النظام يُغطي نصف استهلاك الأسرة السنوي من المياه بتكلفة 1000 دولار تقريباً

عاصمة المكسيك تجمع مياه الأمطار لمواجهة الجفاف

لورد وأوزيبيو سيرغيو خيمينيز أفيلا - المصدر: بلومبرغ
لورد وأوزيبيو سيرغيو خيمينيز أفيلا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

كانت منطقة مكسيكو سيتي بحيرة شاسعة تمتد لمئات الكيلومترات منذ سبعة قرون، وقد بنى المستوطنون الأوائل منازلهم فوق الجاف من الأرض على مر السنين ثم عمد الحُكام لاحقاً لتجفيف المنطقة درءاً للفيضانات الموسمية حتى اختفت البحيرة تقريباً. تتعرض العاصمة اليوم، التي يقطنها 22 مليون إنسان، لخطر نفاد المياه مع ضخامة كم المياه الجوفية الذي يُستجر من تحت البحيرة القديمة، كما ينخفض مستوى المدينة بنحو نصف متر سنوياً وتتعرض المنازل بسبب ذلك لانقطاعات متكررة للمياه، التي تأتي في بعض الأحيان عكرة وكريهة الرائحة.

رأى إنريكي لومنيتز، أحد سكان مكسيكو سيتي وهو خريج مدرسة رود آيلاند للتصميم، فرصة في ذلك لمساعدة الأسر على جمع مياه الأمطار الغزيرة التي تُصرف في الغالب نحو مناطق بعيدة بدل تجديد شبكة إمدادات المدينة. قال لومنيتز: "هطول الأمطار لدينا أغزر من لندن لكن الماء لا يرشح ليعيد ملء مخزون المياه الجوفية".

أسس لومنيتز في 2009 نظام "إيزلا أوربانا" (Isla Urbana)، وتعني الجزيرة الحضرية، ترويجاً لتقنية ابتكرها مع ريناتا فينتون وهو مصمم خريج مدرسة رود آيلاند للتصميم.

مدن ملوثة

كانت الفكرة بسيطة: إن أبقيت سقفك نظيفاً وحجبت الأوساخ والغبار عن الخزانات ثم تركت الطمي ليستقر بقيعانها فسيمكنك جمع مياه أمطار صافية بما يكفي لاستخدامها بالتنظيف أو غسل الملابس، وفي حال إضافة مزيد من المرشحات وقليل من الكلورين يمكنك استخدامها للشرب.

قال لومنيتز إن الهدف هو "التعايش مع المياه المتوفرة" قبل الاضطرار لأن "نستورد المياه أو نحفر أعمق للحصول على مزيد منها".

رغم أن جمع مياه الأمطار ليس مستحدثاً، فقد كانت هناك مبادرات مشابهة في البرازيل والهند والسنغال وعدد من الأماكن الأخرى في دول العالم النامي، لكن ذلك عادةً ما يكون في مناطق ريفية شبه قاحلة، أما "إيزلا أوربانا" فقد بدأت في مدن ملوثة في مساحات محدودة في منطقة بها هطول أمطار غزيرة معظم أوقات العام. ركبت المجموعة نحو 30 ألف منظومة وتهدف لتشغيل 100 ألف منها خلال 5 سنوات.

تكلفة منخفضة

يعمل النظام على تفادي جمع مياه الأمطار في الدقائق القليلة الأولى من بدء هطولها لكونها تميل لأن تكون أكثر تلوثاً، ثم يمرر بقية المياه عبر مرشح إلى خزان أو مستوعب تحت الأرض مصمم ليبقي المياه النظيفة في أعلاه، وتوجد مضخة يُمكنها دفع المياه إلى السطح، لتُوزغ بكافة أنحاء المنزل. يُقدر فريق لومنيتز التكلفة لكل منزل بنحو 1000 دولار مقابل تغطية نصف استهلاك الأسرة المكسيكية من المياه سنوياً.

بدأت "إيزلا أوربانا"، التي أسسها لومنيتز، عملها كمنظمة غير ربحية وسرعان ما توسعت أعمالها لتؤسس ذراعاً ربحية تنتشر في نحو 20 ولاية مكسيكية لها اتفاقات مع ثلاث مدن كبيرة لتركيب أنظمة مدعومة في المنازل.

قال أوزيبيو سيرغيو خيمينيز أفيلا، الذي اعتاد العمل على إصلاح خطوط المياه المكسورة، إنه لم يعد بإمكانه الاعتماد على إمدادات محطات مياه المدينة، التي تعاني من التسربات وتفقد، وفقاً لبعض التقديرات، أكثر من ثلث ما يتدفق عبرها.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

ندرة المياه الجارية

يعيش خيمينيز أفيلا بمنطقة سوتشيميلكو، قرب شبكة قنوات تعد موطناً لطيور مالك الحزين والبلشون، إضافة إلى حدائق صغيرة تقع على جزر اصطناعية تسمى "تشينامباس". كانت تلك القنوات منذ قرون تمثل ممرات رئيسية في المنطقة، لكن المدينة تضخ فيها مياه الصرف الصحي المعالجة فيما تجف مصادرها القديمة.

اختفت الصنابير العامة منذ أمد طويل ويتذكر خيمينيز أفيلا وجودها في طفولته أما الآن فيمر أكثر من أسبوع وعائلته بلا مياه جارية، لذلك سارع بالتسجيل حين عرضت عليه الحكومة المحلية نظام "إيزلا أوربانا". قال خيمينيز: "يصلنا الماء يومين فقط في الأسبوع، وعندما لا يتبقى شيء منه نستخدم هذا".

البنية التحتية

يستخدم خيمينيز وعائلته المياه المجمعة لغسل الأطباق والملابس وللمراحيض ولإغراق نباتات فيلوديندرون ذات الأوراق المقسمة بالمياه وري نبات إبرة الراعي الوردية وأشجار الصنوبر النحيفة في الفناء. كما يستحم أفراد الأسرة بها أحياناً. قالت لورديس، زوجة خيمينيز أفيلا: "أقول للأطفال عليكم أن تستخدموا المياه بعناية لأننا في النهاية سنتشاجر على كل بركة مياه صغيرة".

يشير منتقدو الفكرة إلى أنها لا تعمل في موسم الجفاف وأنه يتعين على الدولة بدلاً من ذلك الاستثمار في بنية تحتية أفضل. قالت ناتالي سيغوين، منسقة مجموعة المطالبين بإنشاء شبكة مياه عذبة في المكسيك، إن المدن "تعتقد بتمويلها ذلك النوع من المشاريع أنها حل للموقف، لكن تجميع الأسر لمياه الأمطار يُمثل إسعافات أولية". يجيب لومنيتز بأنه لا يعد بتوفير كل المياه التي تحتاجها المدينة، لكن مجرد تقديم دعم قد يحد من الضغط على الخدمات العامة.

قال أدريان بيدروزو أكونيا، مدير المعهد المكسيكي لتقنية المياه التابع للحكومة، إن "إيزلا أوربانا" تعكس التحول من البنية التحتية الضخمة مثل القنوات والأنفاق إلى نهج أكثر محلية. برغم اعترافه بأن تلك الأنظمة الصغيرة ليست حلاً متكاملاً، لكنه يرى أن بعضاً منها يساعد، إذ يقول: "يجب أن نجد حلولاً من تقنيات مختلفة وفقاً لاحتياجات كل موقع، ويعتبر جمع مياه الأمطار أحد خيارات عديدة تشكل جزءاً من الحل".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك