جراح قلب مسلم سبق أن خدم في الجيش التركي ترشح في ولاية سعياً لأصوات جمهوريين متشددين

أوز يفوز عبر انقلابه على "أوبرافيرس" ليدور في فلك ترمب

أوز وترمب خلال انتخابات بنسلفانيا في مايو - المصدر: بلومبرغ
أوز وترمب خلال انتخابات بنسلفانيا في مايو - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بدا سعي محمد أوز لخطب ود ناخبي ولاية بنسلفانيا الجمهوريين المتشددين غريباً منذ بدايته، فعلاقاته بالولاية واهية وآراؤه السابقة حول الإجهاض والسيطرة على الأسلحة غير متوافقة مع عقيدة الحزب، كما أنه رجل مسلم سبق أن خدم في الجيش التركي. لا شيء من ذلك يبدو قمة بالتوافق مع شعار "لنعيد العظمة لأميركا".

لكنه فاز بفارق بسيط ليغدو المرشح الجمهوري للمقعد الشاغر في مجلس الشيوخ الأمريكي بعدما تنازل منافسه ديفيد ماكورميك ليل الجمعة وأعلن أن إعادة فرز الأصوات التلقائية التي ابتدأت لن تغير النتيجة. كما كان أوز قد أقصى المرشحة كاثي بارنيت التي برزت بقوة بعد حملة شاقة.

يعود جزء كبير من انتصار أوز لتنظيم إحدى أجرأ الاستراتيجيات الإعلامية في التاريخ السياسي الأمريكي، حيث نجح باستبدال ارتباطه طويل الأمد مع نجمة إعلامية قديمة هي أوبرا وينفري بشخصية شهيرة أخرى: دونالد ترمب.

بدأ الأمر برمته كما يُتوقع عبر قناة "فوكس نيوز".

بدأ أوز بالظهور بشكل منتظم على هذه القناة في ربيع 2020، مع تصاعد حدة الوباء حيث أجاب على أسئلة حول فيروس كورونا الجديد وطمأن المشاهدين حيال ما قد يأتي بعد ذلك. أوز جراح قلب بارع حاز عدة شهادات من جامعات رابطة آيفي وهو عضو فخري في هيئة تدريس جامعة كولومبيا، لكنه جلب معه شيئاً آخر وهو استعداده للترويج للعلاجات الإعجازية مهما بلغ مدى الشك حيالها أو غموضها. كان السوق في بدايات 2020 مُهيأ لمثل هذه الأشياء، وقام أوز بالمهمة بنجاح. بدأ بالحديث عن عقار هيدروكسي كلوروكوين المضاد للملاريا كعلاج محتمل لمرض "كوفيد-19".

اغتنام الفرصة

كان توقيته مثالياً. كانت النقاشات حول فيروس كورونا تبرز كواجهة جديدة لحروب الثقافة الأمريكية. إن دعم أوز لعلاج "كوفيد" غير المثبت وضعه بشكل مباشر في صف ترمب وحلفائه. لم يمض وقت طويل، حتى كان أوز يتسلق سلم "فوكس نيوز" ويظهر بانتظام كضيف في برنامج شون هانيتي، مستشار ترمب الموثوق وأحد رجالات قوته، الذي تعرضه "فوكس" في أوقات الذروة، وسرعان ما ازدهرت صداقة إعلامية.

يعرف أوز، أكثر من أي شخص آخر عبر تجربة سابقة المدى الذي قد يبلغه عبر هذا التحالف.

بنى أوز مهنة إعلامية مربحة للغاية طوال أكثر من عقد بفضل استفادته الحذرة من أوبرا وينفري النجمة التلفزيونية الكبيرة، التي كانت راعيته لأمد طويل. ما بدأ بظهور بين فينة وأخرى لأوز في برنامج أوبرا النهاري الأعلى تقييماً، نما ليصبح مكانة مرغوبة، حيث بات يدور في فلك أوبرا وينعم بتألقها. استضاف أوز برنامجاً تلفزيونياً مشتركاً شاركت في إنتاجه شركة أوبرا. وقدم برنامجاً إذاعياً عبر الأقمار الصناعية على قناتها "سيريوس إكس إم" (SiriusXM)، كما كتب مقالات في مجلتها، وأطلقت عليه لقب "طبيب أميركا".

كما برز أوز إلى جانب عالم النفس الدكتور فيل ماكغرو والمستشارة المالية الواقعية سوز أورمان كعضو قيادي في "أوبرا سينماتيك يونيفرس" (Oprah Cinematic Universe) الذي يضم كوكبة من مستشاري أسلوب الحياة المنتشرين في كل مكان وسيطروا على موجات الأثير ورفوف المجلات، يقدمون المشورة والترويج المتبادل لعلامة أوبرا التجارية.

كل ذلك كان ناجحاً إلى ما لا نهاية، إلى أن حدث العكس.

أفول النجم

لدى بدء الوباء، كان "أوبرافيرس" (Oprahverse) الذي بدا فيما مضى بأنه لا يعوض قد فقد بعض بريقه. في عام 2020، أعلنت شركة "هيرست" (Hearst) أنها ستنهي إنتاج النسخة المطبوعة من مجلة "أو" (O)، التي كانت لوحة إعلانات موثوقة لأوبرا وفريقها عند طابور دفع الحساب في متاجر السوبر ماركت طيلة 20 عاماً. تلا ذلك تسريح للموظفين. كشف تحليل "فارايتي" (Variety) في ديسمبر 2021 لبيانات نهاية العام من "نيلسن" (Nielsen) أن شبكة أوبرا وينفري (OWN) فقدت خلال 12 شهراً الماضية 22% من جمهورها وتراجع ترتيبها لتصبح القناة رقم 62 الأكثر مشاهدة، بعدما كانت مرتبتها 41 في 2015. حاولت شبكة "سي بي إس" العام الماضي نقل برنامج "دكتور فيل" إلى وقت الذروة، وبثت ست حلقات من برنامج جديد "هاوس كولز ويذ دكتور فيل" (House Calls with Dr. Phil) لكن أتت تقييماته ضعيفة. كما يتجه اهتمام الجمهور بأورمان حسب مؤشرات "غوغل" نحو انخفاض طويل.

رغم أن أوبرا ما تزال قادرة على إجراء مقابلات رنانة مع مشاهير العصر، كما تشهد لقاءاتها مع آل ويندسور، فإن أيام دفعها لأتباعها إلى مستويات أعلى تتلاشى. قال روبرت طومسون، مدير مركز بليير للتلفزيون والثقافة الشعبية في جامعة سيراكيوز: "لم تعد تتمتع بالمركزية التي كانت لها في الثقافة الأمريكية وفق أي مقياس".

احتاج أوز لمخرج ووجده خلال زياراته إلى "بلانيت هانيتي". مع اشتداد حدة فيروس "كوفيد"، كان هانيتي ووسائل الإعلام الأخرى الموالية لترمب يوجهون غضبهم نحو الدكتور أنتوني فاوتشي. يرى عدد من الديموقراطيين فاوتشي كموظف حكومي مثير للإعجاب، إلا أن أوز اعترف به كشيء آخر: خصم مثالي محتمل. كان لدى الولايات الزرقاء طبيبها الوبائي، وبمساعدة بسيطة من "فوكس" والأصدقاء أمكن أن يلعب أوز دوراً مشابهاً في الولايات الحمراء.

ضحية الإلغاء؟

قال هانيتي للمشاهدين في 29 نوفمبر إن أوز على وشك إصدار إعلان كبير. كشف أوز في اليوم التالي عن دخوله سباق الترشح لمجلس الشيوخ في بنسلفانيا. أكدت شركة "سوني بيكتشرز تيليفيجن" (Sony Pictures Television) بعد ذلك بوقت قصير انتهاء برنامج الدكتور أوز (Dr. Oz Show)، الذي كان في موسمه الثالث عشر حينها.

بدأ أوز حملته في بنسلفانيا في الأشهر التالية وانتقد الحملات المفترضة ضد حق المحافظين في حرية التعبير. كان يحب أن يقول: "لقد جرى إسكاتنا لفترة طويلة جداً". استطاع أن يجعل الأمر يبدو خلال خطاباته السياسية وكأن برنامجه الحواري كان ضحية جانبية لثقافة إلغاء.

كانت الحقيقة أقل إثارة حيث إن برنامج أوز النهاري كان يفقد جاذبيته. وفقاً لـ"نيلسن"، كان متوسط ​​عدد مشاهدي برنامج "دكتور أوز" يبلغ 1.6 مليون مشاهد في نوفمبر 2016 لكن بحلول نوفمبر 2021 كان متوسط عدد المتابعين 769 ألفاً. أي أن أكثر من نصف جمهور أوز اختفى خلال خمس سنوات.

قال ستيفن غالواي، عميد كلية دودج للفنون السينمائية والإعلام: "لم يلغ البرنامج بسبب حالة مشينة شيوعية أو مالية أو تمييزية. لقد جاء الإلغاء لأن نسبة المشاهدة النسائية النهارية المهتمة برسالته لم تعد كافية. أُلغي بسبب تغير الأذواق الأميركية".

جمّد أوز مع تطور الوباء شخصيته الدافئة العالمية التي تؤيدها أوبرا ليستبدلها بشخصية قتالية أكثر. كتب أوز عبر تويتر في ربيع هذا العام: "الصين أعطت (كوفيد) للولايات المتحدة" ووصف فاوتشي بأنه "طاغية تافه"، وتحداه مراراً أن يخوض نقاشاً معه بنبرة جعلت الأمر يبدو أشبه بدعوة لمبارزة. بث أوز إعلاناً في مارس لحملة بعنوان "حارب المؤسسة"، قارن فيه بين رونالد ريغان وترمب.

قال أوز في الإعلان: "نعم، عملت في التلفاز، الذي علمني كيف أحارب وسائل الإعلام التمييزية. هل تعرفون من علمتهم هوليوود أيضاً؟ أعظم رئيسين في التاريخ الحديث".

تباعد صامت

فيما بذل أوز قصارى جهده لدفن انتمائه السابق إلى أوبرا. استضاف أوز فعالية في قاعة المدينة في كارلايل في بنسلفانيا، وانتقد سلسلة من الأهداف الثقافية التي قد تكون مألوفة لأي مشاهد متابع لقناة "فوكس نيوز"، مزيج من عناصر قديمة الذهبية كوزارة التعليم الأميركية التي تشغل قمة التصنيفات حالياً والصفقة الخضراء الجديدة ونظرية العرق الحرج والقسم 230 من قانون آداب الاتصالات، لكنه لم يذكر أوبرا ولا مرة.

يبدو أن الرغبة بالتباعد متبادلة. رغم دعوات للتنديد بتلميذها السابق، بقيت أوبرا صامتة إلى حد كبير بشأن تحول أوز، وعندما ضغطت مجلة "نيويورك" سعياً للتعليق حول ترشيحه رد معسكر أوبرا ببيانات باهتة للغاية.

كان أصدقاء أوز الجدد في وسائل الإعلام اليمينية مستعدين لملء الفراغ بسرور. أيد هانيتي أوز في مارس كما حذا ترمب حذوه بعد بضعة أسابيع. إلى أي مدى قد يستمر ترمب في العمل كقوة حياة للحزب الجمهوري؟، أمر مفتوح للنقاش كما أن سجله الحافل في الانتخابات التمهيدية لعام 2022 أتى مختلطاً، لكن مع الانتصار في ولاية بنسلفانيا، رحب ترمب رسمياً بأوز في فلكه.

خاطب أوز أنصاره الدائمين الذين بدى الإرهاق على أعينهم في ليلة الانتخابات قبل أن تتأكد النتيجة، فشكر ترمب أولاً وقال: "بارك الله فيك يا سيدي لبذلك كثيراً من الجهد في هذا السباق". ثم انتقل إلى هانيتي فقال: "إنه يفهم بالضبط كيف يحدث فرقاً وكان يفعل ذلك طوال الحملة. كان كثيراً من ذلك وراء الكواليس وكان يقدم لي النصيحة ويحادثني في وقت متأخر من الليل. هذا ما يفعله الأصدقاء الحقيقيون".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك