بتكاليف أعلى من صاحبة السبق الأميركية تسعى الشركة الصينية لموطئ قدم لها في الفضاء

"جيلي" تنثر أقماراً لنشر السيارات ذاتية القيادة في الصين

الملياردي الصيني لي شوفو ورئيس مجلس إدارة مجموعة "حيجيانغ جيلي" القابضة - المصدر: بلومبرغ
الملياردي الصيني لي شوفو ورئيس مجلس إدارة مجموعة "حيجيانغ جيلي" القابضة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تفوق طموحات الملياردير الصيني لي شوفو العالمية اهتمامات أقرانه الصينيين الذين ركزوا على سوق الصين المحلية الضخمة فيما جمعت شركته "جيجيانغ جيلي" (Zhejiang Geely) مجموعة علامات تجارية لسيارات أجنبية مثل "فولفو" و"لوتس" (Lotus) و"لندن تاكسي" (London Taxi). يملك لي، 59 عاماً، زهاء 10% من "مرسيدس بنز" كما وافقت "جيلي" في مايو على شراء 34% من تابعة "رينو" الكورية.

يتطلع لي حالياً لدخول الفضاء الخارجي، إذ تتحرك "جيلي" لأبعد من مرحلة السيارات عبر تعزيز وجودها على مدار منخفض حول الأرض بعدما نشرت شركة "سبيس إكس"، التي يملكها إيلون ماسك، رئيس "تسلا" التنفيذي، شبكة من 2,500 قمر صناعي للاتصالات بإمكانها توفير الاتصال مع شبكة الإنترنت. حمل صاروخ صيني 9 أقمار صناعية من صنع "جيلي" إلى الفضاء مطلع يونيو، حيث تأمل الشركة بأن تشكل هذه الأقمار عماد شبكة مصممة للاتصال يوماً ما بمركبات "جيلي" ذاتية القيادة.

قال توني وانغ، رئيس شركة "جي سبيس" (Geespace) التنفيذي، وهي شركة لي للأقمار الصناعية: "نود تقديم خدمة في مجال المعلومات والاتصالات، ليس فقط تغطية الأرض، ولكن أيضاً على ارتفاع ألف كيلومتر" فوق سطح الأرض.

كان إطلاق الصواريخ لمدار مجموعة "جي سبيس" مجرد جزء من شهر مزدحم بالنسبة للي وطموحه بأن يكون رائداً في المركبات ذاتية القيادة. كشف مشروع "جيلي" المشترك مع شركة الإنترنت الصينية العملاقة "بايدو" (Baidu)، المسمى "Jidu"، عن أول سيارة ذكاء اصطناعي "Robo-01" في 8 يونيو، وأعلن عن خطط لبيع طراز منها هذا الخريف. انضم صندوق رأس المال الاستثماري المدعوم من "جيلي" "جي إل واي كابيتال مانجمنت" (GLY Capital Management) في 6 يونيو إلى جولة تمويل استثمرت 108 ملايين دولار في شركة "فييار إيمجينغ" (Vayyar Imaging) الإسرائيلية الناشئة لتقنيات المركبات ذاتية القيادة. كما وافقت إحدى الشركات التي يديرها لي على شراء 79% من شركة "ميزو تكنولوجي" (Meizu Technology) لصناعة الهواتف الذكية من شركة "علي بابا"، ما يجعل "جيلي" في وضع أفضل لأن السيارات أصبحت أشبه بهواتف ذكية ذات عجلات.

شراكات قائمة

لدى الشركة الصينية شراكات مع وحدات القيادة الذاتية لعمالقة التقنية، مثل شركة "موبيل آي" (Mobileye) التابعة لشركة "إنتل" وشركة "وايمو" (Waymo) التابعة لـ"ألفابت". وافقت شركة "بولستار أوتوموتيف" (Polestar Automotive)، إحدى علامات "جيلي" للسيارات الكهربائية، على طرح أسهمها للاكتتاب العام من خلال الاندماج مع شركة الشيكات على بياض "كوفا أكوزيشن" (COVA Acquisition)، فيما قد يكون أكبر إدراج صيني في الولايات المتحدة منذ منتصف 2021.

بدأ تداول "بولستار هولدينغز" في بورصة ناسداك في 24 يونيو بعد اندماجها مع شركة "غورز غوغنهايم" (Gores Guggenheim)، وهي شركة استحواذ لأغراض خاصة، وشركة "إيكاركس هولدينغز" (ECARX Holdings)، شركة تقنية السيارات التي يدعمها لي.

يسعى صانعو السيارات بقدر المستطاع لصنع كل شيء داخلياً، وذلك في ظل استخدام السيارات لتقنية متطورة بشكل متزايد مثل أجهزة الاستشعار لتوجيه وقوف السيارات وتحديد المواقع على الطرق السريعة. لا يقتصر الأمر على فائدة الحفاظ على البيانات المتعلقة بحقوق ملكية آمنة فحسب، بل يمكن أن يوفر أيضاً التكاليف والكفاءات الأخرى.

منفعة غير مؤكدة

قال بلين كورسيو، مؤسس شركة "أوربيتال غيتواي كونسلتنغ" (Orbital Gateway Consulting) ومقرها هونغ كونغ، إنه يجب النظر إلى تحركات "جيلي" على أنها جزء من جهود الصين الأوسع للاستعداد لعصر المركبات ذاتية القيادة. فيما لم تتضح بعد منفعة الأقمار الصناعية التي تدور على مدار منخفض حول الأرض مثل مجموعة "ستارلينك" التابعة لشركة "سبيس إكس" في تشغيل السيارات ذاتية القيادة، ترى بكين أهمية إستراتيجية في امتلاكها لكوكبة من أقمار صناعية يمكنها التحكم بها إن لاقت هذه الأقمار قبولاً عالمياً.

قال كورسيو: "هناك سؤال قائم حول ما إذا كانت ثمة حاجة لكوكبة ملاحة مُحسّنة لتوجيه السيارات ذاتية القيادة؟ إن كان جوابه نعم، فقد سبقت (تسلا) و(سبيس إكس) و(ستارلينك) الجميع. تريد الصين فقط أن تكون لها شبكتها الخاصة. ولا يُرجح أن ترغب الصين بالاعتماد على من سواها".

في حين أن الصين، التي انطلقت بقوة لتطوير السيارات التي تعمل بالبطاريات محلياً، كانت حذرة تقليدياً بشأن القيادة الذاتية، فإن "جيلي" ليست وحدها التي تتطلع إلى هذا القطاع. حصلت شركة "بوني دوت إيه أي" (Pony.ai)، وهي شركة أميركية صينية ناشئة تدعمها "تويوتا"، على إذن من بكين في أبريل لتبدأ بتقديم رحلات على خدمة سيارات الأجرة الآلية في المدينة دون وجود إنسان في مقعد السائق، وذلك على سبيل الاستعداد، وتبعتها في ذلك "بايدو". كما تُجري كل من شنغهاي وقوانغتشو ومدن أخرى تجارب قيادة ذاتية مستقلة. أعلنت شركة "وي رايد" (WeRide) الناشئة، التي لديها شراكة مع تحالف "رينو" و"نيسان" و"ميتسوبيشي"، في نهاية أبريل عن مشاركة أكثر من 50 سيارة ذاتية القيادة لكنس الشوارع في اختبار تشغيل في قوانغتشو.

اندفاع أكبر

المستهلكون في الصين أميل من نظرائهم في الغرب لاعتماد القيادة الذاتية، وفقاً لمسح أجرته شركة الاستشارات "ماكنزي آند كو" (McKinsey & Co) في فبراير. توصل الاستبيان إلى أن الشعب الصيني لديه أيضاً قدر أكبر من الحماس والاستعداد للدفع لشراء خاصية القيادة الذاتية. ستحصل الصناعة على مزيد من التعزيز، حيث يكشف مسؤولون حكوميون في مدن مثل جنجن عن قواعد جديدة توضح قضايا مثل المسؤولية في حالة وقوع حوادث، حسبما قال مينغيو جوان، شريك "ماكنزي" الرائد في ممارسات صناعة السيارات في الصين. أضاف قوله: "سيضعون بالتأكيد خطة تنفيذ مُفصلة مع لوائح وتشريعات".

قال أولاف ساكرز، الشريك العام مع شركة رأس المال الاستثماري "ريد بلو كابيتال" (RedBlue Capital) ومقرها نيويورك، إن الحديث المتزايد حول السيارات ذاتية القيادة يساعد بتفسير سبب قرار لي شراء شركة "ميزو". يستعد لي، كغيره من المديرين التنفيذيين في مجال السيارات والتقنية، لمستقبل تُقاد فيه السيارة ذاتياً، ما يتيح للركاب استخدام السيارة كما لو كانت هاتفاً ذكياً عملاقاً. أضاف ساكرز: "لقد أصبحت (غوغل) و(أبل) الآن شركتين لبرامج الترفيه في السيارات. وما تحاول (جيلي) فعله هو أن تستخدهما في محاربتهما لتصبح شركة لديها القدرة على صنع تجربة شبيهة بالهواتف الذكية".

تكاليف أعلى

يمكن القول إن الذهاب إلى الفضاء أصعب على "جيلي" منه على "سبيس إكس"، لأنها لن تتمكن من الاعتماد على اقتصاديات الحجم التي استخدمتها "سبيس إكس" لخفض التكاليف. ستكون مجموعة لي للأقمار الصناعية أصغر بكثير، حيث تُخطط شركة "جي سبيس" لإطلاق 168 قمراً صناعياً فقط بحلول نهاية العقد. قال وانغ إن سعر كل قمر صناعي في المرحلة الأولى من انتشار المجموعة يداني 10 ملايين يوان (1.49 مليون دولار)، رغم أنه يتوقع خفض ذلك في النهاية إلى 6 ملايين يوان "أو حتى أقل". فيما تبلغ تكلفة قمر "سبيس إكس" أقل من 500 ألف دولار، وفقاً لمحلل "بلومبرغ إنتليجنس" ماثيو بلوكسهام.

نظراً للدور الذي تلعبه بكين في قطاع الفضاء المحلي، فإن شركات الأقمار الصناعية والصواريخ الصينية ستكافح لكسب عملاء في الخارج، على حد قول كيلي غريكو، الزميلة الأولى المقيمة في مبادرة المشاركة الأميركية الجديدة في "مركز سكوكروفت للاستراتيجيات والأمن" التابع للمجلس الأطلسي. أضافت كيلي: "لديهم مشكلة تتعلق بالعلامة التجارية... لا تريد كثير من الشركات في الخارج الانخراط مع شركة فضاء صينية لأسباب أمنية".

لكن ما يزال لي يعتمد على استخدام أقماره الصناعية خارج الصين. قال وانغ إن شركة "جي سبيس" تستعد للتوسع الخارجي لعلامة "جيلي" للسيارات الكهربائية "زيكر" (Zeekr)، وتخطط للعمل مع شركاء في الولايات المتحدة وأوروبا بحلول العام المقبل.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك