معتادٌ أن يشغّل المرء مروحة لتأتيه بنسمة أبرد، حين ترتفع درجات الحرارة، لكن عشرات الشركات اليابانية وحفنة في أماكن أخرى تنقل هذه الفكرة إلى صعيد آخر، فهي تضع المراوح في الملابس لتساعد العمال والرياضيين وأي شخص آخر سعياً لراحة من حر الصيف.
يقوم هذا على إعادة تصميم السترات المزودة بتقنية للتبريد، التي استخدمها عمال البناء اليابانيون طيلة سنين، لتكون ملابس غير رسمية وتسويقها للمستهلكين مع اشتداد وتزايد تكرار موجات الحر. رغم أنها عادة ما تسمى "الملابس المكيفة"، إلا أن هذه التسمية مغلوطة لأنها عادة ما تحوي مروحة فقط دون تبريد فعلي للهواء. تتوفر مئات من أشكال هذه الملابس على الإنترنت بأسعار تبدأ من 20 دولاراً، وصولاً إلى مئات الدولارات، ورغم أن كثيراً منها معدة لتكون ملابس للعمل المجهد لكن ليس هناك قصور في المعروض من الملابس الأنيقة.
توصي وزارة البنية التحتية اليابانية عمال البناء بالاعتماد على هذه التقنية ضمن إرشادات العمل في درجات الحرارة الشديدة. بينت دراسة نشرها معهد الهندسة المعمارية في اليابان في 2018 أن حرارة جلد العاملين في الهواء الطلق الذين يرتدون ملابس مبردة بمروحة كانت أدنى بكثير من زملائهم الذين لم يرتدونها. يسلط توسيع نطاق التسويق من العمال لقطاع أوسع الضوء على سعي العلامات التجارية لمساعدة الناس على تكييف منازلهم وأحيائهم وملابسهم للتعامل مع قسوة الطقس.
شروط الفاعلية
قال أولي جاي، الأستاذ في جامعة سيدني الذي يدرس تأثير موجات الحرارة، إن المراوح التي تعمل عبر تسريع تدفق الهواء لتجفيف العرق توفر مزايا بيئية وحيوية بالمقارنة مع تكييف الهواء لأنها تستخدم طاقة أقل وتسمح للأشخاص بالتكيف تدريجياً مع درجات الحرارة الأشد. قال جاي، الذي يدير أبحاث الحرارة والصحة بالجامعة: "الطريقة الأكثر فعالية لتبريد الجسم هي عبر تبخر العرق. لتبريد شخص لا تحتاج بالضرورة لتبريد الهواء المحيط به".
لكنه حذّر من أن استخدام المراوح فعّال أكثر في حال ارتفاع الرطوبة لأن العرق لا يتبخر بكفاءة. عندما ترتفع درجات الحرارة ويكون المناخ جافاً بشكل استثنائي "لن يؤدي تدفق الهواء الإضافي إلا لإضافة تلك الحرارة الجافة إلى الجسم.. لذلك في بيئات معينة جافة وشديدة الحرارة يتحول تدفق الهواء المتسارع من الفائدة إلى الضرر".
تضاعف سوق الملابس المبردة بالمراوح أربع مرات خلال خمس سنوات ليبلغ 120 مليون دولار، حسب تقديرات نشرة الصناعة "سين آي نيوز". تسعى الشركات على تحسين مظهر الملابس لتعزيز إقبال المستهلكين، لأنها عادة ما تتضخم عند تشغيل المراوح فيصبح شكلها منتفخاً وغير مستحب. قالت شركة "تيجين" (Teijin) التي تتخذ في أوساكا مقراً إنها تعمل مع شركة "ماكيتا" (Makita) التي تصنع المعدات الكهربائية ومع شركة تجارة المنسوجات "تشيكوما أند كو" (Chikuma & Co) لتطوير سترات تبريد مزدوجة الطبقة لتقليل الانتفاخ وإضفاء مظهر أكثر انسيابية وأناقة.
طرحت صانعة الملابس اليابانية "أوكي هولدينغز" (Aoki Holdings) سترات مبردة بالمراوح مصممة للأنشطة الخارجية والفعاليات الرياضية. كما تسعى شركة "كوتشوفوكو" في طوكيو، التي تقول إنها ابتكرت التقنية وكانت تصنع الملابس باستخدام مراوح تعمل بالبطاريات منذ ما يقرب من عقدين، لتوسيع منتجات التبريد لتشمل وسائد المقاعد وحقائب الظهر والأَسرّة. لدى "كوتشوفوكو" شراكات مع عشرات العلامات التجارية للملابس مثل "أسيكس" (Asics) و"ماكينتوش فيلوسوفي" (Mackintosh Philosophy) و"ماناتاش" (Manatash). قال هيروشي إيتشيغايا، مؤسس "كوتشوفوكو" وقد بلغ عمره 74 عاماً: "للوهلة الأولى ، لا يفهم معظم الناس سبب اضطرارهم لارتداء ملابس بأكمام طويلة في الأماكن الحارة.. إذا استخدمنا مكيفات الهواء للتعامل مع موجات الحرارة، فسنضطر إلى استخدام مزيد من الطاقة. لكن تكييف الأجزاء التي نحتاجها فقط معقول أكثر".