دفع إطلاق نار عشوائي كاي كلوفر إلى الإصرار على صنع مسدس يقلل من الحوادث.. تسويقه أمر آخر

هل هناك من يرغب بمسدس ذكي؟

مسدس "بايوفاير" الذكي - المصدر: بلومبرغ
مسدس "بايوفاير" الذكي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تقبع في موقف سيارات في منتصف الطريق بين دنفر وبولدر حاوية شحن طولها نحو 12 متراً وقد حُوّلت إلى مضمار رماية داخلي ضيق تتدلى فيه أهداف ورقية في مسارين متوازيين، وفي نهايته مصيدة مطاطية لالتقاط الرصاص بعد إطلاقه.

تعمل بطانة من رغوة كاتمة للصوت على الجدران على تخفيف ضوضاء الطلقات لتجعل التجربة أكثر قبولاً لدى مستخدمي المضمار، فيما يسحب نظام تنقية الهواء الجسيمات من الهواء. إنه بعيد كل البعد عن المختبرات اللامعة التي تعرضها أفلام جيمس بوند، لكن فيه ما قد يباهي به العميل ”كيو“ (Q).

الأسلحة التي تُختبر في هذا الموقع هي أسلحة ذكية، يمكنها التعرف على مستخدمها وتمتنع عن الإطلاق إن حملها أي شخص آخر. لقد عُرفت الأسلحة الذكية في مجال الخيال العلمي منذ عقود، وهي تحمل أملاً بأن الحماية التقنية الإضافية قد تمنع مجموعة واسعة من الحوادث والوفيات الناجمة عن الأسلحة النارية.

لكن صنع سلاح ذكي جيد بما يكفي لأن يُؤخذ على محمل الجد ثبتت صعوبته. إذ يندر أن تجد مهندسين يفهمون جيداً كلاً من المقذوفات والتعرف على الشخصية بالمعايير الحيوية ويُنتجون منتجاً يعمل بشكل مثالي في مواقف الحياة أو الموت.

وصلت بعض المحاولات الأخيرة إلى أكثر من مجرد جهاز استشعار أو اثنين تم إلصاقهما على سلاح سبق طرحه. تطلبت منتجات واعدة خطوات كثيرة جداً واستغرقت وقتاً طويلاً لإطلاق النار مقارنة بسرعة المسدس التقليدي. ما يميز ”بايوفاير سمارت غن“ (Biofire Smart Gun) هنا في حاوية الشحن التي غدت مضمار رماية هو أن أنظمة التعرف على الهوية فيه، التي تمسح بصمات الأصابع وتتعرف على الوجوه، مدموجة كلياً مع آلية الإطلاق. يحوي السلاح الذي يعمل بالبطارية أحدث الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية المتطورة، لكنه في جوهره ما يزال سلاحاً.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

تجربة واعدة

خلال جلستي إطلاق في وقت سابق من هذا العام في مقر ”بايوفاير تيكنولوجيز“ (Biofire Technologies) في كولورادو، تعرف عليّ المسدس، الذي اخترته من على منضدة، في كل مرة حملته فيها دون تأخير يمكن إدراكه. أطلقت عدة رصاصات وكان السلاح شبيهاً بعديد من المسدسات التي أطلقت منها في الماضي من حيث ارتداده.

كان تجربة المستخدمين الآخرين الذين سُجلوا ليسمح لهم المسدس باستخدامه مماثلة، في حين لم يحدث أي شيء عندما قام آخرون غير مسجلين بالضغط على الزناد. أكدت التجربة على الهدف أن المسدس الذكي يعمل كما هو معلن، كما أكدت مجدداً أن مهارتي بإصابة الهدف ما تزال متواضعة.

يبلغ كاي كلوفر، مؤسس شركة ”بايوفاير“ ورئيسها التنفيذي، 26 عاماً من العمر وقد بدأ بالعمل على هذا المسدس منذ كان في الخامسة عشرة، حين عرض نماذج أولية في معارض العلوم المدرسية وكذلك في برامج للمنح.

استمر بإعادة صياغة تصميماته كطالب جامعي في معهد ماساتشوستس للتقنية وصقلها أكثر بعدما غادره في 2018 لينشئ شركته. جمعت ”بايوفاير“ 30 مليون دولار من رأس المال الاستثماري والتمويل الخاص، ووصل كلوفر إلى لحظة الحقيقة. بحلول الوقت الذي تقرأ فيه هذا التقرير، ستكون الشركة قد بدأت للتو بقبول الطلبات الاستباقية لشراء مسدسها الذكي، في محاولة لقياس ما إذا كانت قدرتها التصنيعية قادرة على مواكبة الطلب.

رفضت الشركة تقديم أهداف تصنيع محددة، لكنها تقول إنها ستجمّع الأسلحة في مصنعها في كولورادو وتبدأ بشحنها في مطلع العام المقبل.

مهمة حيوية

قال كلوفر، الذي يُظهر اختياراته لكلماته بدقة وعمق تفكيره بما يقول شخصيته كمهندس، إن فريقه المكون من 40 شخصاً يدرك الحاجة الملحة لما يفعل.

تظهر بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن الأسلحة النارية تقتل الأطفال الأميركيين أكثر من أي سبب آخر. ارتفعت الأرقام، بما فيها جرائم القتل والانتحار والحوادث، بشدة خلال العقدين الماضيين، في حين انخفضت وفيات حوادث السيارات، التي كانت السبب الأول للوفاة بين الأطفال، بشكل مطرد.

جعلت التطورات التقنية السيارات أكثر أماناً، ويرى كلوفر أن صناعة الأسلحة تحتاج إلى تطبيق هذه الدروس أيضاً. قال: "أنا لست من وادي السيليكون، لذلك لا أعتقد أن التقنية يمكن أن تحل كل مشكلة… لكني أعتقد أن أميركا لديها قدرة فريدة على حل بعض المشكلات الاجتماعية والسياسية المعقدة عبر التقنية“.

كلمة معقدة لا تفي كوصف لعلاقة الولايات المتحدة بالسلاح أو العلل الاجتماعية المتداخلة المرتبطة بزيادة الانتحار. لقد أمضت جماعة الضغط الداعمة لحمل السلاح سنوات عديدة تخبر كل من يستمع إليها بأن الأسلحة الذكية لا يمكن الوثوق بها، وأنها في أحسن أحوالها تعتريها إخفاقات، كما أنه يُرجح أنها جزءٌ من مؤامرة حكومية لاكتساب مزيد من السيطرة على الأسلحة.

هناك 400 مليون سلاح في أيدي القطاع الخاص في الولايات المتحدة، لذلك بغض النظر عن العدد الذي يمكن لفريق كلوفر أن يصنعه، سيظل هناك كثير من الخيارات الأقل ذكاءً. لقد رفضت الغالبية العظمى من مستثمري وادي السيليكون هذا المجال لأنها اعتبرته إهلاكاً للمال، وسيصعب على ”بايوفاير“ بيع ما يكفي من الأسلحة لتبيان تأثيرها بأي درجة من الوضوح في أي وقت قريب.

يجدر التنويه بأن مايكل بلومبرغ، مؤسس ومالك أغلبية أسهم شركة ”بلومبرغ إل بي“ التي تملك بلومبرع بزنسويك، أسس مجموعة ”إيفريتاون فور غن سيفتي (Everytown for Gun Safety)، التي تحض على تعزيز تدابير السلامة في الأسلحة.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

نقطة تحول

لا أحد يعرف التحديات المقبلة أكثر من كلوفر، فقد أمضى أكثر من عقد يعمل على مسدسه الذكي، بينما دأب أصدقاؤه وأصحاب رؤوس الأموال والمتصيدون على نهيه عمّا يفعل بذكر الأسباب، وها هو يراهن على أنه محق وأن الآخرين على خطأ.

نشأ كلوفر في مقاطعة بولدر في كولورادو ابناً لمحاميين. حين أنهى دراسته الابتدائية، كان يصنع لوحات دوائر تخصصية ويحيّر حكام معرض العلوم الذين افترضوا أنه حصل على مساعدة خارجية.

كان في إجازة من مدرسة فيرفيو الثانوية في صيف 2012 عندما دخل قاتل صالة تعرض أحدث فيلم من سلسلة "باتمان" في أورورا، على بعد نصف ساعة من منزله، وأطلق النار على 70 شخصاً وأردى 12 منهم.

قال كلوفر حدث هذا في سينما كنت أرتادها ليس بعيداً عن منزلي و"كان ممكناً أن أكون هناك. لقد كانت تلك نقطة تحول كبيرة لدي. شعرت أن هناك ما يمكن أن أفعله".

بعد إطلاق النار في أورورا، أصبح كلوفر مهووساً بشأن العنف الناجم عن الأسلحة وكيف يمكن أن يساعد في تقليله. لم يستطع معرفة كيفية إيقاف حدث مثل إطلاق النار الذي شهدته أورورا، لكنه اعتقد أن البندقية الذكية قد تمنع على الأقل عدداً من حوادث إطلاق النار العرضية وانتحار الشباب.

سرعان ما همّ بذلك كأولوية، فامتلأ منزل عائلة كلوفر بنماذج أولية وأجهزة استشعار بصمات الأصابع. يقدّر كلوفر أنه أمضى نحو 1500 ساعة في العمل على النموذج الذي قدمه في 2013 إلى معرض إنتل الدولي للعلوم والهندسة، الذي يُسمى ريجينيرون حالياً، وهو مسابقة سنوية بين ملايين الطلاب من 70 دولة الذين يسعون للحصول على المال والمكانة. فاز كلوفير بجائزة في فئة الهندسة الكهربائية والميكانيكية وحصل على 3000 دولار، وهو ما كان يكفي ليتابع العمل.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

تمويل المشروع

تلقى كلوفير في العام التالي منحة قدرها 50000 دولار من مؤسسة ”سمارت تيك تشالنجز“ (Smart Tech Challenges Foundation) لمواصلة تطوير نماذجه الأولية، بدعم من رون كونواي، أحد أنجح المستثمرين في الأهداف السامية في وادي السيليكون.

كانت المنظمة غير الربحية تبحث عن أسلحة ذكية واعدة وتقنيات مماثلة بعد وقوع إطلاق نار عشوائي آخر في مدرسة ساندي هوك الابتدائية في كونيتيكت.

قال كونواي لصحيفة واشنطن بوست دونما مزيد تبصر: "رجل الأعمال الذي يحقق هذا بشكل صحيح قد يكون بمثابة مارك زوكربيرغ في مجال الأسلحة… بعد ذلك، سيغدق أصحاب رؤوس الأموال من أمثالي عليه رأس المال، وسنبني شركة أسلحة بمليارات الدولارات تصنع أسلحة آمنة وذكية".

منحت المؤسسة ما مجموعه مليون دولار إلى 15 مشروعاً، شملت إنتاج حقائب مسدسات تفتح باستخدام البصمات الحيوية، وسبطانات ذات قوابس برقم تعريف شخصي، وجعب مزودة بتقنية تعرّف، وثلاثة مشاريع أسلحة تستخدم البصمات الحيوية.

مرّ عديد من هذه المشاريع بلحظة شهرة، لكن يصعب العثور على أي من منتجاتها في السوق اليوم إلى جانب الصناديق والجعب. موقعا صانعي الأسلحة الآخرين ”لودستار وركس“ (LodeStar Works) و ”آيغن تيكنولوجي“ (iGun Technology) يعلنان بأنهما سيعلمان العملاء المهتمين حين تصبح منتجاتهم متاحة.

تقول ”آيغن“ عن سلاحها: "إنه ليس نموذجاً أولياً أو نموذجاً أو فكرة… إنه موجود ويعمل، لكن لسوء الحظ، لم يكن هناك ما يكفي من الطلب عليه ليدخل الإنتاج على نطاق واسع“.

أمضى كلوفر سنواته الأخيرة في المدرسة الثانوية وسنة تغيب فيها عن الدراسة وسنتين خلال دراسته في معهد ماساتشوستس للتقنية يعمل على النماذج الأولية وخطة العمل في ”بايوفاير“.

رغم أن الجوائز والمنح قُدمت للتشجيع، إلا أن العالم الحقيقي ألقى بعقبات في طريقه. بدأ كلوفر حملة تمويل جماعي بعرض مقنع: "ساعدني في إنقاذ الأرواح باستخدام تقنية الأسلحة الذكية". لكنها تعثرت، فجمعت 12000 دولار من 72000 دولار كان يسعى لتحصيلها. لم يهتم معهد ماساتشوستس للتقنية بفكرة تعديله لسلاح في منزله، لكن كلوفر لم يستطع أن ينسى المنتج والهدف منه. في النهاية، ذهب إلى والديه ليعلمهما بأنه سيترك الدراسة ليجعل ”بايوفاير“ وظيفته بدوام كامل، ولم تكن محادثة سهلة.

حصل كلوفر على 100 ألف دولار في 2019 من بيتر ثيل، وهو جزء من برنامج زمالة الملياردير للطلاب الذين يتركون الدراسة ويؤسسون شركات. أدار كلوفر الشركة من بوسطن لبضع سنوات قبل أن يعود إلى الغرب، الذي يراه أكثر ملاءمة لشركة أسلحة. قال: "كل ما كنا نفعله في بوسطن كان قانونياً، لكنه كان يجلب توتراً… لم يكن أصحاب العقارات يرغبون بتأجيرنا".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

مكاتب ومخابر

يبدو مكتب ”بايوفاير“ في كولورادو كما لو كان شركة ناشئة في مجال التقنية وكذلك كمنشأة تطوير وبحث. هناك نحو ثلاثين شخصاً يجلسون على مكاتب في مكاتب مفتوحة الطراز مخصصة للحوسبة، إضافة إلى مساحة كبيرة في الخلف لتجربة أجزاء مختلفة من المسدس.

توجد محطات مع مكاوي لحام ومعدات علمية وقواطع ليزر. في الجوار هناك غرفة منفصلة ذات جدران مغطاة بسنوات من تصاميم بالحجم الطبيعي.

قضى كلوفر وفريقه وقتاً طويلاً في مناقشة ما إذا كان يجب أن يبدو المسدس طبيعياً أو مستقبلياً، مثل ذاك الذي يعرضه فيلم (Star Trek). قرروا أن يكون شكله اعتيادياً، في الغالب. إنه يشبه مسدس ”غلوك“ (Glock) بوزن زائد.

يبلغ حجم السبطانة نحو ضعف حجمها في المسدس القياسي، كما أن القبضة كبيرة الحجم أيضاً، وهذه هي الأماكن التي تكتظ بإلكترونيات ومعالجات الطاقة والبطارية اللازمة لجعل المسدس سريعاً واعتمادياً.

قال كلوفر إن الجانب الإيجابي للوزن الإضافي هو أن ارتداد المسدس عند الإطلاق أدنى، ما يسهل على معظم الناس التعامل معه. يوجد قارئ بصمات الأصابع في المقبض، ومستشعر للتعرف على الوجه في الجزء الخلفي من السلاح فوق قبضته.

هناك مستشعر وجود آخر يشغل المسدس ويجهزه للعمل عندما يدنو منه إنسان. يكشف رسم تخطيطي لداخل المسدس عن جهاز مليء بعديد من لوحات الدوائر الصغيرة وأجهزة الكشف والأسلاك تكفي لأن يكون وحدة تحكم ألعاب فيديو صغيرة.

قال كلوفر إن هذا ما يتطلبه صنع سلاح ذكي يعمل. إنه أول مسدس تجاري ”يطلق النار عبر أسلاك"، ما يعني أن برنامجاً يتحكم به. "لقد أزلنا جزءاً كبيراً من الوصلات الميكانيكية واستبدلناها بإلكترونيات… إنه أشبه بمسدس كهربائي".

مشابه لكنه مختلف

يبدو الضغط على الزناد مماثلاً للمسدس التقليدي، لكن الزناد غير متصل بآلية القدح، وهو أشبه بمفتاح يُضغط، وعند ضغطه يرسل إشارة إلى نظام إطلاق إلكتروني في نفس الجزء من الثانية، حيث تتحقق المستشعرات الحيوية من هوية المستخدم.

قال كلوفر: "هناك تغيير في حالة يحدث في الترانزستور يستغرق نحو جزء من ألف من الثانية وهو موثوق جداً… إنه مثل نظام الكبح الإلكتروني في السيارة أو نظام توجيه الصواريخ." يبدو المسدس ثقيلاً ومتماسكاً ويحتوي مكونات زائدة عن الحاجة في جميع الأماكن الحاسمة. يأتي أيضاً مع جهاز كمبيوتر صغير محمول باليد به شاشة تعمل باللمس لتسجيل بصمات أصابعك وتصوير وجهك.

عملية تسجيل مطلق النار تشبه إلى حد بعيد إعداد هاتف ذكي وتستغرق بضعة ثوان. يمكن تسجيل ما يصل إلى خمسة أشخاص يتعرف عليهم السلاح وإضافة غيرهم أو حذفهم حسب الرغبة. يُشحن كل من المسدس وحاسوبه عبر كابل (USB-C)، وتستمر قدرة المسدس على إطلاق النار لأشهر عند شحنه كاملاً، كما يقول كلوفر، ويستغرق الشحن الكامل ساعة.

لا توجد شريحة تتبع موقع GPS في البندقية ، والأمر متروك للمالك ليقرر ما إذا كان يريد توصيل جهاز الحوسبة بالإنترنت للحصول على تحديثات. لمنع القرصنة أو التجسس، لا تحتوي البندقية نفسها على أنظمة اتصالات لاسلكية أو إنترنت.

تتلقى ”بايوفاير“ الطلبات المسبقة عبر موقع (smartgun.com). إيداع 149 دولاراً يضعك في قائمة انتظار لتدفع 1350 دولاراً إضافياً حين يكون السلاح جاهزاً للتوصيل. هذا يضعه سعره في مكان ما بين ضعف وثلاثة أضعاف سعر التجزئة المناسب لطراز ”غلوك“ القياسي.

مشكلة محلية

كما يعلم بقية العالم، فإن الولايات المتحدة لديها مشكلة هائلة في العنف المسلح. تُظهر بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن نحو 50 ألف أميركي يموتون بطلقات نارية كل عام، أكثر من نصفهم انتحاراً ونحو 40% قتلاً، كما أن أصحاب الأسلحة أكثر عرضة بأربعة أضعاف للموت بطلق ناري ممن لا يملكون سلاحاً.

لطالما كان ستيفن تيريت، الأستاذ الفخري في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة، من أكثر المدافعين صراحة عن الأسلحة الذكية، مستشهداً بالدراسات التي خلصت إلى أن الأجهزة يمكن أن تمنع ما يصل إلى 37% من الوفيات العرضية وعديد من جرائم القتل والانتحار، وخاصة بين الشباب.

كتب تيريت في صحيفة نيويورك تايمز قبل عدة سنوات: "لن يتمكن الأطفال من إطلاق النار من مسدس موجود في المنزل، ولن يتمكن المراهقون المكتئبون من إنهاء حياتهم بمسدسات ذكية… الأسلحة المسروقة في عمليات السطو على المنازل، إذا كانت شخصية، لن يكون لها قيمة في السوق غير المشروعة التي تغذي عنف السلاح".

مع ذلك، يستمر عديد من المدافعين عن حق حيازة الأسلحة بالتشكيك بشأن قيمة الأسلحة الذكية، ويشيرون إلى ضعف البيانات الموجودة بشأنها. يقر بعضهم أن التقنية قد تقلل من الانتحار، لكنهم أكثر تشككاً بشأن تأثيرها المحتمل على الحوادث.

قال جون ستوكس، المؤسس المشارك لمنظمة حقوق حمل السلاح ”أوبن سورس ديفينس“: “يصعب علي الاقتناع بذلك".

إخفقات هنا وهناك

كما أن تاريخ البنادق الذكية يتضمن إخفاقات مخزية، فقد تعطلت بعض الأسلحة خلال عرضها للصحافة، وتطلب بعضها ساعات معصم ونحو 10 ثوانٍ كي تفتح أقفالها لتكون قابلة للإطلاق.

كما قلبت القوانين التي تهدف للترويج للأسلحة الذكية المتشددين ضدها. الأكثر شهرة كان قانون نيو جيرسي لسلاح آمن ضد عبث الأطفال الذي صدر في 2002، فقد نصّ على أن جميع المسدسات المبيعة في الولاية يجب أن تكون ذكية، بمجرد إقرار أول سلاح جدير في تلك الولاية.

في 2019، ألغت الولاية ذاك القانون ووضعت نظاماً جديداً يلزم متاجر الأسلحة تقديم سلاح ذكي واحد على الأقل كخيار عند طرح منتج لائق. رسمياً، لا تعارض الرابطة الوطنية للبنادق تطوير الأسلحة الذكية أو بيعها، لكن جماعة الضغط الداعمة لحمل الأسلحة تواصل معارضة حظر الطرز غير الذكية وتقول إنه لا توجد خيارات ذكية جديرة.

إطلاق نار قرب مدرسة يودي بحياة 6.. وبايدن يكرر الدعوة لحظر الأسلحة الهجومية

هذا أحد الأسباب التي تدفع ستوكس للخشية من أن المشترين المحتملين للأسلحة الذكية سيكونون غير مجهزين لاستخدامها. قال: "أشعر بالقلق من أن الناس سيخرجون ويشترون هذا الشيء لأنهم يعتقدون أنه آمن، دون تخصيص وقت للذهاب إلى مضمار وتلقي دروس لتعلم قواعد السلامة المناسبة… إن لم تكن مستعداً لاستخدام (غلوك)، فأنت لست مستعداً لاستخدام مسدس ذكي. ويجب أن تبتعد عن الأسلحة". قال ستوكس إن الأمل الحقيقي الوحيد في نجاح أعمال”بايوفاير“ هو جعل الشرطة والجيش يتبنون هذا السلاح أولاً.

تجربة خبير

خلال رحلتي إلى كولورادو ، وجدت داعماً عسكرياً واحداً على الأقل لمسدس ”بايوفاير“ وهو مايكل كوربيت، الذي كان في حاوية الشحن تلك معي. أمضى كوربيت عقداً في إدارة عمليات مكافحة الإرهاب بصفته جندياً في قوات البحرية الخاصة، وكان متشككاً بشأن الأسلحة الذكية حتى جرب ”بايوفاير“ قبل بضعة أشهر.

قال كوربيت: "عندما ذهبت إلى المضمار، لم أكن أتوقع الكثير… ثم جربته ولسان حالي يقول: لا أصدق ذلك. لقد تمكنوا فعلاً من إنتاج مسدس يعمل“.

في نفس الوقت الذي اختبر فيه السلاح لأول مرة، صدمه طفله البالغ من العمر 9 أعوام بأن فتح خزنة مسدس كانت بجوار سرير أبيه. كان الطفل قد رأى كوربيت يدخل رمز التحقق الشخصي الخاص بالخزنة في الماضي وبقي في ذاكرته، لذا قرر كوربيت لاحقاً أن يشتري مسدس ”بايوفاير“.

رغم أن ستوكس لا يتفق مع ذلك، إلا أن أشخاصاً مثلي يمثلون أيضاً سوقاً ضخمةً محتملةً لشركة كلوفر. أنا لست مهتماً بالسلاح فعلاً، لكن يمكنني أن أرى جاذبية حيازة سلاح لحماية عائلتي.

نظراً لإحصائيات الأمان المروعة، فقد تجنبت شراء مسدس، وقد يكون شيئاً مثل مسدس ”بايوفاير“هو ما كنت أفكر حقاً بشرائه. يمكن لقوات الشرطة أيضاً استخدام الأسلحة للتخفيف من خطر أن تُوجّه بنادقهم ضدهم.

بالنسبة لشاب يبلغ من العمر 26 عاماً، فإن كلوفر شديد الذكاء جداً في دفعه الانتقادات. لقد أمضى عقداً يلمع منتجه ولديه إجابات على كل الشكوك. بدل السعي لفرض إلزام بالأسلحة الذكية، على سبيل المثال، مارست ”بايوفاير“ ضغوطاً ضد ذلك لتجنب عداء بين داعمي حمل السلاح.

لقد تحول كلوفر إلى مطلق نار متعطش ويملك عديداً من الأسلحة، وذلك في جزء منه يهدف لأن يملك معرفة عميقة حين يتحدث إلى الخبراء. قبل تقديمه مسدس ”بايوفاير“ الذكي، كان يغازل المؤثرين على الإنترنت ويتطلع إلى اللحظة التي يبدأ بها المخترقون بالنبش سعياً لاكتشاف عيوب المسدس.

عندما يُضغط على كلوفر للتطرق إلى كيفية التغلب على عداء صناعة الأسلحة ومحبيها، يضع هدفاً قصير المدى قابلاً للقياس بأن يقول: "نريد أن نثبت أن هذه السوق موجودة"، ويشير إلى أنه لا يحتاج إلى إعادة صياغة القطاع بأكمله دفعة واحدة لتبرير عقدٍ من الكدح.

قال: "إن تمكنا من إنقاذ حياة واحدة، أعتقد أن هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي أن نفعله… أعتقد أنه يمكننا إنقاذ عشرات آلاف الأرواح“.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك