جمع شاماث باليهابيتيا 2.4 مليار دولار من مستثمرين لثلاث شركات شيكات على بياض في أكتوبر 2020 عبر أداة كانت مهملة وهي شركات الاستحواذ لأغراض خاصة. كان كل ما عليه فعله هو العثور على شركات ناشئة يشتريها ليجني مئات ملايين الدولارات. يحب المدير التنفيذي السابق لدى "فيسبوك" الذي تحول نحو رأس المال الجريئ المخاطرة وبدا كما لو وجد رهاناً لا يمكنه خسارته.
ازداد عدد المموّلين وبدا خلال العامين التاليين لذلك أن الأشخاص المعروفين نوعاً ما، وبينهم شاكيل أونيل وبول رايان، باتوا يملكون شركات استحواذ لأغراض خاصة. كسب مستثمرو "ريديت" (Reddit)، وهم من رفعوا أسهم "دوج كوين" و"غايم ستوب" (GameStop)، عوائد ضخمة بشرائهم أسهماً في أي شركة استحواذ لأغراض خاصة تقريباً. أطلق باليهابيتيا على شركته اسم "آي بي أو 2.0" (IPO 2.0) وحجز رموز المؤشر من "IPOA" إلى "IPOZ"، أي أن كل حرف من حروف الأبجدية يمثّل شركة استحواذ للأغراض الخاصة. قال عبر بودكاست كارا سويشر في نوفمبر 2020 أنه "منخرط في الأمر بكل ما لديه".
لكنه قال في 20 سبتمبر إنه سيغلق شركتي استحواذ لأغراض خاصة ويعيد 1.6 مليار دولار للمستثمرين وبيّن أنه لم يتمكن من العثور على أي شركات لشرائها بأسعار جيدة. بدا الأمر وكأنه يلملم أوراقه ويبتعد عن اللعبة. كان ملك شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة يقول عبر ذلك إن طفرة هذه الشركات قد انتهت.
عند النظر إلى ما كان، قد يبدو أن شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة لم ترق لمستوى الانطباعات عنها. كانت حقبة شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة قصيرة ويمكن التفكير بها على أنها عبارة عن أكوام كبيرة من المال معدة للتداول في سوق الأسهم. يحصل الشخص على وحدة مقابل كل 10 دولارات يستثمرها. ثم يأخذ رعاة الصفقات مثل باليهابيتيا المال وعادة ما يكون لديهم عامان لتحديد شركات وشرائها، ويحصلون عموماً على خمس الأسهم لأنفسهم.
عودة بعد عار
يعود تاريخ شركات الشيكات على بياض إلى الثمانينات، لكنها اكتسبت سمعة سيئة بعدما اختلس بعض رعاة الصفقات أموالاً. ثم استخدم باليهابيتيا إحداها في 2019 لإدراج مشروع سياحة الفضاء لريتشارد برانسون في البورصة. رغم أن الشركة لم تسافر بأي من زبائنها إلى الفضاء بعد، إلا أن سعر سهمها تضاعف ثلاث مرات فوراً، وكانت شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة في ازدهار. أعلنت شركة "درافت كينغز" (DraftKings) للمراهنات الرياضية وشركة "لوردستاون موتورز" (Lordstown Motors) الناشئة للشاحنات الكهربائية عن طرح أسهمها للاكتتاب العام عبر شركات استحواذ للأغراض الخاصة في العام التالي، وجمع المموّلون 83.4 مليار دولار لشركات الشيكات على بياض. حتى الرئيس السابق دونالد ترمب شارك بالحدث، وأنشأ شبكة اجتماعية وعقد صفقة العام الماضي لإدراجها عبر شركة استحواذ لأغراض خاصة.
قال باليهابيتيا إن شركات الاستحواذ لأغراض الخاصة تعمل على إضفاء طابع ديمقراطي على التمويل عبر السماح للمستثمرين المنتظمين بالاستثمار المبكر في الشركات المرغوبة بشدة. قال في مقابلة في فبراير 2021 مع تلفزيون بلومبرغ: "هذه الشركات تعمل على إحداث مساواة... شركات الاستحواذ لأغراض خاصة باقية." بدا الأمر لبعض الوقت كما لو أنه حقيقي، فقد زادت أسعار أسهم شركاته الست في المتوسط بأكثر من الضعف حينئذ. كان المستثمرون متحمسين جداً لصفقاته لدرجة أن أسهم شركاته للاستحواذ لأغراض خاصة بدأت ترتفع حتى قبل استحواذها على شركات. دفع بعض المستثمرين 18 دولاراً مقابل حصة تساوي 10 دولارات في رأس المال لمجرد أن باليهابيتيا كان يديرها.
بافيت الجديد
قد يكون مفهوماً أن هذا الاهتمام داعب غرور باليهابيتيا، الذي اشترى طائرة بقيمة 75 مليون دولار وغرّد ناشراً صورة شخصية تظهر جذعه متعرقاً كما ولمّح لاحتمال ترشحه لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا. أشار في مقابلة في فبراير 2021 إلى أنه سيكون وارن بافيت الجديد وقال: "لن يصغي أحد لبافيت. لكن يجب أن يكون هناك أشخاص آخرون يحملون هذا العبء ويحملون الراية ليقوموا بما قام به تجاه الجيل الأصغر سناً بلغة يفهمونها".
تتمثل إحدى أكبر الميزات من منظور المروجين بأن شركات الاستحواذ لأغراض خاصة لديها قواعد أكثر مرونة حيال ما يمكن للمرء أن يقوله عند الترويج لشركة ما. ما يزال الكذب ممنوعاً، لكن بعض الأمور التي قالها الداعمون لم تكن صحيحة تماماً.
كان عديد من الشركات ناشئة ولم تَبع كثيراً من أي شيء بعد، لكنها أعلنت روتينياً توقعات عائدات بمليارات الدولارات. شهدت شركة "نيكولا" (Nikola)، وهي شركة أخرى لتصنيع الشاحنات الكهربائية طرحتها شركة استحواذ للأغراض الخاصة للاكتتاب العام، انهيار أسهمها بعد قول "هيندنبرغ ريسيرش" (Hindenburg Research) إن الشركة زيفت عرض شاحنة من خلال طرح نموذج أولي لم يدخل الإنتاج يسير نزولاً على تل، إلى جانب أمور أخرى. يخضع مؤسس "نيكولا" الذي نفى تضليله للمستثمرين للمحاكمة الآن بتهمة الاحتيال الجنائي. لم يبلغ نحو 65% من شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة توقعات إيراداتها، وفقاً لدراسة أجريت في يناير 2022 نظرت إلى أدائها بين 2004 و2021. قالت شركة "ديجيتال وورلد أكويزيشين" (Digital World Acquisition) وهي شركة استحواذ لأغراض خاصة اندمجت مع مجموعة "ترامب تيكنولوجي أند ميديا" (Trump Media & Technology Group)، أن شبكتها الاجتماعية ستنافس "والت ديزني" و"فيسبوك" و"نتفلكس"، ثم كشفت النقاب عن نسخة من "تويتر" لم تحصل إلا على بضعة آلاف من التنزيل في اليوم.
ترويج مبهر
روّج باليهابيتيا لجميع شركات الاستحواذ لأغراض خاصة وكان يعلن عبر "تويتر" وتلفزيونات الأعمال أن كل الشركات التي طرحها للاكتتاب العام كانت توشك على إحداث ثورات في مجالاتها. عندما طرح شركة "فيرجن غالاكتيك" (Virgin Galactic) للاكتتاب العام، عرضها على قناة "سي إن بي سي" (CNBC) على أنها رهان كاسب، قائلاً إن الشركة "أصبحت الآن خالية من المخاطر إلى حد كبير وجاهزة للتسويق وتحقيق الدخل". لكن هذه الشركة التي توقعت نحو 210 مليون دولار كإيرادات في 2021 لم تطلق أي رحلة تجارية. انخفض سهمها 91% من ذروته في فبراير 2021 إلى نحو 5 دولارات.
اعتمدت المنظومة على شركات الاستحواذ لأغراض خاصة وارتفاع أهدافها لإبقاء المشترين مهتمين بشراء الأسهم في المرحلة التالية، لكن حين بدأ الاحتياطي الفيدرالي يرفع أسعار الفائدة هذا العام وبدأ سوق الأسهم يتراجع هبطت أسهم شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة بقوة. انخفض مؤشر "دي سباك" الذي يشمل 25 شركة طرحتها شركات استحواذ لأغراض خاصة للاكتتاب العام عن ذروة فبراير 2021 بأكثر من 80% عند إغلاق 20 سبتمبر. انخفضت الأسهم التي طرحتها شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة التابعة لباليهابيتيا للاكتتاب 60% وسطياً العام الماضي، ما جعل الشركات الناشئة قلقة حيال إدراج أسهمها عبره.
تخلى بعض المستثمرين البارزين عن خططهم لإنشاء شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة ومن بينها شركة "إيليوت مانجمنت" (Elliott Management) العائدة لبول سينغر. هناك وفرة في شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة التي لم تجد أهدافاً بعد. أما الشيء الجيد بالنسبة للمستثمرين هو أن لدى هذه الشركات لها آلية تدمير ذاتي تلقائية، فإن لم يجدوا شركة يشترونها بالوقت المناسب ينبغي عليهم إعادة أموالهم للمستثمرين. تملك أكثر من 500 شركة استحواذ للأغراض الخاصة ما مجموعه 150 مليار دولار وتبحث عن شركات لشرائها، وفقاً لبيانات"سباك ريسيرش" (SPAC Research). قد ينتهي المطاف بأن تعيد كثير منها الأموال للمستثمرين كما فعل باليهابيتيا.
ضبط متأخر
أصبحت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية مستعدة لضبط الأمور لكن ذلك أتى بعد فوات الآوان كما هو معتاد من الجهات الحكومية. اقترحت لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) في مارس قواعداً قال عنها الرئيس غاري غينسلر إنها ستعامل شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة كما تعامل الطروحات العامة الأولية العادية وتلزمها بمزيد من الإفصاح وتفرض عليها المسؤولية نفسها حيال التوقعات المغلوطة. قال غينسلر في بيان إن الشركات الضامنة لشركات الاستحواذ لأغراض خاصة "يجب أن تلتزم بها وأن تكون مسؤولة عن الجوانب الأساسية لعملها." احتج هيستر بيرس، المفوض الجمهوري الوحيد، على ذلك قائلاً إن هذه التغييرات ستقوّض سوق شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة على الأرجح.
كان آخر اندماج دبره باليهابيتيا في أغسطس حين استخدم شركة استحواذ لأغراض الخاصة تابعة له ليطرح شركة (أكيليلابز) (AkiliLabs) التي تعمل على تطوير علاج بألعاب الفيديو لاضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. غرّد لدى إعلان الصفقة: "ستخلق (أكيليلابز) فئة جديدة من الطب". كان سهمها قد انخفض 70% حينها.
يُحتمل أن يكون باليهابيتيا قد حقق مكاسب جيدة، فقد باع ما قيمته أكثر من 300 مليون دولار من أسهم "فيرجن غالاكتيك" وحدها قبل انهيار سعره. قال متحدث باسم باليهابيتيا أنه وشركته "سوشال كابيتال هولدينغز" (Social Capital Holdings) استثمرا مئات ملايين الدولارات في شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة التابعة له فتضاعفت تقريباً فكسبوا نحو 750 مليون دولار.
ما يزال لدى باليهابيتيا شركتان صغيرتان للاستحواذ للأغراض الخاصة تبحثان عن صفقات مع شركات التقنية الحيوية. لكن في رسالته إلى المستثمرين حول شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة التي كان يغلقها، لم يبدو واضحاً أنه ما يزال مؤمناً بثورته. كتب باليهابيتيا: "ما تزال نظرتنا إلى شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة ثابتة منذ أول صفقة لنا، إنها واحدة من عدة أدوات في مجموعة أدواتنا لدعم الشركات". قال في مقابلة أخيراً إن أكبر استثمار له الآن في شركة لألواح الطاقة الشمسية على الأسطح وأنه قد يطرحها للاكتتاب العام في السنوات القليلة المقبلة، لكنه لم يقل إنه سيستخدم شركة استحواذ للأغراض الخاصة.
