انتظرت شركات السفر الأوروبية بتحفز إلغاء قيود عبور الحدود منذ تفشي الوباء، لكنها باتت ترزح تحت ضغط تعاظم الطلب لدى رفعها، فقد عرقلت تأخيرات وإلغاءات في المطارات واضطرابات في موانئ العبارات ومشاكل القطارات التي تربط بين بريطانيا وفرنسا سفر ملايين السياح من شمال أوروبا نحو جنوبها المشمس.
كان نقص الموظفين العامل الرئيسي وراء هذا الاضطراب، حيث تكافح الشركات التي فصلت عمالاً أو خسرتهم لصالح قطاعات أخرى خلال أزمة فيروس "كوفيد-19" لتعويض الفجوة فيما تنتعش الحجوزات.
كانت اضطرابات شركات الطيران في عيد الفصح، وهو بداية موسم السفر الرئيسي في أوروبا، واسعة لدرجة أن شركات الطيران تتطلع لذروة الصيف بقلق حيال قدرتها على التعامل مع عدد ركاب كبير. خفضت بعضها عدد رحلاتها، خاصة في بريطانيا حيث عانت الشركات ومنها "الخطوط الجوية البريطانية" صعوبات جمة في استقطاب موظفين، ما قد يحرمها من الاستفادة من انتعاش السفر قبل دخولها فترة صعبة اقتصادياً في وقت لاحق من العام.
تقليص السعة
قال جون ستريكلاند، وهو محلل طيران لدى "جي إل إس كونسلتينغ" (JLS Consulting): "إنها نكسة لشركات الطيران مثل شركتي (الخطوط الجوية البريطانية) و(إيزي جيت) اللتين اضطرتا لتقليص السعة، فضلاً عن عدم قدرتهما على جني دخل ارتفاع الطلب الهائل هذا الصيف بالكامل".
توقع مدير المجال الجوي الأوروبي في "يوروكونترول" (Eurocontrol) في مطلع أبريل أن تصل حركة الطيران في الصيف إلى 90% على الأقل من مستويات ما قبل الوباء. أبلغت شركات طيران ومنها "ريان إير هولدينغز" (Ryanair Holdings) منذئذ عن قفزة في المبيعات، جاءت معظمها قريبة من تواريخ المغادرة لأن الناس يحجزون رحلاتهم في اللحظة الأخيرة.
تسبب تزايد تدفق المسافرين بمشاكل كثيرة، فقد تصدر مطار مانشستر في شمال إنجلترا الصفحات الأولى أثناء عيد الفصح، حين وصلت فترات الانتظار لبعض الرحلات إلى سبع ساعات وتجاوز انتظار الأمتعة للعائدين من العطلات ثلاث ساعات فاضطر مسافرون كثر لترك أمتعتهم هناك ليعودوا لاستلامها في اليوم التالي.
كان مطار هيثرو في لندن، وهو أكثر مراكز أوروبا نشاطاً قبل الوباء، نقطة ضعف أخرى، فقد كافح لإشغال وظائف الأمن والنظافة، فيما أعلنت شركة "الخطوط الجوية البريطانية"، وهي شركة الطيران الرئيسية فيه، عن نقص في الطواقم التي تتولى الخدمات الأرضية والصيانة. كما أحبط طول الفترة التي يستغرقها تدريب موظفو الطائرات الجدد واجتيازهم لإجراءات التدقيق، وهي عادة ما تكون 10 أسابيع، محاولاتها لإعادة بناء صفوفها.
مساعدات محدودة
ألغت الخطوط الجوية البريطانية، التي تُسيّر نحو 350 رحلة يومية من مطار هيثرو، نحو عشر الرحلات من جداولها حتى نهاية أكتوبر لتعزيز "القوة التشغيلية"، رغم أن لويس غاليغو، الرئيس التنفيذي لشركة "آي إيه جي" (IAG) مالكة "الخطوط الجوية البريطانية"، قال إن الصورة ستتحسن مع تقدم الصيف. يأتي هذا الضغط بعدما سرحت "الخطوط الجوية البريطانية" نحو 10 آلاف عامل في ذروة أزمة "كوفيد" بدلاً من إعطائهم تصاريح إجازات، وهي خطوة أدانتها النقابات والسياسيون، لكن شركة الطيران قالت إن الخطوة كانت ضرورية بعد تلقيها مساعدات حكومية محدودة.
خفضت شركة "إيزي جيت"، ومقرها المملكة المتحدة، رحلاتها حيث تسعى جاهدة لتوظيف طواقم الطائرات. كما اتخذت خطوة جذرية بإزالة مقاعد من طائراتها "إيرباص" من طراز "SE A319"، مقلصة قدرتها الاستيعابية إلى 150 راكباً لتقلل عدد طاقم المقصورة المطلوب من أربعة إلى ثلاثة أشخاص.
واجهت بعض شركات الطيران والمطارات في القارة الأوروبية مشاكل مماثلة، حيث زادت إلغاءات الذراع الهولندي لشركة "إيرفرانس كيه إل إم" (Air France-KLM) 225 في مايو، بعدما تعثر مركزها في مطار سكيبول في أمستردام بسبب نقص العمالة وتعطل العمل. اشتكت الشركة من أن "الركاب لا ينبغي أن يكونوا ضحايا مشاكل الموظفين في مطار سكيبول" وقالت إن الإلغاءات "ليست حلاً طويل الأمد.".
متاعب العبور
أدت الجهود المبذولة لخفض التكاليف لفوضى عند معبر "دوفر وكاليه البحري" الحيوي، حيث يعتبر خط العبّارة نقطة الخروج الرئيسية للبريطانيين الذين ينقلون سياراتهم إلى فرنسا وجوارها الأوسع. تواجه شركة "بي آند أو فيريز" (P&O Ferries)، التي كانت أكبر مشغل لهذا الخط البحري في السابق، مشكلة مع الحكومة البريطانية بعد طردها 800 بحار دون سابق إنذار. جعلها التدقيق المتزايد على أسطولها وعلى إجراءات السلامة بعدما عينت طواقم بديلة بأجور أقل من الحد الأدنى البريطاني تعمل بنصف أسطولها المعتاد عبر القناة الإنكليزية.
قالت شركة "يوروستار انترناشونال" (Eurostar International)، التي تشغل قطاراً نفقياً تحت القناة وعوقها تعطل القطار في أبريل، إنها ستحدد سقف طاقتها عند 80% من مستويات ما قبل "كوفيد" نتيجة محدودية عدد الموظفين على الحدود. ستعيد الشركة النظر في الجداول في سبتمبر. وحتى ذلك الحين سيكون صيف المسافرين طويلاً وحاراً.