المصرفيون يتعاملون مع عدم اليقين في السوق من خلال تكثيف محادثات سرية حول الطروحات

صعوبات طروحات الأسهم تُعيد فن التهامس إلى وول ستريت

صورة تعبيرية - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

حين تقرر شركة مساهمة عامة بيع مزيد من أسهمها هذه الأيام، تبدأ باتخاذ سلسلة من الخطوات الحذرة. فيبادر مصرفي استثماري بالاتصال ببعض كبار المستثمرين مقدماً عرضاً مبهماً لناحية بعض التفاصيل الأساسية.

يقول مثلاً ثمة شركة تعمل في مجال معين تدرس بيع بعض أسهمها. وإذا رغب المستثمرون بمعرفة مزيد عن ذلك، عليهم التعهد بالحفاظ على سرية المعلومات المحددة التي يتلقونها حول الشركة والامتناع عن استغلال هذه المعلومات لفترة.

يُطلق على هذه المحادثات تسمية "عبور الجدار"، وهو أمر أشبه بالانضمام إلى نادٍ حصري لدى أعضائه معلومات هامة غير علنية تقتصر عادةً على مسؤولين في دوائر صنع القرار داخل الشركات ومستشاريهم المقربين.

في ظلّ عدم اليقين السائد في السوق، عمد المصرفيون إلى تكثيف مثل هذه المحادثات السرية التي تعتبر قانونية، وأيضاً ضرورية في بعض الأحيان من أجل تجنب خيبات الأمل العلنية.

تحدث هذه المحادثات عادةً حين تصدر شركة أسهماً جديدة، أو عندما يسعى أحد المساهمين الرئيسيين إلى نقل ملكية جزء كبير من أسهمه القائمة. قال كيث كانتون، رئيس أسواق رأس المال في الأميركتين في "جيه بي مورغان تشيس آند كو." (.JPMorgan Chase & Co) "بصفتك جهة إصدار، فإن آخر شيء تريد أن تفعله هو الإعلان أنك بصدد إصدار أسهم دون أن تكون متأكداً أو لديك ثقة عالية بأن هذا الإصدار سيكون ناجحاً".

انهيار "إس في بي" يكشف أخطاراً أخرى في الطروح الأولية في أميركا

مخاطر محتملة

خلال فترة السوق الصاعدة التي استمرت لفترة طويلة وانتهت العام الماضي، غالباً ما كانت الشركات على يقين أنها ستجد مشترين بمجرد الإعلان عن عزمها البيع.

لكن مخاطر هذا النهج بانت جليّةً في مارس الماضي. حين طرح "سيليكون فالي بنك" (Silicon Valley Bank) علناً أسهماً قيمتها 1.3 مليار دولار دون أن يتحرى إقبال المشترين، فأسهم ذلك بإطلاق موجة سحوبات إيداعات. يقول صانعو الصفقات إن المشكلة ربما كانت ستكون أخف وطأة لو أنه تفاوض على الطرح بسرية.

مع ذلك، فإن المحادثات السرية تنطوي على مخاطر أيضاً. قال تيري جونسون، الشريك في مكتب المحاماة "أرنولد آند بورتر كاي سكولر" الذي يقدم المشورة القانونية إلى عدد من مجالس الإدارات: "المشكلة في نهج عبور الجدار تكمن في تطلبه السير على خيط رفيع جداً... عليك أن تكون حريصاً للغاية في اتباع النص والقواعد، فإذا تجاوزت الخطّ الفاصل، من السهل أن تنحرف فجأة إلى أمر يمكن أن تحاسب عليه قانونياً".

إن شعرت الأسواق مثلاً بأن شركة مُدرجة معينة على وشك طرح أسهم، قد يبدأ المتداولون بالتخارج من أسهمها أو بيعها على المكشوف، لاعتقادهم أن إصدار الأسهم الجديدة سيخفض قيمة الأسهم الحالية أو سيؤثر على السوق.

كذلك، يمكن أن يتسبب أي تصرف خاطئ خلال هذه المحادثات السرية في تسريب معلومات غير علنية أخرى، ما قد يتيح للمستثمر المرتقب استغلالها.

نهج متوسع

يُتّبع نهج مماثل أيضاً لجسّ النبض في الطروحات العامة الأولية، حين لا تكون أسهم الشركة مدرجة بعد. إذ يستند المصرفيون الاستثماريون إلى محادثات أولية مع المشترين المرتقبين لتقييم مستوى الطلب قبل اتخاذ قرار بالمضي قُدُماً في الطرح. تمكّن هذه الطريقة جهات الإصدار من تكوين فكرة أفضل حول السعر الذي يمكنهم الحصول عليه وعدد الأسهم التي يمكنهم بيعها.

ازداد عدد الطروحات العامة الأولية التي أحيطت بالسرية منذ إصدار قانون تشجيع الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة في 2012، الذي أتاح لكلّ الشركات، باستثناء الضخمة منها، أن تبقي على سرية إخطاراتها التنظيمية حتى المراحل النهائية من إدراج أسهمها.

لقد عدّلت الجهات الناظمة هذه القواعد بعد خمس سنوات لتمكين الشركات من كلّ الأحجام من إعداد طروحاتها الأولية العامة بعيداً عن الأضواء.

شهدت الطروحات العامة الأولية والثانوية في الولايات المتحدة أبطأ موسم ربع سنوي لها منذ 2009 هذا العام، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ، حيث أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة تقلبات السوق ودفع المستثمرين لتجنب المخاطرة.

مع ذلك، فإن الشركات متعطشة أكثر من أي وقت مضى لجمع الأموال من المستثمرين، ومع ارتفاع تكاليف الاقتراض، غالباً ما يكون بيع الأسهم هو الطريقة الأقل تكلفة لفعل ذلك.

قال إريك غوردون، الأستاذ في كلية "روس" للأعمال بجامعة ميشيغان: "التمويل من خلال الأسهم هو شريان حياة الشركات في مراحلها الأولى حين تكون ما تزال مفتقرةً لتدفق نقدي حر لدعم الديون". على هذا النسق، لك أن تتوقع أن يتحول تهامس في "وول ستريت" إلى ضجيج.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك