كانت الإقامة ليوم وليلة في منتجع "ذا بريكرز" (The Breakers) من فئة خمس نجوم في بالم بيتش تكلف 350 دولاراً في يونيو 2019، فقد كانت رطوبة الصيف التي لا تطاق في فلوريدا تتيح صفقات رائعة فيما مضى. لكن تفقّدوا أسعار العطلات الأسبوعية في يونيو المقبل وستجدون أن الأسعار تضاعفت أربع مرات بحيث بات سعر المبيت بالغرف الأرخص 1450 دولاراً.
لقد أغرق الطلب أسواق السفر الترفيهي في البلاد، وذلك لا يقتصر على جنوب فلوريدا بل يتمدد إلى هاواي وجنوب كاليفورنيا، حيث يمكن للأمريكيين الاستمتاع بأشعة الشمس دون الخضوع لاختبارات "كوفيد-19" كي يعودوا إلى ديارهم. قالت شركة بيانات سوق الفنادق "إس تي آر" (STR) إن متوسط الأسعار اليومية بين منتصف أبريل ومنتصف مايو في منطقة ميامي الكبرى، وهي أكبر تجمع حضري في الولاية وكان الطلب فيها هو الأقوى، تجاوز مستويات 2019 بنسبة 55.1%. كما ارتفعت أسعار المنتجعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة 33% خلال الفترة ذاتها.
لكن يبدو أن مخاوف التضخم لا تقيد أفخم المنشآت السياحية، فقد تمكنت أفضل المنتجعات، مثل "ذا بريكرز" و"روزوود ميرامار بيتش" (Rosewood Miramar Beach) في سانتا باربرا بولاية كاليفورنيا، من فرض أسعار باهظة جداً. لن تكون المنتجعات الفخمة وحدها من يرفع الأسعار، إذ يتوقع موقع "هوتلز دوت كوم" (Hotels.com) زيادة 15% بمتوسط أسعار الفنادق في جميع أنحاء الولايات المتحدة مقارنة بأسعار 2019.
أسباب تجارية
يمكن أن نعزو بعض هذه الزيادة لتلاعب في الأسعار، لكن بيورن هانسون، الاستشاري في مجال الضيافة الذي أمضى عقوداً كباحث أكاديمي ومستثمر في الصناعة، قال إن كثيراً من الأسباب التجارية تتسبب بارتفاع الأسعار. بيّن هانسون أن معظم الفنادق لم تعدل أسعارها لمواكبة التضخم على مدى سنوات قبل الوباء، وتنتهز توقيتاً تراجعت فيه أعداد المسافرين بغرض تجاري نتيجة تشديد الميزانيات حالياً. رغم أن الطلب على السفر الترفيهي يعادل 140% ما كان عليه في مايو 2019، إلا أن حصة سفر الأعمال من الإنفاق على الإقامة ما تزال دون نصف مستوى ما قبل الوباء. توقع هانسون أن تستمر عملية إعادة ضبط الأسعار حتى 2023.
كما تعزى زيادة أسعار الغرف جزئياً لنقص العمالة. قال الاستشاري في مجال الضيافة إن "الموظفين الأصغر سناً يعتبرون العمل في وظائف تنظيف الطاولات أو حمل الأمتعة أو الترتيب والتنظيف أقرب للعبودية من كونها وظائف خدمية". كما أن الفنادق لا تجد من توظفهم رغم تقديم حوافز نقدية لمجرد حضور مقابلة عمل وزيادة أجر العمل بالساعة بين 30% و50% منذ 2019. قد يؤدي الركود لجذب مزيد من الأشخاص للعمل بتلك الوظائف، لكن حالياً على الفنادق أن تأمل بأن يكون روادها الساعون للترفيه مرنين حيال خدمة الغرف أو أوقات تنظيفها، وستستمر بالعمل بعدد أقل من الموظفين الإداريين لتجنب زيادة الرواتب.
شراء بالتجزئة
كما ارتفعت أسعار كل شيء آخر تقريباً بسبب ندرة المواد الخام وتأخير المشتريات. على سبيل المثال، بدلاً من تلبية موردي الجملة لطلبيات البياضات أو ورق المرحاض في غضون أيام، فهم يبلغون أصحاب الفنادق بأن التأخيرات ستتراوح بين أسابيع وشهور، ما يضطرهم لشرائها بالتجزئة. يعني هذا أن المشتريات التي يمكن أن تقضم نحو 15% من عائدات الفنادق قد تضخمت إلى ما يقرب ضعف ذلك. لكن عوامل مثل تقليل الخدمات وتخفيض عدد الموظفين وزيادة الأسعار تجعل العمليات أكثر ربحية. قال هانسون: "ربما بلغ عائد التشغيل لكل غرفة أعلى معدلاته على الإطلاق". لكنه يرى أنه بعد احتساب الصيانة المؤجلة والرواتب المرتفعة وأسعار التأمين المتنامية والنفقات الرأسمالية لا يحصد مشغلو منشآت الإقامة الفندقية الأرباح التي توقعها كثيرون. لكن لا تخبر سائحاً يدفع 1450 دولاراً في الليلة في فلوريدا بذلك!