أتقنت استوديوهات هوليوود معادلة لإنتاج أفلام منخفضة التكلفة تحقق إيرادات عالية

لماذا تعشق هوليوود أفلام الرعب؟

الممثل نيك كاسل في مشهد بفيلم "هالوين كيلز" - المصدر: بلومبرغ
الممثل نيك كاسل في مشهد بفيلم "هالوين كيلز" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بعد بيع أكثر من 75 مليون تذكرة سينما وعرض 46 فيلماً ومكاسب قدرها 798 مليون دولار في السوق الأميركية عام 2023، أثبتت أفلام الرعب أنها ما تزال مصدر أرباح تعوّل عليه هوليوود ويكتسب أهمية متنامية.

لقد ازدادت الحصة السوقية لأفلام الرعب بأكثر من الضعف في الولايات المتحدة وكندا منذ 1995، وهي مستمرّة بالنموّ. قبل عيد الهالوين، كان هذا النوع من الأفلام قد أسهم بـ10.5% من مبيعات تذاكر السينما هذا العام، أي ضعف معدله طويل المدى.

هذا خبر سارّ لاستوديوهات الأفلام الساعية لتحقيق أرباح عاجلة. بين الأفلام العشرين الأكثر كسباً من حيث عوائد الاستثمار منذ 1977، تسعة كانت أفلام رعب، بحسب شركة "نمبرز" (Numbers) المتخصصة بتحليل بيانات الأفلام.

عادة ما تشهد الأسابيع التي تسبق عيد الهالوين طرح العديد من أفلام الرعب. أدناه بعض الأسباب التي تجعل أفلام الرعب أحد أهم أنواع صناعة السينما بالنسبة لاستوديوهات الأفلام:

معادلة ناجحة

السبب بسيط وبديهي، فأفلام الرعب منخفضة التكلفة وسريعة الإنتاج؛ حتى أن بعض الأفلام الأنجح تجارياً لم تتطلب أي مؤثرات بصرية أو نجوماً مرتفعي الأجور أو مواقع تصوير متعددة. لكن ثمّة يقين بأن المشاهدين سيتوافدون إلى دور السينما لمشاهدتها.

يعني ذلك تحقيق أرباح ضخمة، فعلى صعيد العائدات على الاستثمار، يتصدر فيلم (Paranormal Activity) من إنتاج شركة "بلومهاوس بروداكشنز" (Blumhouse Productions) الترتيب. كانت ميزانية فيلم الرعب، الذي تناول أحداثاً خارقةً للطبيعة وأخرجه أورين بيلي في أول تجربة إخراجية له، 15 ألف دولار فقط، لكنه جنى 194 مليون دولار في دور السينما العالمية بعد عرضه في 2009.

كما بلغت إيرادات سلسلة أفلام (Paranormal Activity) السبعة أكثر من 890 مليون دولار حتى اليوم حول العالم، وحقق فيلم (It) لستيفن كينغ الذي عُرض في 2017 وأنتجته "وارنر براذرز" 700 مليون دولار من شبابيك التذاكر العالمية، ليصبح أكثر أفلام الرعب كسباً في التاريخ.

وقال ديفيد تولشينسكي، المخرج وعميد كلية الإعلام في جامعة إنديانا في بلومينغتون: "يأتي الناس لحضور فيلم الرعب انطلاقاً من الفكرة التي يستند إليها، سواء كانت الخوف أو الصدمة أو الحالة النفسية أو الرعب، بالتالي لا حاجة لدفع كثير من الأموال للنجوم".

لكن ماثياس كلاسن، المدير الشريك لمختبر (Recreational Field Lab) في جامعة آرهوس، يرى أن هذا النوع من الأفلام لا يتعرض للنقد الفني بالقدر الذي يتعرض له غيره من الأنواع، برغم أن الآراء الجيدة يمكن أن تساعد على زيادة عدد المشاهدين، كما حصل مع فيلميّ (Get Out) عام 2017 و(Midsommar) عام 2019. لكن بشكل عام فإن نجاح أي فيلم رعب لا يرتبط كثيراً بآراء النقاد. أضاف كلاسن: "يمكن لفيلم الرعب أن ينجح إذا قدّم للناس ما يبحثون عنه، وما يبحثون عنه لا يأتي بالضرورة من براعة التصوير السينمائي أو جودة التمثيل، كل ما يريدونه هو أن يشعروا بالخوف".

أفلام منخفضة التكلفة

عام 1968، حقق فيلم الزومبي (Night of the Living Dead) المثير للجدل الذي كان له إسقاط اجتماعي إيرادات بلغت 30 مليون دولار من شبابيك التذاكر العالمية بينما بلغت ميزانية إنتاجه 114 ألف دولار فقط. ثمّ في عام 1974، عُرض فيلم (The Texas Chainsaw Massacre) الذي غالباً ما يُعزى إليه نوع أفلام الرعب المسمى "سلاشر"، وقد تجاوزت إيراداته 26 مليون دولار من شبابيك التذاكر العالمية بينما بلغت ميزانية إنتاجه 140 ألف دولار فقط.

شهدت صناعة السينما عودة ربحية أفلام الرعب في 1999 مع عرض فيلم (The Blair Witch Project) الذي أخرج وكأنه دمج بين مقاطع أنتجها ثلاثة مخرجين شباب، وقد أثبت أن أفلام الرعب لا تحتاج إلى تأثيرات الصور المولدة بالكمبيوتر عالية التكلفة لتنال إعجاب المشاهدين. بلغت الإيرادات العالمية للفيلم 248 مليون دولار، مقابل ميزانية إنتاج لم تتخط مليون دولار. وساعد هذا العمل على انتشار صنف الأفلام الذي يستند إلى مقاطع تصويرية يُفترض أنها قد عُثر عليها.

قال شون روبنز، كبير محللي موقع الأبحاث "بوكس أوفيس برو" (Box Office Pro): "تمرّ أفلام الرعب بما يشبه النهضة منذ فترة، بصراحة منذ العقد الماضي أو أكثر قليلاً.. جزء كبير من ذلك يعود إلى دخول (بلمهاوس) و (A24) في نوع من أفلام الرعب الأكثر فنية وتعقيداً".

ملوك الرعب

تأتي استوديوهات "بلمهاوس" في طليعة الشركات المتخصصة بأفلام الرعب، فالشركة التي أنشأها جيسون بلَم عام 2000 حققت إيرادات تجاوزت 5.7 مليار دولار من شبابيك التذاكر العالمية. كما أنتجت أربعة من أصل أفلام الرعب العشرة الأكثر جمعاً للإيرادات عالمياً هذا العام، بحسب "نامبرز".

حقق أحدث فيلم من إنتاج "بلومهاوس" وهو (Five Nights at Freddy’s) 80 مليون دولار في الولايات المتحدة وكندا في عرض نهاية الأسبوع الافتتاحي له برغم عرضه في الوقت نفسه على خدمة البثّ عبر الإنترنت "بيكوك" التابعة لـ"إن بي سي يونيفيرسال". العرض الأول للفيلم في 27 أكتوبر كان الأكبر في تاريخ الشركة، في دلالة على رغبة جمهور أفلام الرعب بعيش التجربة في دور السينما.

وقال أبهياج براكاش، رئيس "بلمهاوس"، إن هذا ما يميّز شركته "فهي قادرة على تحقيق هذا العائد الهائل على الاستثمار من خلال إنتاج أفلام بميزانيات مسؤولة، منخفضة نسبياً، بالمقارنة مع بقية صناعة السينما".

كان فيلم (M3GAN) أحد أهمّ الأفلام التي عُرضت هذا العام وهو ثمرة إنتاج مشترك بين "بلومهاوس" و"أتوميك مونستر" (Atomic Monster)، أحد الاستوديوهات الأخرى المتخصصة بأفلام الرعب. فالاستوديو الذي أسسه جيمس وين عام 2014 يقف خلف إحدى سلاسل أفلام الرعب الأكثر ربحية وهي (The Conjuring Universe)، التي صُوّر أولها خلال 38 يوماً فقط وتركز تصويره في مكان واحد داخل حرم إحدى الجامعات، لكنه تمكّن من جني 316 مليون دولار حول العالم في 2013 بميزانية إنتاج بلغت 20 مليون دولار. ثمّ تلته سلسلة من سبعة أفلام حصدت مجتمعةً أكثر من مليارَي دولار.

أدرك استوديو (A24 Films) المستقل، الذي أنتج أفلاماً مثل (Everything Everywhere All at Once) و(Hereditary) و (Midsommar) و(X) والفيلم الأسترالي الناجح (Talk to Me)، أهمية هذا النوع من الأفلام. فقد حقق (Talk to Me) إيرادات بـ69 مليون دولار من شبابيك التذاكر العالمية، بينما تُقدّر ميزانية إنتاجه بـ4.5 مليون دولار فقط، ليصبح عاشر فيلم رعب من حيث الربحية هذا العام.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

جيل أفلام الرعب

يستقطب هذا النوع من الأفلام المشاهدين من خلال منحهم فرصة عيش تجربة مشتركة، فمن الممتع أكثر أن تشاهد فيلم رعب ضمن مجموعة كبيرة بدل أن تشاهده منفرداً، وهذا يشرح السبب الذي يجعل الشباب الفئة الأكثر مشاهدة لهذا النوع من الأفلام.

يقول حوالي ثلث أبناء الجيل "زد" (Z) إن الرعب هو أحد أنواع المسلسلات التلفزيونية والأفلام المفضّلة لديهم، وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة الـ22% لدى بقية الراشدين في الولايات المتحدة، بحسب شركة "مورنينغ كونسلت" (Morning Consult). وقد وجد أحد الاستطلاعات أن 66% من أبناء ذلك الجيل شاهدوا فيلم رعب في دور السينما خلال الأشهر الـ12 الماضية، مقارنةً بـ42% فقط لدى "جيل الألفية" و23% لدى الجيل "إكس" (X) و6% لدى "جيل طفرة المواليد".

ويقول شون روبنز، كبير محللي موقع الأبحاث "بوكس أوفيس برو": "كان الشباب هم أول فئة من الجمهور عادت إلى دور السينما بعد وباء كورونا، وكانت أفلام الرعب واحدة من أوائل الأفلام التي عُرضت. لقد استمرّ هذا الأمر خلال السنتين الماضيتين، وأعتقد أن الحال سيبقى كذلك".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك