ساعد نموذج حقوق الامتياز في ازدهار أعمال الشركة خلال الوباء حيث لم تكسرها عقود الإيجارات

بعد عقود على تأسيسها.. "جازرسايز" ما تزال تضج بالحياة

من اليسار: جودي شيبارد ميسيت، وشانا ميسيت نيلسون، وسكيلا نيلسون - المصدر: بلومبرغ
من اليسار: جودي شيبارد ميسيت، وشانا ميسيت نيلسون، وسكيلا نيلسون - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

اعتلت جودي شيبارد ميسيت، 78 عاماً، منصةً مرتفعةً في صبيحة أحد أيام شهر يونيو لتقود نسوة في تدريب لياقة بدنية تنظمه شركتها "جازرسايز" (Jazzercise) في أحد مجمعات التسوق في مدينة أوشنسايد بولاية كاليفورنيا. كانت ميسيت، وهي مؤسسة الشركة ورئيستها التنفيذية، توجه المتدربات بحماس وتشجعهن عبر مكبرات صوت تنتشر في استوديو باهر الإضاءة وكنّ يجارين حركاتها من دوران والتواء وتمايل حتى تصببن عرقاً. قبل ذلك بساعة كانت شانا ميسيت نيلسون، ابنتها، تدرب مجموعة أخرى استضافت فيها ابنتها سكايلا على منصتها وكانتا توجهان المتدربات فيما كانت سلسلة من الأغاني الرائجة تصدح في المكان.

نمت شركة المساهمة المغلقة التي أسستها ميسيت في 1969 في مدينة كارلسباد بولاية كاليفورنيا فباتت تضم ثمانية آلاف صاحب امتياز يدربون 32 ألف صف في الأسبوع حول العالم. رغم تراجع صناعة اللياقة البدنية خلال تفشي "كوفيد-19"، إلا أن "جازارسايز" حققت أرباحاً بلغت 73 مليون دولار العام الماضي.

عبر العقود

كيف تسنى لشركة لياقة بدنية تزامنت نشأتها مع شيوع أشرطة فيديو لتدريبات جين فوندا والملابس الرياضية زاهية الألوان المصنوعة من الألياف اللدنة والجوارب الطويلة الصمود حتى 2022؟ بل مواصلة الازدهار. يعزى ذلك النجاح لمزيج من بثها لبرامج التدريب عبر الإنترنت من جهة، وحرص كبار مديري الشركة التنفيذيين على الاهتمام بمطالب العملاء بشكل مباشر واستعدادهم لتلبيتها. تشرح ميسيت الأمر ببساطة بقولها: "نحن على ما يرام لأننا دائماً نضع عملائنا قبل كل شيء. لتحقيق ذلك، كان لزاماً علينا أن نعمد للإبداع".

رغم إغراء التعويل على الحنين لتمارين الثمانينيات الرياضية لم تتجه شركة اللياقة البدنية نحو ذلك، لذا غابت الألوان الزاهية عن اختيارات "جازرسايز" التسويقية، كما أنها تُجدد تصميم رقصات اللياقة شهرياً مع اعتماد تصميمات جمالية لمقارها تشبه عموماً قاعات تدريب البيلاتس أو اليوغا أكثر من شبهها باستوديو لتدريبات الرقص كما يصوره أحد أفلام جينيفر بيلز. لكن الشركة لا تتنكر لجذورها، حيث يقول موقعها الإلكتروني: "نعدك ألا تريّن ألبسة تدريب على شاكلة (بدي) أو جوارب طويلة. لكنك ستختبرين ألقاً وتعرقاً وتدريبات نشيطة مفعمة بهرمون السعادة بما يفوق حقبة الثمانينيات". قالت نيلسون، رئيسة الشركة إن ارتباط الشركة الوثيق بالثمانينيات هو "ميزة وعبء.. عندما تترك هذا النوع من البصمة الثقافية الكبيرة، فإنك تصبح بمثابة مسؤول عن تنقية صناعة اللياقة البدنية الراقصة. نحن فخورون بذلك بل نتبناه، لكننا واصلنا التطور في كل يوم".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

عبر الأجيال

تمزج فصول التدريب حالياً بين التدريبات الشديدة المتنوعة عالية والموسيقى المعاصرة، حيث تتراوح ملابس الحضور في الصالة الرياضية النموذجية بين سراويل ضيقة طويلة أو قصيرة مع حمالات صدر رياضية وسترات بلا أكمام. تتوافد الأمهات من جيلي ثمانينيات وستينات القرن الماضي لحضور صفوف التدريب في الضواحي، إلا أن قاعدة العملاء الحالية تشمل أيضاً الشباب الذين استقطبتهم منشورات عبر "تيك توك" و"إنستغرام" للانخراط في أنشطة شركة اللياقة البدنية.

تغلبت "جازرسايز" على عديد من منافسيها فيما يتعلق ببث صفوف التدريب عبر الإنترنت، وهو الطلب الذي ازدادت وتيرته مع استمرار الإغلاقات، ما دفعها لطرح خدمتها عند الطلب في سبتمبر 2019. جاء ذلك استجابةً لآراء عملاء أبرزت رغبة الآباء بأن يستطيعوا حضور التدريبات من المنزل وفق جداولهم الخاصة.

قال يونغ مكارثي، نائب رئيس شركة "جازرسايز" لابتكار المنتجات وتطويرها: "لقد كنا متموضعين بشكل جيد." أتاحت الشركة الاستفادة من منتجاتها مجاناً لمدة شهر في البداية، ثم ثلاثة أشهر، وهي الآن توفر إصداراً تجريبياً مجانياً لمدة أسبوعين مع اشتراك بقيمة 24.99 دولار بشكل شهري يمكن إلغاؤه في أي وقت. كان عدد المشتركين في خدمة "جازرسايز" عند الطلب قد ارتفع من أربعة آلاف مشترك في بداية مارس 2020 إلى 60 ألف مشترك بحلول نهاية أبريل. قال مكارثي: "لقد تمكنوا من البقاء على اتصال بنا وممارسة التدريبات. أعتقد أن الخدمة أنقذت شركتنا وساعدت حقاً في إنقاذ أصحاب الامتياز وأعمالهم أيضاً". يبلغ عدد المشتركين في الخدمة حالياً 22 ألفاً.

مثابرة وتطوير

درّبت ميسيت ونيلسون عديداً من تلك الصفوف الافتراضية عند الطلب، ما أتاح لهما استيعاب التحديات التي يواجهها المدربون للتكيف مع اضطرارهم لبث صفوف تدريبات اللياقة البدنية من غرف المعيشة.

بات جزءاً من وصفة ميسيت السرية للنجاح منتشراً حالياً، وهو إبعاد أنظار العملاء عن المرايا ليركزوا أكثر على أحاسيسهم بدل مظهرهم، إضافة لإبراز صوت المدربين عبر استخدام الميكروفونات ومكبرات الصوت. لكن نموذج عمل "جازرسايز" كان وما يزال مختلفاً، فعلى عكس عديد من سلاسل الصالات الرياضية الكبيرة أو استوديوهات اليوغا أو ركوب الدراجات لثابتة، تمنح "جازرسايز" أسهماً لمدربيها في حقوق الامتياز.

يعمل معظم المدربين في صفوف "جازرسايز" بدوام جزئي يتراوح بين 10 إلى 20 ساعة أسبوعياً، مع تحديد برامج التدريبات الخاصة بهم. يستأجر بعضهم استوديوهات لياقة بدنية براقة، فيما قد يبث آخرون جلساتهم من المساحة المخصصة لجمعية الشبان المسيحيين أو من الكنيسة المحلية. تميل امتيازات "جازرسايز" للازدهار في البلدات الصغيرة والضواحي والأسواق التي غالباً ما تغفلها السلاسل الأكبر. وجدت الشركة في بدايتها أنها ازدهرت قرب القواعد العسكرية، حيث تعيش نسوة كثر في صحارى تفتقر من مرافق اللياقة البدنية. كانت الفكرة العامة آنذاك، والتي مازالت قائمة حتى الآن، هي أن الناس يذهبون إلى الصفوف بسبب المدربين، وليس بالضرورة الشموع المعطرة البالغة قيمتها 50 دولاراً في الاستوديوهات.

كما أبقت "جازرسايز" أسعارها أدنى من منافساتها، إذ عادةً ما تتراوح اشتراكاتها بين 20 إلى 40 دولاراً للصف الواحد أو 85 إلى 150 دولاراً شهرياً للصفوف غير المحدودة.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

إيجارات أقل

ساعد نموذج حقوق الامتياز بازدهار أعمال الشركة خلال الوباء، لأنها لم تكن مثقلة بعديد من عقود إيجار المباني، كما أمكنها الاعتماد بشكل كبير على أصحاب الامتياز الدوليين لتزويدها بمعلومات الاستخبارات التجارية. تذكر ميسيت ونيلسون أنه بسبب متابعة الشركة في إيطاليا تمكنتا من تقييم تأثير تدابير التباعد الاجتماعي هناك قبل تطبيقها في أجزاء من الولايات المتحدة.

تواجه "جازرسايز" منافسة من شركات تدريب رقصات الزومبا عالمياً دون شك، وشأنها شأن عديد من شركات اللياقة البدنية، لا سيما التي تتبنى نموذج حقوق الامتياز، فإن مدربيها ليسوا جميعاً مميزين. قال جيم توماس، رئيس شركة "فيتنس مانجمنت يو إس إيه"، وهي شركة استشارية مقرها دالاس، معلقاً بشكل عام على وضع الصناعة: "هناك دائماً مخاطرة أن يحسن مانح الامتياز بيعه لكنه قد لا يحسن مساعدتك في إدارة الأعمال.. يمكن أن تكون جودة التدريب مختلفة، فعليك أن تدرب موظفيك جيداً ليس فقط على كيفية أداء عملهم، لكن أيضاً خلق ثقافة بحيث يرغبون بأن يأتوا للعمل وأن يكونوا جزءاً منه".

تقول ميسيت إنها تصر على جس نبض العملاء ومتطلباتهم عبر الاستمرار بتدريب صف أسبوعي على الأقل، مما يلهمها أيضاً لتصميم رقصات ويضفي مصداقية على أدائها عندما تتواصل مع مدربي "جازرسايز" على الأرض. أضافت ميسيت: "أنه شغفي، والسبب الوحيد لوجودنا هنا هو الشغف. أحب التدريب والتفاعل مع العملاء وإرضاء غروري. كما أحب التواجد على خشبة المسرح والأداء ورؤية العملاء أمامي فيما يؤدون تدريباتهم".

ترى ميسيت أن الخبرة والرؤية سمحت لشركة "جازرسايز" بالتكيف بسرعة خلال الوباء في قطاع يشتهر بهوسه بالشباب. لقد شهدت فترات ركود وازدهار وكساد وعديد من تغييرات في القطاع، ما جعل "كوفيد" يبدو لها كمجرد عقبة ليست مستحيلة وتقول: "إننا مكافحون للبقاء".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك