صلاحيات هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تتعرض لهجوم قضائي

رسم تعبيري عن تقويض صلاحيات الهيئات في الولايات المتحدة من قبل القضاء - المصدر: بلومبرغ
رسم تعبيري عن تقويض صلاحيات الهيئات في الولايات المتحدة من قبل القضاء - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تواجه هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) بالفعل العديد من الأزمات المعقّدة والجديدة بالنسبة لها، من العملات المشفرة إلى تبعات موجات الإقبال على أسهم الميم. والآن، يضاف إلى هذه القائمة: تحرك قضائي يهدف للحدّ من الصلاحية القانونية لهذه الهيئة الناظمة.

في هذا الإطار، كان جورج جاركيسي، وهو أحد مديري صناديق التحوط قد خاض معركة استمرت لنحو عقدٍ ضد حكم قضائي أصدره قاضٍ في هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية على خلفية اتهامه بتضليل المستثمرين في صندوقين يديرهما. وفي 18 مايو، وافق قاضيان في محكمة الاستئناف الأميركية في الدائرة الخامسة على أن هيئة الأوراق المالية والبورصات قد انتهكت حق جاركيسي الدستوري في الخضوع للمحاكمة أمام هيئة محلفين حين أحالت قضيته لما يعرف بقاضي القانون الإداري.

تأثير طويل المدى

على الأرجح أن يكون التأثير الآني لهذا القرار على هيئة الأوراق المالية والبورصات محدوداً، بما أن الهيئة أحالت عدداً قليلاً من القضاياً إلى هؤلاء القضاة الإداريون في السنوات الماضية. إلا أن ترددات الأمر من المحتمل أن تتوسع على المدى الطويل. فإلى جانب اعتبار أن جاركسي كان يحق له المثول أمام هيئة محلفين، استندت محكمة الاستئناف إلى نظرية قانونية أخرى، هي أكثر إثارة للجدل، وتعرف بمذهب عدم التفويض.

بدأ هذا المذهب القانوني الذي نادراً ما استخدم منذ "حقبة الصفقة الجديدة" في الثلاثينيات من القرن الماضي، يكتسب زخماً في أوساط المفكرين القانونيين المحافظين. وينصّ على أنه للحفاظ على الفصل بين الأجهزة الحكومية وإخضاعها للمحاسبة، لا يحق للكونغرس أن يفوّض الهيئات التنفيذية ويعطيها الحق في إصدار قوانين تتجاوز ما يصرّح به المشرعون صراحة. ووجدت محكمة الدائرة الخامسة التي تعدّ واحدة من أكثر المحاكم محافظة في البلاد أن ترك القرار هيئة الأوراق المالية والبورصات لتحدد متى تلجأ إلى قضاة داخليين أمر يرقى إلى التفويض.

من المحتمل أن يتم استئناف هذا الحكم، كما أنه لا ينطبق إلا في تكساس ولويزيانا ومسيسيبي. مع ذلك، تعتبر هذه الدوائر الأكثر ازدحاماً من حيث القضايا المتعلقة بمخالفات في الأوراق المالية (قال متحدث باسم هيئة الأوراق المالية والبورصات إن الهيئة تدرس خطواتها التالية). ومن شأن هذا الرأي أن يشكل خارطة طريق للأشخاص الآخرين الذين يرغبون في تحدي صلاحيات الهيئات الرقابية. ففي حال تبني مذهب عدم التفويض على نطاق واسع، سيصبح من الصعب معالجة بعض المشكلات المستجدة مثل العملات المشفرة والمنتجات المالية، إلا في حال سنّ الكونغرس المزيد من القوانين المتخصصة.

هيئات أخرى

إلى ذلك، يمكن لهذا الحكم أن يتخطى هيئة الأوراق المالية والبورصات. فهناك هيئات ناظمة أخرى، مثل هيئة تداول السلع الآجلة وهيئة التجارة الفيدرالية التي تلجأ هي الأخرى إلى محاكم داخلية. يقول جون كوتس، أستاذ القانون والاقتصاد في كلية الحقوق في "جامعة هارفرد" والمسؤول السابق والمستشار العام هيئة الأوراق المالية والبورصات إن الأمر "سوف يلهم موجة من الدعاوى القضائية على امتداد الهيئات" التي تعتمد التقاضي الإداري.

لكن، لا يتفق الجميع على أن هذا الحكم سيهزّ أسس الهيئات الناظمة. حيث تقول جنيفر ماسكوت، الأستاذة المساعدة في كلية الحقوق في "جامعة جورج مايسون" إنه "يجب النظر أيضاً إلى حجم السلطة التي استحوذت عليها هيئة الأوراق المالية والبورصة خلال السنوات الماضية" في إشارة إلى لجوء الأخيرة إلى القضاة الداخليين. وأضافت: "بالتأكيد هذا أمر لابدّ أن ينظر إليه الكونغرس عن كثب بشكل أكثر".

صلاحيات واسعة

كان قانون "دود-فرانك" الذي صدر عام 2010 بعد الأزمة المالية، منح هيئة الأوراق المالية والبورصة المزيد من الصلاحيات من أجل إحالة القضايا إلى القضاة الإداريين. وهدف ذلك حينها إلى زيادة فعالية التقاضي. إلا أنه لم يسهم في الوصول للأحكام النهائية بشكل أسرع، وغالباً ما اضطرت هيئة الأوراق المالية والبورصة للدفاع عن لجوئها لهذه الإجراءات، بحسب تشارلز رايلي، الشريك في مكتب المحاماة "جينير وبلوك" وكبير المحامين السابق المتخصص بالإنفاذ في هيئة الأوراق المالية والبورصة. وقد أحالت الهيئة ستّ قضايا فقط إلى قضاة داخليين في عام 2021، مقارنة بـ105 في عام 2015.

تنظر المحكمة العليا بالفعل حالياً في قضيتين تطرحان اعتراضات دستورية تجاه لجوء هيئة الأوراق المالية والبورصة وهيئة التجارة الفيدرالية إلى قضاة داخليين. وتقول أورسكا فيليكونجا، الأستاذة في مركز القانون في "جامعة جورج تاون" التي تدرس إنفاذ هيئة الأوراق المالية والبورصة إن "هذا القرار يُعدّ مرآة للعصر الذي نعيشه"، مضيفة: "في هذا الإطار قد تدخل التوجهات المحافظة الأكثر شراسة، بالنظر إلى طبيعة أعضاء المحكمة العليا".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك