حتى صغار المصرفيين حققوا مكاسب خلال الوباء، لكن الرؤساء يستعدون لتسريحات ولخفض المكافآت

أساطين وول ستريت يستعيدون سطوتهم عبر دورات التسريحات السنوية

صورة تعبيرية - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

كان مديرو "جيه بي مورغان تشيس آند كو" التنفيذيون في ورطة حين اختار رئيسه التنفيذي جيمي ديمون أن يعلن لموظفي البنك في الولايات المتحدة أن الوقت قد حان لمعاودة العمل من المكاتب بانتظام وسط موجة من استبدال الوظائف شهدها وول ستريت العام الماضي.

كان بعضهم متردداً حيال التشدد مع الموظفين الذين قد يستقيلون خاصة مع ارتفاع إصابات "كوفيد-19" آنذاك، فضلاً عن أن عدة أقسام كانت تعاني بالفعل من استقالات الموظفين وتسعى حثيثاً لملء شواغرها.

لذلك ظهرت استراتيجية غير رسمية لحماية العاملين في الشركة من قرارات الرئيس التنفيذي دون إثارة سخطه، وفقاً لأشخاص على دراية مباشرة بالأمر طلبوا عدم ذكر أسمائهم لدى الإشارة لممارسات داخلية.

المصور: آل دراغو / بلومبرغ
المصور: آل دراغو / بلومبرغ

لذلك أصبح ينبغي على أي شخص قد يبحث ديمون عنه في الأروقة، مثل المديرين العامين، أن يعمل من المكتب، فلم يكن بمقدوره المخاطرة. مع ذلك، مُنح آخرون كثر مهلة يواصلون خلالها العمل من المنزل لكن بسرية تامة، فقد كان مسؤولو التوظيف لديهم ما يكفي من العمل. قال جو إيفانغيليستي، المتحدث باسم البنك، إن الادعاءات بوجود مثل هذا النظام "مغلوطة".

بدأ مزاج وول ستريت يتغير سريعاً بعد عام واحد مع تباطؤ الاقتصاد وتراجع الأسواق المالية وبدأ يتلاشى الشعور بأن كفة الموظفين العاديين في سوق العمل راجحة بشكل يُمكّنهم من إملاء شروطهم الخاصة. كما أصبح تجاهل أوامر المديرين التنفيذين لعبة خطيرة لا يجرؤ عليها إلا قلة نادرة.

موجة تسريح جديدة

بدأ تخفيض عدد الموظفين يظهر مجدداً لدى عدد صغير لكنه متزايد من الشركات. استأنف ديفيد سولومون، رئيس "غولدمان ساكس" التنفيذي المنحاز للعودة إلى المكاتب، نهج الشركة بغربلة ضعاف الأداء بشكل دوري لإفساح المجال للمواهب الجديدة، وهي ممارسة غير مستساغة كانت معلقة بسبب الوباء. كانت تلك بمثابة طلقة تحذير تردد صداها عبر عالم المال.

فما يتجه "غولدمان ساكس" لذلك يماشيه منافسوه، ولن يتطلب الأمر إلا قلة منهم لقلب الموازين لصالح أرباب العمل مجدداً. حتى موظفو شركات في وول ستريت لا تشتهر عادة بخفض الأجور لن يكونوا على استعداد للمخاطرة بوظائفهم فيما تتقلص فرص العمل في أماكن أخرى.

للتوضيح، لا أحد يتوقع موجة ضخمة من تسريح الموظفين مثل ما حدث بعد 1987 أو 2008، بل يُحتمل أن تكون أصغر بكثير وأكثر انتقائية من ذلك. لكن التحول سيبدو شديداً بعدما مرت أعوام ساد فيها أمان وظيفي كبير ومكافآت كبيرة، وسيكون دلالة على ما قد يشهده ذوو الياقات البيضاء في الشركات الأميركية.

يرى المسؤولون التنفيذيون في وول ستريت التسريح كجزء من دورة حياة، حيث يُطرح المتقاعسون ويُستبدلون بمواهب جديدة لدعم الشركات دائمة التطور التي تتطلب طاقة وقوة تحمل. عادةً ما يُنظر لانعدام الرغبة بإجراء تسريحات على أنه دلالة ضعف في الانضباط المالي ومؤشر إسراف.

قال آندي تشالنجر، من شركة "تشالنجر غراي آند كريسماس" (Challenger, Gray & Christmas)، التي تقدم مشورة لأرباب العمل بشأن خفض القوة العاملة: "كان هذا الوضع غير طبيعي حقاً، إذ كانت الشركات توظف مزيداً من الناس ولا تسمح لأي شخص بالرحيل... كان مستوى تسريح العمال عند أدنى مستوى مسجل على الإطلاق في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام". لكن تشالنجر يعتقد أنه سيرتفع منذ الآن.

بدأ المديرون الذين كانوا يتسابقون لملء الوظائف الشاغرة قبل عام بخفض أعداد الوظائف في جميع أنحاء الصناعة المصرفية. حتى أن أماكن العمل الصغيرة، مثل قسم أسواق رأس المال في بنك مونتريال، تُخفض الوظائف استجابة لظروف السوق الضعيفة. يتجاوز الأمر برج المصارف الاستثمارية العاجي.

سرحت وحدة الإقراض العائلي التابعة لشركة "ويلز فارغو آند كو" مئات الأشخاص في الأشهر القليلة الماضية في مدن مثل شارلوت ودي موين ومينيابوليس وبورتلاند بولاية أوريغون، حسب أشخاص مطلعين على التسريحات. لقد شمل هذا الأمر مديرين وفرق عمل بأكملها في بعض الحالات. حتى في وظائف القطاع المصرفي، خفض اتحاد ائتماني في نورث ليبرتي بولاية أيوا 5% من قوته العاملة فيما تسبب رفع أسعار الفائدة بتباطؤ عمليات إعادة تمويل الرهن العقاري.

يدفع هذا التحول في وول ستريت لانصباب الاهتمام على صافي الأرباح، حيث يخشى المديرون المقارنات الحتمية مع 2021، وهو عام شهد أرباحاً كبيرة.

تراجعت عائدات الخدمات المصرفية الاستثمارية، مثل أعمال الاندماج ومساعدة الشركات على زيادة الديون والأسهم في النصف الأول من هذا العام 43% في أكبر خمسة بنوك. استمر هذا الاتجاه خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، وقد نبّه "جي بي مورغان" أخيراً أن عائداته المصرفية لهذا الربع قد تكون نصف ما كانت عليه قبل عام.

لا شك أن القلق حيال صحة الاقتصاد ورفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بشكل أعلى من ذي قبل يُخفض طلب المستثمرين على الأسهم والسندات ويثني مديري الشركات التنفيذيين عن التوجه لمصرفيين بحثاً عن صفقات محتملة.

يأتي التهديد بخفض الوظائف في صدارة المشهد، لكن ثمة مخاوف أخرى تظهر، ويُرجح أن تنخفض مكافآت نهاية العام.

ربما تنخفض حوافز صُناع الصفقات الذين يتعاملون مع عروض الديون والأسهم بأكثر من 45% هذا العام، بينما يرى مستشارو عمليات الاندماج والاستحواذ أن مكافآتهم ستتراجع 25%، وفقاً لتقرير يحظى باهتمام كبير صدر عن شركة الاستشارات في مجال التعويضات "جونسون أسوشيتس" (Johnson Associates) في أغسطس.

قال دانيال بينتو، رئيس "جي بي مورغان"، في مؤتمر في سبتمبر: "التعويضات في قطاع الأعمال المصرفية فيها تباين لذا يمكن تعديلها... ليس التسريح هو السبيل الوحيد بل يمكن التكيف عبر خفض التعويضات."

عندما ارتفعت المكافآت بشكل كبير العام الماضي، حاول "غولدمان ساكس" إدارة التوقعات بلطف، حيث صنف جزءاً من زيادات أجور كبار موظفيه باعتبارها هدية استثنائية كي لا يعتبروا ذلك معياراً جديداً لتوقعاتهم في المستقبل.

ما يجري هو تذكير آخر بمدى سرعة تغير النغمة في وول ستريت وفيه يُعظم العاملون من مزايا التغييرات الدورية. لا تتفاعل إلا قلة من القطاعات مع فوائض زمن الازدهار بسرعة لتضطر بعدها لتخفيض أعداد الموظفين وأجورهم بسرعة أيضاً عند الانكفاء. كما أن دورك قد يأتي سريعاً حين تنقلب الأهواء ضدك.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك