قد يضطر مئات من حملة تأشيرات العمل الأميركية المؤقتة للمغادرة إن لم يعثروا على وظائف

حمَلة إقامات مؤقتة سرحتهم شركات التقنية يتلاهثون على فرص عمل

الوقت يمر بالنسبة لحاملي تأشيرة "إتش1بي" المسرحين من وظائفهم - المصدر: بلومبرغ
الوقت يمر بالنسبة لحاملي تأشيرة "إتش1بي" المسرحين من وظائفهم - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

ترك تسريح شركات التقنية الجماعي مئات من موظفيها المقيمين في الولايات المتحدة عبر تأشيرات مؤقتة قليلاً من الوقت ليعثروا على وظائف بديلة كي لا يضطروا لمغادرة البلاد، وقال كثير منهم إن الإرشادات التي يتلقونها من الشركات التي استجلبتهم غير كافية.

لطالما اعتمدت صناعة التقنية على برنامج تأشيرة "إتش-1بي" لتلبية احتياجاتها من الموظفين في مجالات تخصصية مثل علوم الكمبيوتر والهندسة. كان لدى "أمازون" و"ليفت" (Lyft) و"ميتا" و"سيلزفورس" (Salesforce) و"سترايب" (Stripe) و"تويتر" ما لا يقل عن 45 ألف موظف يحملون هذه التأشيرات خلال السنوات الثلاث الماضية، وفقاً لتحليل بلومبرغ لبيانات خدمات المواطنة والهجرة الأميركية. تشير تقارير جمعها موظفون في "ميتا" و"تويتر" إلى أن جولة تخفيض الوظائف الأخيرة في هاتين الشركتين أثّرت على 350 مهاجراً على الأقل. يمكن لحاملي تأشيرة "إتش–1 بي" الذين أصبحوا عاطلين عن العمل البقاء في الولايات المتحدة قانونياً لمدة 60 يوماً فقط إن لم يعثروا على أصحاب عمل جدد لرعايتهم.

إقامة بلا استقرار

ينتظر عديد من حملة تأشيرات "إتش-1بي" في الولايات المتحدة منذ سنوات الإقامة الدائمة، ويتهافتون الآن بحثاً عن وظائف إلى جانب آلاف من عمال التقنية الآخرين في سوق العمل التنافسي الحديث. لدى بعضهم قروض عقارية وقروض طلابية وأطفال في المدارس. في الوقت نفسه جمّد عديد من كبار أصحاب العمل التوظيف، إضافة إلى أن التوظيف عادة ما يكون أبطأ خلال العطلات. لجأ الباحثون عن عمل اليائسون مع اقتراب مواعيد مغادرتهم القسرية لشبكات الوظائف بحثاً عن سبيل للبقاء. قدم بعضهم مناشدات مباشرة عبر "لينكدإن" تلقوا عبرها مئات الردود ورد في عديد منها فرص عمل في الولايات المتحدة وخارجها، كما كثرت جداول البيانات وترشيحات التوظيف على الشبكات الاجتماعية.

هل تخسر الولايات المتحدة حرب استقطاب المواهب العالمية؟

تحدّث أكثر من 12 عاملاً فُصلوا حديثاً إلى بلومبرغ وطلبوا عدم كشف هوياتهم لتجنب إغضاب أصحاب العمل السابقين أو تعريض بحثهم عن عمل للخطر. قالت مصممة سابقة في "تويتر" بلغ عمرها 30 عاماً وتقيم في الولايات المتحدة منذ 14 عاماً وقد أُلغيت وظيفتها في نوفمبر مع 3500 زميل له، إنها تخيلت هذا السيناريو منذ فترة طويلة وتعيش في خوف الاضطرار لحزم أمتعتها ومغادرة البلاد على عجل. قالت: "نفكر بهذا على الدوام، هل سيكون علي الانتقال من هنا؟".

نقص محلي

يسمح برنامج تأشيرات "إتش-1بي" لأصحاب العمل في الولايات المتحدة بتوظيف أجانب يحملون درجات جامعية في مجالات التقنية نتيجة نقص مستمر تاريخياً في عدد الأميركيين الملائمين. تصدر التأشيرات لثلاث سنوات مع إمكانية تمديدها. يُحدد عدد الأشخاص المسموح باستجلابهم عند 85,000 في كل عام مع إقبال مرتفع على هذه التأشيرة لا سيما بين المهنيين الهنود. بلغ متوسط راتب العامل بموجب تأشيرة "إتش-1بي" 106,000 دولار سنوياً في الربع الثالث، وفقاً لبيانات وزارة العمل الأميركية. لكن العاملين في كبريات شركات التقنية يكسبون أكثر من ذلك بكثير. بلغ متوسط ​​الراتب لعامل بموجب تأشيرة "إتش-1بي" في "ميتا" و"سيلزفورس" و"تويتر" نحو 175,000 دولار، ولا يشمل هذا المكافآت الضخمة وخيارات الأسهم.

كندا تستقبل عدداً قياسياً من المهاجرين في 2021 رغم كورونا

كان لتسريح العمال تأثير كبير بشكل خاص على الهنود، الذين يميلون للعمل بموجب تأشيرات مؤقتة لفترة أطول من المجموعات الأجنبية الأخرى بسبب تكدس طلبات الحصول على الإقامة الدائمة المسماة البطاقة الخضراء. يُسمح عادةً لكل دولة بنسبة 7% من البطاقات الخضراء المستندة للتوظيف الصادرة كل عام كحد أقصى. هناك نحو نصف مليون مواطن هندي في قائمة الانتظار، بينما لا يتوفر إلا نحو 10,000 بطاقة خضراء سنوياً فقط لهم. قدر تقرير للكونغرس أن الهنود الذين تقدموا في عام 2020 سيضطرون للانتظار لمدة 195 عاماً للحصول على البطاقة الخضراء. واجه العمال الصينيون انتظاراً لمدة 18 عاماً؛ لكن بالنسبة للقادمين من باقي العالم، فمدة الانتظار هي أقل من عام.

بريطانيا تُسجّل هجرة مواطنين من الاتحاد الأوروبي منها لأول مرة في ثلاثة عقود

اشترى هندي يحمل تأشيرة "إتش-1بي" منزلاً في سياتل في بداية العام ليبدأ العمل مع "ميتا"، وها هو بعد أحد عشر شهراً، يبحث عن شركة توظفه وتكفل نقل التأشيرة. قال هذا الرجل وهو أب لطفلين يحمل شهادة ماجستير في إدارة الأعمال ويعيش في الولايات المتحدة منذ 15 عاماً، إنه يأمل بالعثور على وظيفة كمنتج تقني أو مدير برنامج. لقد جاب شبة "لينكدإن" وانضم إلى مجموعات "واتساب" المخصصة وقدّم طلباً تلو الآخر. قال، متحدثاً عبر الهاتف فيما يمكن سماع صوت أطفاله الصغار يغنون في الخلفية: "يجب أن تقضي شهوراً بالتحضير لبعض هذه الوظائف. يصعب أن تقول لنفسك إنه حتى بعد 15 عاماً من اعتماد الوثائق الصحيحة، قد لا يكون لديك وسيلة للبقاء، فالطريق للحصول على الإقامة معطل".

دعم محدود

عرضت الشركات التي عليها أن تدفع لموظفيها من حملة تأشيرة "إتش-1بي" للعودة إلى وطنهم إن اضطروا لمغادرة الولايات المتحدة بعد فقدان وظائفهم، مستويات مختلفة من الدعم للمهاجرين. قال خمسة موظفين سابقين في "تويتر" من حملة التأشيرات المؤقتة إن الشركة قدّمت مساعدة بسيطة، ولم يكن واضحاً متى تبدأ فترة السماح البالغة 60 يوماً. عندما طلب أحد العمال توضيحاً، أوصاه ممثل الشركة بالتعامل مع محام يمثّله، لأنه يمكن تفسير القانون بطرق مختلفة. لم تستجب "تويتر" لطلب التعليق.

السعي لموظفين جدد يدفع الشركات للترحيب باللاجئين

أديتيا تاود، مهندس هندي يعمل لدى "لينكدإن"، يصف دعم الشركات الأميركية للهجرة بأنه عند "الحد الأدنى". كان يعمل لدى "تريب أدفايزر" (TripAdvisor) قبل تسريحه في وقت مبكر من الوباء. بعد أن استغرق يومين لمعالجة أوراق تسريحه، أجرى مقابلات مع 25 صاحب عمل مختلفاً ووجد وظيفة حين تبقى أسبوعان على انتهاء تأشيرته. قال: "طبيعي أن تشعر بالحزن والغضب".

قال متحدث باسم مكتب خدمات الهجرة والمواطنة في الولايات المتحدة إن الوكالة تستكشف خيارات السياسة لمواجهة التحديات التي تعاني منها مجتمعات المهاجرين وهي ملتزمة بزيادة إتاحة مزايا الهجرة.

جهود مساعدة

فيدي أغراوال حاملة تأشيرة هندية لم تتأثر بتسريح الموظفين، وكانت تعمل مع صديقتها لبناء قاعدة بيانات للعاملين من حملة تأشيرات "إتش-1بي" الذين يحتاجون لوظائف. بعد أسبوعين تضمنت قاعدة البيانات هذه أكثر من 350 شخصاً. لقد تواصلت هي وصديقتها مع الجهات التي تطلب موظفين نيابة عن هؤلاء الباحثين عن عمل بغرض مساعدتهم. تعمل أغراوال في "داتا بريكس" (DataBricks) وانتقلت إلى خليج سان فرانسيسكو من الهند منذ 11 عاماً، وهي واقعة ضمن تراكم أعداد المؤهلين للحصول على البطاقة الخضراء. قالت: "مخيف أن تحمل تأشيرة وتفقد وظيفتك، خاصة عندما يكون لديك أطفال وتصبح مضطراً لاقتلاعهم من المكان ومغادرته".

قرار قضائي يهدد مئات آلاف المهاجرين الشباب للولايات المتحدة

قالت سيسي سيرفانتس التي تعمل في قسم التوظيف في شركة تقنية ناشئة تضم 15 شخصاً في نيويورك، إن موقع "لينكدإن" "أُصيب بجنون" منشورات طلب الوظائف من أشخاص يحملون تأشيرات وفقدوا وظائفهم فجأة. استيقظت يوم الإثنين الأسبوع الماضي على 47 رسالة بدلاً من 10 رسائل كالمعتاد، وأجريت مقابلات مع أربعة أشخاص يحملون تأشيرات (إتش-1بي) سرحتهم شركة (تويتر) وواحد من (ميتا)".

قال مارك زوكربيرغ رئيس "ميتا" التنفيذي، الذي أعلن شطب 11000 وظيفة هذا الشهر، للموظفين إن حاملي التأشيرات سيحصلون على "مهل إنذار"، يمكن أن توفر لهم وقتاً أطول قبل بدء احتساب تاريخ انتهاء تأشيراتهم، وعلى مساعدة "متخصصين في الهجرة". لكن أحد الموظفين السابقين في "ميتا" قال إن الاستشارة لم تكن مفيدة. قدّم المحامي نصيحة مماثلة للمسرحين من "تويتر": "عيّن محاميك الخاص". بينما قال آخرون إنهم يقدّرون الدعم.

قدّمت شركة "سترايب"، وهي شركة برمجيات لمعالجة المدفوعات ألغت أكثر من 1000 وظيفة هذا الشهر، استشارات ومساعدة لتغيير حالة التأشيرة حيثما كان ذلك ممكناً. قالت شركة "ليفت" إنها مستعدة للإبقاء على العمال في كشوف رواتبها دون أن يعملوا لبضعة أسابيع إضافية لتمديد تأشيراتهم. منحت "أمازون" العمال المسرحين 60 يوماً للعثور على وظيفة مختلفة داخلياً قبل إلغاء أسمائهم من قوائمها، ما سيمدد موعد انتهاء التأشيرة، وفقاً لما قاله ثلاثة موظفين سابقين. رفضت "سيلزفورس" التعليق على ما إذا كانت تقدّم مساعدة بشأن الهجرة لمن سرحتهم.

قالت فيونا ماكينتي محامية الهجرة في "ماكينتي لو فيرم" (McEntee Law Group) في شيكاغو: "هناك ضغوط جدية للعثور على وظائف، لكن الوقت هو المشكلة".

فقد البعض الأمل بالفعل. قال مدير منتجات عمره 34 عاماً سرحته شركة تقنية مالية كبرى إنه يحاول بفتور أن يعثر على وظيفة في الأسابيع القليلة المقبلة، لكنه مائل للعودة إلى الهند. يعيش خريج جامعة شيكاغو هذا في الولايات المتحدة منذ سبع سنوات، ويقول إن عودته إلى مسقط رأسه في بنغالور قد تكون "نعمة خافية" حيث سيتمكن من قضاء وقت أطول مع والديه المسنين وإنشاء شركته الخاصة، وهو أمر يصعب القيام به عندما تكون حاملاً لتأشيرة. قال عن تراكم أعداد المؤهلين للحصول على البطاقة الخضراء: "أنا منهك. لا أرى نوراً في نهاية هذا النفق".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك