تتعرض صفقة شركة "لوكهيد مارتن" (Lockheed Martin) للاستحواذ على شركة "إيروجيت روكيتداين هولدينغز" (Aerojet Rocketdyne Holdings) والبالغة 4.4 مليار دولار، إلى خطر الفشل والانهيار، بعد أن رفعت "لجنة التجارة الفيدرالية" الأمريكية دعوى قضائية لمنعها.
غير أن هذه الخطوة لا يرجح أن تصبح لحظة فارقة في تطبيق قواعد لمكافحة الاحتكار تدفع الراغبين في عقد مثل هذه الصفقات مستقبلاً، إلى العدول عنها.
اقرأ أيضاً: لجنة تابعة للبيت الأبيض تدعم تشريعاً لمكافحة احتكار عمالقة التكنولوجيا
إن السماح لمتعهد مشاريع عسكرية واحد بشراء الشركة الوحيدة المستقلة المتخصصة في صناعة نظم الدفع الصاروخي المعزز في الولايات المتحدة، قد يحرم الشركات المنافسة من القدرة على الوصول إلى مكونات حيوية، ويعرض حقوق الملكية الفكرية للخطر، وفقاً للجنة التجارة الفيدرالية.
في بيان صدر يوم 25 يناير الماضي، قالت هولي فيدوفا، مديرة مكتب المنافسة في لجنة التجارة الفيدرالية، إن شركة "لوكهيد"، "قد ترفع الأسعار على حكومة الولايات المتحدة مع تسليم منتجات أقل جودة ومتدنية المستوى من حيث الابتكار. لا نستطيع أن نتحمل السماح بمزيد من التركز في أسواق تتسم بأهمية حيوية بالنسبة إلى أمننا القومي ونظامنا الدفاعي".
اقرأ المزيد: لجنة أمريكية تحقق في صفقة استحواذ "مايكروسوفت" على "أكتيفيجن"
أمام شركتي "لوكهيد"، و"إيروجيت" 30 يوماً من تاريخ الإجراء الذي اتخذته لجنة التجارة الفيدرالية، حتى تتخذا قراراً بشأن مواجهة المؤسسة الرقابية في المحكمة من عدمه. غير أن صعود أسهم "لوكهيد" عقب انتشار هذه الأنباء، يشير إلى أن حاملي الأسهم راضون عن هذا الإجراء.
تعد هذه الصفقة، هي عملية الاندماج الثانية التي تقاضيها رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية، لينا خان، التي وعدت إلى جانب نظرائها في قسم مكافحة الاحتكار لدى وزارة العدل الأمريكية، بإجراء تدقيق وفحص شديدين لعمليات الاستحواذ.
صفقة "إنفيديا" – "آرم"
بدورها، تستعد شركة "إنفيديا" (Nvidia) للانسحاب بهدوء من صفقة بقيمة 40 مليار دولار لشراء شركة صناعة الرقائق البريطانية "آرم" (Arm) من "سوفت بنك غروب" (SoftBank Group)، بعد رفع لجنة التجارة الفيدرالية دعوى لمنع إتمام الصفقة في ديسمبر الماضي، وفق تصريحات مصادر مطلعة.
اقرأ أيضاً: الولايات المتحدة ترفع دعوى قضائية لوقف صفقة استحواذ "إنفيديا" على "آرم"
رغم ذلك، يبدو أن تشديد لجنة التجارة الفيدرالية على مخاطر زيادة التركز في الأسواق، "التي تتسم بأهمية حيوية لأمننا القومي ونظامنا الدفاعي" واضح وملموس.
بعد موجة صعود في صفقات القطاع الدفاعي في الأعوام الأخيرة، بما في ذلك صفقة استحواذ "نورثروب غرومان" (Northrop Grumman) على شركة "أوربيتال إيه تي كيه" (Orbital ATK) المتخصصة في أنظمة الدفع الصاروخي المعزز بقيمة 9.2 مليار دولار في عام 2018، فإن أي اندماجات تالية ستكون صعبة.
في الوقت ذاته، أصبحت الأهمية الاقتصادية لأشباه الموصلات واضحة وضوحاً صارخاً، بعد نقصها أثناء فترة الجائحة الذي تسبب في شلل الأسواق، مع تشديد لجنة التجارة الفيدرالية على ضرورة حماية "أسواق البنية الأساسية الحيوية" عند إعلانها الدعوى المرفوعة بشأن صفقة "إنفيديا" – "آرم".
يذكر أن مجرد حجم الصفقات التي تنتظر الموافقة عليها بعد الرقم القياسي من عمليات الاندماج والاستحواذ في العام الماضي، سوف يحد من عدد الصفقات التي يمكن للهيئات التنظيمية الاعتراض عليها من الناحية الفعلية.
لذلك يبدو معقولاً أن هذه الهيئات ستركز على أكثر الصفقات إثارة للجدل، ما يترك مجالاً واسعاً في الوسط. وفي الواقع، ما زال يُعلن عن صفقات كبيرة وتتم الموافقة عليها.
بيئة أشد صرامة
في عام 2021، سمحت وزارة العدل باندماج أكبر شركتين لتأجير الطائرات، هما "إيركاب هولدينغز" (AerCap Holdings) و"جيكاس" (Gecas) التابعة لشركة "جنرال إلكتريك". وسمح "مجلس النقل السطحي" (Surface Transportation Board) أيضاً لشركة "باسيفيك ريل واي" الكندية (Canadian Pacific Railway) بالمضي قدماً في صفقة استحواذ بقيمة 30 مليار دولار على شركة "كانساس سيتي ساوثرن" (Kansas City Southern).
بالنسبة إلى بعض القطاعات، أصبحت بيئة مكافحة الاحتكار أشد صرامة. وبالنسبة إلى قطاعات أخرى، هناك أسباب للاعتقاد بأن الأمور ما زالت عادية وعلى حالها.