقة من رغوة الجبنة القشدية) ودرجات متعددة من الحلاوة والبرودة.

تقدم بعض السلاسل إضافة من شراب "موتاي" (Moutai) الكحولي التقليدي الصيني المصنوع من الحبوب كلمسة إضافية. في استبيان جاءت على ذكره "مينشنغ سكيوريتيز" (Minsheng Securities)، اختار غالبية المشاركين من بين إجابات مقترحة على سؤال عن سبب الإقبال على مشروبات الشاي، عبارة: "الحياة صعبة، وتناول مشروب مُحلّى سيجعلك أسعد".

نمو هائل

تأسست "سيشوان بايشا بايداو إندستريال"، التي تُعرف أيضاً باسم "شابايداو" (Chabaidao) التي تعني 100 نوع من الشاي، لخدمة المستهلكين من محبي الشاي الساعين لضبط نفقاتهم. افتتح مؤسِسا الشركة أول متاجرهما في 2008 قرب مدرسة إعدادية في تشنغدو وكانت مساحته 20 متراً مربعاً .

في 2018، طرح المؤسسان نموذج امتياز تجاري دفع النمو بقوة، فبات لدى الشركة اليوم أكثر من 8000 متجر في أنحاء الصين. في يناير، افتتحت الشركة متجراً في سول، وهو أول متاجرها خارج الصين، كما افتتحت أول مقاهيها "كوفري" (Coffree) داخل الصين.

اقرأ أيضاً: لماذا تطول فترة انتظارك في "ستاربكس"؟

تبيع متاجر "سيشوان بايشا بايداو إندستريال" منذ فترة طويلة مشروب شاي الفقاعات من حجم نصف لتر مقابل ما يربو قليلاً على دولارين، فيما كان متوسط السعر لهذا المشروب في القطاع أقرب لخمسة دولارات حتى فترة قريبة.

آتت الاستراتيجية ثمارها، إذ قفزت المبيعات أكثر من 56% بين 2021 و2023 لتصل إلى 5.7 مليار يوان صيني (787 مليون دولار أميركي)، وفقاً لنشرة اكتتاب الشركة. التي رفضت التعليق لدى إعداد هذا التقرير.

منافسة محتدمة

جانغ هونغتشاو وجانغ هونغفو أخوان آخران من مليارديرات شاي الفقاعات، وقد أسسا "ميشو بينغتشنغ" (Mixue Bingcheng) في مقاطعة خينان في 1997. تطلق "ميشو غروب" (Mixue Group)، التي تملك أيضاً علامة تجارية للقهوة، على نفسها ثاني أكبر سلسلة للمشروبات في العالم من حيث عدد المتاجر بعد "ستاربكس"، إذ تملك أكثر من 32 ألف منفذ بيع في أنحاء الصين وأربعة آلاف متجر آخر في 11 دولة أخرى أغلبها من جوار الصين.

بعدما ضخ مستثمرون، منهم الذراع الاستثماري لعملاقة توصيل الطلبات الصينية "ميتوان" (Meituan) و"هيلهاوس إنفستمنت مانجمنت" (Hillhouse Investment Management)، المال في الشركة في 2020، بلغ تقييم صانعة الشاي 23.3 مليار يوان، فارتفع صافي ثروة كل من الأخوين إلى 1.5 مليار دولار، وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات.

اقرأ أيضاً: الجيل زد يدفع ازدهار صناعة مشروبات بلا كحول

في ظل تباطؤ اقتصاد الصين وفيما يشد المستهلكين الذين أنهكهم التضخم أحزمتهم، يتجه عدد أكبر من المنتجين لخفض الأسعار. تبيع كل من "غامينغ هولدينغز" (Guming Holdings)، وهي ثاني أكبر شركة صينية منتجة لشاي الفقاعات، إذ تملك نحو 9000 متجر، و"آنتي جيني (شنغهاي) إندستريال" (Auntea Jenny (Shanghai) Industrial)، التي قدمت طلباً للطرح العام الأولي في بورصة هونغ كونغ أيضاً، المشروب الواحد مقابل أقل من 3.5 دولار الآن.

كتبت غلوريا تشاو، المحللة في "إسينس إنترناشونال" (Essence International)، في تقرير نُشر في 16 أبريل: "لقد احتدمت المنافسة".

قطاع متشبع

واجه صانعو الشاي الذي يستهدفون الشرائح الأعلى من المستهلكين مثل "نايوكي هولدينغز" (Nayuki Holdings)، وهي سلسلة تضم 1800 متجر أُدرجت في بورصة هونغ كونغ قبل ثلاثة أعوام، صعوبات بسبب النمو السريع لمنافسين يقدمون منتجات أرخص.

شهدت "نايوكي"، التي خفضت سعر كوب المشروب إلى نحو 2.5 دولار، تراجع سهمها بنحو 90% منذ إدراجها بسبب مخاوف متعلقة بالمنافسين، كما تراجعت ثروة مؤسسَيها بينغ شين وزوجها جاو لين، إلى أقل من 300 مليون دولار حالياً بعدما كانا في مصاف المليارديرات بثروة بلغت 2.2 مليار دولار في 2021.

قال ستيفن ناي، المحلل في "دايوا كابيتال ماركتس" (Daiwa Capital Markets): "أنا متفائل بشأن آفاق نشاط رواد القطاع. لكن قطاع مشروبات الشاي الطازجة يزداد ازدحاماً".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك