تشتري جليسة كينغ ملابسَ من "شي إن" (Shein)، لكنها لا تتوقع أن ترتدي مشترياتها لأطول ممّا يستغرقه نشر صورة جميلة لها عبر "إنستغرام"، وكذلك حال كثير من زبائن عملاقة الموضة السريعة الصينية. تنفق الشابة العشرينية نحو 500 دولار مرتين شهرياً على حوالي 20 أو 30 قطعة ملابس لا تكاد ترتديها. كانت تتجول في متجر "شي إن" المؤقت في سان فرانسيسكو الذي أقيم ضمن فعالية تسويقية لشركة البيع بالتجزئة التي تقدم عادة خدمة التسوق عبر الإنترنت، وقالت ضاحكة: "ربما أرتديها مرّة أو مرتين، لا أكثر.. إن تمكنت من التقاط صورة جيدة فمّرة على الأرجح".
كيف أدت حرب ترمب التجارية لنشأة أول عملاق موضة صيني..تعرّف على "شي إن"
أسهم نموذج الموضة فائقة السرعة بتحويل "شي إن" لأبرز وجوه القطاع ولإحدى الشركات الناشئة الرائدة في العالم. لكن فيما تكتسب القضايا البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات أهمية متنامية لدى المستثمرين، فإن ترويج الشركة لملابس تُرتدى لفترة قصيرة قد يصبح أكبر تهديد لنجاحها. فبفضل شبكة واسعة من المصنّعين المتعاقدين، تتمكّن "شي إن" من ضخّ آلاف التصاميم الشبابية يومياً بأسعار تكاد لا تُصدّق، فسعر الفستان لا يتجاوز بضعة دولارات، وسعر السروال القصير أقل من ذلك.
بلغت مبيعات "شي إن" 16 مليار دولار على الأقل في 2021، مقارنة مع 10 مليارات دولار في سابقه، فيما يقدّر تقييم الشركة بنحو 100 مليار دولار، ما يضعها في مصاف شركات مثل "سبيس أكس" المملوكة من إيلون ماسك وشركة "بايت دانس" مالكة تطبيق "تيك توك". تشمل قائمة المستثمرين في "شي إن" حتى الآن "تايغر غلوبال مانجمنت" (Tiger Global Management) و"أي دي جي كابيتال" (IDG Capital) و"سيكويا كابيتال تشاينا" (Sequoia Capital China). إلا أن نموذج الأعمال الذي تنتهجه ربما يكون أيضاً سبب انتشار صورة مسيئة عنها مع مزاعم بتسببها بأضرار بيئية واستغلالها اليد العاملة وسرقتها للملكية الفكرية.
لا مبالاة المستهلكين
كانت جامعة إنديانا قد أعلنت عن شراكة مع "شي إن" قبل بضعة أشهر، لكنها علّقت مشاريعها الجديدة معها بسبب مخاوف حيال الشركة. لا يبدو كثير من الزبائن الشباب مبالين بالأمر، إلا أن الأشخاص والمؤسسات الذين يملكون سلطة فعلية على مستقبل "شي إن"، من مستثمرين وهيئات ناظمة وسياسيين، لا يستطيعون تجاهل ما يجري.
أبلغت "شي إن" مستثمريها الحاليين في إطار آخر جولة تمويل قامت بها هذا العام، أنها تأمل باكتتاب أولي عام في الولايات المتحدة بحلول 2024، حسب ما نقلت بلومبرغ نيوز عن أشخاص مطلعين على تفكير الشركة. تأمل "شي إن" بأن تبرر تقييمها الضخم عبر سعي سريع للتخلص من سمعتها كشركة سيئة من حيث الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة، فيما يركز فريق من المديرين التنفيذيين الجدد على تغيير صورة الشركة.
تقييم "Shein" قد يتخطى "إتش آند إم" و"زارا" معاً
تشير الاندفاعة الحالية لتحسين أداء "شي إن" على صعيد الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لاستعدادها للقيام بطرح أولي للاكتتاب العام، حسب أشخاص مطلعين على المسألة طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم بما أن المعلومة ليست عامة. بينما كان عديد من الداعمين الأوائل للشركة غلّبوا النموّ على مسألة الاستدامة، تسعى الشركة للحدّ من خطر أن تعرقل ممارساتها نجاح طرحها الأولي للاكتتاب العام، وفقاً لما قاله الأشخاص المطّلعون.
تنطبق بعض الانتقادات التي تواجهها "شي إن" على منافسيها أيضاً. فالموضة السريعة تجارة تنتج مخلفات هائلة، ما يفاقم الأثر البيئي للقطاع، بحسب تقرير للبنك الدولي صادر عام 2019، الذي أشار إلى أن عدد الملابس الجديدة المنتجة سنوياً تضاعف بالمقارنة مع 50 مليار قطعة أُنتجت في 2000. لكن مع اكتساب الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات أهمية متنامية في الوعي العام، بذل بعض عمالقة الملابس الغربيين مثل "زارا" التابعة لشركة "إنديتيكس" و"إتش أند أم" جهوداً لتحسين صورتيهما عبر مبادرات لإعادة التدوير ومجموعات ملابس "صديقة للبيئة" وغيرها. قد تضطر "شي إن" لتبني إصلاحات شاملة مشابهة للحفاظ على مكانتها في أوساط اللاعبين الكبار.
سياسة وتجارة
لكن ثمّة أمر لا تقدر الشركة على تغييره وهو أصلها الصيني. بغضّ النظر عن مدى صوابية ذلك، إلا أن جذورها الصينة تخضعها لتدقيق متنامٍ في وقت تمرّ فيه العلاقات المتصدعة الأميركية–الصينية بمزيد من الصعوبات. في عالم الموضة، تطرح هذه الأصول أيضاً قضية إقليم شينجيانغ الذي ينتج حوالي 85% من القطن الصيني، والذي أصبح اسمه مرادفاً لمزاعم العمل القسري. رغم أن المعامل التي تستخدمها "شي إن" لا تقع في الإقليم، إلا أن الوضع يفتقر للوضوح بسبب الكمّ الهائل من الموردين الذين تعتمد عليهم الشركة.
يشدد مديرو الأموال في الولايات المتحدة الضغط على الشركات على خلفية مخاوف تتعلق بالممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة. فقد حصلت القرارات البيئية والاجتماعية على دعم بنسبة 33% في آخر موسم لاجتماعات المساهمين مقارنة مع 22% قبل خمس سنوات، حسب بلومبرغ إنتلجنس. لقد التزمت كلّ من "بلاك روك" (BlackRock) و"فانغارد" (Vanguard) و"ستايت ستريت غلوبال أدفايزرز" (State Street Global Advisors) بالتصويت ضد مديري الشركات الذين لا يتخذون خطوات على صعيد التغيّر المناخي. قالت جيني ديفيس–بيكود، مسؤولة الاستدامة في شركة "باين أند كو" (Bain & Co) إن أداء الشركات على صعيد الاستدامة قد يؤثر بشكل كبير على قدراتها على جذب رأس المال. أضافت أنه يمكن للمستثمر أن يجد نفسه بسهولة "في تناقض مع القواعد الناظمة التي تتطوّر باستمرار أو مع مشاعر المستهلكين".
نفايات هائلة
تواجه "شي إن" اتهامات متعددة. إذ تزعم منظمات غير حكومية أن بعض منتجاتها يصنعها عمّال يتقاضون أجوراً زهيدة ويعملون دوامات طويلة للغاية في ظلّ ظروف خطرة في مكان العمل. يقول مسؤولو الهيئات الناظمة والناشطون إن موضة الملابس التي تدوم لفترة قصيرة تخلّف كمّاً هائلاً من النفايات لدرجة يستحيل أن يؤيدها أي شخص يهتم بالبيئة. قال غاريك هيميبوغ، مؤسس شركة "أيكو ستايلست" (Eco-Stylist) وهي مجموعة مؤسسات اجتماعية تضع نقاط للشركات بحسب التزامها بالاستدامة إن "شي إن أشبه بجرس إنذار لكلّ شخص يركز على الاستدامة". كانت المجموعة قد أعطت "شي إن" صفر على مئة في آخر تحليل لها، فيما حصلت كلّ من "زارا" و"إتش أند أم" على حوالي ثلاثين نقطة لكلّ منهما. كانت "شي إن" العلامة التجارية الكبرى الوحيدة التي حصلت على صفر بين 300 شركة شملها استطلاع "إيكو ستايلست".
هل يتحكم مستثمرو المناخ في كل شيء؟
تواجه "شي إن" أيضاً تهماً بانتهاك الملكية الفكرية. فقد واجهت الشركة 40 دعوى قضائية على الأقل في الولايات المتحدة منذ بداية 2021 تتهمها بانتهاك الملكية الفكرية للمدعين. يتجاوز هذا العدد أكثر من ثلاثة أضعاف عدد القضايا ضد "أوربان آوتفيترز" و"إتش أند أم" و"زارا" مجتمعة، حسب بيانات جمعتها بلومبرغ. بيّن آدم ونستون، الرئيس الدولي الجديدة للممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة في "شي إن" أن مورديها يؤكدون لها أنهم لا ينتهكون الملكية الفكرية الخاصة بأي طرف ثالث.
شنّت "شي إن" هجوماً مضاداً في المقابل، إذ ضمّت في العام الماضي مديرين تنفيذيين جدد، أبرزهم ونستون الذي شملت قائمة أهدافه تعزيز الاستدامة وإعادة تقديم "شي إن" بصورة بطل بيئة أُسيء فهمه.
نموذج يحتذى
قال ونستون إن طرح آلاف القطع الجديدة يومياً هو من مميزات نموذج الاستدامة الذي تتبعه الشركة وليس علّة فيه، فقد أعلن في مؤتمر في يونيو برعاية مجلة "سورسينغ جورنال" (Sourcing Journal) المتخصصة بالقطاع أن الشركة تخفف من النفايات لأنها تصنع منتوجاتها بكميات صغيرة وتنتظر استجابة المستهلكين قبل زيادة الإنتاج، وهو يعتبر أن هذه الاستراتيجية تجعل "شي إن" مثالاً لتحتذي به شركات الملابس الأخرى. كما قال في المؤتمر: "نعتقد أنه إذا امتثل بقية القطاع لهذا النموذج، سيؤدي ذلك لانخفاض الإنتاج بنسبة 20% بشكل شبه فوري". أضاف في رسالة إلكترونية لبلومبرغ أجاب فيها عن الأسئلة أن هذا النهج جزء "من نموذج أعمال مبتكر وفريد من نوعه مكّننا من أن نصبح شركة أكثر استدامة منذ تأسيسنا".
كيف تخلق سياسة "الرخاء المشترك" ذوقاً جديداً للأزياء في الصين؟
لكن لدى سمانثا شارب، الأستاذة المساعدة ومديرة البحوث في معهد سيدني للمستقبل المستدام نظرة مختلفة. قالت: "ما يزال ذلك يعني إنتاج كمية كبيرة من ملابس لا يُقصد ارتداؤها لفترة طويلة". اتخذت المفوضية الأوروبية موقفاً مماثلاً، فقد كشفت في مارس عن معايير إنتاج جديدة للحدّ من فرط الإنتاج وفرط الاستهلاك، وفرضت مواصفات تجعل الملابس تدوم لفترة أطول كما وضعت حدّاً أدنى إلزامياً لاستخدام الألياف المعاد تدويرها.
كما تخضع سياسات عمل "شي إن" للتدقيق، فقد توصل تحقيق للمنظمة غير الحكومية السويسرية "بابليك أي" (Public Eye) في نوفمبر أن بعض المصنّعين الذين يمدّون الشركة بالمنتجات عرّضوا موظفيهم لظروف عمل خطرة وأجبروهم على العمل 75 ساعة في الأسبوع. هذه المسائل تكاد لا تقارن بالجدل الذي يثيره قطن شينجانغ. إذ كانت المخاوف حيال العمل القسري دفعت ببعض الشركات مثل "إتش أند أم" و"نايكي" لمقاطعة هذا المنتج في 2021. كما أن منتجات الإقليم الصينية النائي محظورة في الولايات المتحدة إلا إن تمكّن المورّد من إثبات أنها أُنتجت دون الاعتماد على العمالة القسرية.
ثغرة مفيدة
لم تواجه "شي إن" حتى الآن مشاكل ناجمة عن العقوبات المتصلة بإقليم شينجانغ أو الرسوم الجمركية على الواردات الصينية التي أقرّت في عهد الرئيس دونالد ترمب، وذلك بفضل ثغرة في قانون التجارة الأميركي يسمح للشركات بشحن سلع تصل قيمتها إلى 800 دولار من دول أجنبية إلى مستهلكين في الولايات المتحدة مباشرة بلا رسوم جمركية. كثير من منتجات "شي إن" تٌشترى عبر الإنترنت وتُشحن مباشرة إلى المستهلكين، ما يتيح للشركة الاستفادة من هذا الإعفاء.
فرضت الشركة شروطها الخاصة على المصنّعين، قائلة إنها لن تتسامح مع عمالة الأطفال أو السجناء أو دفع أجوز زهيدة للعمّال. إلا أن تطبيق هذه السياسات سيكون صعباً إلا في حال دفعت "شي إن" مزيداً من الأموال لمورديها ليلتزموا بها، وهي خطوة مستبعدة بما أنها تقوم على الأسعار المنخفضة، حسب بعض خبراء القطاع في الصين.
قال لين فينغ، المستشار العام لدى رابطة سلسلة التوريد "أبوتيمال" في غوانغدونغ: "مع اشتداد شراسة المنافسة وضعف الطلب، يواجه العديد من صانعي الملابس صعوبة في الاستمرار.. تعمل العلامات التجارية الخاصة بالملابس على إقناع المعامل بتحسين ممارساتها البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، لكن مالكي المعامل والعمّال ليس لديهم حوافز قوية للقيام بذلك. ما يريدونه بشدّة الآن هو الحفاظ على وظائفهم وعلى مزيد من المال".
عن طريق الصدفة.. شركة أميركية تتوصل لحل مشكلة مُخلفات الأزياء
تقول "شي إن" إنها تأخذ كافة المسائل المتعلقة بسلسلة الإمداد على محمل الجدّ، وتتعاقد مع شركات خارجية لتدقيق منشآت مورديها. أضافت الشركة في ردّ عبر البريد الإلكتروني: "نتخذ إجراءات تصحيحية لدى اكتشاف انتهاكات".
نموذج الأعمال القائم على أطراف خارجية، الذي تعتمده "شي إن"، متصل أيضاً بمشاكل الملكية الفكرية التي تواجهها الشركة. ماغدالينا مولمان، واحدة من عدّة فنانين ومصمّمين رفعوا دعاوى قضائية ضد "شي إن" هذا العام، إذ تزعم الرسامة التصويرية من جاكسونفيل في فلوريدا أن "شي إن" نقلت أحد أعمالها الفنية التي تصوّر امرأة بشعر أسود طويل وأنف على شكل زاوية بتصميم مستوحى من بيكاسو، وعرضتها للبيع في نسخ مطبوعة بلا إطارات مقابل 4 دولارات. يدّعي محاموها في "هولاند أند نايت" (Holland & Knight) وجود نمط إساءة ترتكبه "شي إن"، التي يقولون إنها ألقت باللوم في الماضي على بائعين خارجيين لدى اتهامها بارتكاب انتهاكات للملكية الفكرية.
انتهاك متعمد
تقول مولمان في الشكوى التي تقدمت بها أمام المحكمة إن "ممارسات (شي إن) سيئة السمعة والموثقة جيداً تستند للانتهاك المتعمّد لحقوق الفنانين المستقلين ومصالحهم"، وهي تطالب بتعويضها 100 مليون دولار على الأقل. قالت سارة م. ليونز، مصممة الأزياء البالغة من العمر 36 عاماً في جنوب كاليفورنيا، التي ما تزال قضية سرقة الملكية الفكرية التي رفعتها ضد "شي إن" معلقة: "نسمع باستمرار عن هذا الأمر في مجتمع الفنانين والمصممين.. لا أعتقد أن الأمر يؤثر على أرباحها بما يكفي لتعير الأمر أهميةً".
إلا أن ونستون يؤكد أن "شي إن" تأخذ جميع ادعاءات الانتهاكات على محمل الجد. قال في رسالة إلكترونية: "ليس في نيتنا انتهاك الملكية الفكرية الصحيحة لأي شخص وهذا الأمر ليس ضمن نموذج عملنا.. الموردون ملزمون بالامتثال لسياسة الشركة والتأكيد أن منتجاتهم لا تنتهك الملكية الفكرية الخاصة بطرف ثالث".
موكيش أمباني يشتري حصة في علامة تجارية لصناعة أزياء نجوم "بوليوود"
كما قال ونستون في فعالية "سورسينغ جورنال" إن "شي إن" تلزم مورديها بالامتثال لقواعد سلوك صارمة والخضوع للمراقبة، وأضاف قوله: "نطلب التعامل مع أي مخالفة لدى اكتشافها". أشار إلى أنه عند اكتشاف مخالفات جسيمة "في حال عدم معالجتها على الفور، قد يؤدي ذلك إلى منع المخالف من أن يعمل كمورّد لـ(شي إن)".
مشكلة وجودية
أطلقت الشركة العام الماضي برنامج "شي إن أكس"، الذي يهدف لعرض أعمال مصممين مستقلّين أمام قاعدة الزبائن الضخمة للشركة، فيما يحصل الفنانون على حصة من الأرباح. قالت الشركة عبر موقعها الإلكتروني: "تتيح (شي إن) للمصمّمين أن يقوموا بأكثر أمر يجيدونه، ألا وهو الابتكار، فيما نتولّى التصنيع والتسويق والبيع".
تدقيق الشراكة
من المبادرات التي أطلقتها الشركة العام الماضي، صندوق للمنظمات غير الربحية التي تدعم المجتمعات المحرومة وغيرها من القضايا، إضافة لشراكة مع كلية الأعمال التابعة لجامعة إنديانا لتقديم برامج زمالة للطلاب الراغبين بالتعلم عن سلاسل الإمداد العالمية. وكانت "شي إن" افتتحت هذا العام مركز توزيع على مقربة من إنديانابوليس تقول إنه سيؤدي لخلق حوالي 1100 وظيفة.
إلا أن الشراكة مع جامعة إنديانا التي أُعلنت في مارس عُلقت لمزيد تدقيق في "شي إن". قال جورج فلاهاكيس، المدير المساعد للتواصل والعلاقات الإعلامية في كلية كيلي للأعمال إن إدارة الكلية ومدير مركز البحوث والتعليم في البيع بالتجزئة بدأوا بمراجعة دقيقة للشركة وممارساتها واستجابتها للمسائل التي أثيرت.. لدى إتمام المراجعة، ستُتخذ الإجراءات والاستجابات المناسبة. في غضون ذلك، ستٌعلّق كافة المبادرات الجديدة كي يتاح لنا الوقت لإجراء مراجعة قائمة على تقصي الحقائق".
المنافسة السويدية لـ"H&M" تخطط لطرح عام أولي لجذب مستثمري الاستدامة
تقول "شي إن" إنها تراجع باستمرار شراكاتها القائمة وإن تعاونها مع جامعة إنديانا منحها "معلومات قيّمة" عن الشراكات الأكاديمية المستقبلية في إنديانا، وقال متحدث باسم "شي إن": "سنقيّم أي مشاريع جديدة بالتعاون مع جامعة إنديانا".
إلا أن إعلانات "شي إن" لم تفلح بعد بتهدئة منتقديها. تبرعت الشركة بمبلغ 15 مليون دولار في يونيو إلى "مؤسسة أور" (Or Foundation) وهي مؤسسة خيرية تساعد العمّال في مجال نفايات النسيج في غانا، حيث تدير مركزاً اجتماعياً بشعار "لن نكون مجدداً مختبراً لتصاميم الموضة السريعة:، إلا أن "غرينبيس" هاجمت الشركة لعدم دعم أقوالها عن الاستدامة بالأفعال، وقالت في تغريدة: "بلا تغيير جذري في نموذج الموضة فائقة السرعة لن يرقى هذا الأمر لأكثر من محاولة غسل أخضر".
شحن أخضر
وعد ونستون باتخاذ مزيد من الإجراءات، فستحاول "شي إن" شحن مزيد من منتجاتها بحراً بدلاً من جواً لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، حسب ما جاء في الرسالة الإلكترونية. كذلك تسعى الشركة لتحسين كفاءة الطاقة في معاملها واستخدام مزيد من الألياف القابلة لإعادة التدوير. قال إن الشركة ستعلن قريباً عن مجموعة جديدة من الأهداف لتعزيز الاستدامة، دون أن يكشف عن مزيد من التفاصيل، لكنه أضاف: "ستكون أهدافاً جريئة وصعبة التحقيق لكنها واقعية أيضاً". لن ترضي هذه الأهداف على الأرجح المشككين الذين يعتبرون أن مشكلة الموضة السريعة الفعلية هي مشكلة وجودية، فنموذج عملها يقوم على الاستهلاك المفرط للملابس رخيصة الثمن على نطاق واسع.
"زارا".. خسائر إقفال المحال تُذوِّب أرباح التجارة الإلكترونية
لا يبدو أن زبائن "شي إن" يبالون كثيراً، وبالنسبة لبعض المستثمرين، فإن إمكانيات نموّ العلامة التجارية تفوق المخاوف بشأن سمعتها. حتى أن حركة الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات اصطدمت بعدّة مطبّات أخيراً، مع تشكيك مزيد من المستثمرين بالأمور التي يمكن تصنيفها على أنها استثمارات مستدامة ومدى فائدة ذلك. لكن برغم ذلك يُتوقع أن تكتسب الاستدامة أهمية متزايدة لدى لمؤسسات على وجه الخصوص. قال شارب من معهد المستقبل المستدام: "لا أعتقد أنه يمكن للموضة السريعة أو الموضة فائقة السرعة أن تكون مستدامةً فعلاً.. تُطرح معايير العمالة أو المعايير البيئية جانباً للحفاظ على سير العم.."
"ماركس آند سبنسر" تلجأ للتوسع إلكترونياً لوقف تراجع مبيعاتها عالمياً
في مؤشر آخر إلى التحديات الشاقة التي ما يزال يواجهها ونستون في سعيه لتحسين صورة "شي إن"، نجد أن مؤسسة "أور" الأفريقية التي حصلت على ملايين الدولارات من "شي إن" قلقة تجاه ربطها بشكل وثيق بالشركة. كانت مديرة المؤسسة، ليز ريكيتس قد أبلغت ونستون في المحادثات الأولية بينهما أنها تعارض نموذج عمل "شي إن" الذي يشجع على الاستهلاك المفرط.
ما تزال ريكيتس بعد شهور من ذلك تسارع لتنفي نسب المؤسسة مع "شي إن"، واصفة الاتفاق بأنه "تحويل أموال وليس شراكة أو تعاون". لكنها تُثني على الشركة لاستعدادها النادر على تحمّل بعض المسؤولية عن دورها في أزمة النفايات. قالت إن ونستون "سمع موقفي الحاسم" دون أن يتوانى، وأضافت قولها: "هذه أول مرة تفعل أي علامة تجارية ذلك".