بعضها يقدم فوائد مرتفعة على الأرصدة ومنها ما يخفض الرسوم لكن مع وجود قيود وشروط

البنوك الجديدة تعاني من أجل تحقيق وعودها البراقة

صورة تعبيرية عن البنوك البديلة - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية عن البنوك البديلة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تقدّم "ديجيت" (Digit)، وهي شركة تكنولوجيا مالية عصرية في سان فرانسيسكو، خدمات مصرفية تقليدية عبر الإنترنت مع أداة يمكنها تلقائياً تخصيص جزء من ودائع العملاء لحساب توفير يتوافق مع أهدافهم الاستثمارية، وتأتي هذه الخدمة مع "ضمان عدم السحب على المكشوف".

هل هذا غير معقول؟ وفقاً لمكتب الحماية المالية للمستهلكين؛ فإنَّ جزءاً منه كذلك. فرضت الهيئة التنظيمية في وقت سابق من هذا الشهر على شركة "ديجيت" التي أصبحت الآن جزءاً من "أوبورتون فايننشال" (Oportun Financial)، وهي جهة إقراض يقع مقرها في سان كارلوس بكاليفورنيا، غرامة قدرها 2.7 مليون دولار للترويج الكاذب حول ضمان عدم السحب على المكشوف.

المستثمرون يجب أن يكونوا أكثر ذكاء بشأن التكنولوجيا المالية

تبين أنَّ خوارزمية "ديجيت" المستخدمة لنقل الأموال استنزفت بعض حسابات العملاء الجارية، مما أدى إلى تقاضي رسوم السحب على المكشوف. وجد مكتب الحماية المالية للمستهلكين أنَّ "ديجيت" لم تعوّض العملاء حتى بعد تقديمهم لعدة شكاوى، برغم زعمها أنَّها ستعوضهم. قال متحدث باسم شركة "أوبورتون": "برغم اختلافنا مع مكتب الحماية المالية للمستهلكين حول هذه المسألة؛ إلا أنَّه يسعدنا تسوية الأمر". تقول الشركة إنَّ أقل من 2,000 عميل دفعوا الرسوم الزائدة.

ليست "ديجيت" شركة التمويل الاستهلاكي الوحيدة التي لم تحقق التوقُّعات البراقة، التي تطرحها إعلاناتها. فهناك حوالي 60 مؤسسة مالية أخرى من هذا النوع، تُعرف باسم "البنوك المنافسة" أو "البنوك الجديدة" في الولايات المتحدة، وهي تعرض مجموعة مماثلة من المنتجات، ولديها حوالي 23 مليون عميل، وهو رقم يُتوقَّع أن يتضاعف إلى 50 مليون عميل بحلول 2025، كما يذكر موقع تمويل المستهلك "بانكريت دوت كوم" (Bankrate.com).

ليست بنوكاً حقيقية

برغم ورود كلمة بنك في أسمائها، إلا أنَّها ليست بنوكاً، بل هي شركات تقنية تشارك بنوكاً تقليديةً مغمورةً لتتيح للعملاء الوصول إلى أموالهم رقمياً. يمكن للبنوك الجديدة عبر ذلك توفير حماية وكالة حماية الودائع "فيدرال ديبوزيت إنشورانس" (Federal Deposit Insurance) للحسابات الجارية وحسابات التوفير. لكن في حالة "ديجيت"؛ قال "ميتا بنك" (MetaBank) الذي يقع مقره في داكوتا الجنوبية، وهو شريكها في الخدمات المصرفية، إنَّه لم يكن مشاركاً في المسألة التي تدخّل فيها مكتب الحماية المالية للمستهلكين.

شركة تكنولوجيا هندية تُقرض مليار دولار سنوياً بضمان الذهب

تعتاش البنوك الجديدة على رسوم تفرضها على التجار عند استخدام أصحاب الحسابات لبطاقات الخصم لديهم كبديل عن جني الأموال عبر الإقراض من الودائع. كما أنَّ بعضها يتقاضى رسوم اشتراك، ومنها "ديجيت". تبحث هذه البنوك في معظم الأوقات عن أشخاص لديهم أرصدة بنكية منخفضة، ويسعون بشكل خاص لجذب الشباب الذين بدأوا للتو حياتهم المهنية، ويتطلّعون لإيداع شيكات رواتبهم تلقائياً، ويغرونهم بحسابات توفير عالية الفائدة، فضلاً عن وعود برسوم أقل، أو بلا رسوم إلى جانب تجربة مستخدم مبسطة. تبدو هذه المجموعة العمرية المستهدفة المحبطة من مجموعة الرسوم التي تفرضها البنوك الكبرى غالباً على الحسابات منخفضة الأرصدة، حريصة على الحصول على بطاقات الخصم والائتمان التي تصدرها البنوك الجديدة بسهولة. كما يمكن أن تكون خدمات البنوك الكبرى لمثل هؤلاء العملاء ضعيفة.

تأسس العديد من هذه الشركات المالية في أعقاب الأزمة المالية العالمية بهدف إضفاء الطابع الديمقراطي على الخدمات المصرفية للأفراد، وتمكّنت من منافسة أكبر البنوك من خلال توفير وصول إلى شبكات الصراف الآلي في "والغرينز" (Walgreens)، و"تارغيت" (Target)، ومتاجر التجزئة الأخرى. لكنَّ حصة البنوك الجديدة السوقية التي اقتنصتها من بنوك "وول ستريت" مهددة، فيما تتحول الميزات التي تطرحها إلى شبيه ما تقدّمه البنوك الراسخة.

انقضاء شهر العسل

بدأت أموال رأس المال الاستثماري التي غذّت هذا القطاع بالنضوب، واعتمد المنظمون منظوراً أكثر جدية. أعلن مكتب الحماية المالية للمستهلكين في وقت سابق من هذا العام أنَّه سيعيد العمل "ببند قانوني غير مطروق إلى حد كبير لفحص الشركات المالية غير المصرفية التي تشكّل مخاطر عدّة على المستهلكين"، مشيراً إلى شركات التقنية المالية ذات العلامات التجارية الذاتية على وجه التحديد. تثير الرياح المعاكسة المتزايدة تساؤلات حول مدى نجاح هذه الشركات في أداء مهمتها، وتوجيه التدقيق نحو العقبات التي كادت تمر دون أن يلاحظها أحد.

لم تُطبِق الهند على قطاع الدفع اللاحق للشراء؟

قال غاري زيمرمان، الرئيس التنفيذي لشركة "ماكس ماي إنتريست" (MaxMyInterest)، وهي منصة تساعد العملاء على تحديد أسعار فائدة أفضل، حول قائمة التحذيرات الموجودة في معظم مواقع شركات التقنية المالية التي تقلل من عروضها الترويجية: "هناك عدد هائل مما يكتب بحروف صغيرة على هذه المواقع". تدّعي شركة "كورينت" (Current)، ومقرها نيويورك، أنَّ لديها أكثر من 4 ملايين عميل، وأنَّها تعطي 4% فائدة على المدخرات، وهو أعلى بكثير من المتوسط ​​الوطني البالغ 0.06%. لكن يمكن للعملاء تطبيق معدل 4% فقط على حد أقصاه 6000 دولار مخصصة للادخار، وفقاً للشركة.

تقول شركة "تشايم" (Chime) في سان فرانسيسكو، والتي تضم أكثر من 13 مليون مستخدم، إنَّها لا تفرض رسوماً على السحب على المكشوف، وتسمح للمستخدمين بتجاوز أرصدتهم حتى 200 دولار، لكنَّ خيار عدم تطبيق الرسوم هو متاح فقط للحسابات التي لديها ما لا يقل عن 200 دولار من الودائع المباشرة شهرياً، وتشترط لذلك تأهيل العملاء أولاً.

قوة العمالقة

استثمرت معظم البنوك الأميركية الكبرى الأموال في التقنية أثناء إصلاح نماذج الرسوم الخاصة بها، مع تخلي أمثال "سيتي غروب" (Citigroup)، و"كابيتال ون فايننشال" (Capital One Financial) عن فرض رسوم السحب على المكشوف. قال جيمي ديمون الرئيس التنفيذي في "جيه بي مورغان تشايس آند كو" (JPMorgan Chase & Co) في اتصال مع المحللين في أكتوبر إنَّه "سينفق أي مبلغ "لمواكبة المنافسين من شركات التقنية المالية. قالت ماري ويزينوسكي، المحللة المصرفية في موقع "بانكريت دوت كوم" (Bankrate.com): "أصبحت التجارب الرقمية للبنوك أفضل بكثير مما كانت عليه عندما بدأت دخول هذا المجال. من المؤكد أنَّ البنك التقليدي والبنك الذي يملك مالاً كثيراً يستطيعان منافسة البنك الجديد بقوة، بل الاستحواذ عليه أيضاً".

مخاطر الفشل تهيمن على شركات التكنولوجيا المالية غير المربحة

قال زيمرمان إنَّه عندما تضخ "وول ستريت" الأموال في الخدمات الرقمية، ستبدأ شركات التقنية المالية بتحصيل الفتات، إذ يعتمد كثير منهم على "نموذج مشروع مدعوم نوعاً ما، وتبقى الفكرة هي أنَّه إذا حصلت على ما يكفي من الملايين من هؤلاء العملاء الصغار؛ فسيصبح بعضهم في النهاية عملاء قيّمين، ويمكنك استخراج بياناتهم وبيع منتجات أخرى لهم. وستكون قادراً في النهاية على جني بعض المال منهم. لكن هذا ما يزال غير مثبت".

وجد تقرير من شركة التحليلات "سي بي إنسايتس" (CB Insights) في يوليو أنَّ تمويل البنوك الجديدة سجل 1.9 مليار دولار في الربع الثاني، بانخفاض 77% عن الفترة نفسها من العام الماضي، وهو أدنى مستوى له منذ الربع الرابع لعام 2019. كما انخفض التمويل الخاص بالتقنية المالية بشكل عام بنحو الثلث عن العام السابق، ليصل إلى 20.4 مليار دولار، في أدنى مستوى له منذ الربع الأخير لعام 2020.

بدأت علامات تخفيض الوظائف وعلامات الإجهاد الأخرى في التصاعد. أعلن "بنك فارو" (Varo Bank) في سان فرانسيسكو، وهو أحد البنوك الجديدة الأكثر رواجاً في الولايات المتحدة، فضلاً عن أنَّه واحد من بضعة بنوك لديها ميثاق مصرفي وطني، تخفيض عدد الموظفين 10% في منتصف يوليو، ووصف رئيسه التنفيذي كولن والش الخطوة بأنَّها ضرورية لضمان "رأس مال كافٍ لتنفيذ استراتيجيتنا وطريقنا إلى الربحية".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك