لجنة التجارة الفيدرالية تعتزم وضع قواعد جديدة لحظر اتفاقيات عدم المنافسة باعتبارها عبئاً على الاقتصاد

منتقدو خطة بايدن لمكافحة الاحتكار يسلطون هجومهم على لينا خان

رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية لينا خان تتعرض لحملات تستهدفها شخصياً  - المصدر: بلومبرغ
رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية لينا خان تتعرض لحملات تستهدفها شخصياً - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لم تُخفِ لينا خان، رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية، حرصها على مجابهة ما تعتبره تجاوزات من الشركات الكبرى. لكن يبدو أن الشركات الأميركية استشعرت ضغوطاً في 5 يناير حين أعلنت اللجنة عن قاعدة مقترحة من شأنها حظر اتفاقيات عدم المنافسة، أو الاتفاقيات التي يربطها أصحاب الأعمال بعقود التوظيف لمنع موظفين من تولي وظائف أخرى في نفس المجال لدى مغادرتهم.

تقول بعض الشركات إن هذه الاتفاقيات تساعدها كي تستبقي أصحاب المهارات وكي تحمي معلومات حساسة، بينما تحتج لجنة التجارة الفيدرالية بأنها تشكل عبئاً جائراً على عاتق الاقتصاد، وأن حظرها سيزيد الأجور بمقدار 300 مليار دولار سنوياً.

حدا هذا بغرفة التجارة الأميركية لإجراء سلسلة محادثات منتظمة مع ما يزيد عن مئة من فروعها المحلية ومجموعات الأعمال والشركات الخاصة مباشرةً.

تضمنت النقاشات أموراً مثل هوية المدعي الرئيسي في الدعوى التي تدرس الغرفة رفعها عند الانتهاء من صياغة القواعد الجديدة، وفقاً لشخصين معنيين اشترطا عدم كشف عن هويتيهما نظراً لسرية المحادثات. قال شون هيذر، النائب الأول لرئيس الغرفة: "بدأنا نرصد مستويات غير مسبوقة من القلق بين أعضائنا".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

تهيّب مما سيأتي

استنزفت نزاعات خاضتها لجنة التجارة الفيدرالية ضد شركات بعينها موارد الوكالة على مدى العامين الماضيين، لا سيما كبريات شركات التقنية الأميركية. مع ذلك، يمكن أن يكون للقواعد التي تستهدف حظر اتفاقيات عدم المنافسة وقع محسوس عبر قطاعات الاقتصاد على اختلافها، ذلك أنها تؤثر على واحد من كل خمسة موظفين أميركيين تقريباً.

غير أن بعض القواعد التي تعكف لجنة التجارة الفيدرالية على تقنينها قد تنطوي على تداعيات كاسحة مشابهة، ومنها خطط لاتخاذ إجراءات صارمة ضد جمع شركات تقنية لبيانات مستخدميها الشخصية دون إذن، ومبادئ توجيهية جديدة حول كيفية تعامل الحكومة مع الدمج والاستحواذ؛ .

تعوّل جماعات دعم التقنية والأعمال، إضافة إلى شبكة نافذة من الجماعات المناهضة للتنظيم يمولها تشارلز كوك، أحد أبرز المانحين المحافظين، على إمكانية عرقلة برنامج لجنة التجارة الفيدرالية عبر إغراقها بسيل دعاوى قضائية وجلسات الاستماع والتحقيق في الكونغرس.

كانت الجماعات سالفة الذكر قد أنحت باللائمة على خان، التي ستبلغ من العمر 34 عاماً في مارس، باعتبارها رمزاً رئيسياً لكل ما يعدونه معيباً في خطة الرئيس جو بايدن لمكافحة الاحتكار.

"ميتا" بحاجة إلى روح "ويذين" للمنافسة في الواقع الافتراضي

ذُكرت خان في 43 موضوعاً نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" منذ 2021 في افتتاحيات ومقالات رأي ورسائل إلى المحرر. بينما ظهر اسم جوناثان كانتر، الذي يرأس جهود مكافحة الاحتكار في وزارة العدل الأميركية، في خمسة موضوعات فقط.

اتخذ هجوم منتقدي خان طابعاً شخصياً في بعض الأحيان، ما دفع البعض ليقولوا إنه يستحيل تجاهل نبرة التمييز الجنسي التي برزت منهم.

قال مورغان هاربر، مدير الشؤون السياسية والدعوة بمنظمة مشروع الحريات الاقتصادية الأميركية، وأحد داعمي اتخاذ إجراءات قوية لمكافحة الاحتكار: "لا شك أن خان تتعرض لمستويات غير متناسبة من نقد لا يستند إلى الجوهر باعتبارها رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية، وإنما بات هجوماً شخصياً على جنسها وعرقها وعمرها، ثم أيضاً إلى حقيقة أنها تحاول استخدام سلطة الوكالة لبسط سيادة القانون، وهو ما لم يحدث منذ ما يربو على 25 عاماً".

نكسات الديمقراطيين

يأتي ذلك فيما منيت خطة الديمقراطيين لمكافحة الاحتكار بسلسلة نكسات أخيراً، فقد فشلت الكتلة الديمقراطية بتمرير تشريع مكافحة الاحتكار والتنظيم التقني قبل أن يفقد الحزب غلبته في الكونغرس.

أعلن ديفيد سيسيلين، ممثل رود آيلاند الذي قاد جهود الحزب الديمقراطي لتمرير التشريع أنه سيغادر الكونغرس في يونيو.

كانت تقارير تفيد بوجود حالة سخط داخل لجنة التجارة الفيدرالية التي ترأسها خان قد انتشرت على نطاق واسع، فيما فشلت اللجنة في منع شركة "ميتا بلاتفورمز" من الاستحواذ على شركة الواقع الافتراضي "ويذين" (Within) عبر دعوى قضائية رفعتها خان مخالفةً توصية طاقمها.

صفقة ماسك و"تويتر" تخضع لمراجعة بشأن مكافحة الاحتكار

بعد أسبوعين من ذلك، أعلنت كريستين ويلسون، المفوضة الجمهورية الوحيدة لدى لجنة التجارة الفيدرالية، لصحيفة "وول ستريت جورنال" أنها بصدد الاستقالة من منصبها. كتبت: "لقد فشلت تكراراً في إقناع السيدة خان ومساعديها بأن يفعلوا ما هو صائب. كما أرفض إضفاء أي لمحة من الشرعية على مساعيهم عبر الاستمرار في منصبي".

ستضع استقالة ويلسون، التي ستكون نافذة في 31 مارس، اللجنة تحت هيمنة أغلبية ديمقراطية بواقع ثلاثة مفوضين ديمقراطيين دون جمهوريين، فيما يرجح أن يستغرق تعيين بديل للمفوضة الجمهورية عدة أشهر.

كتب أعضاء جمهوريون في لجنة الطاقة والتجارة بالمجلس رسالة مفتوحة إلى خان في 1 مارس، يطالبون أن تشرح كيف ستسعى للحصول على إجماع الحزبين في غياب مفوضين جمهوريين، فضلاً عن مطالبتها بالاطلاع على الوثائق المتعلقة بشكاوى ويلسون واستقالات موظفين آخرين.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

حملات دعائية

أطلق معهد المشاريع التنافسية، وهو مؤسسة فكرية يمينية تربطها علاقات وثيقة بصناعات النفط والغاز والتقنية اضطلعت بالترويج لإنكار تغير المناخ، حملة في فبراير تحت عنوان: "عين على لجنة التجارة الفيدرالية" بهدف جميع أخبار سلبية حول الوكالة وحثّ الناس على التعليق عليها علناً.

قالت جيسيكا ميلوجن، مديرة السياسة التقنية لدى معهد المشاريع التنافسية: "يبدو أن معايير الوكالة نفسها باتت في خطر".

زعمت ميلوجن أنها لا تُقرّ مهاجمة خان شخصياً، لكن حملة المعهد تتضمن إعلاناً يحذّر أن "بيروقراطيين غير منتخبين" يدمرون الوكالة، يعرض صوراً لوجه خان في الخلفية.

التشدد في التدقيق لمكافحة الاحتكار لا يعني إلغاء كل الصفقات

كما يتهم إعلان منفصل أطلقه "تحالف حماية دافعي الضرائب"، الذي يتلقى تمويلات من كوك وشركات تقنية مثل "غوغل" تابعة "ألفابيت" و"أمازون"، خان "بجعل لجنة التجارة الفيدرالية سلاحاً لتحقيق أهدافها السياسية".

يعتبر هيذر، النائب الأول لرئيس غرفة التجارة الأميركية، أن كون خان نقيضاً مفيد سياسياً، وقال: "الناس تتجه إلى كل ما هو جديد في لحظته". قال أحد أعضاء جماعة ضغط مناصرة للشركات، وقد تحدث مشترطاً عدم كشف هويته ليتحدث بصراحة، إن خان بدأت تثير غضباً بين المحافظين يداني الهوس، الذي كان موجَّهاً فيما مضى إلى عضوة مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس إليزابيث وارن وممثلة نيويورك ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

جبهات عدة

يبدي منتقدو خان مرونة أكبر عندما يلاحقون مسؤولين آخرين يتبنون خططاً مشابهة. استشهد جيم كريمر مذيع قناة "سي إن بي سي" التليفزيونية بفكر كارل ماركس في أثناء حديث منفرد انتقد من خلاله خان لرفعها دعوى قضائية ضد "غوغل". لكن عندما نبّه معلق آخر كريمر أن وزارة العدل، التي يقود جوناثان كانتر جهودها لمكافحة الاحتكار، هي التي رفعت الدعوى، بدا كريمر أكثر انضباطاً وقال: "جوناثان كانتر مفكر أقوى من لينا خان".

رفضت لجنة التجارة الفيدرالية التعليق على هذا التقرير.

يبدو أن المعركة ضد خان تتجه إلى مسرح أحداث آخر في مجلس النواب الذي يقوده الحزب الجمهوري، فقد أرسلت غرفة التجارة الأميركية خطاباً إلى المشرعين تطالبهم بأن يكبحوا جماح قواعد الوكالة بشأن اتفاقيات عدم المنافسة في 28 فبراير.

ليست "أمازون" وحدها.. مكافحة الاحتكار في أمريكا تحتاج لإعادة إحياء

رغم أن 21 عضواً جمهورياً صوتوا في مجلس الشيوخ لصالح ترشيح خان، أثار تعيينها حنق النواب المحافظين تجاهها. بينما أشار رئيس اللجنة القضائية في الكونغرس، جيم جوردان ممثل ولاية أوهايو، إلى نيته التدقيق في قرارات خان ولجنة التجارة الفيدرالية عبر طلبه وثائق وجلسات استماع رقابية.

ترددت أنباء حول مساعدة أحد مستشاري مفوضة لجنة التجارة الفيدرالية المستقيلة ويلسون اللجنة القضائية استعداداً للمعركة ضد خان، حسب ما قال أشخاص مطلعون على الأمر.

قالت ميلوجن: "إذا استبقت لجنة التجارة الفيدرالية الأمور، فإنها ستعوق نفسها بنفسها"، في إشارة إلى فترة السبعينيات التي شهدت حجب الكونغرس للتمويل عن الوكالة، أضافت: "أنت لا تريد العودة إلى وضع حيث يكون لدى الكونغرس عذر مقبول ليقول: سنوقف تمويلك".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك