عمرها أكثر من قرن لكن عملها القائم على الاشتراكات عرقل قيامها بأي تغيير كبير في الإستراتيجية

شركة أمن تراهن على أن "غوغل" ستنقلها إلى المستقبل

صورة تعبيرية عن أنظمة الأمان في المنازل - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبيرية عن أنظمة الأمان في المنازل - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

شرع رولي شيو بتركيب جهاز إنذار في بيت زبون جديد في أحد أيام مارس، وهي مهمة تستغرق نحو خمس ساعات فجثا تحت نسخة من لوحة للرسام توماس كينكيد في غرفة الجلوس وراح يفرّغ الأدوات من صناديق معداته.

بدأ بلوحة التحكم في البهو الرئيسي للمنزل المشيد ضمن مجمّع سكاني مسوّر في منطقة بالميتو باي في فلوريدا ومساحته 370 متراً مربعاً، ثمّ أوصل اللوحة بكافة أجهزة الاستشعار الجديدة المركبة على الأبواب والنوافذ إضافة لأجهزة كشف الحركة ومراقبة الدخان وأحادي أكسيد الكربون. لكن شيو الذي يقدّر أنه ركب أجهزة إنذار في 15 ألف منزل على امتداد عقدين من العمل لصالح شركة "إيه دي تي" (ADT)، فكّر هذه المرّة أن بإمكانه الاستفادة من مجموعة أجهزة من "غوغل" كانت الشركة ستبدأ قريباً بالاستعانة بها. قال: "حين تصل كاميرات نيست، يا إلهي كم ستتغيّر اللعبة... يسرّني أن تكون (غوغل) إلى جانبنا."

بينما تصل تكلفة جهاز إنذار من "إيه دي تي" مركّب احترافياً لمئات أو ربما آلاف الدولارات، بدأت الشركة تواجه منافسة في الأعوام الماضية من أجهزة يسهل على الزبائن أن يركّبوها بأنفسهم، مثل كاميرات "نيست" وأجراس الأبواب المجهزة بتقنية الفيديو من "غوغل" وأجهزة "أرلو" (Arlo) و"سيمبلي سيف" (SimpliSafe) وجهاز "رينغ" من "أمازون"، التي يرى عديد من أصحاب المنازل أنها تؤمّن لهم القدر نفسه من الطمأنينة مقابل جزء بسيط من التكلفة. إلا أن "غوغل" فاجأت المستثمرين في أغسطس 2020 حين أعلنت عزمها شراء 6.6% من شركة "إيه دي تي" مقابل 450 مليون دولار. وافقت الشركتان أيضاً في إطار الصفقة على تطوير منتجات مشتركة ودمج بعض خدماتهما وتكليف آلاف مندوبي المبيعات ومركبي أجهزة الإنذار العاملين لدى "أي دي تي" بالترويج لأجهزة "غوغل".

علامة "غوغل"

حين بدأ شيو عمله بتركيب جهاز الإنذار في بالميتو باي بعد 18 شهراً من إبرام الصفقة، كان من الجليّ أن "إيه دي تي" تولي أهمية كبرى لشراكتها مع "غوغل". كان شيو يرتدي قميص الشركة الجديد المطرز بشعار "غوغل"، الذي يطلق عليه الموظفون اسم "الغين الخارقة". قال إن شاحنة "إيه دي تي" التي ركنها أمام المنزل سوف تحمل قريباً علامة "غوغل" التجارية. أثنى شيو على تقنية التعرف على الوجه وخدمة الواي فاي المتقدمة من "غوغل" في حين انتقد حياة البطارية التي قال إنها قصيرة في أجهزة "رينغ". كان زميله في الشركة في الجهة المقابلة من الغرفة استشاري المبيعات جوردان هيرنانديز يمدح بأجهزة "غوغل" أمام صاحب المنزل. قال له: "من خلال رزمتنا المنزلية من (غوغل) يمكنك الحصول على قفل الباب من (غوغل وجرس الباب من (غوغل) والمساعد الصوتي (غوغل هوب) ومضخم صوت صغير الحجم مقابل 600 دولار"، مشيراً إلى أن تكلفة هذه الأجهزة أعلى بكثير إن اشتُريت بشكل منفصل.

بالنسبة لشركة "إيه دي تي"، التي تعود جذورها إلى سبعينيات القرن التاسع عشر، فإن شراكتها مع "غوغل" تزيدها لمعاناً. تكلف أنظمة الإنذار من "إيه دي تي" العاملة على مدار الساعة طيلة الأسبوع إلى جانب رسوم التركيب عقوداً لثلاث سنوات بتكلفة تتراوح ما بين 28 و60 دولاراً في الشهر. إلا أن عمالقة التقنية التي تروّج للمنازل الذكية تطرح تحدياً لنموذج الأعمال الذي تعتمده الشركة، تماماً كما كانت منصات البثّ عبر الإنترنت قد دفعت المشاهدين لإعادة تقييم اشتراكاتهم بشركات خدمات البرامج التلفزيونية مثل "كومكاست" (Comcast)، التي انتقلت لتدخل قطاع الأمن المنزلي. ينتقد المنافسون أجهزة "إيه دي تي" القديمة، ويعتبرون أن الشركة تمكنت من الاستمرار بالعمل بالاعتماد على سمعتها فقط. قال ديف سيلنيغر، المؤسس الشريك للشركة الناشئة في مجال الأمن المنزلي "ديب سينتينيل" (Deep Sentinel) "إذا أردت أن تستفيد للحدّ الأقصى من "إيه دي تي"، أدخل إلى موقع "إي باي" واشتر بعض اللافتات التحذيرية لتضعها في الحديقة وستكلفك 20 دولار ما يعني أنك ستحصل على ما قيمته 99% مما دفعت."

المدير المتخفي

كان جيم ديفريز يدرك هذه الانتقادات حين أصبح رئيس "إيه دي تي" التنفيذي في نهاية2018 بعدما أن شغل مناصب تشغيلية لعدّة سنوات. كما حال المدير المتخفي في برنامج تلفزيون الواقع "Undercover Boss"، يرافق ديفريز الموظفين الذين يعملون بتركيب أجهزة الإنذار دون أن يعرّف عن نفسه. قال: "أرتدي بنطالاً رملي اللون وقميص غولف ويتساءل الزبون من هذا الرجل؟" كان مدير تنفيذي آخر في "إيه دي تي" قد شارك فعلياً في البرنامج قبل بضع سنوات من انضمام ديفريز إلى الشركة. يعرف ديفريز أن الشركة تقدّم أكثر من مجرد لافتات تغرس على العشب، لكنه يعلم أن البعض ينظر إليها على أنها قديمة الطراز، لذا قرر إطلاق إستراتيجية جديدة. كان على "أي دي تي" لتنافس شركات التقنية أن تسعى لتصبح شركة تقنية. لذا كانت شراكتها مع "غوغل" خطوة أولى في هذا التحول. قال ديفريز: "أقول للناس دائماً أن الأمر أشبه بأن يصبح عمّك (الممل) مثيراً للاهتمام."

تأسست "إيه دي تي" على يد أدوارد كالاهان قبل أكثر "غوغل" بأذيد من قرن. كان كالاهان مخترعاً وابتكر شريط أسعار للبورصة استناداً للتلغراف في ستينات القرن التاسع عشر، ثمّ خطرت له فكرة استخدام هذا الاختراع لأغراض أخرى حين تعرّض شخص مقرب منه للسرقة فيما كان نائماً في منزله في نيوجرسي. كتب كالاهان في مجلة متخصصة بالهندسة: "ما أن وضع رأسه على الوسادة حتى رأى مصباح السارق موجهاً نحوه... بعدما استولى السارق على ساعته وسلسلته وحقيبته وبنطاله وكلّ ما فيها، رمى عليه عتلة وهي تعتبر سلاحاً حاداً وخطراً."

حين سمع كالاهان عن الحادثة، ابتكر أداة تلغراف يمكن تركيبها على امتداد الأحياء واستخدامها من قبل أي من أصحاب المنازل الذين يحتاجون للنجدة لإرسال إشارة استغاثة للآخرين. تضمنت الآلة "صندوق اتصال" يحتوي على مفتاح ميكانيكي مزوّد بإعدادات تمكّن من الإبلاغ عن حريق أو طلب الشرطة أو بعث رسالة. كتب كالاهان "بدأنا العمل في بروكلين هايتس وخلال أسبوع بات لدينا 100 مشترك". تولّى موظفون بزيّ موحد مراقبة الإنذارات ونقلها إلى المحطات المركزية، ما أسهم في نشوء شركة "أميريكان ديستريكت تلغراف" (American District Telegraph)، وسرعان ما انتشرت أنظمة مشابهة نشطت على امتداد الولايات المتحدة تحت الاسم ونموذج العمل نفسه. بحلول 1875، كانت قد انبثقت 3517 وحدة عن فرع نيويورك.

تطور الشركة

اجتمعت امتيازات "إيه دي تي" في نهاية المطاف تحت مظلّة شركة قابضة، وخاضت خلال القرن التالي سلسلة اندماجات واستحواذات وصمدت في وجه نشوء تحديات تكنولوجية لها، مثل انتشار استخدام الهاتف. تطورت شركة "إيه دي تي" التي نعرفها اليوم بعدما كانت تنتج لوحات تحكم بحجم لعبة "أتاري" ولوحات مفاتيح أجهزة الإنذار في الثمانينيات والتسعينيات كانت تبدو وكأنها مشتراة عبر كتيبات التسويق.

كانت الشركة حينها توكل لمصادر خارجية تطوير أجهزتها وبرامجها الإلكترونية، وكانت الأدوات التي تحمل علامة الشركة المقدمة للعملاء عملاء عبارة عن منتجات عامة ذات علامة بيضاء تصادق الشركة على مواصفات سلامتها. لذا يمكن القول إن منتجها الفعلي كان التسويق لحلّ المخاوف من الجريمة في الضواحي عبر إعلانات تلفزيونية بدت أشبه بمشاهد ترويجية لفيلم رعب تدور حول ذبّاح وجاء فيها: "ربما انطلق جرس الإنذار بسبب هرّ شارد، أو حركة طبيعية في المنزل، أو ربما بسبب الرياح...".

البحث والتطوير

تركّز خبرة "إيه دي تي" الأساسية حالياً على اللوجستيات، حيث يرسم أكثر من 4 آلاف تقني المخططات الأمنية ويتولّون تمرير الأسلاك المتعرجة عبر الأسقف والعليّات الضيقة. تساعد الشركة بالحصول على التراخيص التي تمنحها البلديات عادة لأنظمة الإنذار الخاضعة لإشراف محترف وتدرب العاملين في مراكز الاتصالات على التنسيق مع الشرطة المحلية وغيرها من المستجيبين الأوائل في حال ورود تنبيه من أحد أجهزة الطوارئ أو إحدى كاميرات الأشعة تحت الحمراء.

يقول مارك رايمر الذي عمل بشكل متقطع لدى "أيه دي تي" في بداية الألفية قبل أن يشغل منصب المدير الهندسي أن الشركة لم تستثمر بما يكفي في البحوث والتطوير. فمجموعة المنتجات، إذا صحّت تسميتها كذلك لأن الشركة لم تكن تصنع أي منتجات فعلياً، كانت تابعة لقسميّ التسويق وتقنية المعلومات، وكانت مهمتها بالإجمال إنشاء بوابات المبيعات أو إعداد أدوات لدعم مركبي أجهزة الإنذار في الميدان. يصف رايمر جهاز "سايف ووتش برو 3000" من "إيه دي تي"، وهو عبارة عن لوحة تتصل بها لوحات المفاتيح وأجهزة الإنذار التقليدية على أنها "علبة معدنية كبيرة مزوّدة بباب وأشبه ببطارية سيارة ضخمة من الداخل، تخبئها في العادة في القبو أو في الخزانة".

تملك الشركة مختبراً تقنياً في مكتب تابع لها بالقرب من مقرّها في بوكا راتون في فلوريدا، لكن حتى فترة قريبة كان جلّ تركيزها على التدقيق بأجهزة صنعتها مصادر خارجية. مختبر بوكا، كما يسمّيه المديرون التنفيذيون للشركة، هو عبارة عن مساحة مفروشة ببسط بنية وفيه أجهزة إنذار مثبتة على رفوف ولوحات مثقبة ينبعث منها خليط من الأصوات والطنين، حيث يقوم فريق صغير من المهندسين باختبارها قبل تركيبها في المنازل. في إحدى غرف الصدى المليئة بأجهزة استشعار الحركة، يرفع الفريق درجة الحرارة لأكثر من 38 درجة مئوية لأيام طويلة لمحاكاة أداء أجهزة الاستشعار في أيام الحرّ الشديد.

اكتشاف العيوب

حين اشترت شركة الأسهم الخاصة "أبولو غلوبال مانجمنت" (Apollo Global Management) شركة "إيه دي تي" قبل ستّ سنوات مقابل 6.9 مليار دولار، كان لدى الشركة 6.5 مليون مشترك و17 ألف موظف. لكن عمّال التركيب كانوا قد بدأوا يسمعون زبائنهم يتحدثون عن أجهزة "غوغل" وإنترنت الأشياء المزودة برؤية حاسوبية وذكاء اصطناعي.

في ذاك الوقت أظهرت عدّة دراسات أن حوالي 96% من التنبيهات الآلية من شركات مثل "إيه دي تي" يتبيّن أنها إنذارات خاطئة، فالتقنيات التي تشتريها "إيه دي تي" من مورديها كانت أقل تطوراً بأشواط من تلك التي يقدمها وادي السليكون، ولم يكن لدى الشركة أي خطة موثوقة لتصنع منتجات أفضل أداءً. قال كبير المسؤولين التقنيين في الشركة رايا سيفيلا: "لم يسبق أن قمنا بتصميم صناعي لأي منتج من قبل". حثّ رايمر على تطوير تطبيقات للهواتف الذكية والاندماج مع الشركات التقنية، لكنه يقول إن سلف ديفريز "سحب التمويل من الابتكار"، أو على الأقل التمويل القليل الذي كان متوفراً، وقد استقال رايمر بعدها.

بدت "إيه دي تي" أكثر اهتماماً بالإعداد لاكتتاب أولي عام، وقد أقرّ ديفريز الذي انضم إلى الشركة كمدير تشغيلي بقيادة "أبولو" أن علاقات الشركة بمورديها كانت "سطحية" وتعين عليها معالجة مسألة الإنذارات الخاطئة. إلا أن اعتماد "إيه دي تي" على نموذج عمل قائم على الاشتراكات عرقل القيام بأي تغيير كبير في الإستراتيجية. قال ديفريز: "80% من عوائدنا دورية، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى ثقافة حيث يكون الحفاظ على الوضع القائم جيداً بما فيه الكفاية."

تغيرت هذه النظرة بعدما جاءت نتيجة الاكتتاب الأولي العام للشركة في يناير 2018 مخيبة للآمال مع تراجع أسهمها 12% في يوم التداول الأول. عُيّن ديفريز رئيساً تنفيذياً في ديسمبر ذاك العام والتزم بانتشال "إيه دي تي" من القرن العشرين، هذا إن لم نقل من القرن التاسع عشر.

توسع في الأتمتة

سعت "غوغل" مثل كبرى منافساتها على امتداد العقد الماضي للهيمنة على قطاع أتمتة المنازل. أنفقت شركة محرك البحث العملاقة 3.2 مليار دولار في 2014 لشراء شركة "نيست" التي كانت تثير ضجة في حينها وتختص بصنع أجهزة تنظيم الحرارة وأجهزة الإنذار من الحرائق عالية التصميم، وأتبعت ذلك شراءها لشركة ناشئة لصناعة كاميرات المراقبة الأمنية "دروبكام" (Dropcam) لقاء 555 مليون دولار. تحدّث المستثمرون عن قدرة "غوغل" على السيطرة على الجانب الرقمي من المنازل الذكية، وتوقع أحد المحللين أن تقفز مبيعات الأجهزة المنزلية المتصلة بالإنترنت ثمانية أضعاف لتبلغ 3 تريليون دولار بحلول 2019.

إلا أن الأمور لم تسر كذلك. خاضت "غوغل" و"نيست" اقتتالاً داخلياً على الإستراتيجية والتمويل. وخسر قسم "الرهانات الأخرى" في شركة "ألفابيت" الذي يضمّ "نيست" 3.6 مليار دولار في 2016، فيما كانت المديرة المالية روث بورات تتخلص بقوّة من كلّ الزوائد غير الضرورية. الأمر لم يتعلق فقط بضآلة هوامش الربح من التجهيزات، بل كان الفريق قد ارتكب رهاناً "خاطئاً جوهرياً" حين اعتقد أن المستهلكين في السوق سيفضلون تركيب أجهزة الإنذار في منازلهم الذكية بأنفسهم، حسب رئيس "غوغل نيست" التنفيذي ريشي شاندرا، الذي قال: "لا يرغب الجميع باعتلاء سلّم وحفر ثقب في الحائط لتركيب كاميرا." دُمجت بعدها الشركة المتعثرة مع "غوغل" في 2018.

اتفاق ملائم

توجهت "غوغل" إلى "إيه دي تي" في الربيع التالي وتركزت المحادثات التي شاركت فيها بورات على فكرة أن الشركتين تحتاج إحداهما الأخرى. لم تكن بورات لتوظّف فريقاً من آلاف عمّال التركيب تماماً كما أن مختبر بوكا لن يبني فريقاً من آلاف مهندسي الكمبيوتر. عرضت "غوغل" أن تستحوذ على جزء من الشركة وتدخل تحسينات على منتجات "إيه دي تي"، فيما التزمت "إيه دي تي" بتوزيع مجموعة من أجهزة "غوغل". قال ديفريز: "كان اتفاقاً ملائماً للطرفين".

تضاعفت لفترة وجيزة قيمة سهم "إيه دي تي" الذي كان يشهد ركوداً إثر إعلان الشراكة في ذلك الصيف. لكن ظلت شروط الاتفاقية مبهمة، فلا تبني "غوغل" أي أجهزة حصرية لـ"إيه دي تي" ولا يتشارك الطرفان إيرادات الاشتراكات. تراهن "غوغل" على الاستفادة من جيش عمال التركيب في الترويج لأجهزتها وتضمينها ضمن رزمة المنزل الذكي المميزة، ما يمكّن "إيه دي تي" من رفع رسوم التركيب والأسعار الشهرية. كانت "إيه دي تي" قد أبلغت المستثمرين في مارس أنها تبيع وسطياً 6500 جرس باب من "غوغل" في الأسبوع، ورفعت إيراداتها من التركيب بنحو 90 دولار للمنزل، فيما تساعد مستثمرها الجديد، أي "غوغل"، على الوصول إلى العملاء فيما تسعى الشركة للتوسع.

تركّز الشركتان حالياً على الترويج لأجراس باب بتقنية الفيديو من "غوغل" وشاشات مركزية لمشتركي "إيه دي تي"، على أن تبدأا في الأشهر المقبلة الترويج لكاميرات "نيست" والأضواء الكاشفة وأجهزة تنظيم الحرارة. قال رايمر الذي أُعيد تعيينه في "إيه دي تي" من أجل إدارة الشؤون الهندسية إنه بات لدى الزبائن اليوم "خط ساخن مميز يصلهم بمهندسي غوغل". قال أن مسؤولين من "غوغل" رافقوا بعض موظفي "إيه دي تي" لمتابعة أعمال التركيب وساعدوا على صقل تطبيق احترافي خاص بعمال التركيب، وبات بإمكان العمال الميدانيين "تشغيل حوالي 10 كاميرات بسرعة كبيرة بدون الاضطرار للضغط على رابط (التالي) تكراراً" خلال الإعداد كما هو الحال حين يركب الزبون التجهيزات بنفسه.

المنزل الذكي

لعلّ الاستفادة الأكبر تنبع عن دمج البرمجيات بطريقة فريدة من نوعها. فقد ألمح المدير التقني للشركة سيفيلا إلى أن مكبر الصوت "نيست" يمكن أن يكون مفتاح طوارئ يُشغّل صوتياً كما يمكن حتى أن يكتشف تحطم نافذة عبر الإصغاء. كذلك، لدى شاندرا خطط طموحة لاستخدام برنامج الذكاء الصناعي من "غوغل" لتحسين أمور مثل المعدل المرتفع من الإنذارات الخاطئة لدى "إيه دي تي"، وقال: "أرى أن مستقبل الأمن سيكون المنزل الذكي".

بدأت الشركة في الوقت نفسه تسعى جدياً لصنع أجهزة تقنية خاصة بها. تعمل "إيه دي تي" على تطوير منصة برمجة تطلق عليها تسمية "إيه دي تي+" تهدف لتعقب الأجهزة والتحكم بها داخل المنزل، لتحلّ مكان البرمجيات التي تستعين عادة بجهات خارجية لتطويرها، إلى جانب تطوير خط من الأجهزة ضمن مشروع يُعرف داخلياً تحت اسم "سبيد رايسر".

قال سيفيلا إن مختبر بوكا يتعلم حالياً من تصاميم "غوغل" ويستعد للبدء بالبناء، وأضاف قوله: "لا تصنع غوغل كلّ ما نحتاج ولا أعتقد أنها ترغب بصنع كلّ ما نحتاج".

قال ديفريز وهو في "منزل الابتكار" لدى "إيه دي تي"، وهو نموذج عن منزل في بوكا يقع خلف صالون تجميل ومحل مجوهرات: "تبنّي المنازل الذكية يتسع بشكل ضخم"، مضيفاً أن هذا الأمر "يكمن في صلب عملية التحول في (إيه دي تي) من شركة أمنية حصرياً إلى شركة منازل ذكية".

تبدو هذه مجرد خطوة أولى في الثورة "الذكية" التي أطلقتها "إيه دي تي". فقد استحوذت مؤخراً على شركة "سانبرو سولار"، ما يمنحها موطئ قدم في قطاع ما تسمّيه الطاقة الذكية، وهي عبارة عن أنظمة توضح للمستهلكين كيفية استهلاك الطاقة بشكل أكفأ. كما أعلنت الشركة في يناير عن مشروع مشترك مع "فورد موتور" لإنتاج أنظمة أمن ذكية للمركبات. كما أبرمت شراكة مع شركة "ليفت" لتصميم رحلات ذكية تتضمن خدمة مساعدة طارئة داخل تطبيق الشركة المتخصصة بخدمات التنقل.

تجارب سابقة

ليست هذه المرّة الأولى التي تدخل فيها "إيه دي تي" مجال المنازل الذكية، ففي 2010 بدأت تعمل على منتج اقتصادي للمنازل الذكية أطلقت عليه اسم "بلس" (Pulse) واستثمرت بشكل كبير في الشركة الناشئة "زونوف" (Zonoff) المتخصصة بتطوير البرمجيات لأتمتة المنازل وتضمّ قائمة عملائها شركات مثل "إل جي إلكترونيكس" و"ستيبل" (Staples). لكن لم يستطع "بس" الوقوف في وجه "أمازون"، فيما أفلست "زونوف" في 2017. لا يبدو أن وول ستريت تتوقع نتيجة أفضل من محاولات "إيه دي تي" الحالية. برغم إعلان الشركة في مايو عن إيرادات بلغت 1.5 مليار دولار في الربع الأول من العام، بارتفاع 18% بالمقارنة مع الفترة عينها من العام الماضي، فإن سهمها ما يزال يُتداول بحوالي نصف سعر الاكتتاب.

يمكن أن تساعد "غوغل" باستخدام الأجهزة والتعلم الآلي لكنها لن تخترع مستقبل "إيه دي تي". كان تقرير 10-K حول عناصر الخطر في "إيه دي تي" قد أشار إلى أن "غوغل" ربما تصبح منافسة في الخدمات الأمنية، هذا إن لم تتحول لحصان طروادة، إلا أن الشركتين تنفيان ذلك. لا يظهر ديفريز أي قلق حيال تراجع دور الشركات الوسيطة، فيما قال شاندراً من "غوغل نيست": "صحيح أنني أُدخل تقنية غوغل إلى المنازل لكن تجربة العملاء هي مع (إيه دي تي)."

برغم أن "غوغل" لا تعلن ذلك جهاراً، لكن من الواضح أنها أقل اهتماماً بالصفقة من "إيه دي تي". مثلاً، حين يدخل زائر موقع "إيه دي تي" يجد إعلاناً في أعلى الصفحة يعرض تركيباً مجانياً لجرس باب "غوغل نيست" إضافة لإعلان آخر يذكّر الزبائن بأن نظام "إيه دي تي" متوافق مع المساعد الصوتي من "غوغل". في المقابل، لا يذكر موقع "نيست من غوغل" شركة "إيه دي تي"، ويقدم لشركتيّ "هاندي تكنولوجيز" (Handy Technologies) و"ديش نتوورك" (Dish Network) على أنهما شركتا خدمات التركيب "المحترفة" لديه. كما لم يسبق للمديرين التنفيذيين في "غوغل" أن ذكروا "إيه دي تي" في اتصالات مناقشة الأرباح الفصلية.

اللافتة المميزة

فيما يستعد ديفريز وفريقه لطرح "أي دي تي+" ومعداتهم الأصلية في 2023، فهم يحمون أيضاً ما يمكن وصفه بعنصر الملكية الفكرية الأهم لديهم، المتمثل بلافتة "إيه دي تي" التي توضع على العشب أمام المنزل. أقامت "إيه دي تي" دعوى قضائية ضد "رينغ" من "أمازون" أمام محكمة فدرالية في غرب بالم بيتش العام الماضي على خلفية تقليدها "الوقح" لعلامتها التجارية المصممة على شكل مثمّن أزرق. توصلت الشركتان لاتفاق تسوية بعد بضعة أشهر، فوافقت "أمازون" على تعديل لافتتها التي تُوضع في الخارج بعدما قالت "إيه دي تي" إنه "يكاد يستحيل تمييزها" عن لافتاتها. قال سيفيلا: "حين تفكر بشعار (إيه دي تي) ستجد أنه أيقوني مثل شعار بي أم دابليو أو مرسيدس... يمكنك تمييزه عن بعد ميل".

في المنزل الكائن في بالميتو باي حيث لوحة توماس كينكيد، أدّى مندوب مبيعات "إيه دي تي" عرضاً درامياً لدى تقديمه للافتة "إيه دي تي" لصاحب المنزل، الذي جاراه في التمثيلية فتموضع لالتقاط الصورة فيما غرس اللافتة تحت شجرة نخيل. لم يبذخ صاحب المنزل على شراء الأجهزة المحدثة من "غوغل"، لكنه بدا متحمساً فعلياً حيال الأمان الذي يتوقع أن تمنحه له "إيه دي تي"، بالأخص بعد حادثة حصلت معه أخيراً حين وجد الباب الأمامي لمنزله مفتوحاً قليلاً.

ربما فتح الهواء الباب، لكن يتضح أن "راحة البال" ما تزال ميزة البيع المغرية التي تقدمها "إيه دي تي" سواء كانت تنبع عن ارتياب أو عن إحساس مستوحى من مواضيع الرسام كينكيد الساكنة. ثمّة قصص كثيرة عن أعمال "إيه دي تي" البطولية التي تروّج لها الشركة عبر قناتها على "يوتيوب" تحت عنوان "إنقاذ (إيه دي تي) للأرواح".

لكن برغم كلّ الضجيج حول إضفاء الطابع الرقمي على الأمن المنزلي، لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الأجهزة التقنية والتطبيقات قادرة على منح المستهلكين مزيداً من الأمن فعلاً، أم أنها تمنحهم مجرد شعور بالأمان. أعرب ديفريز عن قلقه من تعقب الكاميرات والذكاء الصناعي لكلّ شيء، لكنه يرى بأنه للسكان الحق باتخاذ كلّ الخطوات التي تشعرهم بالراحة داخل منازلهم. هو يدرك أيضاً أن الخوف والقلق جيدان في مجال عمله. قال ديفريز الذي يملك خبرة عشرين سنة في مجال الأجهزة الأمنية من منزله في فلوريدا: "تصاحب الجرائم الركود، أو يسود اعتقاد بأن الجرائم تزيد، وهذا سيئ جداً للمجتمع... لكن في مجالنا هذا محفّز نموّ".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك