حققت جوان روبرتسون وزوجها مارك في الصيف الماضي هدفاً كانا يسعيان إليه منذ سنوات، وهو شراء منزل آخر في إحدى ولايات الحزام الشمسي في الولايات المتحدة، هرباً من شتاء ولاية مينيسوتا القارس.
بعدما أقنعهما أحد أبنائهما، وهو من محبي المدن الترفيهية، اختارا مدينة كيسيمي بولاية فلوريدا، واشتريا فيها منزلاً شبه منفصل بسعر 295 ألف دولار فيه ثلاث حجرات نوم ويقع في مجمع سكني مسوّر يتيح لقاطنيه استخدام مرافق منتجع. وكانا يعتزمان إدراجه للإيجار قصير الأمد كي يساعد في تسديد القرض العقاري.
حدّثا المنزل وغيّرا طلاء الجدران الذي كان بلون الخردل وخزائن المطبخ المصنوعة من ألواح خشب البلوط، التي توحي بأجواء العقد الأول من الألفية، فاستخدما اللون الأبيض والألوان المشرقة. كما استعانا بشركة لإدارة العقارات للتعامل مع الأمور اللوجستية بصفة متواصلة، واتفقا مع مصوّر محترف ليظهر منزلهما جذاباً بين الاختيارات المتنوعة الكثيرة عبر "إير بي إن بي" وموقع "Booking.com" ومنصة "فيربو" (Vrbo).
عرض الزوجان المنزل للإيجار في أكتوبر عبر الإنترنت على أمل اجتذاب السياح الفارّين من الشتاء القارس إلى البقاع الأدفأ أو زوار ملاهي "والت ديزني وورلد" (Walt Disney World)، التي تقع على مسافة 10 دقائق بالسيارة من المنزل.
بعد 10 أشهر، لم تكن الأمور تسير كما كانا يأملان. قالت روبرتسون: "ليس لدينا حجوزات تأجير في أغسطس. هذا الصيف خامل".
مشترون جدد
روبرتسون ليست الوحيدة التي تشعر بوطأة الظروف. بعد تأسيس "إير بي إن بي" في 2008 لمساعدة المسافرين في العثور على عقارات فريدة حول العالم للإقامة بأسعار معقولة، لم يؤثر نجاح الشركة على قطاع الفنادق فحسب، بل ولّد أيضاً طبقة جديدة من شراة المنازل، وهم المضاربون في نشاط التأجير قصير الأجل.
اشترى بعضهم عدداً من العقارات، وجددوا منازل، كانت مهملةً، بمفروشات عصرية وأجروها تكراراً على مدى العام، فيما اشترى آخرون منازل تفوق أسعارها طاقتهم فاضطروا لتأجير الطابق السفلي أو إحدى الغرف لتغطية نفقاتهم.
لكن الملاك الذين تسميهم الشركة "المضيفين" يواجهون عقبةً كأداء، فقد شهدت الإيجارات لآجال قصيرة في أورلاندو والضواحي المحيطة بها تراجع إيرادات الغرفة 6.4% في النصف الأول من هذا العام، وفقاً لبيانات جمعها الخبير الاقتصادي برام غالاغر، الذي يعمل في شركة "إير دي إن إيه" (AirDNA) للتحليلات.
لماذا يحذف موقع "إير بي إن بي" التقييمات السلبية؟
في المنطقة المتاخمة لمنتزه جوشوا تري الوطني في كاليفورنيا، وفي بلدات مثل غاتلينبورغ وبيجن فورج في جبال غريت سموكي في ولاية تينيسي، وهي موطن مدينة ملاهي "دوليوود" (Dollywood)، تراجعت الإيرادات بما يصل إلى 17% و8.7% على التوالي.
دورة ركود
يصف بعض الناس عبر الإنترنت هذا بإنه تدهور في نشاط الإيجار قصير الأمد. لقد بدأ القلق المتزايد بشأن هذه الظاهرة ينتشر في الخريف عبر الإنترنت وفي مجموعات محادثات المضيفين.
انتشر تعليق عبر وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم: "ما الذي يجري في (إير بي إن بي)؟ لا توجد حجوزات على الإطلاق". يضم موقع "ريديت" قناة يستخدمها المضيفون ليواسوا بعضهم بعضاً ويتشاركوا أخباراً عناوينها على شاكلة: "هل دخلت (إير بي إن بي) دوامة الموت؟"
قد يكون في هذا مبالغةً، إذ أن "إير بي إن بي" كشركة ما تزال تجني فوائد الاهتمام الكبير بالسفر، وما يزال الناس يرغبون بالإقامة في وحدات مدرجة عبر "إير بي إن بي" حول العالم. شهدت الشركة حجز 115 مليون ليلة وجولة وفعالية في الربع الثاني من العام، بارتفاع 11% مقارنة بالعام الماضي. كما ارتفع سعر سهم الشركة أكثر من 60% هذا العام بعد تقرير أرباح قال إنّ الربع الثاني من 2023 كان الفصل الأعلى ربحية في تاريخها.
لكن أرباح "إير بي إن بي" كشركة لا تكشف عن القصة كاملة أيضاً. يتعرض السوق الآن لهزات تمحيص تجلب الربح لبعضهم، أي من يملكون وحدات في مواقع مرغوبة ويوفرون وسائل للراحة ويعرضون السعر المناسب، وتجلب الخسارة لبعضهم الآخر.
أثر الجائحة
لعبت جائحة كورونا دوراً كبيراً في هذا الاضطراب. في البداية، حين كان الناس يبحثون عن ملاذٍ بعيدٍ عن المدن المزدحمة ويرغبون بمساكن ذات حدائق وتضم مكاناً يمكنهم من العمل من المنزل، وقفز الطلب على المنازل المعروضة للإيجار على مواقع مثل "إير بي إن بي" و"فيربو" التابع لـ"إكسبيديا غروب" (Expedia Group). بعض من كانوا محظوظين ويملكون منزلاً آخر، تمترسوا في تلك المنازل، فقلّ عدد الوحدات المعروضة للإيجار.
إيرادات "إير بي إن بي" تتفوق على التوقعات رغم "أوميكرون"
دفع ذلك أسعار المساكن التي ظلت متاحة للانتفاع. في الوقت ذاته، اشترى آخرون منازل جديدة ليحصلوا على مساحات أكبر وقدر أكبر من راحة البال فيما كانت معدلات الرهن العقاري منخفضة وبدت أسعار العقارات وكأنما لن تتجه إلا صعوداً.
مع تخفيف القيود المفروضة بسبب "كوفيد-19" وعودة الناس إلى حياتهم المعتادة في المدن، عرض هؤلاء المنازل التي اشتروها للبيع، فغرق السوق بوفرة عرض. اختتمت "إير بي إن بي" العام الماضي بـ6.6 مليون وحدة نشطة مدرجة على مستوى العالم باستثناء الصين، بزيادة قدرها 900 ألف وحدة عن بداية العام.
بحلول نهاية الربع الثاني من 2023، تخطى عدد الوحدات المدرجة سبعة ملايين. لقد أدت تلك الوفرة إلى تراجع يصل إلى 13% في إيرادات المضيفين في 32 من أكبر 50 سوقاً للإيجار لفترات قصيرة في البلاد في النصف الأول من هذا العام، وفقاً لـ"إير دي إن إيه".
بيّنت "إير بي إن بي" أنّ المضيف النمطي حقق متوسطاً يفوق 14 ألف دولار في 2022، بزيادة نحو 88% من 2019. قال العديد من المضيفين إنهم خفضوا الأسعار ليرفعوا تنافسية عقاراتهم. في نتائجها المالية للربع الثاني، ذكرت "إير بي إن بي" أن متوسط المعدلات اليومية ارتفع 42% من 2019 ليصل إلى 166 دولاراً، لكن المعدلات في شمال أميركا انخفضت 1% مقارنة بما كانت عليه قبل عام.
الواقع أسوأ
رأت روبرتسون منشورات تحذر من التدهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما تلقت تحذيرات من وكيلها العقاري وآخرين بشأن السوق المتباطئة، لكن اتضح أن الأمر أسوأ بكثير مما تصورت. قالت: "كان الأمر مصمماً بشكل يجعلك تعتقد أن الوحدة ستكون محجوزة طوال الوقت، وأنه يمكنك أن تكسب خمسة أو 10 آلاف دولار في الشهر". لكن أقصى ما حصلت روبرتسون عليه كان 3500 دولار في الشهر، وأحياناً 1000 دولار فقط. أضافت: "هذا ليس القدر الذي كنا نتوقعه".
ليس السبب أن الناس لا يسافرون، فإذا ألقيت نظرة على تطبيق "إنستغرام"، ستخال أن نصف مستخدميه يزورون إيطاليا حالياً. لكن نوع السفر ووجهته كان لهما تأثير كبير على مضيفي "إير بي إن بي" في الولايات المتحدة. يعطي الأميركيون أولوية للسياحة في أوروبا وآسيا هذا الصيف بعدما بقي شطر من العالم مغلقاً أمام السفر الدولي العام الماضي، فيما تثني قوة الدولار الزوار الأجانب عن زيارة الولايات المتحدة. ساهمت أيضاً أحوال الطقس القاسية، مثل موجة الحرّ التي ضربت جنوب غربي البلاد وتؤثر على شمالها الشرقي، في عزوف الزوار.
نالت الفنادق، التي ابتعد الجميع عنها أثناء الجائحة بسبب الجراثيم التي انتشرت في مصاعدها والمناطق المشتركة فيها، شعبية من جديد، لأسباب أبسطها أنها لا تطلب من النزلاء أن يتولوا إخراج القمامة. كما دفع التحول في سياسات العمل إلى عودة مزيد من الناس للعمل من المكاتب، فتقلصت فرص مغادرتهم المدن لأسابيع أو لأشهر.
ارتفاع التوقعات والتكاليف
لم يعد تحقيق دخل مريح من الإيجار قصير الأجل بسهولة أن يترك صاحب العقار المفتاح في صندوق البريد وملاءات نظيفة على الأسِرّة. صاحب ازدياد شعبية "إير بي إن بي" ارتفاع في توقعات الضيوف. أدت زيادة في الطلب إلى ارتفاع وتيرة استئجار الوحدات المتاحة، وبدأ كثير من المضيفين يوكلون التنظيف والصيانة لشركات إدارة، وبالتالي رفعوا تكاليف النظافة.
يستطيع الضيوف أن يكونوا انتقائيين في ظل وجود كثير من العقارات، وقد باتت أجهزة المطبخ المتطورة والمفروشات العصرية أموراً عاديةً. أما وسائل الترفيه والمزايا، مثل ملاعب رياضة "بيكل بول" وإمكانية استضافة الحيوانات الأليفة، فقد تعزز الإقبال على العقار.
قال جيف إيلوليان، الذي استفاد من أول موجات ازدهار نشاط "إير بي إن بي": "ازداد أنواع الضيوف المسافرين". لقد أدار إيلوليان أول نشاط له في لوس أنجلوس في 2014 عبر عرض وحدة يملكها شخص آخر للإيجار من الباطن فيما كان يعمل محامياً بدوام كامل. قال إيلوليان كانت البداية مع "الشباب العاملين في قطاع التقنية الذين كانوا على استعداد للنوم على أريكة أحدهم... أما الآن، فهو يشمل أسراً ومسافرين من أجيال مختلفة ويعتبرون ذلك بديلاً للفنادق".
في مرحلة ما، كان لدى إيلوليان 150 وحدة مدرجة على "إير بي إن بي" أدارها بمساعدة فريق من 15 شخصاً، لكنه تخلص من أغلب محفظته ليتجه لإدارة "هوست جي بي أو" (HostGPO)، وهي شركة تساعد المضيفين على الحصول على تخفيضات في أسعار اللوازم المنزلية والأثاث. بيّن إيلوليان أن هذه الأيام "ارتفع الحد الأدنى للأساسيات الضرورية، وهو المستوى المطلوب لتشغيل الوحدة"، إلى جانب توقعات الضيوف.
قال: "لم يكن بعض الناس في بعض الأسواق يوفرون وسائل راحة" مثل الشامبو والصابون، لكن هذا بات مما يتوقعه الضيوف حالياً. أضاف: "لم يعد بإمكانك أن تكتفي بتقديم أثاث وفرش وأغطية رديئة دون أن تقدم وسائل راحة".
توازن صعب
واجهت "إير بي إن بي" التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها، صعوبات في تحقيق توازن بين احتياجات المضيفين والضيوف. وصف رئيسها التنفيذي براين تشيسكي، المضيفين الذين يفوق عددهم أربعة ملايين بأنهم "قلب" الشركة، لكن عدداً من المضيفين لا يشعرون بأنهم كذلك.
وقعت أزمة في بداية الجائحة حين أعلنت الشركة عن سياسة على مستوى العالم لاسترجاع الأموال تتيح للضيوف استرداد أموالهم بالكامل في حال إلغاء الحجز، فأفقد ذلك كثيراً من المضيفين دخلهم. ألغت الشركة سياساتها المتعلقة بتلك الظروف في نهاية مايو 2022.
كما احتج المضيفون في أغسطس 2022 حين غيّرت "إير بي إن بي" مجدداً قواعد استرداد المال بما يتيح للضيوف مزيداً من الوقت لتقديم شكاواهم وطلب استرداد أموالهم. ثم اضطرت الشركة لتغيير ذلك بحيث جعلت المضيفين مسؤولين عن إيجاد سكن بديل للضيوف الذين يقدمون شكاوى.
"أير بي إن بي" توفر أماكن إقامة لـ100 ألف لاجئ أوكراني
منذ ذلك الحين، بذلت "إير بي إن بي" جهوداً لمساعدة المضيفين، بما في ذلك مضاعفة عدد موظفي الدعم واستحداث منصب المدير العالمي للضيافة. تقدم الشركة أيضاً تشكيلة من الوسائط لتحمي المضيفين ومنازلهم، بما في ذلك تأمين المسؤولية والحماية من الضرر وتعجيل صرف تعويضات الأضرار.
قال متحدث باسم "إير بي إن بي": "نحن نبحث دوماً عن طرق جديدة لدعم مجتمع المضيفين لدينا لكي يتمكنوا من جذب مزيد من الضيوف. ما تزال (إير بي إن بي) وسيلة قوية لتوليد الدخل لمجتمع مضيفينا فيما نستمر بالابتكار ونضع مصلحة مضيفينا نصب أعيننا".
استثمرت "إير بي إن بي" في خوارزميات للتسعير لصالح المضيفين منذ 2015، كطريقة تتيح لهم بها أن يستمروا بمنافسة الفنادق وغيرها من الوحدات المدرجة في منطقتهم. تحدد أداة "سمارت برايسنغ" (Smart Pricing) الأسعار تلقائياً، بناءً على الطلب المحلي.
ما يزال بإمكان المضيفين التحكم بالإعدادات بأنفسهم، لكن بعضهم قال إنهم واجهوا صعوبات في تحديد أسعار تنافسية ووجدوا التطبيق صعب الاستخدام. يستخدم عدد من المضيفين أدوات أخرى، إذ يقولون إنّ أسعار "إير بي إن بي" أقل مما ينبغي ولا تأخذ ما يكفي من البيانات ذات الصلة في الاعتبار.
أدوات لا تساعد
تشتكي أمبر تلفر، وهي مضيفة على "إير بي إن بي"، منذ ست سنوات حقيقة أنّ أداة "سمارت برايسنغ" للتسعير "لا ترى الأسواق التي تتمتع بخصائص فريدة". على سبيل المثال، قالت تلفر إن الأداة بخست إيجار وحدتها في بالم سبرينغز في ولاية كاليفورنيا فيما كانت ترغب برفع العائد لأقصى درجة ممكنة بسبب الطلب من جانب زوار مهرجانَي الموسيقى السنوية "ستيج كوتش" (Stagecoach) و"كوتشيلا" (Coachella).
قالت: "كان عليّ الالتزام بالسعر حينها للحيلولة دون إلغاء الحجوزات، لذا فأنا لا أستخدمها الآن". تحبذ تلفر وبعض المضيفين استخدام خيارات توفرها أطراف خارجية، مثل "بيوند برايسنغ" (Beyond Pricing) أو "برايس لابز" (PriceLabs)، اللتين تستخدمان بيانات مختلفة.
أعادت "إير بي إن بي" مؤخراً تصميم النظام، فزادت من سهولة إضافة المضيفين للخصومات والعروض الترويجية، كما أضافت إحدى الخصائص الجديدة، وهي "سيميلر ليستنغ" (Similar Listings)، لتساعدهم على تحديد سعر تنافسي. منذ هذا التعديل، قالت "إير بي إن بي" إنّ المضيفين بدأوا يخفضون أسعارهم، وهو ما تعتقد الشركة أنه سيولّد مزيداً من الأسعار المعقولة للضيوف ومزيداً من الحجوزات في نهاية المطاف للمضيفين، وإن كان ذلك يعني مبالغ أقل من كل ضيف على حدة.
أزمة متفاوتة
بالطبع فإنّ أزمة المضيفين تتباين من مكان لآخر في الولايات المتحدة؛ إذ يرتبط قطاع العقارات دوماً بالموقع والعرض والطلب. طبقت بعض الوجهات قواعد تنظيمية تحد من العرض، وكان الأمر يشبه لعبة القط والفأر سعياً لإيقاف سيل من إدراج عقارات بشكل بات غير قانوني في مدن مثل سان فرانسيسكو (حيث يستطيع المضيفون إدراج عدد محدود فقط من الوحدات) ودالاس (حيث تُحظر بعض المناطق السكنية طرح وحدات للإيجار لأجل قصير).
في فينكس، حيث لا توجد فعلياً أي قيود، انتشرت الوحدات السكنية المتاحة للإيجار على نطاق واسع، ما أدى إلى إحداث خلل غير مسبوق في التوازن. أضحت تلك المدينة من ولاية أريزونا، التي استضافت في فبراير مباراة البطولة السنوية للرابطة الوطنية لكرة القدم والبطولة السنوية لرابطة لاعبي الغولف المحترفين، نموذجاً لزيادة العرض عن الطلب. وفقاً لبيانات من "إير دي إن إيه" جمعتها "بلومبرغ نيوز"، فإنّ متوسط الإشغال الشهري للنصف الأول من العام انخفض إلى 62% بعدما كان 68% في 2021.
"إير بي إن بي" للسياحة تغلق أعمالها في الصين
دفع ذلك تلفر إلى التخلي عن خطط لتجديد عقارها هناك وتحويله إلى وحدة سكنية تؤجرها عبر "إير بي إن بي"، عرضته للبيع بدلاً من ذلك، بعد أن لاحظت أنها "بالكاد تحصل على أي طلبات استئجار" لشقة في وسط مدينة سكوتسديل المجاورة كانت قد أدرجتها. عرض نِك الطويل، وكيل تلفر العقاري، أربعة مساكن أخرى كانت مخصصة للإيجار قصير الأجل للبيع في يوليو، وقال إنه يتوقع أن يعرض ثلاث وحدات أخرى للبيع ومنها وحدة تلفر في وقت لاحق من هذا الصيف.
قالت تلفر، وهي مسوّقة رقمية سابقة تفرغت للاستضافة والاستثمار في العقارات: "بدأت أفكر بأن أبيعها لأنّ الأسعار بدأت تتراجع. انخفض عدد الوحدات المعروضة في منطقتي السكنية. لذا قد أتمكن من الحصول على ما دفعته مقابل الوحدة على الأقل دون خسارة أي أموال في هذه المرحلة".
إيرادات متراجعة
تراجعت إيرادات الوحدات المتاحة للإيجار في مدن مثل أوستن وميامي، لكنها ارتفعت في أماكن مثل بوسطن وأواهو في هاواي بأكثر من 10% هذا العام، وفقاً لـ"إير دي إن إيه". كما يمكن أن يكون بذل مجهود إضافي مجزياً، ولنأخذ كريس كيلي على ذلك مثلاً. قد انتقل من ماريلاند إلى فينكس العام الماضي "لينضم إلى نادي مضيفي (إير بي إن بي)"، لأن المنطقة تشتهر بأن نشاط التأجير قصير الأجل فيها مربح. يملك كيلي الآن وحدتين سكنيتين ويدير اثنتين غيرهما، كما أنه اتخذ عدة خطوات لتبرز وحداته عن نحو 12 أخرى تقع ضمن دائرة قطرها 1.6 كيلومتر وكذلك بين مئات الوحدات المعروضة للإيجار في فينكس.
تطلب ذلك إضافة مطبخ خارجي وزيادة جاذبية الوحدات بالنسبة لاستخدامات وسائل التواصل الاجتماعي عبر رسم لوحات جدارية يمكن للضيوف التقاط صور أمامها. تخيل أنك تخبر أحد المضيفين المستقبليين بعد بضع سنوات أن "اللقطات التي تستحق النشر على (إنستغرام)" ستكون خدمة متاحةً للضيوف. قال كيلي: "لقد دفعت السوق الحالية التي نشهدها بالمضيفين لأن يكونوا أشد سعياً لراحة الضيوف، بل وربما لبذل جهد إضافي لإرضائهم" بغرض تشجيعهم على الحجز وعلى كتابة تقييم جيد.
مضيفون متميزون
يبدو أن جهود كيلي تؤتي ثمارها، إذ أنه الآن "مضيف متميز"، وهو لقب يحصل عليه المضيفون من أصحاب التقييمات العالية. تحظى وحدات كيلي وشريكه المعروضة للإيجار بتعليقات رائعة من ضيوفه، إذ يبدو أن المطبخ الخارجي في إحدى وحداته أعجبهم، وكذلك الأمر حيال إستوديو أضفت عليه رسومات لنبتات الصبار وغروب الشمس لمسة فنية.
روبرتسون، التي تملك وحدة في فلوريدا قرب "ديزني ورلد"، مستعدة للتريث لوقت أطول. أعادت شركة الإدارة التي تتعامل معها روبرتسون إدراج منزلها مجدداً، لذا يحظى المنزل على الموقع بشارة تحمل كلمة "جديد"، وحجزته روبرتسون لنفسها لبضعة أيام في أوائل أغسطس كي تتمكن من أن تأتي إلى فلوريدا برفقة زوجها "لإضافة تحسينات على المكان".
تسعى روبرتسون وزوجها لاستبدال السيراميك المحاذي لنضد المطبخ ببديل زجاجي، كما يعتزمان التقاط صور احترافية جديدة للمنزل حين يخلو لترويجه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
قالت روبرتسون بتأسف إنها لم تتوقع أن تحتاج لمثل هذه الخطوات كي تشجع محبي "ديزني" على أن يختاروا منزلها. أضافت: "أنا أتعلم فيما أمضي قدماً".