أشباه الموصلات أصبحت ساحة قتال بين القوى العظمى وقد يتصاعد التوتر بشأنها بسهولة

أهمية الرقائق تبرز جيوسياسياً في عالم غارق بالبيانات

صورة تعبيرية عن أهمية تايوان لإمدادات أشباه الموصلات - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية عن أهمية تايوان لإمدادات أشباه الموصلات - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بدا العالم وكأنَّه قد استيقظ في 2022 ليعي أنَّ أشباه الموصلات وليست البيانات هي ما يوازي النفط تأثيراً. حوّل التقاء الغزو الروسي لأوكرانيا مع تداعيات كوفيد-19 وغيرها من العوامل هذا الطرح إلى قناعة واسعة القبول تحفّز زهاء 100 مليار دولار من الاستثمارات الحكومية الجديدة.

على عكس النفط؛ فالبيانات وفيرة ورخيصة بشكل ملحوظ وتكمن قيمتها الحقيقية في القدرة على معالجتها وفهمها، لذا؛ فإنَّ الرقائق ضرورية. جعل الوباء جزءاً كبيراً من العالم يدرك مدى صعوبة الحياة دونها.

ربما باتت خلفية الأمر معروفة الآن، فقد ألغت شركات صناعة السيارات وأخرى غيرها العديد من طلبات الرقائق التي كانت ستدخل في سياراتهم وغيرها من المنتجات حين توقَّعوا تباطؤاً في الطلب من زبائنهم في 2020. انقضّت شركات الإلكترونيات الاستهلاكية واشترت كثيراً من الإمدادات غير المرغوبة، وحين عاد الطلب بشكل غير متوقَّع لم يتمكّن صانعو السيارات من الحصول على المكونات التي يحتاجونها. أدت الاضطرابات الأخرى في سلاسل التوريد لتفاقم الأمر.

التعافي يعود لعمالقة الرقائق.. وصغار الشركات تتخلف عن الركب

يأتي العديد من هذه الرقائق من تايوان، وهنا يأتي دور الحرب في أوكرانيا. سلط الغزو الروسي الضوء بشكل فوري على ضعف تايوان، التي اعتبرتها بكين مراراً "جزءاً غير قابل للتصرف من أراضي الصين". وإذا فرضت الصين حصاراً على الجزيرة التي تقع على بعد 160 كيلومتراً من ساحلها، ناهيكم عن غزوها؛ فسيكون تأثير التبعات هائلاً.

ستعاني كل من "أبل" للحصول على رقائق لأجهزة "أيفون" و"نفيديا" (Nvidia) لتأمين الرقائق المصنوعة في تايوان التي تزود بها مراكز البيانات التي تدير معظم الإنترنت، و"إنفينيون تكنولوجيز" (Infineon Technologies) لتوفير وحدات تحكم دقيقة للسيارات التي تصنّعها "فولكس واجن" وسواها.

أجواء الحرب الباردة

إن كان 2021 قد سلط الضوء على تبعات شح معتدل في العرض؛ فإنَّ 2022 أظهر مدى سوء الحال. بات لقضية سلاسل توريد الشركات فجأةً أهمية جيوسياسية ملحة لم نرَ مثلها منذ زمن الحرب الباردة.

إنْ استجابت أوروبا والولايات المتحدة عبر المال؛ فسيوفر قانون الرقائق والعلوم في الولايات المتحدة حوالي 50 مليار دولار لدعم صناعة أشباه الموصلات المحلية، وسيقدّم الاتحاد الأوروبي حزمة بقيمة 43 مليار يورو (45 مليار دولار) كي ينتج خُمس رقائق العالم بحلول 2030. لكنَّ تقليل الاعتماد على تايوان وغيرها سيستغرق سنوات إن لم يكن عدّة عقود.

اليابان خلف أميركا لحصار صناعة الرقائق الإلكترونية في الصين

الشق الثاني من استراتيجية الولايات المتحدة أعقد من ذلك. فقد حظر الرئيس جو بايدن في أكتوبر تصدير الرقائق إلى الصين ولا يقتصر ذلك على تلك المستخدمة في الحوسبة عالية الأداء وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، بل يشمل معدات صنعها.

في حين قد تكون تلك خطوة صحيحة لكبح التهديد المتزايد؛ لكنَّها تزيد خطر استهداف الصين لتايوان. شبّه بعضهم حظر التصدير بالحظر النفطي الذي فرضته الولايات المتحدة في 1941 على اليابان الذي أدى لهجومها على بيرل هاربر.

لدى الولايات المتحدة تقدم كبير على الصين في مجال الرقائق. لكن في حال بالغت بالجهود المبذولة للإبقاء على منافستها الآسيوية تراوح في مكانها؛ فإنَّ التوترات المتزايدة بشأن تايوان ستعظّم حاجتها لمزيد من الإنتاج المحلي.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك