شركات تصنيع أجهزة الاستحمام تروج لابتكارات موفرة للمياه

مرشات الاستحمام منخفضة التدفق تعود مع مواسم الجفاف

المياه الرمادية رسم تعبيري من كريس نوسينزو لصالح بلومبرغ غرين - المصدر: بلومبرغ
المياه الرمادية رسم تعبيري من كريس نوسينزو لصالح بلومبرغ غرين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لا يتّسم سكان كاليفورنيا بتقبلهم الإتساخ دوناً عمّن سواهم من الأميركيين، إلا أن أبناء الولاية الأكبر لناحية عدد السكان يستخدمون كميات مياه أقل من كثير من مواطنيهم للاستحمام وغسل اليدين ودفقاً في المراحيض.

تستخدم مرشّات الاستحمام في كاليفورنيا ما يصل إلى 6.8 ليتر من المياه في الدقيقة كحدّ أقصى، فيما يُفيض سكان تكساس على أجسادهم 9.46 ليتر في الدقيقة، وهو السقف الذي حددته وكالة حماية البيئة. كما لا تستخدم مراحيض كاليفورنيا أكثر من 4.84 ليتر لكلّ دفق للمياه، رغم أن الحدّ الأقصى الفيدرالي يبلغ 6 ليترات.

تعيد الولايات والبلديات راهناً دراسة المعايير التي تعتمدها في ظلّ الجفاف الشديد الذي يجتاح معظم أرجاء الولايات المتحدة، . أصدرت ولايتا هاواي وواشنطن في 2019، قوانين تحدد التدفق المسموح به من مرشات الاستحمام بما يوازي ذلك المعتمد في كاليفورنيا. وفي العام الماضي، سنّت ماساتشوستس قانوناً يقضي بخفض ما تمرره المرشات إلى 7.57 ليتر في الدقيقة. كما أصدرت ولايات أخرى بينها يوتاه تشريعات مشابهة.

قال جون بيرغرين، محلل السياسة المائية في المنظمة غير الربحية "ووتر ريسورس أدفوكيتس" (Western Resource Advocates): "كانت كاليفورنيا الأكثر تشدداً على مستوى الولايات من حيث المعايير الخاصة بأجهزة السباكة الداخلية، لكن بقية الولايات بدأت تحذو حذوها".

مرشات موفرة للمياه

تسهم شركات صناعة أجهزة الاستحمام نفسها في تسهيل هذه الانتقال نحو مستقبل يتوقع فيه شحّ المياه. قال غاري كلاين، الاستشاري في مجال الاستدامة: "لقد استثمرت (الشركات) وقتاً وجهداً في صنع رؤوس مرشّات موفرة للمياه"، وقد تولت الشركات نفسها تمويل أعمال البحوث والتطوير في هذا المجال. أضاف متسائلاً: "إذا كنت شركة وقمت بمثل هذا الاستثمار، ألن ترغب بأن يشتريه الناس؟"

يهدف ذلك لجعل الحفاظ على المياه يبدو أسلس. لكن القول يبقى أسهل من الفعل. علّق ستيفن إيراث الذي يقود قسم الإبداع والاستدامة في شركة "هانسغروهي" (Hansgrohe) في شيلتاخ في ألمانيا قائلاً: "يعتقد الناس أنه مجرد مرشّ استحمام وليس علم صواريخ، لكن حين تتعمّق في الأمر سترى أنه أقرب إلى علم الصواريخ."

تتطلب التقنية أحياناً تعديل حجم الفوهة وعدد الثقوب لتحسين التوزيع والضغط.

تستخدم "هانسغروهي" منافذ يصفها إيراث ببالغة الرفع في نظام "باودر راين" الذي يقوم على وضع ثلاثة إلى خمسة ثقوب في كلّ فوهة بدل ثقب واحد. قال شارحاً: "يزيد ذلك السرعة والضغط بطريقة غير مؤذية، فيبدو أشبه برذاذ ماء".

مجرد الحديث عن معدل تدفق المياه قد يحمل نتائج عكسية. إذ يعتقد كثيرون أن خفض كمية المياه يجعل الاستحمام أقل متعة. لذا عبارة "المتعة في الاستحمام" تتكرر عدّة مرات في المواد التسويقية لشركة "هانسغروهي"، لأن الناس "يعتقدون أن مياهاً أكثر هي أفضل".

لكن هذا الاعتقاد الخاطئ يدفع للسرف في استهلاك المياه. بيّن إيراث أنّ مرشات الاستحمام الجيدة ذات التدفق المنخفض يمكنها أن تتيح تغطية مائية تماثل ما يعطيه مرشّ سيء تغذيه نافورة مياه ساخنة.

مساع تاريخية

تعود جهود تحسين استهلاك الأميركيين للمياه إلى فترة السبعينات على الأقل حين أنشأت كاليفورنيا، وهي ولاية ليبرالية تعاني من مشكلة مياه مزمنة ويشي بذلك بناء قصة فيلم "تشاينا تاون" (Chinatown) على حرب مياه في المنطقة في بداية القرن العشرين، لجنة للطاقة لها الحق في تحديد المعايير الخاصة بالتجهيزات والمباني وشمل اختصاصها صنابير المياه ومرشات الاستحمام والمراحيض والمباول. استغرقت الحكومة الفيدرالية بعدها حوالي 20 سنة لتفرض سقف لاستهلاك المياه بموجب قانون سياسة الطاقة. قال كلاين: "إن قانون سياسة الطاقة بنى حساباته على ما سبق أن قامت به كاليفورنيا لسنوات".

ما يزال ممكناً أن تجد بقايا تجهيزات منذ ما قبل دخول القانون حيز التنفيذ في 1994

في المنازل القديمة، ومن ذلك مراحيض تستهلك ما بين 18.9 ليتر و22.7 ليتر من المياه لكل دفق، ورؤوس مرشات تتدفق منها المياه وكأنها تخرج من خرطوم إطفاء، وتسهلك أحياناً ما يصل إلى 18.9 ليتر في الدقيقة.

فيما تراجع استهلاك المياه على صعيد البلاد، فإن الاستهلاك في كاليفورنيا سجل هبوطاً حاداً. بلغ الاستهلاك في 1990 وسطياً 874 ليتراً للفرد في اليوم على امتداد الولاية. تراجع هذا الاستهلاك وبعد ثلاثة عقود بنسبة 61% ليبلغ 344 ليتراً فقط اليوم، في ظلّ الدفع نحو مزيد من التخفيض. كانت هيئة"ميتروبوليتان ووتر ديستريكت" لجنوب كاليفورنيا أعلنت عن مساع لمواجهة الجفاف تقضي بخفض الاستهلاك إلى حوالي 302 ليتر للفرد. في المقابل، استهلك سكان أيداهو في بعض الأحيان الكمية الأكبر من المياه، بما يصل إلى 696 ليتر للفرد في 2015.

يبدو جزء من هذا التراجع سلوكياً، إذ يصعب رؤية عشب مصفّر بسبب الجفاف الكبير وآبار جافة وحرائق غابات مستعرة دون أن تشعر ولو بقليل من المسؤولية الشخصية حين تفتح صنبور المياه.

ابتكارات حديثة

لكن لابدّ من الإشارة مجدداً إلى أن المصنّعين سهّلوا مهمة توفير المياه، حتى في بعض الأحيان صعبوا عدم توفير استهلاك الماء. تضمن أحد الحلول تكبير حجم كلّ قطرة من خلال مزجها مع الهواء. يحمل نظام ضخ الهواء من شركة "كوهلير" (Kohler) اسم "كاتاليست" (Katalyst) وقال توماس سينديلار، المدير التسويقي لأجهزة الاستحمام الموفرة للمياه: "بالنسبة للمستهلك، يمنحه ذلك شعوراً بأن كمية مياه أكبر تغطيه".

تخضع هذه التقنية لتحسينات متواصلة، لكنها في هذه المرحلة باتت منتشرة في كلّ مكان. قال إيراث أن على المرء حين يقف أمام صنبور ليملئ كوباً سيجد أنه لو "ضُخّ كثير من الهواء بداخله، فستبدو المياه بيضاء... إذا كانت المياه بيضاء لدى خروجها من الصنبور، فإن ذلك يعني أنها مخلوطة بهواء".

تبدو بعض التطويرات الأخرى بديهية لدرجة لا تشعر أنها ابتكارات على الإطلاق. اكتشفت "كوهلير" مثلاً أن معظم مستخدميها المتيقظين للحفاظ على المياه، يغلقون الصنبور حين يضعون البلسم أو الصابون، ثم يعاودون فتحه لشطفهما.

هذا تصرف مسؤول لكنه قد يكون مزعجاً، إذ يمكن أن يشعر الشخص بالبرد سريعاً. لهذه الغاية، صنعت مقبضاً (يعرف باسم "ذراع التدفق المتغير") يتيح للمستخدم خفض الاستهلاك من 5.67 ليتر في الدقيقة إلى أقل من 1.89 ليتر، فيستمر بالحصول على دفء المياه الساخنة المتدفقة فيما يخفف من تبذير المياه إلى الثلث.

طوّرت العلامة أيضاً واجهة تحكم رقمية تحمل اسم "أنثيم" (Anthem) تمكّنك من برمجة درجة الحرارة على شاشة تعمل باللمس تماماً كمنظم الحرارة. هكذا تتخلص من الطريقة القديمة والمبذرة، حيث كنت تضطر لتفتح مياه الاستحمام والانتظار حتى تسخن المياه، ثمّ تعدّلها ثلاث مرات حتى تبلغ الحرارة المناسبة. تمّكنك هذه الطريقة أيضاً من حفظ المياه الساخنة لحين تصبح جاهزاً لبدء الاستحمام كما تقيس كمية المياه التي تستخدمها.

قال سينديلار، حين يدرك الناس كمية المياه التي يبذرونها، يميلون عادةً للتخفيف من الاستهلاك. أضاف: "يمكن لبعض المعرفة أن تؤثر على السلوك وتسهم في توجيه طريقة استخدامنا للمياه".

تحديات وعراقيل

لكن هذه الإجراءات ما تزال محدودة الفعالية، فمهما أُدخلت من تحسينات على رؤوس الدش، ما يزال يتعين على الأميركيين أن يستبدلوا أجهزتهم القديمة التي عادة ما يستمرون باستخدامها لعقود. والأهم، فإن الاستمرار في ريّ ملايين الهكتارات من العشب غير المجدي وعشرات آلاف حمامات السباحة، يعني شحاً متواصلاً في المياه مهما كانت الإجراءات التي نتخذها في المراحيض.

قال بيل سترانغ، رئيس استراتيجية الشركات والتجارة الإلكترونية وتجربة العملاء في شركة "توتو" (Toto): "انطلاقاً من مستوى الابتكار لدينا والطبيعة الفيزيائية للمياه وطريقة وصولها إلى الجسم، بدأنا نصل إلى مرحلة تناقص الحاجة... الأمر المهم الآخر أنه لابدّ من اعتماد مروحة أوسع من التطبيقات، لأن الجفاف الذي يجتاح اليوم أوروبا الغربية والصين والولايات المتحدة سيستمر على الأرجح لفترة طويلة".

نماذج عن التقنيات


"رين دانس"

باستخدام تقنية "باودر راين" الخاصة بـ"هانسغروهي"، يحوّل طراز "سيليكت أس" (Select S) 6.62 ليتر من المياه في الدقيقة إلى تجربة غامرة بالمياه. تقول الشركة إن "قطراتها المجهرية" تتشكل من خلال وضع عدّة ثقوب في كلّ فوهة، ما ينتج رذاذ ماء بقطرات صغيرة بدل دفق واحد من المياه.


"أنثيم"

بفضل واجهة التحكم الرقمية هذه، يمكنك تحديد حرارة المياه التي ترغب بها وتوفير الوقت الذي تستغرقه لتعديل حرارة المياه عند فتح الصنبور. كما يحتوي الجهاز على خاصية التسخين والحفاظ على السخونة عبر إخراج المياه الباردة والإبقاء على الحرارة داخل النظام قبل أن تفتحه.


"توتو"

يستخدم هذا المنتج الجديد الذي طرحته "توتو" تقنية "أييرو جت +" التي تضيف الهواء إلى كلّ قطرة مياه من أجل صنع قطرات أكبر مهما كان نطاق ضغط المياه. كما تتدفق المياه بأسلوب نبضات لتمنح المستخدم شعوراً بأن كمية المياه أكبر.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك