دفعت الحوافز الضريبية شركات النفط الكبرى والشركات المصنعة للاندفاع نحو بدء مشاريع جديدة

حوافز احتجاز الكربون الأميركية ثروات تنتظر من يحصدها

صورة تعبيرية - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

صاحبت جهود احتجاز الكربون المحدودة التي استهدفت منع تفاقم أزمة المناخ إخفاقات باهظة الأثمان فيما مضى. لكن مؤيدي هذه التقنية يرون أنَّ الحوافز الضريبية المرتبطة بها في قانون خفض التضخم الأميركي جذرية وكافية حين تضاف إلى التجارب المستفادة على مر العقدين الماضيين كي تنطلق التقنية أخيراً.

قالت شركة "ليهاي هانسون"، إحدى أكبر منتجي الخرسانة في الولايات المتحدة، إنها ستبدأ تشغيل مصنع أسمنت جديد في مدينة ميتشل بولاية إنديانا في أوائل هذا العام ستكون له قدرة على احتجاز 95% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن عملياته بحلول 2028. سيبين المشروع في حال نجاحه كيف يمكن لإحدى أكثر الصناعات تلويثاً في العالم أن تداني الحياد الكربوني.

شرعت شركة "إير برودكتس آند كيميكالز" بمدينة ألينتاون بولاية بنسلفانيا، ببناء منشأة بقيمة 4.5 مليار دولار جنوب باتون روج عاصمة ولاية لويزيانا، التي يمكن أن تكون أكبر مراكز عمليات عزل الكربون حول العالم.

تتوقع شركة "كاربون كابتشر" في لوس أنجلوس، سحب 5 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً من الهواء مباشرة بحلول نهاية العقد. كما تحشد "دراكس غلوبال"، وهي شركة بريطانية متخصصة بإنتاج الطاقة من مصادر طبيعية واحتجاز الكربون، الاستثمارات لإنشاء محطات بإمكانها سحب 12 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.

تعديلات مغرية

يشير مصطلح احتجاز الكربون وتخزينه إلى عمليات فصل ثاني أكسيد الكربون عن الغازات الأخرى مثل النيتروجين والأكسجين ومن ثم احتجاز الكربون لإبعاده عن الغلاف الجوي للأرض.

دأبت البشرية على فعل ذلك منذ عقود لكن بمعدلات لم تدانِ ما تتطلبه المساعدة في منع ارتفاع درجة حرارة الأرض على نحو كارثي. ببساطة، كان ذلك ليكلف الكثير.

يتضمن قانون خفض التضخم، الذي أقره الكونغرس في أغسطس، تعديلات هامة على الإعفاءات الضريبية الواردة بالمادة (45Q) والمتعلقة باحتجاز الكربون وتخزينه، والتي من شأنها تغيير هذه الحسابات.

قال جون تومسون، أحد مديري فريق عمل الأجواء النظيف، وهو مجموعة بحثية بيئية في بوسطن: "أرونا المال وسنريكم المشاريع. هذا ملخص ما يحدث الآن".

يرفع قانون خفض التضخم سعر كل وحدة ائتمان من نظام حوافز إزالة ثاني أكسيد الكربون من 45 دولاراً للطن إلى 85 دولاراً، وما يصل إلى 180 دولاراً لقاء التقاطه من الهواء. كما يمدد القانون الموعد النهائي لبدء أعمال البناء في أي مشروع يتعلق باحتجاز الكربون وتخزينه من 2026 إلى 2033، ويضع حداً أدنى أقل بكثير لكمية الكربون التي ينبغي للمشروع احتجازها سنوياً.

على سبيل المثال، كانت محطة توليد الطاقة ملزمة بالتقاط ما لا يقل عن نصف مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون لتتأهل للإعفاءات الضريبية حسب القانون، بينما ينبغي عليها الآن سحب 18750 طناً فقط.

نظراً لعدم تحديد سقف للإعفاءات الضريبية في المادة (45Q)، يستحيل تحديد مقدار الأموال التي سيجنيها رواد الأعمال المتقدمون للحصول على الإعفاءات.

يقدر مكتب الميزانية بالكونغرس أن الإنفاق الفيدرالي على احتجاز الكربون سيكون متواضعاً نسبياً بواقع 3 مليارات دولار خلال السنوات العشر الأولى من تطبيق القانون، لكن محللين في بنك "كريدي سويس" نشروا تقريراً في خريف 2022 يتوقع أن يكون الإنفاق أقرب إلى 52 مليار دولار.

هدف بعيد

يرجح مصممو نماذج منشآت الطاقة أن كمية الكربون المحتجز في الولايات المتحدة سترتفع من ما بين 12 مليون طن و25 مليون طن سنوياً حالياً إلى 200 مليون طن بحلول 2030.

قال العالم جوليو فريدمان، الذي أشرف على برامج احتجاز الكربون في وزارة الطاقة تحت إدارة أوباما: "الوضع الحالي يشبه إلى حد كبير ما توصلنا إليه بخصوص الطاقة الشمسية في 2005.

لن يتمكن العالم من حصر ارتفاع درجة حرارة الأرض في 1.5 درجة مئوية بحلول 2050، وهو الهدف الذي حددته اتفاقية باريس للمناخ، دون التقاط 6.2 مليار طن متري من الكربون تقريباً بحلول ذلك الوقت، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.

قال توميكا ماكلاود، نائب رئيس عمليات احتجاز الكربون والهيدروجين لدى شركة "بريتش بيتروليوم" في الولايات المتحدة: "لدى الشركات أهداف خاصة بها لإزالة الكربون، وكذلك الحال بالنسبة لمستثمريها. الآن هناك حافز من شأنه المساعدة على جعل تلك الأهداف معقولة" من الناحية الاقتصادية.

بيّن ماكلاود أن "بريتش بيتروليوم" تدرس نشر تقنية احتجاز الكربون في منشآتها مثل مصفاة "وايتينغ" بولاية إنديانا، فضلاً عن العمل كمزودة خدمات لمصدري الانبعاثات من الشركات الصناعية عبر مساعدتهم على حفر آبار لحقن الكربون داخل الأرض.

يعارض العديد من دعاة حماية البيئة حوافز احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، التي يقولون إنها لن تؤدي إلا لتوسيع خطير في استخدام الوقود الأحفوري بشكل خطير.

قال تشارلز هارفي، أستاذ الهندسة البيئية في معهد ماساتشوستس للتقنية، الذي سبق أن أدار شركة خاصة به في مجال احتجاز الكربون: "تنحصر القضية الآن في كون بناء منشآت قائمة على تخزين الطاقة المتجددة أسرع وأقل تكلفة من محاولة فرض تقنية احتجاز الكربون وعزله على محطة لتوليد الكهرباء".

كانت التعديلات قد أثارت غضب دعاة حماية البيئة نظراً لمبادرة قطاع النفط، الذي يمكن القول إنه أهم المتسببين في ظاهرة الاحتباس الحراري، للإفادة من الإجراءات الحكومية والقوانين التي جاءت استجابة للظاهرة البيئية سالفة الذكر.

إعفاءات مربحة

لدى كل من شركات النفط الكبرى، ومنها "إكسون موبيل" و"شل" و"أوكسيدنتال بتروليوم"، خطط خاصة للمضي قدماً في استخدام تقنيات احتجاز الكربون.

على سبيل المثال، تعهدت "أوكسيدنتال بتروليوم" ببناء ما قد يكون أكبر منشأة في العالم لاحتجاز الكربون من الهواء مباشرة في تكساس قبل وقت طويل من إقرار قانون خفض التضخم، ويرجح الانتهاء من بناء المنشأة الضخمة في أواخر 2024.

قد تطالب "أوكسيدنتال بتروليوم" بإعفاءات ضريبية تصل إلى 90 مليون دولار سنوياً بمجرد تشغيل منشأة تكساس، بل ومضاعفة ذلك الرقم إن احتجزت مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً وخزنتها كلها تحت الأرض.

تتوخى "أوكسيدنتال بتروليوم" بناء 70 من هذه المنشآت بحلول 2035، لدى كل منها استطاعة تخزين مليون طن سنوياً. حتى لو شيدت الشركة نصف هذا الرقم، فقد تبلغ الإعفاءات الضريبية المحتملة أكثر من 4 مليارات دولار سنوياً.

كما قد يحصد مركز احتجاز الكربون الذي اقترحته "إكسون موبيل" وسعته 100 مليون طن سنوياً، نقاطاً سنوية تصل إلى المليارات، رغم أن شركة النفط العملاقة قالت إنها ستحتاج على الأرجح إلى حوافز مالية إضافية لتتمكن من إنجازه.

مع ذلك، تتجلى احتمالات الربح على المدى الطويل. ينبغي لكل من "إكسون موبيل" و"شيفرون" أن تحققا متوسط عائد على رأس المال المستثمر في مبادرات خفض الانبعاثات بنسبة 15%، بما فيها منشآت احتجاز الكربون وتلك القائمة على وقود الهيدروجين، ما يحفز تحقيق عملاقتا النفط 4.1 مليار دولار و2.3 مليار دولار من الأرباح على التوالي بحلول 2030، وفقاً لبنك "مورغان ستانلي".

كما خصصت شركة "كالباين" (Calpine)، أكبر مشغل لمحطات الطاقة التي تعمل بالغاز في البلاد، 11 محطة لالتقاط الكربون، فيما تعمل على خطط هندسية لتعديل أربعة محطات أخرى. يصف كيليب ستيفنسون، نائب الرئيس التنفيذي للعمليات التجارية، الاعتمادات الضريبية في قانون خفض التضخم بأنها "نقطة تحول".

لكنه بيّن أن النقاط الضريبية في أحسن الأحوال ستسمح للشركة بأن توازي ما بين دخلها وتكلفة عملياتها على المدى القصير. قال ستيفنسون: "يمكننا إما ترك تلك المحطات تعمل وتصدر انبعاثات الكربون، أو أن نستثمر المال لتعديلها وتقليل الانبعاثات. هذا هو الخيار الذي علينا القيام به" فقانون خفض التضخم "يقربنا للغاية من القدرة على المضي قدماً بتنفيذ بعض هذه الخطط".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك