أعادت جورجا ميلوني تسمية وزارة التنمية الاقتصادية لتصبح "وزارة الصناعة والإنتاج المحلي" في أول يوم تولت فيه رئاسة حكومة إيطاليا. بدت الخطوة وكأنها تعديل بيروقراطي طفيف يستهدف تغيير وجه الاستراتيجية التسويقية لحكومة ورثت ديوناً تقدر بنحو 3 تريليونات يورو (3.2 تريليون دولار)، الأمر الذي من شأنه أن يحد من إنفاقها على المبادرات السياسية الجديدة.
لكن التعديل كان إعلان نوايا من أول رئيسة وزراء إيطالية لإيضاح خطتها بشأن ما سماه البعض رؤية قومية لقطاع الشركات، وهي رؤية تتخذ من عشرات الشركات التي تملكها الدولة وسيلة لتعزيز سلطتها من جهة، ولدفع دماء التغيير في أوردة القطاع الاقتصادي من جهة أخرى.
واقعياً، تدخلت حكومة ميلوني، التي وصلت إلى سدة السلطة كزعيمة لأحد الأحزاب اليمينية المتطرفة الصغيرة، في إدارة الشركات الإيطالية بهدف إعادة رسم الاستراتيجية طويلة المدى للدولة ومؤسساتها الصناعية وتوسيع دائرة نفوذها.
تجلى ذلك في إبرام الحكومة الجديدة صفقات تراوحت بين شراء شبكة "تيليكوم إيطاليا" (Telecom Italia) مقابل 20 مليار يورو إلى البيع الأخير لحصة الحكومة في خطوط الناقل الوطني الإيطالي "إيتا" (ITA Airways)، فضلاً عن محاولات تقييد دور المالكين الصينيين في صانعة الإطارات "بيريللي" (Pirelli).
غير أن ميلوني ليست أول من يشغل هذا المنصب ويتدخل في إدارة الشركات التي تملكها الدولة، إذ تبدو رئيسة الوزراء حديثة العهد بالسلطة عازمة على إحكام قبضتها على البنية التحتية الاستراتيجية.
قلق المستثمرين
يتصدر جدول أعمال رئيسة الوزراء وشعاره "إيطاليا أولاً" إنشاء شركات ذات رمزية وطنية في مجالات تتراوح من الطاقة إلى الموضة والرفاهية، وإطلاق صندوق ثروة سيادي لتمويلها. لكنها تبدو منخرطة في عملية توازن دقيقة بين التحول من ناشطة شعبوية مناهضة للهجرة ومعادية لمجتمع الميم ومدافعة عن السيادة الإيطالية إلى مؤيدة للمستثمرين لا تتزحزح عن دعمها لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، فيما تضطلع بقيادة ائتلاف يميني له مصالح مكتسبة ثابتة.
تشرف ميلوني في إطار هذا التحول على الصفقات المالية المعقدة التي لا تمضي قدماً إلا بموافقتها، وفقاً لعديد من الأشخاص المشاركين في العملية الإدارية طلبوا عدم ذكر أسمائهم.
عملياً، أُنجزت صفقة بيع حصة "إيتا" إلى "لوفتهانزا" خلال محادثات بين رئيسة الوزراء الإيطالية والمستشار الألماني أولاف شولتس على هامش اجتماع مجموعة السبع الذي عقد في اليابان في مايو، قبل أيام من إعلان الموافقة عليها.
مع ذلك، شابت عملية التحول بعض الأخطاء، كان أبرزها سوء إدارة استبدال رئيس شركة "إينل" (Enel) للطاقة. تملك الدولة 24% من أسهم المجموعة الحاسمة لإنجاح قطاع الإنتاج الوطني، بيد أن مساومة حاسمة بين أعضاء الائتلاف اليميني بقيادة ميلوني عقدت تعيين رئيس جديد للمجموعة من اختيارها. اعتبر البعض النتيجة النهائية هزيمةً لرئيسة الوزراء الإيطالية، ما أثار قلق بعض المستثمرين بشأن التهديدات المحتملة للاستقرار المالي للبلاد.
على المقلب الآخر، يعتبر أبرز نجاح حققته ميلوني حتى الآن هو عدم انهيار سوق الأسهم، حيث انتشرت توقعات في سبتمبر بأن تتفاعل الأسواق مع انتخابها على نحو سيئ. مع ذلك، لم يتأثر "الفارق" الشهير بين عائدات السندات الإيطالية ونظيرتها الألمانية تقريباً، وهو أمر حاسم لاستمرار نحو 2.8 تريليون يورو من ديون البلاد.
قالت ميلوني للتلفزيون الإيطالي في مقابلة نادرة يوم الاثنين: "قال الجميع إن عائدات أدوات الدين ستتآكل وإن سوق الأسهم ستنهار. لكن سوق الأسهم على ما يرام الآن، فقد تقلص الفارق إلى أقل مما كان عليه تحت إدارة الحكومة السابقة، وتوقفت صناديق التحوط عن المراهنة على تضخم الدين العام الإيطالي".
تأمين النفوذ
تعتمد خطة ميلوني لتعزيز قطاع الشركات الوطنية على إبقاء الأمر على ما هو عليه، مع ضبط الموارد المالية العامة. يأتي تناوب المناصب الإدارية كل ثلاث سنوات بمثابة ضربة حظ لرئيسة الحكومة الإيطالية، إذ يمنحها هذا النظام فرصة لانتقاء عشرات الأشخاص الذين يشاركونها فكرها الاقتصادي لشغل مناصب الإدارة العليا في الشركات الحكومية الرئيسية.
من ناحية نظرية، ستمنح هذه المشاركة حكومتها نفوذاً أكبر في جميع القطاعات بدءاً من عقود الطاقة الجديدة التي وقعتها "إيني" إلى جهود خلق فرص العمل أو تقليل الديون في القطاعات الأخرى.
ربما يتيح تطبيق سياساتها على مستوى الشركات الوطنية شكلاً من أشكال التأمين حتى لو فقدت السلطة في بلد لم تمض فيه أي حكومة فترة ولاية كاملة على مدى خمس سنوات منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. الأمر الذي يعني أيضاً التزحزح سياسياً صوب الوسط، ما قد يؤدي بدوره إلى نبذ بعض الناخبين اليمينيين الذين اجتذبتهم رسائلها المستمرة المعادية للمهاجرين فأوصلوها إلى السلطة.
قالت لورا أورلاندو، الشريك الإداري في شركة "هربرت سميث فريهيلز" الدولية للمحاماة بإيطاليا: "إن خطاب ميلوني القومي محض ديماغوجية تستهدف إرضاء ناخبيها بدلاً من رسم استراتيجية قوية لبناء شركات إيطالية عملاقة".
حصد حزب ميلوني "إخوة إيطاليا" 26% فقط من الأصوات في الانتخابات الأخيرة، لكنه جزء من ائتلاف يميني يسيطر على غرفتي البرلمان. يعتقد كثيرون أن عوامل مثل تشتت المعارضة وغرائز البقاء لدى شركائها في الائتلاف قد تمنح ميلوني فترة ولاية كاملة في السلطة.
الرهان على الصين
قال جيوفاني أورسينا، مدير كلية الإدارة الحكومية بجامعة لويس غيدو كارلي للدراسات الاجتماعية الدولية الحرة في روما: "بالنهاية، ميلوني محافظة وطنية تنطوي سياستها على استجابات براغماتية للتحديات الخارجية. لدى رئيسة الوزراء الحالية فرصة جيدة لأن تبقى لولاية كاملة، وقد حالفها الحظ لتتمكن من تعيين مؤيديها في الشركات القومية، من الطبيعي أن تستفيد من ذلك".
يجب على الفريق المحيط بميلوني، المؤلف من أقرباء وأصدقاء لها منذ عقد إضافة إلى نخبة من التكنوقراط خدموا في حكومات رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني، أن يساعدها الآن في التعامل مع قرارات من شأنها أن تحدد مدة بقائها في السلطة ومكانة إيطاليا على الخريطة العالمية.
تأتي العلاقات مع الصين على رأس هذه القرارات المؤثرة، إذ يجب أن تقرر الحكومة بحلول نهاية العام ما إذا كانت ستجدد مشاركتها في مبادرة "الحزام والطريق"، وهي اتفاقية استثمار صينية تهدف إلى تعميق العلاقات الاقتصادية مع الحلفاء حول العالم.
تعد إيطاليا الدولة الوحيدة المشاركة في الاتفاقية الصينية من بين أعضاء مجموعة السبع. بالتالي، تواجه ميلاني، 46 عاماً، التي وصفها مؤيدون مقربون بأنها حازمة وتتمتع بوعي ذاتي ورؤية استراتيجية، ضغوطاً للانحياز إلى أحد طرفي المنافسة المشحونة باطراد بين الصين والولايات المتحدة المرتابة حيال تطلعات بكين.
حقل ألغام
تترقب الشركات الإيطالية، سواء منها تلك التي استثمرت في الصين أو تلك التي تحظى بدعم مستثمرين صينيين، من شركة "بيريللي" إلى نادي "إنتر ميلان" لكرة القدم، ردة فعل عنيفة من جانب بكين حال قيام الحكومة الإيطالية بأي خطوة مفاجئة.
يعد قرار التخلي عن الصين أشبه باجتياز حقل ألغام، بحسب اعتراف أحد المسؤولين الإيطاليين اشترط عدم كشف هويته. قال المسؤول: "نحتاج إلى التوصل لاتفاق مع الصين بهدوء، وليس مفاجأتها. يستحيل الاعتقاد بإمكانية تجنب إقامة علاقات تجارية مع الصين".
كانت إيطاليا قد انضمت إلى مبادرة "الحزام والطريق" في 2019، وهو قرار اتخذته حكومة ملتوية دعمها كل من حركة "النجوم الخمس" الشعبوية وحزب "الرابطة" اليميني بقيادة ماتيو سالفيني، وهو عضو رئيسي في ائتلاف ميلوني حالياً.
رحبت الحكومة الإيطالية آنذاك بالرئيس الصيني شي جين بينغ في روما للإعلان عن الاتفاقية وسط ضجة إعلامية كبيرة قابلتها انتقادات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة القلقين من تقارب إيطاليا المتزايد مع كل من روسيا والصين.
راهنت الحكومة على أن عضوية "الحزام والطريق" ستجعل من إيطاليا بوابةً للاستثمار الصيني في أوروبا، لكن بيانات جمعتها مجموعة "روديوم" تظهر أن إيطاليا لم تشهد زيادة كبيرة في حجم الاستثمارات الصينية كما توقعت. على سبيل المثال، استثمرت الصين نحو 16 مليار يورو في إيطاليا مقارنة بـ 17 مليار يورو في فرنسا و32 مليار يورو في ألمانيا.
بينما تُظهر بيانات بنك إيطاليا أن رصيد الاستثمار الصيني المباشر في البلاد لم يتغير بشكل كبير بعد 2019، فتأرجح دون 5 مليارات يورو سنوياً حتى 2022. في المقابل، تظل الصين وجهة رئيسية للصادرات الإيطالية، حيث تجاوزت قيمة الشحنات إلى الصين 7 مليارات يورو خلال الربع الأول، وهذا يجعل قرار ميلوني أعقد.
تجديد أم إنهاء؟
يتعين الآن على رئيسة الوزراء، التي انتقدت الاتفاقية الأصلية، أن تقرر ما إذا كانت ستسمح بتجديدها تلقائياً لمدة خمس سنوات أخرى في 22 ديسمبر أو أنها ستنسحب منها، علماً بأن إنهاء الاتفاقية ينطوي على مخاطر انتقامية تجارية من جانب بكين وربما يهدد خطط ميلوني لإعادة تشكيل قطاع الشركات الوطنية.
يبلغ عدد الشركات الإيطالية العاملة في الصين ألفي شركة تقريباً تقدر قيمتها بـ17 مليار يورو، بإجمالي عمالة يقارب 157 ألف شخص. قد يهدد أي رد فعل انتقامي عنيف مصالح الشركات الصناعية الكبرى مثل شركة "فينكانتييري" (Fincantieri) لصناعة السفن واليخوت ومصنعة مكابح السيارات "بريمبو" (Brembo)، بالإضافة إلى بعض الشركات المملوكة للدولة.
يشدد المسؤولون الإيطاليون سراً على عدم تجديد عضوية بلادهم في مبادرة "الحزام والطريق". كان متوقعاً أن تستغل ميلوني قمة مجموعة السبع، التي عُقدت في مدينة هيروشيما اليابانية الشهر الماضي، لإطلاع الدول الأعضاء على موقف إيطاليا، لكن لم يُعلن عن أي قرار بعد.
قالت رئيسة الوزراء الإيطالية في مؤتمر صحفي في هيروشيما: "ما يزال لدينا وقت للتفكير فيما يجب فعله بشأن مبادرة الحزام والطريق الصينية. أيا كان القرار الذي سنتخذه، فستكون له عواقب. تعلمون رأيي بشأن الاتفاقية عند توقيعها، وأنا لم أغيره. لكن الظروف تغيرت".
جبل ديون
بلغت نسبة الدين العام الإيطالي إلى الناتج المحلي 145%، ما صعب خدمة الدين مع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة في جميع أنحاء أوروبا وتباطؤ الاقتصاد وسط مخاوف متزايدة من أن النظام المالي للبلاد ما يزال يعتمد بشدة على دعم البنك المركزي الأوروبي الضئيل.
كانت ميلوني قد وعدت بحماية الإيطاليين من شظف العيش وإعادة بناء اقتصاد ما بعد "كوفيد-19"، لكن البلاد لا تحتمل خوض صراع مع شريك تجاري رئيسي بحجم الصين.
تسيطر هذه المخاوف على الشركات الإيطالية بشكل خاص، حيث اجتمع عدد من المديرين التنفيذيين الإيطاليين في فندق "رافلز" بسنغافورة في مايو بصفة غير رسمية لمناقشة تأثير انسحاب حكومتهم من مبادرة "الحزام والطريق". طلب الجميع عدم كشف هوياتهم تجنباً لنقمة بكين، لكنهم قالوا إنهم يضغطون على حكومة ميلوني لتأجيل القرار.
قال أحد المديرين التنفيذيين، الذي تقدر استثمارات شركته في الصين بمليارات الدولارات، إن الانسحاب من الاتفاقية هذا العام لن يتيح للشركات الوقت الكافي لتقليل تعرضها للصين، وهو ما يفعله العديد من الشركات بأناة خشية الإقصاء من السوق الصينية.
من جانبهم، يدرس مستشارو الحكومة في روما الامتيازات الممنوحة لبكين، التي تتراوح بين تخفيف بعض رسوم الاستيراد والتصدير والصفقات التجارية والاستثمارات المرتبطة بقطاعات محددة، بغية تقليل الأضرار الناجمة عن أي انسحاب مرتقب من الاتفاقية الصينية.
قالت ناتالي توتشي، مديرة "معهد الشؤون الدولية" والعضوة السابقة بمجلس إدارة شركة "إيني": "ستشكل طريقة حل ميلوني معضلتها بشأن دور إيطاليا في "الحزام والطريق" لحظة فارقة في تاريخ حكومتها. لقد استخدمت الدعم الذي لا يتزعزع لأوكرانيا والولايات المتحدة كوسيلة لكسب ثقة الشركاء الدوليين". أضافت توتشي: "لقد نجح هذا الأسلوب حتى الآن".
لعبة التوازنات السياسية
كان دعم ميلوني لأوكرانيا قد جعلها على خلاف مع اثنين من حلفائها السياسيين الرئيسيين؛ ألا وهم برلسكوني، وهو صديق شخصي لفلاديمير بوتين، وسالفيني الذي قال إن رئيس روسيا زعيم أفضل من المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل.
تطلب الأمر تقديم ميلوني بعض التنازلات البسيطة للإبقاء على دعم سالفيني، كان أبرزها الموافقة على بناء جسر يربط إيطاليا بصقلية، وهي خطة جرت مناقشتها منذ العصور الرومانية القديمة، بينما كلفها البعض الآخر رأس المال السياسي.
لاحظ المستثمرون انصياعها لإرادة سالفيني خلال استبدال رئيس مجموعة "إينل" للطاقة، فرانشيسكو ستاراس، وهو شقيق سفير إيطاليا في روسيا. كانت الشركة سالفة الذكر أكبر شركة إيطالية حتى أبريل، حيث تجاوزت قيمتها 60 مليار يورو تحت قيادة ستاراس. أدار الأخير تخارج الشركة من أسواق روسيا بعد غزو أوكرانيا، لكنه كان من بين حفنة مديرين تنفيذيين حضروا منتدى أعمال عقده بوتين في فبراير 2022، رغم طلب حكومي بعدم حضوره.
أثارت استقالته من منصبه كرئيس تنفيذي لشركة "إينل" في أبريل 2023، مناورات سياسية استمرت على مدى أسابيع، لكنها انتهت باجتماع ميلوني مع سالفيني وعدد قليل من المستشارين لاختيار خليفته ومجلس إدارة جديد. كان متوقعاً تعيين أحد حلفاء ميلوني، لكن بعد عدة ساعات من المفاوضات جاء فلافيو كاتانيو، المقرب من سالفيني والتحالف اليميني، رئيساً تنفيذياً للمجموعة، وباولو سكاروني رئيساً لمجلس إدارتها.
أثار اختيار مدير من المدرسة القديمة مثل سكاروني، الذي تربطه صلات بموسكو وبرلسكوني، غضب بعض المستثمرين الذين اعتقد كثير منهم أن القرار أضعف موقف رئيسة الوزراء.
هبطت أسهم "إينل" بنحو 4.5% بعد التعيينات المفاجئة، لكنها تعافت من ذلك وتتداول حالياً قرب المستوى الذي كانت عليه قبل عام.
طعنت شركة "كوفاليس كابيتال" في لندن على تعيين سكاروني، متهمةً الحكومة بإدارة عملية ترشيح "غير شفافة". في حين انتهت المواجهة التي دامت شهراً داخل مجلس الإدارة بدعم المستثمرين لرئيسة الوزراء، إلا أن الحادثة أثرت في مصداقيتها وأثارت شكوكاً حول ما إذا كانت ستتمكن من فرض تغييرات على الإدارة العليا للشركات الحكومية الرئيسية الأخرى.
حلول وعقبات
استرعى عدد من صفقات الشركات اهتماماً جدياً من جانب الحكومة. على سبيل المثال، سعت جماعة الضغط في صناعة السيارات إلى التأثير على ميلوني لشراء حصة في شركة "ستيلانتس" الإيطالية الفرنسية لصناعة السيارات بغية مواجهة نفوذ فرنسا التي تملك 6% من أسهم الشركة.
لكن جيان كارلو جيورجيتي، وزير المالية الإيطالي، رفض أي تلميح بأن الحكومة بصدد شراء حصة في الشركة. قال جيورجيتي في منتدى بلومبرغ لأسواق رأس المال الإيطالية هذا الشهر: "يجب أن تتدخل الدولة فقط حين تفشل السوق، أو لحماية المصلحة الوطنية الاستراتيجية".
إلى ذلك، كانت "تيليكوم إيطاليا" هدف الاستحواذ الأكثر إثارة للجدل. يخوض الاحتكار الحكومي سالف الذكر مفاوضات تدور في صميمها حول بيع شبكته والدور المستقبلي لأكبر مساهميه، وهو التكتل الفرنسي "فيفيندي" (Vivendi). قالت الحكومة تكراراً إنها تريد الاحتفاظ بسيطرتها على الشبكة، غير أن معالم اتفاق يضمن تحقيق ذلك لم تتكشف بعد.
يجتمع المفاوضون بدءاً من رئيس أركان ميلوني إلى المستشارين ووزراء الائتلاف اليميني بمن فيهم سالفيني، في المقر الرسمي لرئيسة الوزراء بقصر شيغي لمناقشة عدة سيناريوهات. قد تتمخض المفاوضات عن استحواذ بنك "كاسا ديبوست اي بريستيتي" (Cassa Depositi e Prestiti)، الذي يملك 9.8% من أسهم شركة الاتصالات، على مزيد من الأصول أو بيعها لشركة الملكية الخاصة "كيه كيه ار اند كو" (KKR & Co).
يمكن أن ينجح خيار البيع للشركة الأميركية برغم المخاوف المتعلقة بالسيادة إذا استحوذ "كاسا ديبوست اي بريستيتي" أو هيئة استثمار حكومية أخرى على حصة أقلية لحماية المصالح الإيطالية، وفقاً لأشخاص مطلعين على المحادثات الجارية.
قالت مارتينا كاروني، المحللة السياسية في معهد "يوتريند" لاستطلاعات الرأي: "بالنسبة إلى ميلوني، تعد التعيينات السياسية في إدارة الشركات الحكومية بأعداد كبيرة وسيلة لتوزيع السلطة دون الانشغال بالنقاش العام. في حين يشكل مصير شركات تقدر قيمتها بالمليارات أمراً أساسياً عند المستثمرين، إلا أنه لا يحظى بمتابعة حثيثة من جانب ناخبيها اليمينيين. تبدو ميلوني مستقرة، بينما معارضوها مشتتون".
أضافت كاروني: "مع ذلك، تنطوي استراتيجيتها على مخاطر، إذ يحتمل ظهور التوترات داخل ائتلافها حالما تفقد حداثة ميلوني المتصورة بريقها. قد يحدث ذلك في وقت أبكر مما قد يعتقد المرء".